في 18 دجنبر 1975، وعلى الساعة الثالثة وعشر دقائق بعد الزوال، امتدت أيادي الإجرام والظلام و نفذت الجريمة الشنعاء، باغتيال الشهيد عمر بنجلون أمام باب سيارته الواقفة بباب منزله، حيث فاجأته الأيادي الآثمة بضربة قوية بقضيب حديدي, تلتها طعنة في الصدر ثم طعنة في الظهر. كان اغتيال عمر بن جلون عملا إرهابيا خططت له عدة أجهزة، ونفذه تلاميذ الظلام ومحترفو العماء الإيدلوجي، ينتمون لحركة الشبيبة الإسلامية المغربية، التي كان ينتمي إليها بعض قادة العدالة والتنمية، وعرابهم الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب. كان اغتيال بنجلون يستهدف قتل الفكر الاتحادي وإطفاء الشعلة النضالية التي فجرها الوضوح الفكري والسياسي كما رسمه عمر ورفاقه في الحزب، وكان قرار القتل جاهزا، وفي كل مرة كان الإخراج يتغير. ولما لم يفلح الإعدام القضائي والطرد الملغوم، جاء الإعدام بيد الإرهاب الفكري المتلبس بالدوغمائية العقائدية. بعد الحدث الارهابي- الطعنة الغادرة، سيتم القبض على منفذي الجريمة يوم 22 دجنبر 1975، واستمعت الضابطة القضائية الى أحد المجرمين الذي ألقي عليه القبض من طرف أحد المارة ورجل أمن، الذي كان بالصدفة متجها إلى عمله. قال المرحوم مصطفى القرشاوي في تصريح للشرطة بتاريخ 23 دجنبر 1975 بعد اغتيال عمر بن جلون، أن عبد الكريم مطيع زاره في نهاية شهر نونبر 1974 بعد الإفراج عن القرشاوي بشهرين أو ثلاثة، وكان بمعية صديقين آخرين، وخلال هذا اللقاء انتقد مطيع التوجه الاشتراكي للحزب وسياسته انتقادا حادا، وما كان من القرشاوي إلا أن رد عليه، وسرعان ما تكهرب الجو عندما بدأ مطيع يكيل النعوت الجارحة في حق بعض القادة الاتحاديين، ووجه تهديدات مبطنة إلى قادة الاتحاد، كما أن مطيع، قال للقرشاوي أن اليوم الذي ستتم فيه تصفية عناصر قيادية لحزبنا قادم لامحالة، ولما سأله وإن كان يتحدث باسمه الخاص أو باسم تنظيم معين، أجابه «افهمهما كيفما بغيت». المتهم الرئيسي لاحقا تمكن المدعو عبد الكريم مطيع خلال نفس الفترة من الهروب خارج الوطن رغم أن إسمه كان يتداول داخل المحكمة كمتهم رئيسي، واستقر في وقت سابق في ليبيا. تمت احالة الجناة على غرفة التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بتاريخ 24 دجنبر 1975. عدد الجناة 14 ,منهم 3 متهمين في حالة فرار. وسيتم تأخير انطلاق المحاكمة وإتلاف مجموعة من الوثائق المهمة في الملف. بعد اغتيال عمر بنجلون مباشرة علمت قيادة الحزب أن عمر كان قد صرح لأحد رفاقه أنه تلقى إشعارا منذ ربيع تلك السنة التي اغتيل فيها، من شخص مجهول، (ولعله من خارج المغرب...ربما من المشرق العربي)، يخبره بأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مستهدف ككل، وبصفة خاصة عمر بنجلون، كما أن الشهيد حينما كان يتابع مداولات المحكمة الدولية حول الصحراء بلاهاي، سمع تهديدات استفزازية من مصدر معلوم....(جريدة المحرر 15 أبريل 1976). الا أنه بعد تاريخ 7-8 يناير 1976 وبعد أن قدمت بعض الوثائق الى قاضي التحقيق استغرب الجميع من اختفائها، بحيث أن الوثائق المختفية تعتبر منطلقا من المنطلقات الأساسية للوصول الى الحقيقة. وسيعترف عميل الكاب 1 أحمد البخاري بأن عناصر في الإستخبارات نسجت فعلا علاقات مع متطرفين لتنفيذ جريمة اغتيال عمر بنجلون، ليتضح أنها كانت جريمة سياسية نفذت بأدوات دينية. وللتذكير فقد تم إلقاء القبض على المتهم المسمى عبد العزيز النعماني في شمال المغرب، ونشرت جريدة «المحرر» خبرا عن ذلك بتاريخ 16 يناير 1977، دون أن يصدر أي تكذيب لهذا الخبر من طرف السلطات المختصة المغربية. وفي 22 يونيو 1979، انطلقت محاكمة المتهمين وطيلة هذه المدة تعاقب على التحقيق ثلاثة قضاة، واختفاء مجموعة من الوثائق من ملف القضية التي تتعلق بالمتهم ابراهيم كمال، بعد الاحتجاج والمطالبة بالوثائق من طرف الدفاع. أصدر عميد قضاة التحقيق قرارا بتاريخ 25 يونيو 1979، يقضي بعدم فتح تحقيق حول موضوع اختفاء الوثائق تلاه قرار لغرفة الاستئناف يوم 29 نونبر 1979، يؤيد عدم فتح تحقيق حول عملية الاختفاء، بعد أن استأنف دفاع المطالبين بالحق المدني قرار قاضي التحقيق. في 12 دجنبر 1979 كتبت جريدة «المحرر» مقالا مرفقا بصورة للمتهمين عنونته ب: «هؤلاء هم منفذو جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون.. فأين مدبروها؟ «ثم طالب الطرف المدني بإيقاف النظر في القضية إلى أن يتم إرجاع الوثائق المختلسة, إضافة إلى تقديم المتهم عبد العزيز النعماني والتحقيق معه وإصدار أمر دولي بإلقاء القبض على عبد الكريم مطيع ومطالبة السعودية بتسليمه. يوم 14 فبراير 1980 أعلن المجلس الأعلى رفضه طلب دفاع الطرف المدني. في 15 شتنبر 1980 طالب دفاع الطرف المدني باستدعاء مجموعة من الشهود كما طالب الاستماع إلى شهادة الكاتب الأول للحزب المرحوم عبد الرحيم بوعبيد, الذي كان سيفيد المحكمة بمصادر علمه باعتقال عبد العزيز النعماني من طرف شرطة الحدود بسبتة. المحكمة رفضت هذه الطلبات ودفاع المطالبين بالحق المدني ينسحب من المحكمة. يد الخطيب أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فقد أصدر بيانا صحفيا شرح فيه أسباب الانسحاب بتاريخ 19 شتنبر 1980 جاء فيه: أن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي يندد بالمحاكمة، ويعتبر ملف اغتيال الشهيد عمر بنجلون مازال مفتوحا، وان المحاكمة صورية واقتصرت على المنفذين للمؤامرة دون الرؤوس المدبرة لها. وبعد