في كتابه الصادر مؤخرا باللغة الإنجليزية تحت عنوان «طقوس يومية: كيف يشتغل كبار المبدعين»، يكشف الكاتب الأمريكي مايزون كوري عن العديد من السلوكيات اليومية التي كان بعض كبار صانعي التاريخ البشري، سياسيا وفكريا وإبداعيا، ولا يزالون «يقترفونها». يكتشف القارئ الذي يتقن لسان شكسبير، من بين ما يكتشفه في المؤلف، حقائق ومعطيات لا تخلو من طرافة، مثلما لا تخلو من انزياحات عن المتواضَع حوله اجتماعيا من طرف 161 شخصية بصمت تاريخ وفكر وإبداع البشرية: - إرنست همنغواي ?1899/ 1961? كان يستيقظ، كل صباح، في الساعة الخامسة والنصف بالضبط... وكان صاحب «الشيخ والبحر» الذي قضى منتحرا يفعل ذلك يوميا حتى حين يقضى الليلة السالفة في احتساء النبيذ حتى الثمالة. - مارسيل بروست ?1871/ 1922? كان أيضا يصر على الاستيقاظ مبكرا، جد مبكر، بين الثالثة والسادسة فجرا. وكان مبدع «البحث عن الزمان الضائع»، الذي دعاه غراهام غرين بالروائي الأعظم في القرن العشرين، يشرع في «إبداعات» يومه عبر جرعة من مخدر الأفيون قبل الانتقال إلى كوب قهوة سوداء وهلالية. - توني موريسون، الروائية الأمريكية- الزنجية الحائزة على جائزة نوبل للآداب سنة 1993 وعلى جائزة بوليتزر، تستغني عن الاستغراق في الأحلام قبل الفجر، تهيئ قهوتها وتنتظر «رؤية النور يبزغ» قبل الشروع في العمل. - بيتهوفن كان «يدشن» نهاره، هو الآخر، بفنجان قهوة. لكنه كان يحرص على أن تكون حمولة بن فنجانه جد قوية ويحصي بنفسه الستين حبة الضرورية ليكون مذاق فنجانه ملائما لذوقه. - بلزاك، العملاق الآخر في الإبداع الموسيقي الكلاسيكي، كان يحتسي، كل يوم، ما لا يقل عن... خمسين فنجان قهوة. - هاروكي موراكامي، الروائي الياباني المرشح بقوة هذه السنة مثل السنوات السابقة لحصد جائزة نوبل للأدب، يستيقظ قبل الرابعة صباحا ليشتغل طوال خمس أو ست ساعات. - بنجامن فرانلكين ?1706/ 1790? كان يمضي صباحاته عاريا مثلما وضعته أمه، علما أنه كان يشكو من الغياب التام لكل تنظيم وترتيب في حياته اليومية. - فلوبير ?1821/ 1880? كان يفضل الاغتسال في حمامات جد ساخنة. - تشايكوفسكي ?1840/ 1893? كان يحرص على المشي كل صباح طيلة ساعتين، لا أقل ولا أكثر. وكان «يعتقد أن العودة إلى البيت قبيل دقائق معدودة من انتهاء الساعتين ستؤدي إلى تعرضه لمآسي». أما أشهر كاتبات الرواية البوليسية، أغاثا كريستي ?1890/ 1976? فإنها لم تكن تكتب، إطلاقا، وهي جالسة على كرسي مكتبها... ربما يكون هذا الرفض لاستعمال مكتب هو ما جعلها تخلق شخصية المحقق هرقل بوارو الذي يستطيع فك أسرار ألغاز الجرائم الأكثر تشابكا.