عندما يطلق المغاربة أمثالهم الشعبية، يبرهنون بالفعل عن عمق وعيهم بمحيطهم الاجتماعي والسياسي، ولعل المثل الذي تسرب بالفعل الى الكثير من المسامع يستمد روحه من دلالات المثل الشعبي: « تابعين عبو والريح»، ذلك ما ينطبق على رئيس حكومتنا ذي الصلاحيات الواسعة، والذي استعمل كافة إمكانياته في فن العبث السياسي للعودة بنا الى درجة الصفر بالانقلاب الفعلي على دستور المغاربة والذي اعتبر ربيعا ديمقراطيا، وثورة منتجة نحو دولة المؤسسات القوية بعامل الدسترة والقوانين المصاحبة. ولأن بنكيران أو عبو زمانه الذي أطلق سيقانه للريح نحو البحث عن مراكب تتحمل حماقاته، يتشبث بكرسيه الرئاسي، فإن كل السيناريوهات الضامنة لذلك تهون في سبيل أن يظل «زوج نبيلة « رئيسا يحكم بنصف الكأس الفارغة تاركا النصف الآخر يضع ثقبا آخر في دماغه المنفلت نحو زمنه الربيعي مع وقف التنفيذ. أكتب هذه الجمل بمرارة وأنا أتابع التراجع عن المكتسبات في وطني بيد مهزلة الزمن الإخواني بامتياز، ذلك الذي أتى على الأخضر واليابس في الجوار الإقليمي و الجهوي، وغذى التطرف في عمقه الدموي التخريبي، بعدما ركب على حلم الثوار في الحرية والعدالة و الديمقراطية، واستطاع أن يتسرب الى الثكنات، كما الى العقول، بسلاح الفكر الظلامي وخفافيشه، تلك التي حولت ترسانات الرشاشات والمدافع والقنابل ومعها كل أنواع المخدرات وقطع الغيار المسروق، في غفلة من حراس الحدود ذوي الأيادي الناعمة جدا، لتحويلها الى منطقة الظلام في الساحل والصحراء، في وقت ينشغل فيه المجتمع الدولي بكيفية وجود «تخريجة» لضرب سيادة الدول على أراضيها. يحدث كل هذا، ورئيس بلادي الذي أنزل المغرب الى أسفل سافلين، في الاقتصاد والمجتمع والسياسة، وجعل وطني أضحوكة أمام الرأي العام الدولي، وعاث في أرضنا فسادا، بعدما استعمل صلاحيته في إيهام الشعب عبر وزرائه المدربين جدا في دول القرار الربيعي، أنه عاقد العزم على محاربة الفساد بنشر اللوائح كبداية للمحاسبة واحترام المسؤولية، مستهدفا -من خلال قدرته على تسويق عبثه السياسي- خلق البلبلة وخلط الأوراق كي يخلو له الفضاء لتطبيق أجندة دوائره العالمية، وتلك هي الاستراتيجية التي أفشلها الثوار برفع شعارهم في استمرار الثورة ضد الأخونة، وضد الظلام وضد العودة الى القرون الغابرة ومنطق قبيلتي الأوس والخزرج . لقد عمل رئيس بلادي الملقب ب «عبو و الريح»، قيد حياته والمسمى عبد الإله بنكيران عاشق الربيع العربي، بلحيته السوداء أو البيضاء، أو تلك التي تسرب الشيب إليها ففضل أصحابها حلقها حتى لا يغني صاحبها:» ليت الربيع يعود يوما فأحكي له ما فعله بي الخريف» ، على تبخيس العمل السياسي بإعادة التقنوقراط الى أماكنهم آمنين ناعمين، بل وركب عبثه السياسي ليصيح - بحنجرته الذي تجبرت، وتضخمت من كثرة الولائم التي عقدها وهو يتفاوض على ضرب ثورة المغاربة المعنونة بدستورهم التاريخي - أن هؤلاء التكنوقراط هم كفاءة هذا البلد ، ومن لا كفاءة له فليصمت، متهما نساء حزبه قبل الأخريات بأنهن الناعمات الصغيرات المبتدئات والمدللات اللواتي عليهن أن يغلقن أفواههن عندما يكن في حضرة الرئيس المبجل القادر على قهر الشجر والحجر، الذي يستطيع أن يحدث انقلابا في دماغ البشر، كما هو الشأن لتابعه الذي خرب التعليم واغتال ورشا كبيرا في التربية والتكوين ، فيجعله رئيسنا المسمى عبو والريح مكلفا بالحكامة في بلادي. هي إذن قمة العبث السياسي التي تجعلنا نقول للمغاربة ومع المغاربة انصرفوا الى أعمالكم -كما عبر عن ذلك الزميل عبد الحميد الجماهيري في عموده «كسر الخاطر»- فإن عبو والريح في الفصل الثاني من مسرحيته لن يزيد الأمور إلا تعقيدا ، بل نقول للمغاربة شمروا على سواعدكم وعلى سيقانكم لتقطعوا هذا الوادي الجارف سالمين، واجعلوا الوطن أمام أعينكم كما اعتدناكم مدافعين عن استقراره، فإن «عبو والريح» يدفع وطننا الى الهاوية ويهدد سلمنا الاجتماعي ويستفز ذلك الرجل الثوري وتلك المرأة الثورية فينا الذي والتي تسكننا منذ سنوات خلت فكرنا فيها الصعود الى الجبل. عليكم الآمان أيتها العقول الحائرة والعيون الجاحظة والأيادي الممدودة في الفراغ ، لا حلم في زمن حكومة «عبو والريح» لا أمل في الأفق القريب، شدوا أحزمتكم وأعطوا ظهوركم للعبث ، لا ركوع ولا سجود ولا كلام ولا صمت مع من خان أمانتكم ، وخذلكم وضيع جزءا من حياتكم واغتال الربيع الديمقراطي في دواخلكم ، وأعمت رياحه، التي حركت الناموس والبعوض، عيونكم. وقولوا أيها المهانون فوق تراب بلادي، لن نصدق «عبو والريح» مرة أخرى وبيننا الوطن، لا حكومة ولا برلمان . فلنعلن أن بنكيران الملقب بعبو والريح، سجاننا في الزمن الذي بوأناه فيه رئيسا، وهو زمن لا يختلف عن زمن جلادنا في سنوات الرصاص.