«بسم الله الرحمان الرحيم ضيوفنا الأعزاء، أخواتي إخواني الاتحاديات والاتحاديين، حضرات السيدات والسادة، تحية ترحيب واعتزاز الى جميع المناضلين والعاطفين الذين لبوا دعوتنا للمشاركة في هذا التجمع الجماهيري الحاشد. تحية شكر ووفاء الى كافة القيادات والفعاليات النقابية والسياسية والجمعوية، المنخرطة اليوم معنا في تظاهرة الغضب والاحتجاج، تظاهرة النضال المسؤول ضد الابتزاز السياسي وضد التفقير الاجتماعي، وضد التسلط الحكومي على إرادة الشعب وحقوقه وحرياته. تحية مفعمة بالعزم والأمل الى قواعدنا في القوات الشعبية القادمة من البوادي والحواضر، من الجبال والسهول، من مختلف مواقع العمل والانتاج ، ومن أوسع ساحات النضال والكفاح. تحية لها على هذا الحضور المكثف والمعبر، في هذا الموعد الذي ضربناه مع كافة القوى الاجتماعية والديموقراطية من أجل مغرب المستقبل، مغرب الحداثة والكرامة والعدالة. نلتقي بكم اليوم وبلادنا تعيش على إيقاع الأزمة والتردد والحيرة، التي يتخبط فيها من وضعتهم الظروف في موقع المسؤولية اليوم. وإننا إذ نلتقي هنا في حلقة جديدة ومتقدمة من مسار عملنا الميداني، ومن موقع المعارضة كما قرر ذلك مؤتمرنا الوطني التاسع، فإننا لابد أن نستحضر بخشوع أرواح شهدائنا البررة الذين سقطوا في ساحة النضال من أجل الديموقراطية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. ولابد أن نستحضر سجل التضحيات الجسام التي قدمها على درب النضال آلاف الاتحاديين ومناضلي القوى التقدمية والاجتماعية، من أجل مغرب ديموقراطي حداثي متحرر من كافة أشكال الاستبداد والقهر، ومن سياسات الابتزاز والتفقير. إننا إذ نلتقي اليوم هنا في وقفة نضالية مسؤولة ضد كل مظاهر العبث بمصيرنا المشترك، وضد كل استهتار متعنت بمكتسباتنا ومؤسساتنا، فإننا لابد أن نوجه باسمكم جميعا تحية تقدير واعتزاز الى جنودنا وضباطنا البواسل من القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي الساهرين في الأقاليم الصحراوية على حماية أمننا القومي ووحدتنا الترابية. وأن نوجه تحية كذلك الى كافة المصالح الأمنية للدولة على يقظتها وحسن تفانيها في التصدي لكل المخططات الارهابية التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار ببلادنا، وتستهدف الاجهاز على النموذج السياسي للدولة المغربية الذي ارتضاه المغاربة لأنفسهم وانخرطوا في تطويره بمحض ارادتهم وكامل سيادتهم. إن حضوركم اليوم في هذا المكان وفي هذا الظرف هو أفضل رد على من كان يعلق آماله، أو بالأحرى يغذي أوهامه في نهاية الاتحاد الاشتراكي. فها نحن هنا والآن مجتمعون لا مشتتون، ملتئمون لا متفرقون، مجندون لا متقاعسون، عازمون على مواصلة النضال، معتزون بتحقق هذه الوقفة التي ستؤسس لتجمعات أخرى محلية وإقليمية وجهوية، سينظمها حزبنا، وسندشن بها لممارسة تمرين ديمقراطي يشرك الشعب المغربي بكل فئاته في نقاشاتنا والتعبير عن مواقفنا من أوضاع بلادنا. إنني أرى وجوها داخل هذه القاعة تشع بالأمل وتطفح بالعزيمة في أن يمضي الاتحاد الى غاية مساره النضالي بمشروعه النهضوي التنويري وبشموخ مناضليه الصامدين الأحرار. إننا لابد أن نجدد اليوم التحية لأخوينا عبد المجيد بوزوبع وعبد الكريم بن عتيق على ما بذلاه من جهود تعبوية وتنظيمية مع إخوانهم لإنجاح عملية الاندماج، ولابد أن نهنئ أنفسنا جميعا على هذه الخطوة الوحدوية الحاسمة التي أثبتت أن الاتحاديين ليسوا فقط أوفياء صامدين ، وإنما أيضا عاقدون العزم على تفعيل طاقاتهم وتوحيد كفاءاتهم من أجل إعادة بناء البيت الاتحادي الفسيح الذي يتسع للجميع والذي يحتضن جميع أبنائه .