تمكن سكان منطقتي آيت عثمان وأرشكيكن، بجماعة أم الربيع، إقليمخنيفرة، عبر جمعية محلية، من «إجبار» عمالة الإقليم على إيفاد لجنة تقنية للوقوف على عدد من المشاريع والبنايات المغشوشة والغريبة، أو التي لا ترقى الى المستوى المقبول وتفتقد أصلا إلى تخطيط حقيقي، ومن ذلك نموذجا وضعية المسالك، ثم قنطرة تم وضعها بالمنطقة ولا أحد من المراقبين عثر لها على تعليق حول شكلها والأموال التي استنزفت باسمها، ولا معنى فتحها نحو تلة صخرية، والأدهى أن السكان هنا يفتقرون لممثل عنهم بالجماعة القروية أم الربيع، منذ التقسيم الانتخابي لعام 1992، حسب مصادرنا ، التي لم يفتها التعبير عن امتعاضها حيال ظاهرة «ولائم الخرفان» التي تقام على شرف «صقور الجماعة» بروائح انتخابوية قبلية، إذا لم تكن تحت غطاء مناقشة هموم القبائل في عدم وجود سياسة تنموية جدية. وفور حلول اللجنة التقنية الموفدة من عمالة الإقليم إلى المنطقة دخل مستشاران جماعيان بصورة مشبوهة على الخط، رغم أنهما من جماعة الحمام، وعمدا إلى دعوة أفراد اللجنة ل «وليمة خرفان مشوية» قبل الشروع في المهام التي جاءت من أجلها، إلا أن عددا من سكان آيت عثمان وأعضاء ب «جمعية أسيف ازداك للتنمية» رفعوا احتجاجهم ضد المستشارين، وكاد الطرفان أن يشتبكا لولا بعض التدخلات التي احتوت الموقف، قبل تأكيد رئيس اللجنة أن لجنته لم تحضر للأكل بل للقيام بمهمة، والوقوف على ما ورد في شكاية السكان، حيث قامت بإنجاز تقريرها والتقاط عدد من الصور لجزء من المسالك والقنطرة. «جمعية أسيف أزداك للتنمية والثقافة والبيئة والسياحة»، التي تنشط بمنطقة اغزر ارصود، بادرت إلى التقدم لعامل إقليمخنيفرة بطلب إيفاد لجنة تقنية لمعاينة الأضرار والأوضاع التي تعاني منها منطقتي آيت عثمان وأرشكيكن، ولم يفت الجمعية مطالبة المسؤول الأول عن الإقليم ببذل كل ما بوسعه لأجل استفادة المنطقتين من مشاريع حقيقية لفك العزلة واحتواء ما يترتب عن قساوة الطبيعة خلال فصل الشتاء، في أفق تطويق مظاهر تنامي الهجرة السكانية، إذ ذكرت الجمعية، في معلومة صادمة، أن 64 أسرة غادرت المنطقة خلال سنتين فقط، وقد سبق لممثلين عن سكان القبيلتين أن تقدموا لعمالة الإقليم، يوم الأربعاء 12 شتنبر 2013، وتم استقبالهم من طرف الكاتب العام الذي وعد بإيفاد لجنة تقنية للمنطقة. إلى ذلك، لم يتوقف السكان عن تداول الأوضاع المزرية التي تعاني منها منطقتهم، ولا أقلها انعدام مسالك صالحة لاحتواء العزلة السائدة، مع الإشارة لحكاية طريق غير موجودة إلا على الوثائق، إضافة لإهمال سواقي تقليدية مهدمة منذ فترة ليست بالقصيرة دون أي تدخل لترميمها، إلى جانب موضوع مدرسة مخربة بإغرم أوخشين، في زمن «المخطط الاستعجالي»، أما عن الظلام فحدث ولا حرج بالنظر لعدم ربط المنطقة بالكهرباء، علما بأن المنطقة تقع بين آيت بوعريف وويوان المزودتين بالطاقة الكهربائية، بل تقع على تراب يمتلك «سدا صينيا» لمد عدد من مدن المملكة بالطاقة الكهربائية، وفي ذلك كله ما ولد لدى السكان الإحساس بالغبن والتهميش، ودفعهم إلى الخروج في سلسلة من الاحتجاجات. وبينما أولت عمالة الإقليم اهتماما استثنائيا لمراسلة الجمعية المذكورة، وجد رئيسها نفسه في مواجهة عدة مضايقات وتحرشات من طرف كائنات جماعية، ومحاولة تأليب المجتمع المدني ضده، حسب المعني بالأمر، والتي برزت بوضوح عقب اجتماع جمع رئيس الجماعة بعدد من الجمعيات المنظمة ل «مهرجان الأرز الأول»، والذي كان ناجحا على مستوى الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية رغم العراقيل والأمطار الرعدية وتراجع بعض الجهات المعنية عن دعم عملية إعذار أزيد من 100 طفل بدعوى غياب التحاليل الطبية. ويشار إلى أن قبائل أخرى بجماعة أم الربيع، وهي آيت يوسف، آيت تخنيفت، آيت بوظهير، آيت عمي علي، آيت برضين، آيت طيبوش، وآيت أوشقير، كانت قد زحفت نحو عمالة إقليمخنيفرة لقرع أجراس معاناتها في آذان المسؤولين، وإثارة انتباههم لما تتخبط فيه مناطقهم من تهميش وعزلة وإقصاء اجتماعي، وتقدم المحتجون بملتمس لفتح تحقيق في شأن طريق تربط مريرت