تعتبر سنة 2013 هي سنة الاحتفال بمرور مئة عام على ولادة ألبير كامو (1913 - 1960). وإذا كانت »أقصوصة« الرسالة التي وجَّهها كامو إلى جان بول سارتر قد أشعلت اللهيب في الوسط الأدبي الفرنسي، وأوحت بأن الاحتفال بصاحب «الغريب» يدور حول فكّ غموضها واستجلاء معانيها فحسب، فإن نظرةً ثانيةً إلى الطريقة التي تحتفي بها فرنسا بكامو تكشف وجهاً ناصعاً للعمل الثقافي المتكامل الذي يجيد اصطياد جمهوره على مختلف مشاربهم وأهوائهم. فقد قامت دور النشر بتوقيت إصداراتها الجديدة عنه، وإعادة نشر بعضها، بين شتنبر، ومارس، لتستغلّ بصورة عملية، بداية الموسم الفرنسي الأدبي والاحتفالية في آن واحد. ففي التاسع عشر من شهر شتنبر المنصرم، نشرت دار غاليمار ثلاثة مجلدات من الرسائل غير المنشورة بين ألبير كامو وثلاثة مثقفين: الأوّل هو الشاعر فرنسيس بونج (1899 - 1988). يخاطب كامو في إحدى الرسائل صديقه بونج: »ثمة صداقات تدوم، وأخرى لا. تلك التي تدوم هي الجيدة ببساطة.. وفي نهاية الأمر، لم ألتقِ بعد بالشخص الذي أستطيع الاعتماد عليه في هذا العالم حيث الكثير من الأمور متوهّمة«، والثاني هو الكاتب والروائي روجيه مارتان دي غارد (1881 - 1958) الحائز على جائزة نوبل للآداب (1937). وإذ حصل كامو بعد عشرين عاماً عليها، أسرّ له روجيه ببعض النصائح الثمينة في يخصّ حفل نوبل: »كما ترى، فإني أجهد في التفكير بكل شيء، نتدبَّر الأمر بأربع بدلات لا أقل: واحدة للسفر ويمكن ارتداؤها يومياً، وثانية صالحة للمدينة (بدلة كاملة وذات لون داكن، كلاسيكية من أجل حفلات الاستقبال الصغيرة)، وثالثة سموكينغ، ورابعة بسترة طويلة UN FRAC، من أجل الأمسيات والاحتفالات الرسمية.«، أما الثالث فهو الكاتب لويس غييو (1899 - 1980)، أو الآخر - الندّ لأندريه بروتون، الذي تكشف مراسلاته مع كامو وجهاً آخراً لصاحب »الغريب«، الذي تبدو نبرته هنا رقيقة وحميمية، ففي رسالته الأخيرة للويس غييو، قبل وفاته بأقلّ من شهرين كتب: »أنت تتحدث عن العدالة وعن تحرير العمال، مثلما يتحدث من فَقَدَ الإيمان عن مملكة السماء. لكنك محقّ، يجب علينا أن نتحدث عن المملكة». ستتمّ إعادة طبع السيرة الأولى عن كامو، التي كتبها هيربرت. ر. لوتمان تحت عنوان »سيرة«، وستُنشَر كذلك أعماله الكاملة لدى دار لا بلياد، كما ستُنشَر طائفة جديدة من الكتب عنه، أغلبها في شهر شتنبر كذلك، فضلاً عن تلك التي نُشِرت خلال سنة الاحتفالية.