إنني لست من مدمني الأحلام وهواة الأماني، ولكني كما عهدتموني واحد من ابناء الاتحاد الاشتراكي، أنتهز هذه المناسبة الطيبة لكي أجدد معكم العهد على أني سأعمل معكم والى جانبكم من أجل انبعاث القوات الشعبية، ومن أجل تجديد الرسالة الاتحادية، رسالة الكرامة والحرية والعدالة والتضامن، رسالة الرأي المستقل والفعل الهادف والحضور المتميز، رسالة يحملها مناضلون مخلصون يمضون بخطوات ثابتة نحو غايتهم لا يلتفتون الى هوامش الأشياء وصغائر الأمور. إننا أيها الحضور الكريم، عندما نجتمع اليوم للاحتجاج على سياسة الابتزاز والتفقير، لا بد أن نتذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين، لابد أن نتذكر ذلك الرصيد المشرق لعمل حكومة التناوب، ليقارن المغاربة بين الأمس واليوم وليكون الرأي العام الوطني منصفا بخصوص ما تحقق بالأمس وما نعيشه اليوم، ولنأخذ كمثال موضوع الدين الخارجي الذي كان يقدر بحوالي 24 مليار دولار وانخفض الى تسعة ملايير دولار في 2006. إن هذ التحكم في الدين الخارجي هو الذي مكن البلاد من استعادة قراراتها السيادية على المستوى المالي والاقتصادي، إزاء المؤسسات المالية الدولية، ولعل أغلبكم يتذكر ما الذي جرته تعليمات واشتراطات صندوق النقد الدولي، والبنك العالمي من ويلات على المغرب في الثمانينات وبداية التسعينات من مآسي وضحايا، وكم فوتت على المغرب من فرص للتنمية والتطور. اليوم، هذه الحكومة بصدد إعادة إنتاج ذات السيناريو، إذ أنها تنفذ تعليمات المؤسسات المالية الدولية دون شروط، ولا يهمها إلا أن تبقى كأحزاب حاكمة لا يهمها أن تورث الأجيال القادمة اقتصادا مثقلا بالديون، إذ أن الدين الخارجي اليوم في المغرب، بلغ ما يقارب 60% من الناتج الداخلي الخام، ولنا في ترحيب المؤسسات المالية الدولية بالزيادة في اسعار المحروقات، تجسيد واضح للاشتراطات التي تحدثنا عنها. إن المؤشرات الاقتصادية العديدة على عهد حكومة التناوب ساهمت بشكل كبير في تغيير وجه المغرب في ظرف خمس سنوات، حيث انتعش الاستثمار وأنجزت مشاريع ضخمة لربط العالم القروي بالكهرباء ومد الطرق وتوسيع مشاريع السكن الاجتماعي و ومحاربة آثار الجفاف في العالم القروي. بالموازاة مع ذلك، تم رفع الحيف عن المناطق والمجالات المهمشة والمقصية لأسباب سياسية كالريف والمناطق الجبلية ، وتغيرت ملامح الأقاليم الشمالية ، وضخت الدولة 10 مليارات درهم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. في هذا السياق حقق الشعب المغربي مكاسب كبرى في مجال الحريات وحقوق الإنسان ، ووضعت البلاد على سكة التحديث، وتحسنت المداخيل الفردية، وتضاعفت أجور الموظفين ، وأصبح المغرب يتوفر على طبقة متوسطة هي الرافعة الأساسية لكل مشروع ديموقراطي حداثي. هذه الطبقة التي تعمل الحكومة الحالية اليوم على تدميرها والإجهاز على مكاسبها وتفقيرها، في تنكر تام للأدوار التاريخية التي اضطلعت بها هذه الطبقة في بناء المجتمع المغربي الحديث، وفي التحول الديمقراطي لبلادنا وتحريك دورته الاقتصادية. هذه الطبقة المتوسطة هي المستهدف الاول اليوم بسياسات التفقير التي تنهجها حكومة الائتلاف الرجعي المحافظ. الأخوات والإخوة الأعزاء، كل واحد منكم حاضر معنا اليوم لا بد أن يكون شاهدا على الالتزام الذي أخذناه على عاتقنا، الالتزام بتوقيف مسلسل التردي الذي يصيب الحقل السياسي اليوم، والذي يتمثل في استعمال خطابات وأساليب نعتبرها رديئة في الأداء وخطيرة في المفعول، لأنها تضرب في الصميم، مصداقية العمل السياسي، ونحن لا يهمنا اليوم من يحكم؟