نوارة نجم ، ابنة الشاعر المتمرد، الذي زار سجون عبد الناصر والسادات ومبارك، صديق المغرب أحمد فواد نجم، من بنات الثورة، وبنات الميدان. كانت منذ بداية الانتفاضة ضد الحكم المنحل لمبارك مع الثوار. وكانت من بين ضحايا الاتحادية، في أول مواجهة مباشرة بين الاخوان وبين الثوار، قبل أن تلتحق بالثورة الثانية. وهي تتميز بفرادتها وقوتها في قول رأيها، مهما تم الاختلاف أو الاتفاق بشأنه. كتبت في الاسبوع الذي ندشنه مقالة جريئة في يومية التحرير، التي يرأسها ابراهيم عيسى. وهي مقالة وضعتها ما بين الجيش وبين الاخوان وفي قلب السوال الجريء. تقول نوارة (...) فوجئت بمد حالة الطوارئ والتى أعجز عن تفسيرها سوى بالاستجابة لمزاج، بات دمويا، من فرط الرعب والمبالغات الإعلامية. لماذا تم تجديد الطوارئ؟ بحق يعنى.. لم؟ هاه؟ قيل إن تجديد الطوارئ ضرورى بسبب التفجير الذى حدث بالقرب من منزل وزير الداخلية، وفى أثناء مرور موكبه. وماذا فعلت الطوارئ بشأن هذا التفجير؟ لم تمنع الطوارئ الحدث، بل إن قوات الأمن »الباسلة«، لم تحدد الفاعل حتى قامت جماعة »أنصار بيت المقدس« بإعلان مسؤوليتها، ولم تتمكن قوات الأمن، فى ظل حالة الطوارئ، من القبض على الفاعلين أو أحدهم، بل إن قوات الأمن ظلت حائرة لا تعلم أهو تفجير عن بعد، أم أن شخصًا ما ألقى بالقنبلة من فوق سطح إحدى المبانى؟ وفى ظل حالة الطوارئ نشطت عصابات سرقة السيارات، وفى ظل حالة الطوارئ لم تتكمن القوات من السيطرة على الوضع الأمنى فى سيناء، اللهم إلا زيادة الطين بلة، وكسب عداوات أهالى سيناء الذين قتل أبناؤهم فى المواجهات بين قوات الجيش والشرطة وبين المسلحين، حتى وصل الأمر إلى قتل أطفال، واعتقالات عشوائية، لن تؤدى سوى لتضامن أهالى سيناء مع المسلحين ضد قوات الدولة. ولماذا يحتاج الخارج عن القانون إلى طوارئ؟ وما المهارات الأمنية التى يكتسبها جهاز الأمن من تمديد حالة الطوارئ فى مواجهة المسلحين والمجرمين؟ المجرم له قانون يجرمه. أما الطوارئ فهى للأبرياء الذين لم يقترفوا جرما ليتم التنكيل بهم. حكمنا المخلوع مبارك بالطوارئ لمدة ثلاثين عاما، فلم يجن المجتمع سوى الإذلال والتنكيل بالأبرياء، أما جماعة الإخوان المسلمين فقد توغلت فى مصر، خصوصا فى القرى والنجوع، كما لم تتوغل من قبل، وكدست من الأموال ما يصل لمليارات ليس لها عد ولا حصر، ولا تنتهى أبدا، فقد قبض على أغلب قيادات الجماعة، أما الأموال فما زالت تتدفق، ولا نعلم متى وكيف جمعوا كل هذه الأموال فى ظل الطوارئ وتحت حكم نظام يحظرهم؟! بل إن المخلوع مبارك، الذى حكمنا بالطوارئ، قد أسهم فى ازدهار الإرهاب، وتوريد الإرهابيين للخارج، فى البوسنة، والشيشان، وأفغانستان. فكيف يمكن للطوارئ أن تقضى على الإرهاب؟ الطوارئ لم تصنع إلا خالد سعيد وعماد الكبير وغيرهما من ضحايا التعذيب فى الأقسام. أما خيرت الشاطر فكان يجلس فى زنزانة مكيفة، يعقد صفقات بملايين الدولارات عبر هاتفه المحمول وشبكة الإنترنت التى كان يمتلكها فى محبسه. الطوارئ لم تحسن أداء جهاز الشرطة، ولم تضف إليه مهارات فى التحريات، أو سرعة التحرك، على العكس تماما، فهى أحد الأسباب الأساسية لتكاسل جهاز الشرطة، وفقدانه للمهارة والحرفية، فقد اعتمد الجهاز على حالة الطوارئ للقبض على كل من لا يعجب الضابط، وتعذيبه حتى يعترف بما يريد، بلا تحريات بلا