يتابع الرأي العام الوطني ما تبثه بعض قنوات القطب الإعلامي العمومي حول مضمون الوصلة الإشهارية لتفسير نظام المقايسة، والتي أنجزت قبل اتخاذ رئيس الحكومة لقراره القاضي بالزيادة في ثمن المحروقات كلما ارتفع ثمن البترول عالميا ما بين 105 و120 دولارا للبرميل الواحد. هذه الوصلة التي مولت من المال العام للتواصل مع المواطن في محاولة لإقناعه بجدوى هذا القرار الجائر. إن من شاهد هذه الوصلة يشم بصمة الشعبوية التي ألفناها في خطابات رئيس الحكومة. وبغض النظر عن طبيعة وطريقة الحوار المستعمل في هذه الوصلة بغية شرح القرار، فإن الشركة المنتجة باستعمالها لكلمة الدولة عوض الحكومة ومصطلحات مثل مصلحة البلاد والخير للبلاد تضع عدة أسئلة كبرى حول الهدف من إقحام هذه العبارات في هذه العبارات بسبق الإصرار في هذه الوصلة الاشهارية. إن استعمال مصطلح الدولة عوض الحكومة يراد منه إيهام الرأي العام الوطني بأن هذا القرار مصدر إجماع وطني، في حين كل المركزيات النقابية المناضلة لم تستشر في هذا الموضوع وعبرت عن رفضها القاطع لإقرار هذا النظام الذي ساهم في استمرار تدني القدرة الشرائية للمواطنين، ونفس الموقف عبرت عنه الأحزاب السياسية المعارضة الممثلة أو غير الممثلة في البرلمان بل أكثر من ذلك فإن بعض الأحزاب المتبقية في التشكيلة الحكومية عبرت بدورها عن استغرابها للقرار، ورفضت الزيادة في أسعار المحروقات. وفي نفس السياق ذهبت جمعيات المجتمع المدني المعنية بالموضوع ولم يبق إلا رئيس الحكومة صاحب القرار، مساندا من طرف حزبه وبالتالي فإن هذا القرار الانفرادي يفتقد لشروط كونه قرارا حكوميا وبالأحرى أن يكون قرار دولة. ولم تقف الوصلة الإشهارية المذكورة عند هذا الحد، بل استعملت كلمات أخرى مستفزة للمغاربة من قبيل مصلحة البلاد والخير للبلاد، وهي محاولة لمغالطة الرأي العام الوطني بأن دخول نظام المقايسة لحيز التطبيق سينعم على المواطنين بالخير، أي سيستفيد المواطن والبلاد والحال أن المواطن سيكتوي مجددا بنار استمرار غلاء الأسعار والبلاد ستعرف المزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي. أما مصلحة البلاد فتكمن في أن يستبدل رئيس الحكومة معطف التكبر والعجرفة بآلية الحوار مع كل الفرقاء قبل أن يتخذ أي قرار يرهن مصير بلادنا في يد المؤسسات المالية الدولية. ختاما يمكن أن نتفهم مشاركة بعض الفنانين في هذه الوصلة الإشهارية المستفزة لشعور المغاربة بمبرر قلة العمل، نظرا للظروف المادية للفنان ببلادنا مع الأخذ بعين الاعتبار مواقف أغلب الفنانين في مصر وتونس والتحامهم بقضايا المواطنين عوض الهرولة إلى أعمال تعاكس مصلحة المواطنين، لكن لا يمكن أن نفهم كيف لحكومة تصريف أعمال أن تتخذ قرارا سياسيا بحجم إقرار نظام المقايسة وبشكل انفرادي، وبمحاولة تغليط الرأي العام الوطني عن طريق وصلة إشهارية غريبة المضمون والإخراج.