«هكذا تكلم الجسد»،بهذا الشعار ذي الحمولة الفلسفية التي تحيل على عنوان الكتاب «هكذا تكلم زرادوشت» للفيلسوف الألماني الكبير فريدريك نيتشه ،يلتقي عشاق اللغة الكوريغرافية في الفترة الممتدة من 22 أكتوبر الجاري إلى غاية 26 من هذا الشهر بفعاليات النسخة السابعة من مهرجان فاس الدولي للرقص التعبيري بمشاركة وازنة لفرق كوريغرافية من المغرب وتونس ومصر وفرنسا وإيطاليا وروسيا وبلاد الغال .أنشطة هذه المحطة الفنية التي يحتضنها رواق المركب الثقافي الحرية بفاس ابتداء من الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء 22 أكتوبر تحت إشراف جمعية بابل للثقافة والفن إبداع بلا حدود يتخللها معرض تشكيلي كوريغرافي لفنانة الجسد المغربية نجية الراجعي التي تشتغل في جل أعمالها على تيمة الجسد كقيمة رمزية وسيميولوجية أعمق بكثير من اللغة المنطوقة. وقد أشار المنظمون في الندوة الصحفية التي انعقدت مؤخرا بالمقهى الأدبي الكوميديا إلى جملة من الإكراهات التي تشهدها مرحلة التحضير للمهرجان وكذا غياب الدعم من طرف بعض الجهات التي لا تألو جهدا في دعم بعض التظاهرات بسخاء رغم فراغها من أي لون يخدم الفعل الثقافي الجاد فضلا عن أن مدينة فاس وفق تصريح منظمي الندوة تفتقد لقاعة حقيقية في حجم ومستوى ما ينشده المثقفون. إلى ذلك،قدم مدير المهرجان المبدع عزيز الحاكم ورقة مفصلة عن فقرات البرنامج العام الذي جاء حافلا بعدد من العروض في فن الرقص التعبيري تتخللها ندوة فكرية بعنوان «سيميائيات الجسد» يؤطرها مشاركون مختصون معلنا أن جديد هذه الدورة يكمن في تقديم رقصة الخيمة من أداء فرقة قادمة من العيون الساقية الحمراء،وهو عرض يقوم على رقصة «الكدرة» التي تعد الرقصة الأكثر شهرة في المغرب الصحراوي وتحيل على البعد الثقافي والتراث المحلي لمنطقة الصحراء المغربية.وموازاة مع هذه العروض،تقام محترفات للرقص كل يوم ابتداء من الأربعاء تحت إشراف الفنانين المشاركين في المهرجان. عن أهمية هذه التظاهرة،والقيمة التي يمكن أن يضيفها الرقص التعبيري في المشهد الفني والثقافي،يقول عزيز الحاكم مدير المهرجان:»الرقص هو أسمى الفنون وأجملها وأشدها إثارة للمشاعر،لأنه ليس مجرد ترجمة أو «تجريد» للحياة ،بل هو الحياة نفسها في حال الانتشاء المطلق...على هذا النحو كان «نيتشه» يعتبر الراقص بمثابة مقيم في الأرض وفي السماء على السواء،سليل التمهل والخفة،وسيطا بين المرئي واللامرئي ،يؤالف بين القوى الجسدية والروحية...» مضيفا أن وظيفة التعبير بحركات الجسد أغنى بكثير من اللغة المنطوقة التي ترتبط في معظمها بوظيفة التواصل بالمعنى اللفظي . هنا تكمن قوة الرقص وبهاؤه ، فالرقص يعني التحدث في صمت ، قول ما لايقال ، الذهاب إلى الأمام بخطى تعيد للكون توازنه ومصداقيته بمنتهى الخفة والرشاقة. ومن ثمّ يندرج النص الرّوائي الجديد للزاوي في سياق منطق وفلسفة كتاباته الإبداعية، والتي تعمل على فضح المستور وإدانة الظّلام بكل أشكاله السياسية والعاطفية والاجتماعية. وهو عمل في تجليات صعود الوعي بكل أشكاله السياسية والجسدية والفنية، من خلال تتبع حياة شاب مراهق اسمه أنزار، الذي يعيش في نظام داخلي بإحدى الثانويات الجزائرية، ويعرف متعة الجنس، لأول مرة، مع عاملة تنظيف مبيت التلاميذ، امرأة في عمر أمه.يكتشف البطل الشاب أنزار في هذه الثانوية الموجودة بمدينة تلمسان، شخصية مصالي الحاج المناضل الممنوع الحديث عنه في مدينته، وبالتالي يمكن اعتبارها الرواية الجزائرية الأولى التي تتحدث عن أب الحركة الوطنية الجزائرية مصالي الحاج، وتكشف القمع السياسي الذي عاشته الجزائر وعاشه المصاليون وبقايا حزب الشعب، من قبل النظام الجزائري في الفترة الممتدة ما بين السنة الأولى للاستقلال وحتى نهاية الثمانينات. تتناول ?نزهة الخاطر? ودائما من خلال عيني المراهق أنزار، الأحداث بعد الاستقلال، استقلال الجزائر من الانقلاب ضد بن بلة وما نتج عن ذلك، مع بداية التأسيس لبولسة الدولة ودولة الأمن، إلى بداية تشكّل الجماعات الإسلامية الأولى، في شكل حلقات وندوات تدور جميعها حول فكر مالك بن نبي. كما تتعرض الرواية أيضا لموضوع حب الأخ لأخيه، حيث درجت الروايات على تناول العلاقة ما بين الإخوة في شكل يتميز إما بالصراع أو العداوة، في هذه الرواية الفتى أنزار يحمل حبا كبيرا لأخيه مازار يصل حد الاندماج والحلول فيه. تتطرق رواية ?نزهة الخاطر? لأمين الزاوي، بصفة عامة وبكل جرأة إلى صورة الأسرة الجزائرية، ما بين التقليد والاختراق والتكسير، وذلك من خلال شخصية العمة ميمونة التي تمثل التمرد في أكبر تجلياته، امرأة ضد الأخلاق وضد الحياة المنمطة، العمة ميمونة مغنية وراقصة تحب الرجال والفن وتنتهي نهاية فجائعية. ?نزهة الخاطر? لأمين الزاوي رواية الأسرة الجزائرية في مخاض تقلباتها التي تعكس لتقلبات المجتمع الجزائري المعاصر.