عدة سنوات من جريمة الاغتيال أوضحت الحركة الإسلامية المغربية التي يتزعمها عبد الكريم مطيع أن عبد العزيز النعماني هو من أتباع الدكتور عبد الكريم الخطيب (مؤسس العدالة والتنمية)، مشيرة إلى أنه لطالما تدخل قبل الحادثة لإبعاد بعض المضايقات عن عبد العزيز النعماني أو تقديم بعض الخدمات له، وبهذا الربط تكون الدولة في شخص عبد الكريم الخطيب هي المسؤولة عن هذا الاغتيال، علما أن الخطيب هو من تدخل لدى الأجهزة لفائدة مطيع حتى تتمكن السلطات الحدودية من تركه يغادر المغرب سرا، حيث كانت له علاقات عائلية مع المخزن وعرف كيف يوظفها. كما أن الحركة أكدت أنه تحت جناح الخطيب اختبأ النعماني في المغرب حوالي سنتين آمنا مطمئنا، بل طالبا في معهد تكوين المدرسين بمكناس. وأضافت أنه تحت مسؤولية الدولة أتلف الخطيب وثائق التحقيق من المحكمة وأصولها في مراكز الشرطة، واعتقل النعماني ثم أطلق سراحه ثم سافر إلى الخارج، وأيضا استمر الإتصال والتوجيه قائما بين النعماني والخطيب في أوربا... وحسب ما جاء في وثيقة لهيئة الإنصاف والمصالحة التي شكلها العاهل المغربي الملك محمد السادس نهاية 2003 وأنهت مهمتها في سنة 2005 ، فإن ما توفر لها من وثائق وقرائن يثبت تورط جهاز أمني سري في عملية الاغتيال ومسؤولية الدولة عن ذلك. وأكدت الهيئة حسب الوثيقة والتي نشر البعض منها في جريدة «الحياة» في يوليوز 2008 ، مسؤولية الدولة المغربية ومخابراتها في الاغتيال من خلال «الدور الهام الذي لعبه عبد العزيز النعماني في عملية الإغتيال وعدم تقديمه للعدالة رغم ابلاغ الملك الراحل الحسن الثاني لزعيم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الفقيد عبد الرحيم بوعبيد بمسؤولية النعماني الذي بقي داخل المغرب لفترة طويلة بعد الإغتيال «. وكان سبب عدم تسليم النعماني هو إخفاء تورط الدولة في عملية الإغتيال. كما أن حسن عبد الرحمان بكير, الأمين العام للشبيبة الإسلامية المغربية اتهم الدكتور عبد الكريم الخطيب (أول أمين عام لحزب العدالة والتنمية بالمغرب) في قضية اغتيال عمر بنجلون، ويضيف «أن النعماني من أتباع الخطيب، وكان يأتمر بأمره في المغرب، وبعدها انتقل إلى أوربا بجواز سفر مزور»، ويضيف بكير «أن خلية الإغتيالات السياسية في المغرب منذ الإستقلال كان يسيرها الأمن تحت إشراف وتوجيه من لجنة عليا على رأسها الدكتور الخطيب، وهي التي نسقت اغتيال قادة جيش التحرير...». وفي هذه القضية كان الخطيب هو من توسط لتوكيل محام من مصر للدفاع عن المتهمين أمام المحاكم بعد أن رفض المحامون المغاربة الدفاع عنهم. وأثناء محاكمة المتهمين بتنفيذ الجريمة، نظم عبد الإله بنكيران رفقة عبد الله باها، ومحمد يتيم وآخرون مسيرة من المسجد المحمدي بالدارالبيضاء، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين وعودة عبد الكريم مطيع (الفار إلى السعودية أنذاك). ومن جهة أخرى, فقد كشف عبد الكريم الخطيب نفسه عن معطيات حول حادث الإغتيال حيث قال, إنه التقى مرتين بعبد الكريم مطيع زعيم الشبيبة الإسلامية المتهم بالوقوف وراء جريمة الإغتيال، في هذا السياق قال إن المرة الأولى كانت عندما توسط له لدى وزارة التعليم كي لا يتم تنقيله إلى مدينة بعيدة، أما الثانية فكانت يوم حادث الإغتيال الذي تزامن مع تنظيم مؤتمر الشبيبة الدستورية، وكان يريد أن يلقي كلمة في هذا المؤتمر. لكن المفاجأة كانت أن مطيع لم يلق الكلمة وإنما أخبره بأن عمر بنجلون تم اغتياله، وفيما بعد توصل الخطيب بنبأ مغادرة مطيع للتراب المغربي عبر مدينة سبتة, ويضيف الخطيب, بعد شيوع خبر الإغتيال استدعي من طرف الملك الراحل الحسن الثاني وقال له: «إن اسمك مذكور في ملف عمر بنجلون «. الطرد الملغوم لقد مرت 39 سنة على توصل عمر بنجلون بطرد ملغوم في ليلة عيد الأضحى من يوم 13 يناير 1973 ، حيث طرق ساع خاص باب منزله بشارع «كامي دي مولان» الذي أصبح يحمل اسم» المسيرة الخضراء» ، وبعد تسلمه طردا من الورق المقوى، ارتاب في أمره بعدما لاحظ أنه لا يحمل اسم المرسل، فاكتشف أن الطرد ملغوم ورمى به إلى الحديقة بعد أن أبطل مفعوله. كانت تجربته في قطاع بريد المغرب جعلته يتريث لوجود أشياء وضعت بشكل غريب داخل الطرد، كانت شبكة خيوط عبارة عن قنبلة وضعت بإحكام داخل الظرف لتنفجر مباشرة بعد فتحه. محاولة اغتيال عمر بن جلون كانت من أجل إخراسه إلى الأبد وقتل الفكر الذي يحمله. و كان رفيقه في النضال الأستاذ محمد اليازغي قد تلقى في نفس صبيحة ذلك اليوم طردا مماثلا انفجر في وجهه وتسبب له في عجز دائم في سمعه، وفي عاهة مستديمة في أصابع يده اليسرى. من هو عمر بنجلون؟ عمر بنجلون رجل النكتة، المناضل الشجاع، ذو القدرة الكبيرة على العمل، الرجل الذي واجه أحكام الإعدام وتهجمات الخصوم السياسيين والنقابيين وعنف المخزن وعذاب المعتقل السري, دار المقري ودرب مولاي الشريف وغيرها من المعتقلات السرية الأخرى التي كانت في ذلك الزمان المظلم. عمر بنجلون فتح عينيه سنة 1934 في قرية بركم بعين بني مطهر نواحي مدينة وجدة، تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه, ثم في وجدة, إلى أن حصل على القسم الثاني من البكالوريا. التحق بالتنظيمات الحزبية للشبيبة المدرسية بوجدة. في أكتوبر 1955 وقف الى جانب ثلة من أصدقائه لإبلاغ احتجاجهم الى المسؤول الفرنسي عن بعض التصرفات وطرح مطالبهم عليه. سافر إلى باريس حيث تابع دراسته العليا فحصل على الليسانس في الحقوق، ثم دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، وبعدهما دبلوم المدرسة العليا للبريد, حيث نال الدرجة الأولى في فوج المتخرجين لسنة 1959-1960. عرفه المغاربة في باريس طيلة إقامته بها شابا مناضلا لا يفتر عن العمل من أجل خدمة المبادئ التقدمية، وكان أحد المدافعين عن أفكار ومبادئ الاتحاد في وسط الطلاب والعمال المغاربة في باريس، وأصبح مسؤولا عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان عضوا عاملا في لجنته الإدارية الوطنية, كما انتخب رئيسا لجمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا التي ظل رئيسا شرفيا لها. وبصفته رئيسا لهذه الجمعية، ناضل نضالا فائقا لصالح الثورة الجزائرية، أثناء كفاح الشعب الجزائري من أجل الاستقلال، بعد التحاقه بالمغرب عين مديرا إقليميا للبريد بالنيابة في الدارالبيضاء، ثم مديرا إقليميا في الرباط, حيث عرفه عمال وموظفو البريد مناضلا نقابيا بينهم يتحمل الجزء الأكبر في تنظيمهم ووعيهم وفي قيادة كفاحهم من أجل تحقيق مطامح الطبقة العاملة ، ليقدم استقالته بعد مدة من عمله. وبشكل عام شارك إلى جانب مهماته السياسية بنشاط وحماس في خدمة قضايا الطبقة العاملة ولعب دورا مهما في التوعية للعمال, حيث كان أبرز المؤطرين، وهو ما أزعج قيادة نقابة (المحجوب بن الصديق) من توعية العمال داخل الاتحاد المغربي للشغل بوضعهم وحقوقهم، ولعب أيضا دورا رئيسيا أثناء الاستعدادات لإضراب الموظفين الشهير في يوليوز 1961، ثم في إضراب البريد في دجنبر من نفس السنة، حيث اختطف في الساعة الأولى ليلا بعد بدء الإضراب العام لجامعة البريد يوم 20 دجنبر 1961. وفي هذا الصدد يذكرنا الشهيد عمر بنجلون عن الهدف من انتفاضة 25 يناير 1959 على حزب الاستقلال، بقوله:»... جعل التيار الشعبي للانتفاضة حزبا تقدميا منظما، لكن الأحداث ستؤكد أن الجهاز النقابي كان يرى في الحزب مجرد واجهة سياسية». لقد تعرض عمر بنجلون من جراء عمله النضالي والنقابي للعديد من المضايقات والإيذاءات المختلفة، وأودع في معتقلات سرية عدة مرات وفي عدة سجون. في 16 ماي 1963 ليلة إجراء الانتخابات التشريعية وقع نقاش حاد داخل الحزب، هناك من كان يدعو إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية باعتبارها واجهة نضالية وعلى رأسها المهدي بنبركة، وهناك من رفض المشاركة نظرا لتدخلات الأجهزة الإدارية في التزوير وعلى رأسها عمر بنجلون. تزوير المحاضر وبعد نقاش وتدخلات جميع المناضلين وقع الاحتكام الى التصويت فكانت الأغلبية تؤيد المشاركة، فقدم المهدي بنبركة لعمر بنجلون الخطوط الرئيسية والأساسية لصياغة وتحرير القرار الذي اتخذته الأغلبية لنشره في جريدة «التحرير». وبعد نشره تأثر المهدي بنبركة بعد اطلاعه على البيان المنشور، وقال لو قمت بتحريره، انا الذي كنت في مقدمة أنصاره المتحمسين، لما أتى بهذه الحرارة التي بثها فيه عمر بنجلون، والذي كان في مقدمة معارضيه جملة وتفصيلا، وبعد شهرين على هذا النقاش النضالي الديمقراطي، سيتم اعتقال عمر بنجلون يوم 16 يوليوز 1963 في حملة الاعتقالات الواسعة التي تعرض لها مناضلو الاتحاد من داخل مقر الحزب، حيث كان اجتماع لأعضاء اللجنة المركزية من أجل الإعلان عن قرار مقاطعة الإنتخابات الجماعية التي كانت ستنظم في المغرب، وذلك احتجاجا على الخروقات والتزوير وتدخل الدولة في استحقاقات ماي 1963. أثناء تفتيش منزل عمر بنجلون، قيل أن البوليس وجد وثائق تهم تصميما لشبكة الهاتف داخل القصر الملكي، اعتبرته الأجهزة الأمنية حينها صيدا ثمينا، ودليلا على مؤامرة تستهدف القصر. كان الجنرال أوفقير يحضر بنفسه جلسات تعذيبه في صيف 1963 بدار المقري، وحكم عليه بالإعدام يوم 14 مارس 1964 من طرف المحكمة الجنائية بالرباط ، وقد استبدل حكم الإعدام يوم 20 غشت 1964 بالسجن المؤبد وذلك بمناسبة الذكرى 11 لثورة الملك والشعب، وبتاريخ 14 أبريل 1965 سيتم إطلاق سراحه، ثم سيختطف في نفس السنة وبقي في السجن مدة عام ونصف، حيث أثناء محاكمته انتفض عمر بنجلون داخل قاعة المحكمة ونعت القضاة بالمخازنية ديال الدولة، فما كان من القاضي إلا أن أضاف سنة حبسا كاملة في حقه، وسيتعرض للإعتقال مرة أخرى في مارس 1966 ويحكم عليه لمدة سنة بعد متابعته بتهمة توزيع منشورات، حيث قال أمام الهيأة القضائية المكلفة بالنظر في ملفه: «إنكم مثل رجال القوات المساعدة الذين ينفذون الأوامر». أفرج عنه يوم 21 شتنبر 1967. عاد للمحكمة مجددا لكن هذه المرة كمحام للدفاع عن معتقلي الاتحاد في محاكمة مراكش، في أعقاب إصدار اللجنة المركزية للحزب قرارا بمقاطعة انتخابات أكتوبر 1969. عمر بنجلون هو من حرر المذكرة التنظيمية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1965 مباشرة بعد خروجه من السجن، وأبدع فيها وظلت هي المرجع التنظيمي للحزب لعدة سنوات. وكان المنظر لتأسيس النقابة الوطنية للتعليم سنة 1966، انضم الى هيئة المحامين بداية السبعينات، في سنة 1971 تعرف بمعتقل دار المقري على عدة جلادين، في سنة 1972 تولى ادارة تحرير صحيفة «المحرر» التي كانت تنقل ما يجري في المغرب وكان يحرر افتتاحيات الجريدة, وهو الذي حرر الوثائق التي ارتكزت عليها قرارات 30 يوليوز للاتحاد سنة 1972، ولعب دورا هاما في ذلك الإجتماع، كما حرر التقرير الإيديولوجي للمؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 بعد خروجه من السجن، و لعب دورا رياديا في الإعداد للمؤتمر الاستثنائي، وهو الذي وضع الأسس لتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.