ليت يوم أول أمس، كان فاتح أبريل! كان سيأتي من يخبرنا أن هرطقات رئيس الحكومة) المفترض، كانت مزحات كاذبة. لكن الحقيقة التي نمنا عليها ليلة ذلك اليوم هي أننا لم نعد في هذه البلاد نطالب برجل سوي، بل بمجرد رجل عادي فقط. مواطن ، بأخلاق البساطة المطلوبة في «رجل معقول». لم يحدث ذلك لأننا لم نكن محظوظين كثيرا مع الربيع العربي لماذا؟ لهذه الاسباب: - في التوقيت: كان كلام الملك، مازال يجول في الأذهان، فقرر رئيس الحكومة أن يستدعي صحافيين ويحضرهم لكي يستمعوا إليه. هكذا تربى على السمع والطاعة وكان على الجميع أن يكون كذلك(هذا موضوع آخر). واختار رئيس الحكومة أن يلتف على خطاب الملك الاخير ، وخطاب 20 غشت. كيف ذلك ؟ - في المضمون: 1 - عمد رئيس الحكومة الى تمجيد محمد الوفا، ورفعه الى مرتبة الولي الصالح، البطل الوطني، ورجل الوزارة الذي لا يشق له غبار. وبنية واضحة ظن أنه «يقلي السم» لعدوه اللدود زعيم الاستقلال، لكنه، كعادة من تحركه الغريزة لم ينتبه الى أنه كان يناقض البورتريه الذي رسمه ملك البلاد، في خطاب 20 غشت لتسيير التعليم والمسؤولين عنه، وأولهم محمد الوفا. 2 - ولم يكن الوفا هو الرجل الوحيد الذي مجده السيد رئيس الحكومة ومجد عمله، كعادته دوما (من دخل حكومة بنكيران فهو آمن ويدخل الجنة السياسية)، فقد كال المديح للسيد بوسعيد، الذي ما زال كرسيه على رأس ولاية الدارالبيضاء لم يبرد بعد. فماذا قال ملك البلاد حول الدارالبيضاء؟ لن نحتاج الى تكرار ما قاله، بحيث خصص لها نصف خطاب الدخول التشريعي، ووصفها الوصف الذي تستحق. فهل كان بنكيران يريد أن يقول إن بوسعيد، على عكس ما قاله الملك حول المسؤولين عن الدارالبيضاء، خارج التصنيف الملكي؟ له أن يقول ما يريد أما بيضاوة والرأي العام الوطني فلن تنطلي عليهم الحيلة. 3 - السيد بنكيران اعتقد بأن بإمكانه أن يناقض الدستور. نحن، كنا نعرف منذ مدة وكتبناها حبرا على ورق: رئيس الحكومة والامين العام للعدالة والتنمية يحب الصناديق التي توصله الى الحكم، ولا يحب الصناديق التي تخرج منها المصادقة على الدستور. بنكيران هو الدولة والدولة هي بنكيران أما ما عدا ذلك فقد عبر عنه بالحرف: «آش من دستور، المغرب هادا». أي المغرب والدستور .. اثنان متوازيان ولا يلتقيان عند لحية السيد الرئيس. فترى من هذه؟ لا شك أنها فتوى العلامة والشيخ الاكبر السيد الخلطي أو وصية الدالاي لاما المشمول بعفو الله الدكتور الخطيب، أو لعلها تركة القطب النحرير والإمام الأشم المرحوم ادريس البصري. لقد تخطى بنكيران كل الحدود، وهو يهدم ما بناه المغاربة في مسيرة طويلة من دم الدموع والمنافي، نال منها ما يناله الجنين في بطن أمه( لا مزيد للتوضيح). لقد نص الدستور على المقاربة التشاركية، واعلن الملك في الخطاب الاخير على ضرورة التقيد بنص الدستور ومعناه، وشاء بنكيران أن يقول للاثنين معا: (. كلمة لا تليق بالمقام ...) الى الجحيم! واعتقد الرئيس بنكيران أنه يمكن أن ينزع من المعارضة ما منحها الدستور، أسمى قانون في البلاد. ألم نقل لكم منذ البداية أن الرجل الداعية يفضل موت السياسة والدستور وأن يبقى وحيد الدهر في السلطة؟ طبعا، بعد أن هدم الدستور واستبلد الشعب وناقض ملك البلاد، بقيت المعارضة: وقال فيها ما لا يليق برجل سوي سياسيا أن يقوله في أعدائه بالأحرى الشركاء الديموقراطيين. ولو شاؤوا (أن يشطحوه) لرفع كل مناضل من مناضلي المعارضة دعوى قضائية على التشويه والنعوت المشينة التي فاه بها الرجل (هل هو الفم نفسه الذي يقول لا إله إلا الله؟). يقول بنكيران، على وزن آش من دستور، آش من معارضة واللي عندو شي حاجة جدية يجيبها: عندك مشاريع قوانين تنظيمية حول قانون المعلومة وحول هيئات الدولة، ماذا فعلت لكي تفعلها وتحارب هذا الفساد( الله يهدينا، آش من محاربة فساد هاذي)! كيف يا ترى يكون في بلادنا سياسي (مفترض) يمكن لفمه أن ينتج كل هذه الانحطاطات في حق من يعارضوه؟ هناك جواب واضح: الرجل فاشي في أعماقه ،لا يريد صحافة تنتقد أو حتى تسأل (اسكت خليني نهضر) ولا معارضة تعارضه ولا شريك سياسي يناقشه، ولا ملك.. يذكره بالدستور!!! نصل الى الشركاء الجدد: قال بنكيران إنه قرر تشكيل لجنة لإعادة النظر في التصريح الحكومي، والحال أن الأمر ليس بهذه المزاجية المرسوية (نسبة الى مرسي). فإما أنها حكومة جديدة، وعليه أن يقدم تصريحا جديدا وبرنامجا جديدا؟ وإما أنها قديمة، والحال هذه ، عليه أن يصمت بدل التجني على الناس. بعض الشجاعة، تكون قضية .. صفر!