، بل إن ما يهمنا أساسا هو: كيف يحكم؟. فكيف يحكم هؤلاء؟. لسنا الوحيدين الذين يطرحون هذا السؤال، بل إن الرأي العام الواعي سواء داخل الادارة العمومية أو القطاع الخاص أو المجتمع المدني أو الحركة النقابية، سواء في البوادي أو الحواضر، في الداخل أو الخارج، القناعة أصبحت ثابتة بأن الحكومة الحالية تستعمل أساليب الابتزاز السياسي عبر التخويف والتهديد، وإبراز الجزئيات على حساب الأساسيات، واتخاذ القرارات ذات العواقب الوخيمة على البلاد باللجوء فقط لآلة التصويت البرلماني أو السلطة التنظيمية، والحال أن المسؤولية تقتضي في ظرفية مثل هذه منهجية التشاور والمشاركة، والاطلاع على آراء الغير. هل يمكن للمرء أن يتخيل أن هناك نظاما ديمقراطيا فعليا لا يكترث بأزمة حكومية نتجت عن انفجار الأغلبية الحالية، وقد مر على استقالة جزء هام من أعضاء هذه الحكومة ما يناهز أربعة أشهر دون أن يتجه رئيس الحكومة بصلاحياته الواسعة إلى الرأي العام بشكل رسمي ومسؤول ليخبره بمجريات الأمور، وبمزاعمه، ونظرته للأشياء. فبدل الاهتمام بتأطير الرأي العام بشكل واضح ومؤسسي، وهذا جزء من التربية السياسية للرأي العام الديمقراطي، نجده يتفوه بتصريحات في مهرجانات خطابية دعائية وإشهارية لحزبه بأقوال تزيد الغموض دسامة، والحيرة اتساعا. ولا تقتصر الخسائر المترتبة عن هذا السلوك على احتقار حق المواطن في المعرفة، بل إنها تعم الفاعلين الاقتصاديين الداخليين والخارجيين الذين يوجدون في حيرة من سلوك وبرامج هذه الحكومة، مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر في مناخ الأعمال وضياع لفرص التعبئة الاقتصادية. قد يقولون إن ذلك ناتج عن إرادة الغير، وهذا موقف لا يشرف من يتبناه، ويروج له، لأنه موقف يبرر الجمود، بدل الدفع بعجلة العمل وحل المشاكل وفتح الملفات الشائكة على صيرورة الحلول. إننا نعتبر مثل هذا السلوك بمثابة خاصية لشخصية هذه الحكومة ومن يقودها. إنه سلوك ساد كل المرافق، فكيف يعقل أن النقاشات تتيه لمدة سنتين حول القانون الداخلي لمجلس النواب، وكيف يعقل أن تخصص زهاء سنتين للتحضير لما سمي بإصلاح منظومة العدالة، لكي تنتهي هذه المسرحية إلى إقرار شيء خطير على حقوق المواطنين الأساسية، ألا وهو أن المنظومة التي يتقدم بها وزير العدل اليوم توطد حق الاتهام، وتهمش حق الدفاع. إنها رِدة يشعر بها كل الحقوقيين، وفي مقدمتهم هيئات المحامين الذين نحيي فيهم يقظتهم ضد كل المحاولات التي تستهدف المس باستقلال مهنة المحاماة عن طريق فرض حضور النيابة العامة في مجالسها، والمس بالسير المهني لعمل المحامين عن طريق اختيارهم بالتبليغ عن موكليهم، والمس بقوتهم اليومي من خلال مجموعة من الاجراءات. إن هذه الحكومة التي يتمتع رئيسها بصلاحيات لم يسبق لأي وزير أول أن حظي بها، كيف يمكن لها أن تترك الفاعلين السياسيين بدون منظور واحد للاستحقاقات الانتخابية، والحال أن الديموقراطيين في هذا البلد، وفي مقدمتهم الاتحاديون، جعلوا من إقرار أجندة موقوتة، وعلى آجال واضحة وثابتة مبدأ وحقا أساسيين لإقرار الشفافية الانتخابية، والتي تحتم على السلطة التنفيذية أن تشرك كل الأحزاب السياسية في وضع الأجندة والنصوص المنظمة للاستحقاقات، اعتبارا لكون الحكومة تكون دائما مسؤولة عن البناء الديمقراطي إذا احترمت المواعيد والمناهج التشاركية، وإلا تكون مسؤولة عن التوتر السياسي، وما قد يترتب عنه من أزمة مؤسسية تعرض مبدأ المشاركة للمراجعة. لقد ضحينا في الماضي من أجل إرساء دولة الحق والقانون، فلا يمكن أن نقبل اليوم بأساليب تدوس القواعد الدنيا لسير مؤسسات دولة الحق والقانون. يقولون إن الحكومة لاتزال في سنواتها الأولى، وكأنها تحتاج لترويض تتمرن خلاله على حساب تطلعات البلاد وحاجيات العباد، فمتى كانت الدولة الديمقراطية تطلب حكوماتها مهلة زمنية قبل الشروع في سياسة فعلية؟. فلينتظروا عدد القوانين التي مازالت معلقة، ولينظروا للقرارات الاساسية التي لا تتخذ في أوانها ولينظروا لكلفة الانتظارية، الكلفة الاقتصادية والمالية والاجتماعية لهذه الانتظارية. والأغرب في الامر أن هذه الحكومة تسارع لضرب الحريات النقابية، والقدرة الشرائية للمواطنين، وإطلاق العنان للمديونية الداخلية