اعتقل عمر بن جلون ورفاقه يوم الجمعة 9 مارس 1973، وأطلق سراحه في 26 غشت 1974 بعدما أعلنت المحكمة العسكرية براءته، ورغم ذلك لم يطلق سراحه واقتيد إلى أحد المعتقلات السرية. اتهم باستقباله أسلحة من أجل تنفيذ الانقلاب المزعوم والسيطرة على الحكم واغتيال الملك. تعرض لأشد أنواع التعذيب قهرا وتأثيرا على البدن والنفس بدرب مولاي الشريف والسجن المركزي بالقنيطرة، وبعرض البحر مرارا وتكرارا لانتزاع اعترافات منه. بعد استئناف صدور جريدة «المحرر» كيومية منذ 23 نونبر 1974 تحمل عمر بنجلون مسؤولية إدارة «المحرر» مرة ثانية، انتخب عضوا في المكتب السياسي للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975. رسالة عمر بنجلون إلى المحجوب بن الصديق لقد مرت 48 سنة على الرسالة المطولة التي بعثها عمر بنجلون إلى المحجوب بن الصديق في يناير 1963 ,يستعرض فيها المحنة التي تعرض لها على يد عصابة تابعة للجهاز النقابي التي منعته من الدخول إلى قاعة الأفراح يوم انعقاد المؤتمر الثالث للاتحاد المغربي للشغل. ولهذا نستعرض جزءا من هذه الرسالة التي يقول فيها عمر بنجلون: «الأخ المحجوب، الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل.. للمرة الثانية، يتم اختطافي وتعذيبي في أحد الأقبية. الأولى وقعت يوم 20 دجنبر 1961 على الساعة الواحدة والنصف صباحا. كان ذلك بمناسبة الإضراب العام الذي قررته فيدراليتنا الوطنية للبريد، إضرابا كان ناجحا باهرا للاتحاد المغربي للشغل، كما عنونت جريدة »الطليعة«. اختطفت من طرف عصابة خاصة تابعة للسلطة الفيودالية، هذه الأخيرة قررت تنفيذ العملية عندما اقتنعت بأن الإضراب فعلي. كان لابد لها من مسؤول. لتمارس عليه انتقامها الأخرق. وكان لي شرف هذا الاختيار, أقول شرف, لأن قناعتي الراسخة هي أن الطبقة العاملة تشكل الطليعة الطبيعية في الكفاح الفعلي والملموس الذي يجب ان يخاض ضد الفيودالية والبورجوازية والإمبريالية. وهذه المرة، لا أستطيع للأسف، أن أتحدث (تماما) عن شرف، فباسم الطبقة العاملة تعرضت في واضحة النهار للاستفزاز من طرف مسؤولين في الاتحاد المغربي للشغل، أمام أنظار حراس الاتحاد المغربي للشغل وحياد متواطئ من طرف الشرطة، وتعرضت للضرب واللكم ونقلت إلى قبو, تعرضت في ظرف 12 ساعة لثلاث حصص من التعذيب تجاوزت وحشية ما تعرضت له السنة الماضية، لأن الأمر في المرة الاولى كان مجرد تهديد. تصرف أخرق كذلك أصر على أن أحكي تفاصيله. أتوجه إليك بصفتك الكاتب العام للاتحاد المغربي للشغل الذي أنا أحد مناضليه، كما أنني أحد مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي أنت أحد قادته الذين رسموا »توجهه وعقيدته«. إسمح لي أن أعتبر بأن الأمر يتعلق بخطأ آخر يرتكب باسم الاتحاد المغربي للشغل والطبقة العاملة. وأن أذكرك بالأسباب العميقة التي تقف في رأيي وراء كل هذه الأخطاء. كل هذا التعبير عن »متمنيات« فيما يخص المستقبل (الذي يهمني بالمقام الأول). اسمح لي أن أواصل الإعتقاد بأنك لم تشك أبدا في رغبتي الصادقة في خدمة الطبقة العاملة. طليعة الطبقات الشعبية في كفاحها ضد استغلال الفيودالية الاستعمارية. اسمح لي أيضا أن آمل أنك سترى في هذه الرسالة، تعبيرا عن الألم الذي أحسه لأنني قدمت وعوملت كعدو للطبقة العاملة. واسمح لي أخيرا أن أعتبر أن الصمت في مثل هذه الظروف، سيكون خدمة موضوعية تقدم للنظام الفيودالي، الذي استفاد من الصمت الذي أحاط منذ زمن بعيد بالأخطاء المتراكمة......». هناك التحق به بعض المناضلين، دار الحديث وانتهى، كان على فتى «عين بني مطهر« أن يرافق والدته إلى منزل أحد أقاربه، كانت الساعة تشير إلى الثالثة وعشر دقائق عندما وقف عمر أمام باب السيارة ليفتحها، عندما فاجأته ضربة قوية بقضيب حديدي استدار على إثرها وهو آيل للسقوط، تلت الضربة طعنة في الصدر ثم طعنة في الظهر? فَرَّ المعتدي (المعتدون) وقد ترك خلفه جثة الشهيد عمر مسجاة على الأرض? بالدائرة الثانية للأمن الاقليمي بالدارالبيضاء، كان مفتش الشرطة سعيد مصطفى، ضابط الشرطة القضائية مساعد وكيل الملك، في مقر عمله، عندما أخبره (المارّة) بوقوع جريمة قتل قبالة المنزل رقم 91 بشارع كامي دي مولان (المسيرة حاليا) لم تمر سوى 10 دقائق على الجريمة الشنعاء حتى كان الضابط ومساعده في عين المكان، كانت الجثة ملقاة على الارض بالقرب من السيارة رقم 40.97.56 ، التحق به أفراد الشرطة القضائية فتم وضع حزام خاص حول مكان الجريمة بالشارع المشجر، كان جثمان الشهيد ملقى على ظهره ورأسه متجها نحو الشارع، بذلته الرمادية وقميصه ملطخان بالدماء من جراء الطعنات، وكانت حاملة المفاتيح على شكل حرف «0» بالفرنسية تسبح في بركة دم متجمد? تفاصيل الجريمة في تلك الاثناء، تقدم المفتش »بنملحة« العامل بالأمن الاقليمي رفقة السيد حفاظ علال بن صلاح القاطن بعمالة الدارالبيضاء، ورفقتهما شاب في حوالي العشرين من عمره وقد قيدت يداه، أخبرالمفتش المكلف بأن هذا الشخص هوالمتهم وأنهما كانا شاهدي عيان على الاغتيال? تصريحات المعتقل بعد استنطاقه صرح المعتقل بأنه يدعى سعيد بن احمد ادريس، مغربي مزداد سنة 1954 بأولاد سعيد بسطات، أقر المجرم بجرمه ولم يصرح بالدافع الذي دفعه الى ارتكابه في الحين، كما اعترف بأنه ألقى بسلاح الجريمة أثناء هروبه دون أن يتذكر على حد زعمه، مكان إلقائه? في تمام الساعة الثالثة و35 دقيقة وصل رئيس الأمن وعامل الدارالبيضاء اللذان عاينا