سجادة حمراء ستكون بانتظار شركة «نيتفليكس» الأمريكية لتجهيز خدمة المشاهدة التلفزيونية عبر الإنترنت، عندما تشارك للمرة الأولى في الدورة المقبلة لجوائز البافتا البريطانية العريقة. فهذه الأخيرة، ولرغبتها في مجاراة العصر، لم تعد قادرة على تجاوز ظاهرة «نيتفليكس»، ومن هنا أعلنت قبل أيام إن مسلسلات الشركة الأمريكية ستنافس على الجوائز المحلية والدولية في المسابقة. «نيتفليكس» كانت حدث جوائز «إيمي» التلفزيونية الأمريكية قبل أسابيع، فمسلسلاتها الخاصة حصلت على 16 ترشيحا، في أول مشاركة لشركة تجهيز محتوى تلفزيوني عبر الإنترنت في هذه الجوائز، والمخصصة أصلاً للقنوات التلفزيونية، وانتهت بحصولها على ثلاث جوائز، منها جائزة الإخراج للمخرج السينمائي الأميركي المعروف ديفيد فينشر (مخرج «الشبكة الإجتماعية» و «نادي القتال») عن مسلسل «بيت من ورق». اعتراف أكبر جائزتين للتلفزيون في العالم بإنجازات وتأثير «نيتفليكس»، يؤكد أن الشركة الأمريكية تحولت إلى واقع يجب الإقرار به، بل إنها في طريقها لأن تتحول أحد اللاعبين الكبار في عالم الانتاج التلفزيوني، بخاصة إن أعداد المشتركين في خدمتها في تزايد مستمر (يقدر عددهم ب 70 مليون مشترك حول العالم). وإن الشركة أضحت مهمة كثيرا للقنوات التلفزيونية التي لا ترغب أن تفوت مداخيل اضافية، ببيع حقوق برامجها عبر هذه الخدمة، إضافة الى تأكيد الحضور، عبر وسيط تزداد أهميته كل يوم تقريبا. اتجاه «نيتفليكس» لإنتاج محتواها الخاص، والذي بدأ العام الماضي، حوّلها من شركة تجهيز محتوى تلفزيوني، تقوم بشراء حقوق عرض مسلسلات وأفلام الشركات الأخرى وعرضها لمشتركيها عبر الإنترنت ووسائط حديثة اخرى (الكومبيوترات اللوحية)، الى منتجة للمحتوى ذاته، والذي حظي حتى الآن باهتمام ونجاح بين المشتركين، وأثار فضول الصحافة وأثار جمهورا واسعا لمعرفة طبيعة المسلسلات الجديدة التي أنتجت ضمن مواصفات خاصة. وكما كشف مديرون من «نيتفليكس»، فالشركة تدرس مزاج المستخدمين لخدمتها، وتعّد دراسات عن المحتوى الذي يمكن أن يثير حماستهم وإهتمامهم. فالدراما السياسية «بيت من ورق» التي أنتجتها «نيتفليكس»، هي حصيلة بحث عن مدى نجاح المسلسلات السياسية في خدمة «نيتفليكس» ، وشعبية الأعمال التي قام بها نجوم معينون، والذي قاد بالنهاية الى اختيار أبطال المسلسل (يتصدرهم الممثل الأميركي كيفين سبيسي). وكانت الشركة كشفت الشهر الماضي بأنها تراقب أيضاً ما يحدث في العالم السريّ للتحميل غير الشرعي للمسلسلات والأفلام عبر الإنترنت، لاستخلاص دروس عن المواد التي يجب أن تضمها لخدمتها، والتي ستعينها أيضا في تحديد وجهة المسلسلات التي تنتجها في المستقبل. فبمعدل فشل يقترب من ثمانين في المئة للمسلسلات والبرامج الأميركية الجديدة التي تعرض للمرة الأولى، لا تريد شركة «نيتفليكس» أن تخاطر كثيراً، وتبحث عن الحلول الأمينة، حتى لو يعني هذا تكرار الموضوعات والقصص التي تقدمها. شركة «نيتفليكس» التي أنفقت مئات الملايين من الدولارات لإنتاج مسلسلاتها الخاصة، والتي تعرض حصريا عبر خدمتها على شبكة الإنترنت، بدأت تحصد أرباح ذلك الإستثمار، من زيادة ثمن أسهم الشركة في السوق الأمريكية، والتوسع الكبير جدا في اعداد المشتركين فيها في اوروبا (الخدمة متوفرة في بضع دول اوروبية فقط). فدخول الشركة الى السوق الهولندية أخيرا، تحول الى حدث، مرت عليه نشرات الأخبار، إضافة الى العديد من المقالات الصحافية التي حاولت أن تُخمن ما يعنيه حضور شركة مثل «نيتفليكس»، على مستقبل التلفزيون التقليدي، رغم ان الشركة الأميركية أكدت مرارا إنها لن تعرض برامج تلفزيون واقع او مسابقات، فهذه مكانها، وبحسب الشركة الأمريكية، القنوات التلفزيونية التي ما زالت تجذب جمهورا لبرامجها التي تقدم على الهواء.