والخارجية، وإرجاء فتح الأوراش الأساسية مثل التربية والتكوين إلى أجل غير مسمى. لن نستعرض هنا كل الحماقات التي ارتكبتها هذه الحكومة العاجزة، بل يكفينا أن نذكر بالقرارات المتهورة التي اتخذتها منذ توليها تدبير شؤون البلاد، مثل تعليق 15 مليار درهم من ميزانية التجهيز، ورفع سعر المحروقات مرتين، والتمهيد لتصفية صندوق المقاصة، والعمل بالمقايسة. وكلها اجراءات تضرب في الصميم سياسة الادخار والاستثمار، وتضع النظام التمويلي في هشاشة مطلقة، يتم تغطية تأثيراتها الخطيرة عبر اللجوء المنهجي لتسبيقات البنك المركزي على البنوك التجارية، والتي بدون هذه التسبيقات وجدنا نظامنا المصرفي معرضا للأزمة البنيوية، ناهيك عن انعدام أية رؤية أو مقاربة أولية لإشكالية صناديق الاحتياط الاجتماعي. يتضح أيتها الاخوات والإخوة من خلال جرد الإجراءات الحكومية منذ يناير 2012 الى اليوم في ما يتعلق بالملف الاجتماعي، أن هذه الحكومة تسير في اتجاه الاجهاز على المكتسبات التي تحققت للشغيلة منذ حكومة التناوب وكذا استهداف الطبقة الوسطى، ويتجلى ذلك من خلال ما يلي : - الحوار الاجتماعي المغيب؛ - عدم تفعيل الاتفاقات السابقة؛ - عدم تفعيل الدستور (قانون الاحزاب وقانون النقابات)؛ - القيام بإجراءات عدائية للطبقة الشغيلة آخرها ما جاء في المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة بالنسبة للقانون المالي لسنة 2014 بعدم إدراج أية زيادات في الاجور أو ترقيات تحت يافطة الحكامة الجيدة؛ - فرض إصلاح أحادي لصندوق التقاعد CMR أما الحوار الاجتماعي فقد تم تجميده، ولم تنعقد إلا جلستان يتيمتان مع رئيس الحكومة كانتا افتتاحيتين فقط ولم يتلهما أي عمل أو حوار. واللجن المكونة لهذا الغرض لم تجتمع ولم تنتج ولو قرارا واحدا، وهكذا وقع التراجع عن مأسسة الحوار الاجتماعي الذي كان يجري في دورتين، كما وضعت الحكومة حدا للحوار الثلاثي الأطراف، حكومة نقابات، أرباب العمل، ولم تنعقد في عهدها أي جلسة ضدا على مقررات مؤتمرات منظمة العمل الدولية. أما الحوار القطاعي فقد تم تجميده بشكل شبه كامل وكذلك الشأن بالنسبة للاتفاقيات القطاعية السابقة (التعليم والصحة نموذجا ) بل جمدت الحكومة اتفاق 26 ابريل 2011 . وبدل تفعيل الدستور بإخراج القانون التنظيمي للإضراب لجأت الحكومة الى الاقتطاع بدون سند قانوني، دون الحديث عن الاجراءات الأخرى التي استهدفت الطبقة الوسطى من قبل اقتراح سكن لها غير قابل للتطبيق والرفع من ضريبة الليزينغ ، والضريبة على السيارات إنها أوضاع اجتماعية غير مسبوقة تواجه بانتظارية قاتلة منذ شهور من طرف حكومة انشغلت بحروبها الكلامية الصغيرة والجانبية دون استحضار للمصالح العليا للبلاد، هي قنابل موقوتة قابلة للانفجار في الأمد المنظور، ولن يقنعنا أحد بالاستسلام لهذا التردي بدعوى أن المغرب هو جزيرة استقرار في محيط هائم، مدعين أنهم من يوفر الضمانة الأساسية هذا الاستقرار. عن أي استقرار يتحدثون؟ هل الاستقرار الذي تيسر لهم على أرائكهم وكراسيهم الحكومية؟ أم عن استقرار نفوس المغاربة غير المطمئنين على أوضاعهم وأوضاع الاجيال الصاعدة من أبنائهم، وحقها في الشغل والصحة والتعليم الجيد. هذا هو الابتزاز السياسي الهادف الى تحويل الاستقرار الذي ينعم به المغاربة الى فزاعة بهدف الإجهاز على المكتسبات والحقوق. لقد جعلت هذه الحكومة من الابتزاز السياسي منهجا وسلوكا، وهي ممارسة مقصودة، يتوخى أصحابها وأتباعهم عرض عضلاتهم عبر التخويف والوعد والوعيد، وذلك حتى داخل قبة البرلمان ، أساليب الترهيب أصبحت هي العملة المتداولة منذ مجيئ هذه الحكومة التي تستعمل أجهزة الدولة لاكتساح سلطة الدولة، واحتوائها من طرف الجهاز التنفيذي، لقد وصلت الوقاحة الى حد التنكيل بالنقابيين ورجال الأعمال والشباب والنساء