«لائحة غونكور/ خيار الشرق» واحدة من اللحظات الكبيرة التي يعرفها معرض الكتاب الفرانكوفوني في بيروت، منذ العام الماضي. فبعد تعاون الوكالة الجامعية للفرانكوفونية والمعهد الفرنسي، تمّ السنة الماضية، بالاتفاق مع أكاديمية غونكور في باريس، إعلان جائزة أدبية جديدة، توزع في معرض بيروت، تتألف لجنة التحكيم فيها من طلاب بعض الجامعات العربية واللبنانية الذين يتابعون دراستهم في الأدب الفرنسي. جائزة العام الماضي، كانت من نصيب ماتياس إينار، عن روايته «شارع اللصوص» (منشورات أكت سود) أما جائزة هذا العام فقد ترأس لجنة التحكيم فيها الروائي شريف مجدلاني، وقد أعلنت في الثالثة والنصف من بعد ظهر الأحد الماضي، وذهبت إلى سورج شالاندون عن روايته «الجدار الرابع» (منشورات غراسيه). قد لا يبدو خيار الطلاب «خيارا غريبا أو مستهجنا»، لا في العام الماضي ولا هذه السنة. فرواية ماتياس إينار، تحدثت عن الأخضر، الشخص المغربي، الذي يتنقل من مكان إلى مكان بحثا عن «الربيع العربي» وهي تنتهي بمقتل أحد الأصوليين التكفيريين. أما رواية شالاندون، فتتحدث عن الحرب اللبنانية، خاصة عن حقبة الثمانينيات ومذابح صبرا وشاتيلا ودخول قوات العدو الصهيوني إلى بيروت، وتنتهي أيضا بمقتل أحد أعضاء حزب الكتائب (وكأنه صورة أخرى للأصولي... المسيحي هذه المرة). ما أردت قوله هو أن الأمر لا يبدو غريبا، بمعنى أن الخيارين نحيا إلى علاقة الأدب بالمجتمع وباللحظة السياسية الراهنة، وكأن الطلاب بحثوا في هذا الأدب عن ذاكرة ما، تجمعهم بتاريخ بلدانهم العربية، التي تبدو شئنا أم أبينا أنها سياسات لا تناسب تطلعاتهم ولا أفكارهم. لكن مع ذلك كله، علينا الاعتراف بأن الكتابين جميلان ومتفردان، فبعيدا عن هذه اللحظة «السياسية والاجتماعية»، هما كتابان يقعان عميقا في الأدب. أي أنهما كتابان حقيقيان. ويمكن للقارئ الذي لا يعرف الفرنسية أن يكتشف «شارع اللصوص» اليوم بالعربية، إذ صدرت ترجمته منذ أيام عن «منشورات الجمل» وقامت بنقله إلى العربية ماري طوق. وعليه أن ينتظر العام المقبل ليقرأ رواية «الجدار الرابع» لشالاندون، إذ من متن جائزة «لائحة غونكور/ خيار الشرق» أن يترجم الكتاب الفائز إلى اللغة العربية. سورج شالاندون، عمل في الصحافة، وقام بتغطية الكثير من حروب العالم المتنقلة في العالم، ومن بينها حربنا اللبنانية «المجيدة». من هنا، تأتي روايته هذه، لتغرف كثيرا من الواقع الذي عاشه شخصيا. وهو يتحدث فيها عن مخرج مسرحي، كان يرغب في تقديم مسرحية «أنتيغون» (لجان أنوي) في بيروت، وبعد أن أصابه المرض، كلف صديقاً آخر بالمجيء مكانه. فيأتي بداية العام 1982، ليبحث مع مختلف الطوائف في هدنة محددة، هي زمن تقديم المسرحية.