بقراهم، على مسافة 15 كلم، كان قد تم شقها قبل ست سنوات وما لبثت أن تعرضت، في زمن قصير، للتلاشي والاندثار بسبب الغش وغياب المراقبة لمدى احترام الشروط والمعايير المعتمدة في أشغالها، بالأحرى الإشارة إلى حالة هذه الطريق خلال الأيام الماطرة، ولم يفت المحتجين التذكير بالشكايات المتعددة التي تقدموا بها لجماعتهم دونما جدوى، علما بأن الطريق المعنية بالموضوع تعتبر المتنفس الوحيد والنافذة الرئيسية إلى خارج قبائلهم المعزولة. المحتجون طالبوا أيضا السلطات الإقليمية، بضرورة فتح تحقيق شامل في فائض ميزانية 2012، وفي المشاريع التي تمت برمجتها والتي تم «إعدامها» رغم أهميتها بالنسبة للسكان، مع التشديد على ضرورة التدخل لإنقاذهم من الظلام بالاستفادة من حقهم من مشروع كهربة العالم القروي. ومعلوم أن جماعة أم الربيع كانت قد اهتزت على فضائح مدوية، ليس آخرها اعتقال وسجن رئيس المجلس القروي، بمعية ستة مستشارين بهذه الجماعة، على خلفية شيكات على بياض تسلمها منهم لضمان عودته لمقعد الرئاسة، وقبله سلفه الرئيس الذي تم عزله بقرار من وزارة الداخلية نتيجة اختلالات وخروقات وتلاعبات في التدبير والتسيير الإداري والمالي، وإبرام صفقات وهمية، حسبما ورد في سجل تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية، وهو الرئيس الذي عاد بقدرة قادر إلى سدة الرئاسة. وأمام هذا الوضع يرابض حوالي 100 أستاذة وأستاذ بمعتصم الكرامة لأساتذة سد الخصاص على رصيف الأكاديمية قادمين إليه من مختلف مدن وأقاليم الجهة الشرقية (تاوريرت، دبدو، العيون، وجدة، بركان، بوعرفة، فكيك، جرادة، الناضور، الدريوش...) يبيتون في العراء في ظروف مزرية يعانون من أوضاع مادية صعبة ومن تدهور يومي لصحة عدد منهم نتيجة الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كالسكري والقلب وارتفاع ضغط الدم... وفي هذا الصدد، وفي إطار تتبعه اليومي لاعتصام أستاذات وأساتذة سد الخصاص ووقوفه على معاناتهم والأخطار المحدقة بهم، أصدر المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، بيانا تضامنيا مع هذه الفئة المظلومة من أبناء الشعب المغربي، الذين تم التنكر لمجهوداتهم وتضحياتهم في سبيل المدرسة العمومية وهضم حقوقهم المادية، محملا مسؤولية سلامتهم الجسدية للسلطة المحلية وللقائمين على الشأن التعليمي بالجهة. وقد استنكر المكتب الإقليمي ما وصفه ب«استبداد» الوزارة في تدبيرها «الانفرادي الفاشل» لملف أساتذة سد الخصاص وربط اللجوء إليهم بعقدة الساعات الإضافية، مطالبا بالعمل من أجل حل نهائي وعادل يصون حقوقهم وكرامتهم، وذلك بالتسوية الفورية لأجورهم على أساس عدد الساعات الحقيقية المتضمنة في جداول الحصص، وبضمان استمرارهم في أداء مهامهم على أسس جديدة وعادلة متفق بشأنها، وبإدماجهم ضمن هيئة التدريس بوزارة التربية الوطنية خاصة وأنهم لا تعوزهم الكفاءة ولا التجربة... ويطالب أساتذة سد الخصاص المعتصمون في العراء بمدينة وجدة منذ أكثر من 40 يوما ، بتسوية وضعيتهم المهنية على غرار الفئات التي سبقتهم (الخدمة المدنية، العرضيون ومنشطو التربية غير النظامية...)، مع صرف مستحقاتهم المالية التي قالوا بأن مدير الأكاديمية الجهوية امتنع عن صرفها بذريعة عدم توقيعهم على العقد الذي أصدره وزير التربية الوطنية محمد الوفا، والذي يعتبره الأساتذة «عقدا مهينا لكرامتهم يراد به التحايل على القانون من أجل حرمانهم من حقوقهم العادلة والمشروعة»، بحيث يعتبرهم أجانب عن هيئة التدريس يقدمون فقط ساعات إضافية أسبوعيا لا تتجاوز ثمان ساعات، عكس ما يتوفرون عليه من أدلة وإشهادات تثبت اشتغالهم أسبوعيا لمدة 30 ساعة في التعليم الابتدائي، 24 ساعة بالتعليم الثانوي الإعدادي و21 ساعة في التعليم الثانوي التأهيلي وفق جداول زمنية كاملة مثلهم مثل جميع زملائهم نساء ورجال التعليم. وتجدر الإشارة إلى أن معتصم الكرامة لأساتذة سد الخصاص، عرف زيارات تضامنية للعديد من ممثلي الأحزاب السياسية والهيئات النقابية، بينهم نواب ومستشارون برلمانيون وعدوا بالتدخل من أجل إيجاد حل لملفهم المطلبي.