وفاة الشهيد عمر واستمعا الى اعتراف قاتله? كيف تم القبض على المجرم الاول: كان السيد حفاظ علال بن صلاح، البالغ 41 سنة وقت الجريمة، يعمل طباخا ب »غولف آنفا«، بعين الذئاب، يوم 18 دجنبر1975، غادر مقر عمله في الساعة الثالثة بعد الزوال كالعادة، متجها نحو منزله بحي »بين المدون« بالبيضاء عبر شارع روزفلت ثم شارع كامي دي مولان (المسيرة)? وبعد أن اقترب من محطة البنزين »طوطال« الموجودة في ملتقى زنقة »بواسي« وشارع كامي دي مولان، بحوالي 30 مترا، لاحظ شخصا غريبا يقتفي خطوات الشهيد عمر بن جلون والذي لم يتعرف عليه آنذاك حسب تصريحه الذي كان متجها نحو سيارته، ولما شرع الشهيد في فتح باب السيارة انهال عليه الشخص المذكور بقضيب حديدي على رأسه، شرع السيد حفاظ علال في الصياح، أطلق المعتدي ساقيه للريح، حاملا معه أداة الجريمة، اتجه المجرم ناحية مقر الدائرة الثانية، يتبعه شخص آخر نزل من شاحنة هو وسائقها? التحق الشاهد بالمطاردة، قبل أن يلتحق بهم شخص آخر تبين فيما بعد أنه رجل شرطة، وصل الجميع الى مكان خلاء، أحاط المطاردون بالمجرم الذي رفض تسليم نفسه للشرطي مهددا إياه بالحجر، وفي »هذه اللحظة يقول الشاهد توجهت الى المعتدي لكي يسلم نفسه، وبما أنني كنت خلفه فقد استدار نحوي مما سمح للشرطي بالهجوم عليه فاشتبكا في عراك ثنائي، فتدخلت بدوري لمساعدة الشرطي والقبض على المعتدي« ومن جهته قدم الشرطي بنملحة بوشعيب الشهادة التالية: »غادرت منزلي في الساعة الثالثة و15 دقيقة باتجاه مقر عملي، وأنا بشارع كامي دي مولان شاهدت شخصا هاربا وخلفه شخص ثان فيما كانت شاحنة لم أسجل رقمها خلفهما، لما اقترب الجمع مني، سمعت من الشخص المطارد بأن الهارب هاجم شخصا آخر وقد تركه مسجى أرضا، امتطيت دراجتي النارية وطاردت الهارب الذي توجه نحو شارع دانطون واستطعنا محاصرته، تخلصت من دراجتي واتجهت نحو الهارب الذي بدأ منهكا وبمجرد اقترابي منه، حمل حجرا وقذفه باتجاهي، ولما تبين له أنه أخطأ الهدف واصل هربه، وكان كلما توقف لاسترجاع أنفاسه يرميني بالحجر أصابني واحد منه في رجلي إصابة خفيفة« إلى أن توجه العامل بغولف آنفا بالحديث إلى المجرم ثم هاجمه الشرطي واستطاع ضبطه، ثم أوقف سيارة نقله فيها إلى مكان الجريمة، صرح رجل الأمن كذلك بأن »سائق الشاحنة والشخص المرافق له ذهبا إلى حال سبيلهما دون إشعار« وأضاف بأنهما رفضا طلبه بنقل المجرم على متن شاحنتهما (!) بيت القاتل وفي الوقت الذي كانت مواكب المناضلين تحج إلى بيت الشهيد، كان رجال الشرطة يفتشون جحر المجرم? في الساعة الرابعة والنصف من زوال ذلك اليوم، اقتاد العميد بنغموش عبد اللطيف، مرفوقا بمساعديه، المجرم سعيد احمد بندريس الى دكانه بحي سيدي معروف بالبيضاء، وهناك قام رجال الامن بتفتيش »المحل« وتم حجز عدة كتب ذات طابع ديني منها منار الاسلام، وجاهلية القرن العشرين والمخلص المفيد ومجلة المجتمع وصفحتين من جريدة العلم (ع 8894 الصادر بتاريخ 75/10/30) ومنهاج المسلم? وبعد الانتهاء من البحث بالدكان في الساعة الخامسة، توجه رجال الشرطة بمعية المعتدي سعيد الى منزل هذا الاخير بحي افريقيا زنقة 32 رقم 20 بالبيضاء، ومن الاشياء »الهامة« التي عثر عليها رجال الامن صفحة كراس سجلت عليها أسماء ثمانية أشخاص هم أوزوكلا، ولد خلطي، خزار، عبد المجيد، حليم، حسن، أحمد، أحمد، كما تم حجز 16 مفتاحا (!!) لائحة الاسماء هذه هي التي ستكون موضع البحث والتحقيق إضافة الى أسماء أخرى سيأتي وقت ذكرها? المجرم الاول سعيد احمد بعد مرور أربعة أيام (!) استمعت الضابطة القضائية يوم 22 دجنبر 1975، في الساعة الخامسة والنصف مساء إلى المعتدي سعيد أحمد بن دريس الذي ألقي عليه القبض من طرف الشهود ورجل الامن بنملحة »ابتداء من يناير 1975 - يقول القاتل - بدأ النعماني عبد العزيز يتقرب إلي ويحضر معي الى الدروس الدينية المسائية في مختلف المساجد ولا سيما بأحياء بوشنتوف والحي المحمدي ومسجد السنة« هل كانت الصدفة وحدها التي جعلت النعماني يبدأ في استقطاب سعيد بن ادريس في يناير 1975 في تزامن مع فترة انعقاد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي (13/12/11 يناير 1975) والذي لعب فيه عمر بنجلون دور الدينامو النضالي، أهي صدفة مفكر فيها جيدا؟ لن يكون الجواب بالإيجاب بعيدا عن الصواب، عندما ستظهر قرائن أخرى بخصوص »مصادفات« أخرى لها رائحة الدم والخديعة? المهم - هنا - أن النعماني بدأ في شحن القاتل، ودعوته إلى تجنيد شباب آخرين، وتسليمه كتبا دينية تساعده على (الالتزام) وبما أن المدعو النعماني كان يتابع دراسته بكلية الطب بالرباط، فقد اقتصرت زيارته لأخيه على نهاية الاسبوع »ومع بداية رمضان، من تلك السنة، يقول القاتل، بدأ يحدثني عن أشخاص ملحدين (!) أو شيوعيين ينتقدون الدين الاسلامي ولا يؤمنون بالله ناعتا إياهم بالخونة، ثم فجأة اقترح علي إن لم يكن من اللازم تأديبهم جسديا، فأجبته بتأديبهم بعد انذارهم مسبقا وتحذيرهم، رد علي بأنه سيتكلف بتنبيههم كتابيا قبل تأديبهمقدم لنا عبد العزيز (النعماني) هذين الشخصين باعتبارهما من خيرة المسلمين مرشدين ومعلمين، حدثانا عن وحدة وانسجام المجموعة الاسلامية واحترام المواعيد، كما عينا عبد العزيز النعماني رئيسا لمجموعتنا مكلفا بتسيير اللقاءات ونقل التعليمات في المستقبل« ويستفاد من تصريحات ابراهيم كمال لدى الشرطة أن التنظيم العام هو الشبيبة الاسلامية »التي أسست لأهداف دينية، لكن مطيع وكمال قررا استغلالها