تسبب الأداء الضعيف لبورصة الدارالبيضاء في إدخال المغرب قسرا إلى دائرة الأزمة في تقارير الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني وآخرها تقرير مورغان ستانلي التي طردت المغرب من خانة الأسواق الناشئة التي ظل يحتلها لمدة تزيد عن 11 عاما إلى خانة الأسواق المبتدئة. وقد ربطت مجموعة من التقارير بين هذه النتائج السلبية للأداء المالي في المغرب والوضع السياسي والاقتصادي العام للبلاد، حيث أصبح المغرب الذي تفادى أسوأ القلاقل التي شهدها جيرانه أحدث ضحية الاسبوع الماضي عندما تقرر خفض تصنيفه على مؤشرات ام.اس.سي.اي من وضع السوق الناشئة الى السوق «المبتدئة» الذي يخص الاسواق المالية الأقل تطورا. وشأنه شأن دول أخرى في شمال افريقيا مثل تونس ومصر، يعاني المغرب من عجز تجاري متصاعد ويعتمد اعتمادا كبيرا على المساعدات الخارجية من المؤسسات المالية الدولية ودول الخليج الغنية، بينما يظل وضعه السياسي الداخلي غير مستقر. ويتحاشى مديرو المحافظ على نحو متزايد الدول الثلاث عدا عدد صغير من الشركات القوية، وبدلا من ذلك يتجه المستثمرون الاقليميون والاجانب الى أسواق مثل دبي التي استعادت بالفعل مكانتها كملاذ آمن بعد سنوات قليلة فحسب من انفجار فقاعة سوقها العقارية. وقال أندرو برودنل مدير محفظة الاسواق المبتدئة فياتش.اس.بي.سي لادارة الاصول "عانت منطقة (شمال افريقيا) بأسرها على مدى العام المنصرم .. معظم المستثمرين الاجانب متغيبون عدا أسماء قليلة في مصر واسما أو اسمين في المغرب" وبحسب اي.بي.اف.ار التي ترصد تدفقات الاموال خصص المستثمرون العالميون أكثر من مليار دولار تدفقات رأسمالية صافية لمصر منذ عام2008 . لكن الذي وصل بالفعل لم يتجاوز الثلث - حوالي 350 مليون دولار - منذ أطاح المصريون بحسني مبارك في أوائل 2011 . وظل صافي الاستثمار في الاسهم المغربية والتونسية ومعظمه يتركز في شركات مدرجة بالبورصات المحلية قريبا من الصفر. وهذا أداء ضعيف للغاية بالمقارنة مع عدد من دول افريقيا جنوبي الصحراء مثل نيجيريا التي جذبت بحسب اي.بي.اف.ار استثمارا صافيا بلغ 100 مليون دولارعلى مدى الاعوام الثلاثة الاخيرة. ويقول مؤتمر الاممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ان الاستثمار الاجنبي المباشر في شمال افريقيا قد تراجع. ويقول ان تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر بلغت 11.5 مليار دولار العام الماضي ارتفاعا من 8.5 مليار دولار في 2011 لكن بانخفاض كبير عن مستويات 2010 البالغة 8ر15 مليار دولار. في المقابل جذب غرب افريقيا مستويات قياسية من الاستثمار الاجنبي المباشر في العامين الاخيرين. ويتوقع البنك الاوروبي للانشاء والتعمير، الذي يستثمر الان في مصر والمغرب وتونس والاردن تدفقات ضعيفة للمحافظ والاستثمارالاجنبي المباشر في المنطقة. ويرجع ذلك الى طول أمد عدم الاستقرار الى جانب النمو الاقتصادي الضعيف في العالم المتقدم مثل منطقة اليورو وهي تقليديا سوق رئيسية لصادرات البلدين. وفي حين ارتفعت أسواق مبتدئة كثيرة هذا العام فقد تراجعت تونس ثمانية بالمئة عند حساب الاسعار بالدولار. أما المغرب - الذي كان حتى يوم الاربعاء مصنفا سوقا ناشئة صغيرة - ومصر فمستقران بحساب العملة الامريكية. وتواجه عملات الدول الثلاث التي تعاني من مستويات عجز مرتفعة في التجارة وميزان المدفوعات خطر انخفاض القيمة. وحسبما أورده آخر تقرير صادر عن مجلس القيم المنقولة، فقد تراجعت في أعقاب انخفاض المؤشرات الرئيسية لبورصة الدار البيضاء، القيمة السوقية التي عقدت من قبل المستثمرين بنسبة 20.1 % في 2012. وذلك بسبب ضعف أداء القطاعات الرئيسية المدرجة ببورصة الدار البيضاء بما في ذلك الخدمات المصرفية والاتصالات. وبالتالي، انخفضت القيمة السوقية المملوكة من قبل الأجانب من 147 مليار درهم سنة 2011 إلى 118 مليار درهم في عام 2012 . ويعاني السوق المالي الوطني من حالة الاحتضار منذ مدة طويلة بعدما هجره معظم المستثمرين الأجانب، حيث تراجعت الارباح الصافية لمجموع الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء في متم 2012 إلى 26.9 مليار درهم أي بناقص 10.2 في المائة مقارنة مع السنة السابقة، كما أن مؤشر مازي هوى نهاية ماي الماضي إلى 8906 نقطة أي ب 4.84 في المائة مند بداية العام. ويأتي هذا الانخفاض بعد نزول مازي بنسبة 15 في المائة خلال سنة 2012 ،علما بأن هذا المؤشر كان يصل في 2007 إلى 12695 نقطة . ولم تعد رسملة البورصة المغربية تتجاوز 429.6 مليار درهم في نهاية ماي، مقابل 445.3 في نهاية 2012، و 586 مليار درهم في 2007. وينضاف الى كل هذه المؤشرات ضعف سيولة السوق المالي بسبب تركز الأواق المالية في أياد قليلة، وهيمنة المستثمرين المؤسساتيين على التداولات، وبالتالي الندرة المتزايدة للأوراق المتاحة للتداول، خاصة مع استمرار انهيار السوق منذ 2007 وانسحاب العديد من المستثمرين الصغار. كما تراجع حجم الرواج في السوق المركزية، إذ لم يتجاوز حجم التداول في السوق المركزية خلال شهر ماي الماضي 1.2 مليار درهم، مقابل 2.4 مليار درهم في المتوسط الشهري خلال سنة 2012 مع العلم أن حجم الرواج كان يناهز 18 مليار درهم في المتوسط الشهري خلال 2007 .