والمعوزين والنيل من الحريات النقابية. إنها الردة السياسية التي تقلص يوما بعد يوم فضاء الحقوق والحريات إنها حكومة الارتباك التي عطلت الاصلاحات السياسية والدستورية وافتعلت الخصومات مع الجميع، وإذا اكتفينا بقطاع العدل فإنها في خصومة دائمة مع القضاة والمحامين وكتاب الضبط والموثقين والعدول والنساخ. إنها إجمالا في خصومة مع الجميع من رجال الاعمال والعمال من الموظفين والمعطلين، ومع كافة المواطنين لأنها حكومة التراجع عن مكتسباتهم وجودة عيشهم . إن الاتحاد الاشتراكي عندما يضرب لنفسه هذا الموعد مع قواعده وحلفائه، وعندما يلتئم من حوله في هذا التجمع النضالي مئات العمال والفلاحين والطلبة ، ومئات المعطلين والأطر والمثقفين، ومئات الشباب من الأجيال الناشئة الواعدة ، فليس فقط من أجل الاحتجاج على سياسة الابتزاز والتفقير، وليس فقط من أجل رفع صوت الغاضبين على هذه الحكومة الفاشلة، وصوت الناقمين على هذه الحكومة العاجزة، وصوت الساخطين على هذه الحكومة المغرورة المنافقة. إننا عندما نلتقي في هذا الموعد النضالي المشرق فلكي نعلن بصوت واحد وقوي، انطلاقة فعلية وميدانية للجبهة الاجتماعية الديموقراطية التي من شأنها تعزيز الآمال، وتحصين المكاسب والحقوق، والتصدي لهذا المسار الانحرافي الخطير الذي يمضي فيه الحزب الحاكم وأقليته المهزوزة بإصرار وتعنت . نعم نلتقي اليوم لكي نعلن انطلاقة أولية لجبهة اجتماعية ديموقراطية ضد مخطط جهنمي للحزب الأصولي، مخطط يسعى من خلاله الى تحقيق ثلاثة أهداف مترابطة هي: * تعطيل الدستور والمماطلة في تفعيل مقتضياته بغاية إجهاض الانتقال الديموقراطي * ابتزاز الدولة ومحاولة مقايضتها للبقاء في السلطة بأي ثمن ولأطول أمد * نهج سياسة تفقير تسعى بالأساس لتحييد الطبقة الوسطى، والانفراد بالطبقات الشعبية الفقيرة أصلا، لكي يبيعها الوهم ويركب على ظهرها من أجل انجاز مشروعه السياسي غير المعلن. من خلال هذا المخطط الثلاثي الأضلاع يسعى الحزب الأصولي الحاكم الى انجاز مشروعه السياسي الفعلي الذي يهيئه على مهل، وفي تكتم شديد داخل غرفة عملياته الخلفية في أروقة حركته الدعوية. لذلك لا تستغربوا إن كان السيد رئيس الحكومة لا يعبأ بعامل الزمن في تدبير شؤون الدولة ، ولا تتعجبوا إن كان لا يشعر بأدنى ى حرج في تجميد مخططه التشريعي ، ولا يولي أدنى أهمية حتى لتنفيذ برنامج أغلبيته الحكومية، ولا يشعر بالخجل في العجز عن ترميم ما تبقى من حكومته. كل ذلك لا يهمه بتاتا ، لأنه من موقع رئاسة الحكومة، وكأي أصولي أصيل، يبدو وكأنه يشتغل على أجندة مغايرة، ويعمل في أفق مخالف لأفق تنزيل الدستور واستكمال البناء الديموقراطي. نحن كنا نقول في الأشهر الأولى لتولي السيد عبد الاله بن كيران مقاليد الحكم في البلاد ، أنه ربما لم يكن مؤهلا لذلك، وأنه ربما يحتاج الى مزيد من الوقت للتمرس على المسؤولية، ولضبط الملفات، ولتعلم أصول الحكم وأخلاقياته، لكن ها هي سنتان تكادان تكتمل من عمر هذه الحكومة والرجل لايزال يخبط خبط عشواء، ولايزال يراوح مكانه جامدا مرتبكا أمام أوراش الاصلاح الكبرى التي تنتظر البلاد، ولايزال يأتي الى البرلمان ليحاور نفسه معتقدا أنه يتحفنا كممثل بارع في فن المسرح الفردي، ولايزال يزايد على الدولة بالربيع العربي، ولايزال يزايد على المعارضة بالنزول للشارع، ولايزال يزايد علينا جميعا بالشرعية، وبالشعبية، ولايزال يوصي شبيبته خيرا بالملكية، ولايزال يعتبر نفسه شرطا للاستقرار والاستمرارية، ولايزال يستجدي عطف الجماهير بخطاب المظلومية، ولايزال يبتز الدولة بطلب الثقة وحسن النية. أيتها الجماهير الغاضبة اننا عندما نجتمع اليوم هنا والآن، فلكي نعلن بأعلى أصواتنا أن من يعتقد أنه في إمكانه الاشتغال وحده ولحساب الخاص، أو الانفراد باتخاذ القرار، أو أنه بإمكانه أن