للهجوم على شخصيات سياسية لا تشترك معها في التوجه الايديولوجي« أما مطيع فقد »قررالعمل الشخصي بعد عدة نقاشات عاصفة مع قادة الاتحاد الاشتراكي (الاتحاد الوطني سابقا)، وقد كان عبد الكريم مطيع قد انقطع، حسب شهادة الأخ مصطفى القرشاوي عن الحزب ونشاطاته نهائيا سنة 1967 وذكر مصطفى القرشاوي في تصريحه للشرطة بتاريخ 23 دجنبر 1975 أحد لقاءاته بعبد الكريم مطيع بهدف تسليط الاضواء على شخصية هذا الاخير، وجاء في أقوال الأخ القرشاوي أن عبد الكريم مطيع زاره في نهاية شهر نونبر 1974، بعد الإفراج عن الأخ القرشاوي بشهرين أو ثلاثة، وكان بمعية صديقين آخرين، وخلال هذا اللقاء، انتقد مطيع التوجه الاشتراكي للحزب وسياسته انتقادا حادا، وما كان من القرشاوي إلا الرد عليه وسرعان ما تكهرب الجو عندما بدأ مطيع يكيل النعوت الجارحة في حق بعض القادة الاتحاديين? كما أن مطيع - يقول الأخ القرشاوي - وجه تهديدات مبطنة إلى قادة الاتحاد، ومما أذكره أنه قال بأن اليوم الذي ستتم فيه تصفية عناصر قيادية لحزبنا، قادم لا محالة - ولما سألته إن كان يتحدث باسمه الخاص أو باسم تنظيم معين أجابني »افهمها كيف بغيت«? خطة وتفاصيل عملية الاغتيال فبعد أن تم القبض على سعيد أحمد بن ادريس، كشف عن انتمائه »الحركي« لمجموعة دينية يرأسها عبد العزيز النعماني، ثم كشف عن أسماء أعضاء الخلية الآخرين، وهم خزار مصطفى بن محمد وخشان عبد المجيد بن عمر واوزوكلا عمر بن محمد وحليم عمر بن محمد ومستقيم محمد بن محمد والعمري احمد بن بوشعيب وشوقي محمد بن عبد الله، إضافة الى النعماني عبد العزيز وكندي حسن واشعيب احمد وجبير حسن? عقدت عدة اجتماعات في منزل جابر حسن وبدأ النعماني يحرض المجموعة ضد عمر بنجلون وتم تحديد المجموعة التي أسند إليها تنفيذ العملية، في كل من خزار مصطفى، خشان عبد المجيد اوزوكلا عمر وسعيد أحمد وحليم عمر وكندي حسن وأحمد الرصاص، كلف عمر حليم بتتبع خطوات الشهيد عمر، وقد حكى عن ذلك بقوله: »ليلة الثاني من عيد الأضحى لتلك السنة وحوالي الساعة الخامسة و45 دقيقة زارني سعيد أحمد في بيتي وأهاب بي للاستعداد لعملية أخرى مشابهة للأولى، وقد نصحني بأن أصحب معي غطاء ليليا (مانطا) والالتحاق به في بيته الذي دلني على عنوانه قبل ذلك التاريخ? وضعت الغطاء في حقيبة (ساك) بحوزتي ثم التحقت به حيث وجدته صحبة خشان عبد المجيد، صاحب الدراجة النارية التي جاء سعيد أحمد على متنها، وبعد بضع دقائق من وصولي التحق بنا خزار مصطفى بمنزل سعيد الذي أخذ الكلمة وأخبرنا بتصفية عمر بنجلون«? تكلف عمر حليم بتتبع خطوات عمر، وتسجيل كل حركاته وسكناته، هكذا وبعد أن قضى الأربعة ليلة الأحد / الاثنين ببيت المجرم سعيد، غادر حليم عمر حوالي الساعة السابعة صباحا و15 دقيقة، ليتربص بالشهيد أمام بيته بشارع كامي دي مولان، بعد أن كان سعيد قد دله عليه قبل ذلك التاريخ بثلاثة أيام، وصل »زطاط« الجريمة الى المكان المخصص له للتربص، وجد سيارة الشهيد عمر الرونو 16 واقفة أمام الباب? حوالي الساعة التاسعة من ذلك الاثنين غادر، عمر بيته، وركب سيارته متجها نحو قلب البيضاء عبر شارع سكناه، ثم شارع الزرقطوني قبل أن ينعطف يمينا ويوقف السيارة أمام المطبعة? دخل عمر إلى مقر الجريدة وظل حليم عمر يترصده الى حدود الساعة الواحدة بعد الزوال عندما غادر عمر عمله متجها نحو منزله، دخل الدار، في حين بقيت عين يهودا ساهرة أمامها تحدوها الضغينة، اللهم إلا بعض اللحظات الكفيلة بشراء »كاسكروط« من أحد البقالة المجاورين، وفي حدود الساعة الواحدة و45 دقيقة، خرج عمر من جديد، وتقفى خطوه حليم عمر الى أن وصل مكتب المحاماة بشارع باريس، وظل هناك الى أن دقت الساعة السادسة، تفاصيل ذلك الاثنين رواها اوزوكلا عمر، العاطل، بدقة أكبر: »افترقنا يوم الاحد بعد اجتماعنا وتواعدنا على اللقاء يوم الاثنين 12 دجنبر 1975 في الساعة الخامسة مساء بدكان سعيد أحمد الإسكافي بحي سيدي معروف، يومها وصلت متأخرا قليلا عن الموعد، وجدت كلا من سعيد احمد وخشان عبد المجيد وخزار مصطفى الذين آخذوا علي تأخري، أمرني سعيد أحمد بركوب الحافلة بمعية عبد المجيد خشان وتوجهنا الى المحطة الاخيرة بدرب غلف حيث وجدنا حليم عمر على متن دراجة هوندا وادريس الإسكافي راكبا دراجة زرقاء جديدة، امتطيت دراجة حليم وركب خشان دراجة ادريس الإسكافي، توجهنا جميعا الى مكان بالقرب من مدرسة توجد بدورها على بعد بضعة أمتار من منزل عمر بنجلون وهناك وجدنا عبد العزيز النعماني مرفوقا بخزار مصطفى وسعيد أحمد وحسن النجار وأحمد (السودور) لامني عبد العزيز على التأخر ثم كلف حليم عمر بالتوجه الى القرب من منزل عمر والتأكد من وجوده: في تلك الاثناء أهاب بنا عبد العزيز للاستعداد للانتقال الى الفعل الملموس (!) كنت وسعيد أحمد بقضيبين حديديين فيما كان خشان عبد المجيد وخزار مصطفى بسكينين، أما حسن وأحمد وادريس فقد كان دورهم البقاء على أهبة لضمان فرارنا على متن دراجاتهم بعد اغتيال عمر بنجلون، بعد مرور بعض الوقت عاد عمر حليم وأخبرنا بأن عمر بنجلون غائب عن بيته، وكانت الساعة قد قاربت السادسة مساء« وفي الثامنة من ذلك اليوم، أعاد القتلة الكرة مرتين، لكن البصر عاد إليهم خاسئا وهو حسير? ويعود حليم عمر الى بيت سعيد أحمد، ويجتمع رفاق الجريمة على ضلالتهم، قضى المجموعة ليلتها في البيت السئ السمعة، وفي الغد الثلاثاء، عاد حليم عمر الى ترصده? حليم فوجئ بعدم وجود السيارة، فاتجه الى مقر الجريدة ثم الى مكتب شارع باريس