تأتي هذه الزيارة عقب حدثين هامين ,يتجلى الأول في اعتراض المملكة المغربية على مسودة القرار الأمريكي الذي وضع لدى الأممالمتحدة في أبريل المنصرم والذي يهم توسيع صلاحيات البعثة الأممية في الصحراء المغربية المينورسو لتشمل مجال حقوق الإنسان ،رغم وجود بنيات مؤسساتية وطنية ومحلية مهتمة بالموضوع ومشهود لها بالنزاهة. أما الحدث الثاني فيتجلى في الرسائل الضمنية والصريحة بشأن قضية الصحراء المغربية التي توافرت في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء، والتي كانت قوية وصارمة تجاه الحلفاء والخصوم على حد سواء. دلالات دعوة الرئيس الأمريكي لجلالة الملك تحمل دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لجلالة الملك محمد السادس في طياتها عدة معاني, حيث تبرز الشراكة العريقة القائمة بين الولاياتالمتحدة والمغرب علاوة على الطابع البراغماتي للولايات المتحدة التي لا تريد أن تضع بيضها في سلة واحدة ،فضلا عن طبيعة العلاقة اللاصفرية بين البلدين. وبين هذه المعطيات وأخرى تتلخص الزيارة في العناصر التالية: العلاقات التاريخية بين البلدين وحجية اعتراف المغرب باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية كأول بلد في العالم. العلاقات الاقتصادية وما يرتبط بالاستثمار وتطوير اتفاقية التبادل الحر بين البلدين. العلاقات الإستراتجية بين البلدين وتلخصها متابعة الحوار الاستراتيجي الذي تم إطلاقه في شتنبر 2012،والذي يشمل القضايا السياسية والأمنية والتنموية والقطاعية. تقديم المملكة المغربية كنموذج يحتذى به في المنطقة كونها قامت بإصلاحات ذكية في ظل الاستقرار في محيط إقليمي مضطرب . تثمين الدور الملكي في المنطقة ونزاعاتها ,والثقة التي يحظى بها دوليا. رغبة الولاياتالمتحدةالأمريكية في اقتحام القارة الإفريقية وخصوصا منطقة الساحل والصحراء، بدعم من المغرب وبتعاون معه. التخلي عن منطق التنويه الشفهي والانخراط المتردد،والانتقال إلى العمل المادي والإجرائي. تفنيد حجية مفادها أن المغرب فاعل صغير ضمن الإستراتجيات الأمريكية. تليين التوترات ومعالجة البياضات في العلاقات الثنائية بين البلدين . إخضاع العلاقات المغربية الأمريكية لمنطق الدولة و المصلحة دون الدخول في ردود أفعال على مواقف سلبية لبعض الهيئات المدنية الأمريكية حول موضوع حقوق الإنسان بالمغرب وقضية الصحراء المغربية. التباحث بشأن حال ومآل الإسلام السياسي بالمغرب في علاقة بموجات التغيير السياسي بالمنطقة في ظل الانقسام الأمريكي بشأن مواجهته في الشرق الأوسط . دراسة مستقبل التعاون بين المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالامريكية وتأثير ذلك على الخريطة المغاربية والإقليمية,والضرورات الدفاعية لتفادي مخاطر واقعة أو مستجدة أو محتملة. العلاقات المغربية الأمريكية ... عبء التاريخ أم آنية المصلحة؟ إن الأمر الذي يتوجب الإشارة إليه هو التفكير في عدم جعل المعطيات التاريخية مركزية في التطور الآني للعلاقات المغربية الأمريكية ,حيث أنه ورغم أهميتها إلا أنها ليست حاسمة في التأثير على صنع القرارات ,وعليه فإن هذا الزخم التاريخي يجب أن يغلف بمعادلة رابح رابح ،التي تترجم المصالح المتبادلة بين البلدين ،بغية تثبيت المواقف الأمريكية ،وتجنيب المغرب تغييرات مفاجئة كما حصل مؤخرا في ملف قضية الصحراء المغربية ومسألة توسيع مهام البعثة الأممية؛والتي عكرت صفو علاقة الصداقة والسلام التي تجمع البلدين. إن اعتراف الرؤساء الأمريكيين بحقيقة المغرب كأول بلد يعترف باستقلال الولاياتالمتحدة لا يعفي الإدارة الأمريكية من انتهاج المنطق البراغماتي في التعاطي مع الأقوى بشكل أفضل من التعاطي مع الصديق ؛ومن هذا المنطلق فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تواجه أزمة ليس في اختيار هوية حلفائها الجدد وتدعيم العلاقة مع حلفائها التقليديين ،وإنما عدم وضوح الأساس الذي تنبني عليه أية علاقة تقارب مع نظام معين ،مما يفضي إلى مواقف وسياسات أمريكية مترددة وغير مبادرة ورهانات مراوغة في أغلب الحالات وهو مايستدعي تحرك الآلة الدبلوماسية المغربية من أجل تسويق النموذج المغربي والترويج له كنموذج قوي وحليف تاريخي. باحث في القانون العام والعلوم السياسية