يفرض على المغاربة الفكر الواحد، فإنه خاطئ في التقرير ومتعال في التفكير، والمغاربة لا يحبون من يخطئ في حقهم ويكرهون من يتعالى عليهم. اليوم نجتمع لكي نقول لكل من يتوهم أنه منقذ من الضلال، أن يتقي الله فينا من كل هذا العبث، ومن كل هذا النفاق، وأن يتجنب الاستهزاء بذكاء الشعب المغربي، و أن يكف عن ممارسة التقية والابتزاز، وعن ممارسة الغش السياسي والانتهازية، وعن ممارسة التسلط و الاستبداد. نعم أقول الاستبداد، لأن الحزب الحاكم الذي كان قد خاض حملته الانتخابية ضد الفساد والاستبداد، عجز عن محاربة الفساد، واكتفى بإطلاق مفرقعات سخيفة حول بعض اللوائح الريعية . أما الاستبداد الحقيقي فقد بدأ يمارسه رئيس الحكومة على حلفائه في الأغلبية الحكومية، فيكتم عنهم مجريات مفاوضاته لترميم أغلبيته ويغلق عليهم هواتفه، ويرفض الاستجابة لدعوتهم من اجل عقد اجتماعات تشاورية ، ولا يستشيرهم حتى في اتخاذ القرارات الخطيرة التي تهدد الأوضاع الأمنية في البلاد. إننا نجتمع اليوم والاحتجاجات على الزيادة في أسعار المحروقات والمواد الغذائية لاتزال متواصلة، والتقارير الاخبارية تشير الى حالة غليان في بعض المدن، فكيف لحكومة أقليةأن تتخذ قرارا خطيرا قد تتولد عنه ردود فعل شعبية غاضبة؟ كيف لحكومة تصريف أعمال ضعيفة أن تتخذ قرارا طائشا يشعل نار الأسعار ويهدد السلم الاجتماعي؟ وهل تستطيع هذه الحكومة المهلهلة تطويق مفعول قرار تطبيق نظام المقايسة وتفاعلاته بين مختلف فئات الشعب وقواه الاجتماعية وتنظيماته المهنية؟ إن مثل هذا القرار حتى في ظروف عادية وبحكومة قوية ومنسجمة، يستدعي بالضرورة مشاورات واسعة واحتياطات كبرى، فهل تغامر حكومة ابن كيران بالاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد؟ وهل يعي السيد بوليف ما يقوله عندما يدعي بكيفية استفزازية ان المغاربة لن ينزلوا الى الشارع لمجرد الزيادة في الأسعار بضعة سنيمات؟ هذا كلام لا مسؤول، كلام يكشف عن الغرور الدفين والتشفي الخبيث لوزير في حكومة لم يعد يهمها لا مؤسسات ولا حقوق ولا مواطن. فليحمد الله هذا الوزير هو ورئيسه في الحكومة لوجود معارضة سياسية قوية ومسؤولة في البلاد ، وليشكر الله عز وجل لوجود قوى اجتماعية منظمة ، وإلا لكانت لسياستهم الطائشة أوخم العواقب ، ولانقلبت البلاد رأسا على عقب، ولتكرر مشهد ابن كيران مع المعطلين في كل شوارع المغرب وساحاته. فهل تغامر حكومة ابن كيران بإطلاق زغاريدها وهي الحكومة الحمقاء التي لا يرجى منها خير و لا نفع؟ وأي خير يرجى من حكومة أهملت تنفيذ توجيه ملكي بإخراج قانون المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وظلت طيلة سنة من 20 غشت 2012 الى 20غشت 2013 دون أن تحرك ساكنا وكأنها كانت متفرغة كل هذه المدة لتخصيب اليورانيوم . لقد كان لزاما أن يحث جلالة الملك هذه الحكومة من جديد من أجل النهوض بمسؤوليتها بعد أن أضاعت سنة كاملة من عمر المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، حيث لم يفهم رئيس الحكومة شيئا ، ولم يبادر الى اتخاذ أي اجراءات لتفعيل مضامين الخطاب الملكي . سنة كاملة قضاها السيد ابن كيران يحاور ذاته تحت قبة البرلمان، ويزايد على المعطلين، ويتوعد المنتقدين، ويجهز على القدرة الشرائية للمستضعفين، ويلتقط الصور أمام المعجبين. إننا نعرف أن زعيم الأغلبية الحكومية رجل تقليدي محافظ لا يؤمن بالحداثة السياسية، لكننا لم نكن نظن أنه سيحاول أن يتدروش علينا في السياسة، وأنه سيمضي في الاعتقاد لأنه لممارسة السياسة، ولتدبير أمور الحكم، يكفي تسويق بلاغة الثقة والرضا وحسن النية تجاه أعلى سلطة في الدولة . إننا من هذا المنبر ننبهه أن رهانه سخيف وفارغ، وأنه إن أراد أن يحظى برضا الشعب والملك ، عليه أن يشتغل كثيرا وأن يتكلم قليلا. والدليل على