دون ان يسعفه الحظ، وظل يبحث وينتظر الى أن عاد إلى شارع كامي دي مولان ووجدها أمام بيت عمر بن جلون نفس الطريق، نفس المراقبة الى أن غادر عمر مكتبه في الساعة السابعة مساء قافلا الى بيته، ورجع راصده الى حجر الجريمة? يوم الاربعاء 17 دجنبر 1975 صباحا، عاد حليم الى ترصد الشهيد، لم يجد سيارته لا أمام البيت ولا أمام المطبعة ولا أمام المكتب، استبد به القلق الإجرامي وظل يبحث من جديد، الى أن عاد الى شارع دي مولان حوالي الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، فوجدها أمام البيت وعمر على وشك ركوبها باتجاه زنقة الجندي روش حيث الجريدة، في الرابعة من نفس اليوم خرج عمر ففقد المتربص خطواته، إلى أن رآه يعود الى بيته في الساعة السادسة إلا ربعا? التنفيذ كانت الساعة حوالي الثالثة عندما غادر عمر البيت، ثم تقدم نحو سيارته ليفتحها، تقدم منه سعيد أحمد (الإسكافي) من الخلف وانهال عليه بضربات قوية على رأسه، باغتت الضربة عمر الشهيد، فالتفت ليتبين مصدرها، لكنه سقط وظهره الى الارض، حاول أن يدافع عن نفسه بقدميه، وقتها تقدم منه خزار مصطفى وطعنه في صدره طعنتين، ويحكي القاتل تفاصيل الطعنة وما تلا ذلك بالقول: »صرخ عمر بنجلون وحاول الاشتباك مع سعيد (سعدان) أحمد، فجاء دوري فطعنته طعنتين، وبعدها مباشرة أطلقت ساقي للريح وبيدي سكين الجريمة« ثم تقدم خشان الذي استعمل سكينا أصغر طعن به الشهيد في ظهره? وصل المجرم الهارب الى ملتقى شارع الفيلودروم، فاصطدم بسيارة خضراء اللون، وسقط أرضا، لكنه قام من جديد وواصل هروبه باتجاه الملعب الشرفي، وهناك التحق به حليم عمر ونقله على متن دراجته، لكنه أحس بآلام في يده اليمنى، فاتجه به حليم الى سباتة بسوق كوريا، وهناك نقله الى المسمى حرشي ميلود بن دحمان، »الطبيب« التقليدي بالسوق، كذب المجرمان وقالا بأن الإصابة كانت نتيجة سقوط من أعلى الأدراج الإسمنتية (الدروج) فحص »الطبيب حرشي ميلود يد المجرم وتبين له بأن الإصابة بالغة فنصح حليم عمر بنقل رفيقه الى المستعجلات، في تلك اللحظة أغمي على المصاب، فصب عليه الماء ثم ضمَّد يده الى أن استرجع قواه ووعيه، فركب المجرمان الدراجة النارية واتجها الى منزل السائق حليم ومن ثمة توجها الى بيت القاتل خزار الذي أخذ جلبابا من البيت ثم قصدا بيت المسمى العمري (أحمد بن بوشعيب من مواليد 56 بأولاد سعيد) في »براكة« بسيدي عثمان وهناك اعتقلتهم الشرطة? نفذت الجريمة، فيما كان حليم عمر، وكندي حسن وأحمد السودور يراقبون المكان وينتظرون المنفذين على متن دراجاتهم، ويقلونهم الى جامع السنة، حيث كان عبد العزيز النعماني? غير أن وصول الشاهد حفاظ علال، أفسد هروب القاتل سعيد، الذي ألقي عليه القبض في الحين، بينما استطاع الخمسة الآخرون الفرار بعد أن تخلصوا من سلاح الجريمة? في نفس اليوم، بدأ اعتقال المجرمين (المنفذين)، أحمد سعيد (أوسعدان) وأوزوكلا، وخزار مصطفى وعمر حليم وخرشان عبد المجيد وبقي كندي حسن واشعيب احمد في حالة فرار? وقد ورد في محاضر يوم الجريمة واليوم الموالي لها (75/12/19) أن اسماء، النعماني ومطيع وكمال ابراهيم، وردت في تصريحات المعتقلين، لكن أول سؤال في القضية، يتعلق بالضبط باعتقال هؤلاء الثلاثة، إذ لم يصدر الأمر بالبحث والقبض على المذكورين إلا بعد مرور أزيد من 48 ساعة على تنفيذ الجريمة، كما هو حال عبد العزيز النعماني الذي ورد اسمه على لسان جميع المعتقلين، والذي لم يصدر الأمر باعتقاله من طرف الادارة العامة للأمن الوطني إلا يوم 20 دجنبر 1975، الى حين تمكنه من الفرار، كما تمكن عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال الوارد اسماهما في التحقيقات? شخصيات سامية مر شهر تقريبا على تنفيذ العملية قبل أن يتم اعتقال »الحاج« ابراهيم كمال الذي تواتر الحديث عنه من لدن العديد من المعتقلين في ملف الجريمة، وقد وردت على قاضي التحقيق إرسالية من رئاسة الفرقة الجنائية الثالثة، مؤرخة ب 5 يناير 1976، تخبره فيها بإلقاء القبض على كمال ابراهيم بن عباس »نظرا لوجود قرائن خطيرة ومتواترة من شأنها اتهامه، وجاء في محضر الشرطة (76/1/7) بأن كمال من مواليد الدارالبيضاء سنة 1931 متزوج بامرأتين، يمارس مهنة التدريس، وقد ألقي عليه القبض أثناء عودته الى المغرب بعد رحلة قام بها الى إسبانيا بمعية المدعو مطيع? وقد أعطى عدة تفاصيل عن الشبيبة الاسلامية وعلاقته باغتيال الشهيد عمر، ويستنتج من تصريحاته أمام الشرطة أنه »ومطيع قررا استغلال الجمعية لمهاجمة شخصيات سياسية لا يقتسمان معها توجهها الإيديولوجي أو يتهمانها بتغذية مشاعر غير إسلامية« ولعل أخطر ما ورد في أقواله هو ان »مطيع استغل بذكاء السياق العام المتسم بالعداء للإيديولوجيات الماركسية والماوية للبحث عن دعم وسند لجمعيته، وهكذا استفاد بمساعدة مادية ومعنوية من بعض الشخصيات السامية التي كانت تدعم نشاطاتهالمختفية« قضية الطردين الملغومين وقضية عمر في تقرير هيئة الانصاف والمصالحة تلقت الهيئة مذكرة من حزب الاتحاد الاشتراكي يطلب من خلالها التحري بخصوص محاولة الاغتيال التي تعرض لها عضوان من أعضائه من خلال توصلهما بطردين ملغومين صباح يوم 13 يناير 1973? ويستفاد من المذكرة أن توصلهما بطردين ملغومين صباح يوم 13 يناير 1973? ويستفاد من المذكرة أن الطرد المسلم لمحمد اليازغي قد انفجر بين يديه متسببا في اصابته بجروح خطيرة بينما لم ينفجر الطرد المسلم لعمر بنجلون? تمكنت الهيئة من خلال الاطلاع على الوثائق