مياه كثيرة جرت تحت «جسر ميرابو» - عنوان إحدى قصائده - منذ وفاة غيوم أبولينير - 1880 - 1918 - . وطوال هذه المدة، اكتشف قراء اللغة العربية شعره مترجما، ومعه بعض كتاباته النثرية. وإذا كانت بعض الترجمات قد احترمت «حقوق المؤلف»، أي التعويض الذي يجب أن يحصل عليه المؤلف أو ذوو حقوقه من طرف ناشر أعماله أو ترجمتها، فإن أخرى كثيرة تجاهلت ذلك كما هو سائد في عالمنا العربي، مما يجعلها مصنفة في خانة القرصنة. أما اليوم، وبالضبط منذ 29 شتنبر الماضي، فقد أصبحت أعمال مبدع كلمة «سوريالية» ملكا عموميا مشاعا، لا يخضع نشرها أو اقتباسها أو ترجمتها لأي شرط مادي ولا لدفع قيمة حقوق التأليف لورثة المؤلف أو حقوق النشر لناشره الأصلي. لكن، لماذا تم انتظار أكثر من 94 سنة قبل أن «يسقط أبولينير في المجال العمومي»، رغم أن القوانين الفرنسية كانت تنص - قبل 2006 - على مرور 50 سنة فقط على وفاة الكتاب لتصبح مؤلفاتهم ملكا مشاعا لا يخضع لحقوق التأليف أو النشر؟ لنقم بعملية حسابية للجواب على السؤال، إذ بالإضافة للخمسين سنة المشار إليها، كان يجب، في حالة صاحبنا، انتظار: - 30 سنة لأن السلطات الفرنسية اعتبرت أن أبولينير مات من أجل فرنسا بسبب إصابته خلال الحرب العالمية سنة 1916، وهي الإصابة التي أفقدته القدرة على المقاومة، ما أدى إلى وفاته سنة 1918 بسبب وباء الزكام المستفحل، - 6 سنوات و152 يوما، مدة الحرب العالمية الأولى التي يجب بترها من الخمسين سنة، - 8 سنوات و120 يوما، مدة الحرب العالمية الثانية الخاضعة لنفس الحكم السابق. هكذا إذن، وبعد مرور 94 سنة و272 يوما، أصبح بالإمكان ترجمة أعمال أبولينير بدون قيد ولا شرط. وهو ما سيدفع، ربما، المترجمين العرب إلى إعادة ترجمته لكي يتعرف قراء العربية أكثر على إبداعاته، ليس ترجمة شعره فحسب، بل كتاباته الأخرى المندرجة في أجناس أخرى أيضا، ومنها قصصه ورسائله ومسرحياته ونصوصه المخصصة لمتابعة ونقد المعارض التشكيلية. لكن ثمة، بكل تأكيد، مؤلفات لغيوم أبولينير سيكون من الصعب جدا نشرها معربة في إحدى الدول العربية، بسبب «حراس معبد الأخلاق»! إنها رواياته الإيروتيكية.