خواء هذا الرهان الذي حول لديه هاجس الثقة الى خط سياسي مرحلي، هو أنه بعد كل إشاراته التي تدعي الحرص على إرضاء عاهل البلاد، تبين أن المضامين الصارمة للخطاب الملكي بمناسبة 20 غشت لم تحمل أي رضا على سياسة السيد رئيس الحكومة، وذلك ببساطة لأنه رئيس حكومة كسول وغير مبال، ولم يرد أن يفهم ما معنى أن تكون قضية التعليم أولوية ثانية بعد قضية وحدتنا الترابية. وإذا كان من الحزم سوء الظن ، فإننا قد نعتقد أن السيد رئيس الحكومة لا يرغب أصلا في أن تقوم قائمة لهذه المنظومة التربوية ولا أن يصلح شأنها ، لأن أي اصلاح أو تحديث لنظامنا التربوي قد يجر عليه نقمة ذراعه الدعوي الرجعي، ويفجر في وجهه غضب مرشده العام، الذي شارك مؤخرا في مؤتمر للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بمدينة «لاهور» الباكستانية، من أجل إعداد خطاطة جديدة لعودة دولة الخلافة الراشدة ما شاء الله. إن رئيس الحكومة بعد أن أضاع سنة كاملة من ورش إصلاح التعليم، أصر على أن يضيع نصف سنة لترميم أغلبيته الحكومية، نعم نصف سنة مر على قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بخصوص الانسحاب من الحكومة، ولا حكومة معدلة في الأفق. ومعلوم أن الذراع الدعوي لحزب ابن كيران ، والمتمثل في حركة التوحيد والإصلاح هو نفسه الذي كان وراء عرقلة الاعلان عن الحكومة المعدلة بعد أن ضغط بقوته من أجل الإبقاء على بعض الأعضاء في الحكومة وفرض أسماء إضافية بالضبط مثلما كان يفعل حزب العدالة والحرية المصري مع مرشده العام ، ومثلما تفعل فصائل التنظيم الإخواني العالمي في مشارق الأرض ومغاربها . إن هذه المفاوضات المملة التي تعطلت وتعثرت أكثر من مرة، وعرفت تشنجات وصراعات وحسابات شخصية ، تدعونا الى الخوف من ميلاد نسخة طبق الأصل من الحكومة السابقة، حكومة تحمل بوادر انفجارها في أي لحظة وحين. إن السيد ابن كيران أضاع علينا نصف سنة من الزمن السياسي المغربي، حيث ظل يجرجر عملية ترميم أغلبية حكومته كأنه يرمم داره وليس مؤسسة هامة من مؤسسات الدولة. وهكذا ضاعت طيلة هذه الفترة فرص الاستثمار، وانخفضت فيها مؤشرات الاستقرار، وتقلصت روح المبادرة في الادارة العمومية، وعم الارتباك والترقب بسبب هذا الوضع المعلق، الذي اختاره زعيم الأغلبية شماتة في المغاربة أجمعين. إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية باسم قواعدنا المناضلة ووفاء لأرواح شهدائنا وتحملا للمسؤولية التي في أعناقنا، نعلنها بصوت واحد مع حلفائنا الاجتماعيين والسياسيين، أننا سنتصدى لكل مناورات الابتزاز السياسي التي ينهجها الحزب الحاكم، وسنقف سدا منيعا ضد سياسة التفقير والاجهاز على قوت الجماهير وقدرتها الشرائية. إننا ومن منطلق حرصنا على استقرار بلادنا وعلى تحصين وتطوير مكتسباتها الديموقراطية، سنبقى حريصين على أن تواصل الحكومة مسؤوليتها الى أن تحكم صناديق الاقتراع بغير ذلك. ودائما من نفس المنطلق سنعبئ كل طاقاتنا التنظيمية ومؤسساتنا الحزبية ، من أجل ممارسة معارضة قوية لا مهادنة فيها ولا تردد، معارضة تسترجع الآمال، وتفتح الآفاق، وترد للعمل السياسي نبله وجدواه. وسنمضي قدما في تحالفنا الاستراتيجي مع اخواننا في حزب الاستقلال في اطار انبعاث جديد لرسالة الحركة الوطنية المغربية ،حركة وطنية ديموقراطية، حركة وطنية حداثية، حركة وطنية بنفس جديد وبأجيال متجددة، حركة وطنية مصممة العزم على استئناف النضال والعمل المشترك من أجل حمايةالمكتسبات، والدفع بالمسار الديموقراطي الى أفقه المزدهر. حركة وطنية ديموقراطية، تشكل البديل الحقيقي والموثوق، لكل هذا الركام من العبث الذي نزه الله عنه العقلاء. ومما لا شك فيه أننا سنكون على موعد مع محطات مقبلة بمزيد من التنسيق مع حلفائنا، وبمزيد من العزم والفعالية في نضالنا ، من أجل الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين والمستضعفين ، ومن أجل مساءلة الحكومة عن مدى جديتها في استئناف الأوراش المفتوحة لتحديث البلاد وتأهيلها ، وسنحاسبها بصرامة عن مدى احتكامها الى روح الدستور وإرادة الشعب. إننا نعدكم أننا سنتابع بمزيد من الانتباه مدى قدرة هذه الحكومة على التحرر من وصاية وضغوطات الجناح الدعوي للحزب الحاكم، هذا الجناح الذي يكره المدرسة المغربية لأنها على علاتها تعمل كل يوم على تقويض مشروعه الارتدادي الظلامي. هذا الجناح الدعوي الذي يكره الفن والثقافة، ويكره النساء والشباب؛ هذا الجناح الدعوي الذي لا يدعو الا الى الجهل والانغلاق؛ والذي يكفر الديموقراطيين ويخون المجتمع المدني. هذا الجناح الدعوي الذي عليه أن يرفع وصايته عن الحكومة ،وأن يكف عن الاشتغال من خلف الستار وأن يترك السياسة للسياسيين . فعلى الجميع أن يعلم منذ اليوم بأن سياسة الابتزاز لن يقابلها إلا المقاومة والصراع، وأن الاستعلاء على المغاربة لن يجيب عنه سوى النضال بدون هوادة. وليعلم من يهمهم الأمر أن المغرب الذي ضحى من أجله أسلافنا وآباؤنا ، سينقذه من مخالب العبثية السياسية والانتظارية القاتلة، مناضلون ومناضلات، شبابا وكهولا، متجذرون في تربة المجتمع المغربي، ومنغرسون في كل أرجاء هذا الوطن. أولئك الذين يعملون قريبين من الشعب مقربين من همومه ومتجاوبين مع طموحاته، ومعبأين لكل قدراتهم، وهم الواعون كل الوعي بأن فشل حكومة لا يعني بالضرورة فشل شعب. فالحكومة إما أن تكون طيعة لشعبها، خاضعة لإرادته، وإما أن تزول. لا يمكن لحكومة مسؤولة أن تستعمل أساليب ملتبسة في التعامل مع القضايا الكبرى في البلاد، وكأن المغرب لا تحكمه قوانين ولا تؤطره التزامات وطنية ودولية. ولا يمكن لحكومة مسؤولة أن تغيب المؤسسات وتلجأ إلى السلطة التنظيمية، لاتخاذ قرارات ترهن حاضر ومستقبل البلاد، فهذا انحراف سياسي خطير لا يمكن أن يقبله أحد وبالأحرى أن يلتزم الصمت بصدده. إن الشعب يريد أن يطلع اليوم على الكشف التام للوضع الاقتصادي والمالي، ويريد أن يعرف ماهي خريطة الطريق الحكومية لمعالجة معضلات العجز، عجز الميزانية، وعجز منظومة التقاعد، وعجز السيولة النقدية. إن الشعب يريد أن يعرف معطيات الظرفية التي تجتازها البلاد، دون لف ولا دوران. لقد ضيعت الحكومة سنتين في التذبذب والتصريحات الارتجالية. واليوم ها نحن ندق ناقوس الخطر، ونعلن للرأي العام الوطني أن الحكومة الحالية عاجزة عن درء خطر إعادة تكرار سيناريو الثمانينات الذي وضع البلاد تحت وصاية المؤسسات المالية الدولية، والذي أدى الى فرض برنامج التقويم الهيكلي، والى تحمل مدة عشر سنوات من التقشف القاتل. إننا نعتقد أن الوضع الراهن، لن يزيد إلا تفاقما بالنظر إلى التراجعات الخطيرة في المجال الاجتماعي وفي مجال الحريات، ونؤكد أننا لن نقبل بالانزلاق بالبلاد من مرجعية قانونية إلى مرجعية مبهمة، كما هو الشأن بالنسبة للمرجعية التي استعملها وزير العدل في ضرب حق الإضراب. إننا نعتبر أنه لا يوجد مجال يمكن أن تتدخل فيه يد خفية لتعمل على التلاعب بالحقوق، لأن للبيت ربا يحميه، ولأن لمغربنا شعبا يحفظه ويقيه، ولأن لوطننا تراكما ورصيدا حقوقيا، لا يمكن إلغاؤه عبر المغالطات وأساليب التحكم السلطوي. إن الجميع يطرح سؤالا: هل نحن اليوم أحسن حالا مما كنا عليه قبل إصلاح الدستور، وأن الجميع يعلم أننا لا نمارس المعارضة من أجل مصلحة حزبنا، بل من أجل مصلحة الوطن ودفاعا عن هذا الوطن. لذلك فإننا اليوم ندعو كل الديمقراطيين والتقدميين إلى التعبئة والى التزام اليقظة، والى الانخراط في النضال، لأننا في لحظة حاسمة هي لحظة الوقوف ضد الاجهاز على آمال الشعب المغربي، وضد الردة الحقوقية، وضد الرداءة السياسية. وفقنا الله جميعا ونحن على العهد باقون.»