المتعلقة بهذه القضية من الوقوف على العناصر التالية: التزامن الدقيق لعملية التوصل بالطردين بالرغم من تباين تواريخ ارسالهما، من الرباط بالنسبة لمحمد اليازغي، من الدارالبيضاء بالنسبة لعمر بنجلون، استهداف شخصيتين سياسيتين واعلاميتين? تزامن وقائع التوصل بالطردين مع تنفيذ الاعدام في حق الضباط المتورطين في المحاولة الانقلابية لسنة ?1972 ومع أن الهيئة لم تتمكن من الوقوف على عناصر إثبات قاطعة، فقد تكونت لديها قناعة ترجح تورط اجهزة أو مسؤولين امنيين في محاولة تصفية محمد اليازغي وعمر بنجلون? اغتيال عمر بنجلون يستفاد من المذكرة التي توصلت بها الهيئة من الحزب الذي ينتمي إليه، ومن خلال جلسة العمل التي عقدتها مع أفراد من عائلته، ان الضحية قد اغتيل بالسلاح الابيض في الشارع العمومي على مقربة من بيته في مدينة الدارالبيضاء يوم 18 دجنبر 1975، وكان قد تعرض بسبب نشاطه السياسي والنقابي لعدة مضايقات ومتابعات وصدرت في حقه عدة أحكام قضائية منها حكم قاض بالاعدام، كما تمت محاولة تصفيته يوم 13 يناير 1973 بطرد ملغوم تمكن من إبطال مفعوله? بعد تنفيذ الجريمة مباشرة تم إلقاء القبض، بمساعدة مواطنين على أحد القتلة، ثم اعتقل عدد اخر من منفذي الجريمة، فاعلين اصليين كانوا أو مشاركين? وقد استغرقت المحاكمة زمنا طويلا وعرفت عدة وقائع تبين خلالها ان الشخص الذي لعب دورا أساسيا في تدبير الجريمة وارتكابها لم يقدم إلى العدالة بالرغم من صدور خبر رسمي حول ضبطه، وبالرغم من وجود قرائن حول تواجده داخل التراب الوطني لمدة طويلة بعد ارتكاب الجريمة? كما تبين ان وثائق رسمية قد اختفت من الملف القضائي دون ان تجري المحكمة بحثا في الموضوع، بل ودون ان تستجيب لطلب فتح تحقيق? ويستخلص من ذلك ان التحقيق المجرى في القضية والمحاكمة المنظمة بشأنها لم يكونا مطبوعين بالحياد والتجرد اللازمين، الشيء الذي أدى إلى اقتصار المحاكمة والعقوبة على منفذي الجريمة دون مدبريها، وبالتالي إلى بقاء حلقات مفقودة وملتبسة في القضية رغم بت القضاء فيها? وإن هذه الوقائع والمعطيات تشكل في حد ذاتها قرائن قوية ومتكاملة ومنسجمة على وقوع تدخل مس بسير القضاء وأثر بشكل سلبي على اجراءات البحث والتحقيق والحكم في القضية? عبد العزيز النعماني لماذا لم يقدم عبد العزيز النعماني للمحاكمة؟ في أسفل صفحتها الأولى وعلى ستة أعمدة، كتبت جريدة »المحرر« يوم 12 دجنبر 1979، العنوان التالي مرفقا بصورة لعصابة القتلة: »هؤلاء منفذو جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون، فأين مدبروها؟« العنوان كان واضحا، ويخص القناعة التي لا يرقى إليها شك، والتي عبر عنها بيان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي في الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد عمر بنجلون: »إن الحقيقة في قضية اغتيال عمر بن جلون لا يمكن أن تظهر إلا إذا وضعت القضية في إطارها الحقيقي، إطار الجرائم السياسية، فمادامت القضية لم توضع في هذا الإطار، فإن الحقيقة ستعد مبتورة« ومن الحقائق التي أريد لها أن تظل مبتورة من ملف القضية، إبعاد المتهم عبد العزيز النعماني عن المحاكمة، رغم اعتراف كافة أفراد العصابة بالدور المحوري الذي لعبه في التحريض على اغتيال الشهيد? في الملتمس الكتابي الذي تقدم به دفاع الطرف المدني، تم التأكيد على حقيقة اعتقال عبد العزيز النعماني سنة 1977، وهو على أهبة مغادرة المغرب نحو إسبانيا، واستغرب الدفاع كيف لم يتم تقديم المتهم لا لقاضي التحقيق ولا للمحكمة، رغم كونه موضوع أمر قضائي بإلقاء القبض منذ بداية التحقيق? وحول هذا الموضوع، وجه الفقيد عبد الرحيم بوعبيد رسالة الى رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، يؤكد فيها »اعتقال عبد العزيز النعماني من طرف الشرطة«، وتضيف الرسالة: »وقد أخبرت بهذا الحادث من طرف السلطات العليا في بلادنا المكلفة بمتابعة المجرمين والسهر على أمن المواطنين« واعتبر الفقيد عبد الرحيم بوعبيد ان إلقاء القبض على النعماني: »كان من شأنه أن يوضح ما كان وما ظل غامضا ومتسما باللبس وبعدة احتمالات« واختتم الفقيد رسالته الى المحكمة بهذه الفقرة الغنية الدلالات: » إن عدم مثول المسمى عبد العزيز النعماني أمام محكمتكم يجعل من هذه المحاكمة، محاكمة تدعو الى السخرية والهزل، ذلك أن الاشخاص الذين أمروا بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء لم يقدموا للمحكمة حتى تتوفر للقضاء كل العناصر الضرورية للكشف عن الحقيقة وإصدار حكم عادل في هذه القضية« وتجدر الإشارة كذلك الى أن جريدة »المحرر«، كانت قد أخبرت بإلقاء القبض على المسمى عبد العزيز النعماني بعددها الصادر يوم 16 يناير 1977، دون أن يصدر أي تكذيب لهذا الخبر من طرف السلطات المختصة، بسبب هذا، اعتبرت الاطراف المدنية أن عدم مثول المسمى النعماني أمام المحكمة، »يشكل عرقلة خطيرة لسير العمل القضائي وإهانة للعدالة، ويجعل من هذه المحاكمة في شكلها الحالي محاكمة صورية« وقد طالب الاستاذان محمد الناصري وعبد الرحيم برادة في الملتمس الكتابي بإيقاف مناقشة جوهر القضية حتى تقديم المسمى النعماني أمام المحكمة? صدق حدس الفقيد عبد الرحيم بوعبيد حين اعتبر في رسالته الى المحكمة أن مجريات البت في جريمة اغتيال الشهيد عمر »يجعل من هذه المحاكمة، محاكمة تدعو الى السخرية والهزل«، ذلك »أن الاشخاص الذين أمروا بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء لم يقدموا الى المحاكمة«