انطلقت يوم الخميس الماضي بالرباط، أشغال الملتقى الخامس لحقوقيي البحر الأبيض المتوسط حول موضوع «العقود في منطقة البحر الأبيض المتوسط»، وذلك بحضور أزيد من 400 مشارك يمثلون دول المنطقة. هذا الملتقى الدولي الذي تتواصل أشغاله يومه الجمعة، الذي تنظمه مؤسسة القانون القاري، يأتي بعد أربعة لقاءات احتضنتها كل من مصر، فرنسا، إيطاليا والجزائر، حيث اكتسى موضوع هذه الدورة أهمية بالغة نظرا لحجم تطور العلاقات الاقتصادية بين دول شمال وجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد اتفاقيات الشراكة السبعة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ودول غير أوروبية التي تتوخى وضع إطار للمبادلات يهدف إلى خلق منطقة حرة لتنقل الخدمات والسلع والرساميل. وإذا كانت هذه الاتفاقيات قد خصصت حيزا مهما لمجالات التعاون على المستوى القضائي ، فإن المجال التعاقدي ظل الغائب الأكبر ، علما أنه يشكل الإطار القانوني المنظم للعلاقات التجارية إن على مستوى عقود الاستثمار أو عقود التجارة الدولية. في هذا السياق ألقى مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، كلمة في افتتاح هذا الملتقى الدولي، ذكر فيها بأن « الإطار المتوسطي كان دوما جسرا للحوار وفضاء ً للإنتاج المعرفي الغني بتنوعه العرقي وتعدده الهوياتي والإيديولوجي ومصادره المتجذرة في عمق تاريخ الإنسانية باعتباره مهدا لأكبر وأعرق الحضارات وأقدمها وموطناً لفسيفساء من الثقافات والتقاليد والتجارب» ، مشيرا إلى أن الرهان من خلال الملتقى هو «إيجاد علاقات تعاون متوازنة تراعي خصوصيات جميع مكونات هذا الفضاء المتوسطي في ظل عولمة فرضت علينا مفاهيم وقيما جديدة ومشاكل معقدة, تزداد حدتها مع تداعيات الأزمة الاقتصادية ومشكلات الهجرة ومخاطر التلوث البيئي وقضايا الإرهاب والإشكاليات التي فرضتها التطورات التقنية الحديثة في مجال التعاقد أو الإجرام, مما فرض على مهنيي العدالة وفقهائه إيجاد حلول متقدمة وابتكار مقاربات ناجعة». كما توزعت أشغال هذه الدورة على مجموعة من الورشات, خلالها تم استعراض ومناقشة الأنظمة القانونية المعتمدة من قبل الدول المتوسطية في مجال عقود الاستثمار والتجارة الدولية والوقوف على الإشكاليات المتعلقة باختلاف وتعارض الأنظمة القانونية بين دول شمال وجنوب المتوسط وانعكاساتها على تشجيع الاستثمار وتقوية الجاذبية القانونية والاقتصادية في الدول المعنية. كما تتجلى أهمية هذا الحدث أيضا في كونه يشكل ملتقى يجمع في آن واحد رجال القانون وخبراء الاقتصاد في ظرفية دولية صعبة، هاجسهم تحصين اتفاقيات الشراكة بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط من خلال توحيد الرؤى و الآليات القانونية والاقتصادية في أفق الاستثمار الأمثل لمقومات هذه الشراكات، فضلا عن كون هذه التظاهرة تمثل فرصة لربط علاقات تعاون وشراكة من أجل بلورة مشاريع مشتركة بين الفعاليات الحاضرة، وذلك في سياق مقاربة تتوخى تشجيع الحوار وتقريب الأنظمة القانونية. للإشارة، فإن هذا الملتقى المتوسطي ينظم بدعم وشراكة مع مؤسسات وطنية اقتصادية، مهنية وأكاديمية وازنة من بينها المدرسة الوطنية للإدارة، مدرسة الحكامة والاقتصاد، الهيئة الوطنية للموثقين، جمعية هيئات المحامين بالمغرب، هيئة المحامين بالرباط و اتصالات المغرب.