وجع دماغ بقى. كما أن الطوارئ الآن ستؤثر على الاقتصاد المصرى، ولا يمكن مقارنة حالة الطوارئ الآنية، بطوارئ مبارك، فالعالم أجمع كان يعلم أن طوارئ مبارك لم تكن أكثر من »بلطجة فى القعدة«، وإن الأمر لا يستحق فرض الطوارئ، ومن طول المدة، نسى العالم أننا محكومون بالطوارئ، أما الآن، ومع عدم اعتراف أغلب دول العالم بشرعية النظام القائم، ومع إصرار العالم الغربى على أن ما حدث فى مصر هو انقلاب لا ثورة، فإن تمديد حالة الطوارئ يعطى رسالة خاطئة للسياح والمستثمرين بأن الوضع ليس تحت السيطرة، ولا أقول الوضع الأمنى فحسب، بل والوضع السياسى، فما يراه العالم من تمديد حالة الطوارئ، هو خوف من النظام القائم، وشعور من قبله بأنه غير مستقر، وباحتمالية سقوطه، وأن يحل نظام آخر مكانه أمر وارد. ولا يقول أحد بأن الطوارئ إرادة شعبية، متى علم من يتشدق بذلك أنها إرادة شعبية؟ أنا واحدة من الشعب ومش عايزة طوارئ. هل قام أحد باستفتاء، أو حتى باستطلاع رأى، ليعلم إن كانت الطوارئ إرادة شعبية أم لا؟ ثم ولتكن إرادة شعبية، ولنتقابل بعد شهرين من الآن، حين يضج الناس من إرادتهم الشعبية، ويغيرون رأيهم تماما، كما يفعلون دوما، فالحس الجمعى الآن متقلب، يطالب بشىء ثم يعود ويتراجع فيه، بل ويلقى اللوم على أى جهة كانت، متهما إياها بأنها خدعته». زوجة القرضاوي السابقة وبوصلة الثقافة من يذكر أسماء بن قادة؟ إنها الزوجة الجزائرية للشيخ القرضاوي، والتي صبت عليه جحيم الاعلام والراي العام عندما روت تفاصيل من حياتهما، واتهمته بأنه قضى اياما في اسرائيل وإنه عميل. اسماء بن قادة، التي دخلت البرلمان في بلادها الجزائر تكتب باستمرار ضد التيارات الاصولية وعن تخلف الثقافة في بلداننا عن الوقوف في وجه التتار الجدد. نشرت لها الخبر الجزائرية ، في هذا الاسبوع مقالا عن الثقافة والمثقفين عموما وعنهما في بلادها وقالت اسماء بن قادة« تمثل معارض الكتب في العالم مؤشرا هاما على مستوى الحراك الثقافي والإبداع الفكري، ونوعا من التدشين للجديد في الحياة العلمية والثقافية للأمم. الأمر الذي أفتقده كلما توجهت نحو أحد المعارض في عاصمة من العواصم العربية، حيث بات يلازمني الإحباط عند كل زيارة، لاسيما عندما أعود منها بخفي حنين. وكلما جئت أحصي كم كتابا عربيا قرأت في الفترة الأخيرة، وجدت العدد لا يكاد يعد على الأصابع، وربما لو أحببت أن أقرأ شيئا جديدا باللغة العربية، لحصلت عليه في بعض كتب التراث التي مازلنا وبسبب الاطراد الحضاري لعهد مضى نكتشف فيها الكثير من الإشراقات الإبداعية الهامة. أما كتبنا الفكرية المحدثة فجل ما فيها معهود ومتكرر بصيغ مختلفة، لا يحتاج قارئها إلى إعمال عقل أو تساؤل ولا حتى الاستفادة منها كمرجع لورقة يعدها أو بحث يقوم به، الأمر الذي يجعلني أتذكر ذلك الشغف الذي يتملكني كلما دخلت مكتبة في باريس أو لندن أو غيرها من المكتبات الغربية، حيث يمرّ الوقت وأنا لا أكاد أفرق بين ليل أو نهار لولا أوقات الصلوات. ويا لها من متعة تلك التي أعيشها وأنا أتنقل من رف إلى رف ومن قسم إلى قسم، أتصفح الفهارس والفصول والعناوين، فأجدني ألتقي مع هذا الكاتب في نقطة وأختلف مع غيره في أخرى، تخص الإشكاليات المتزاحمة في ذهني، فأسعد بصحبة أولئك الفلاسفة والمفكرين المبدعين، الأحياء منهم والأموات. فالتواصل على صفحات الكتب يرسم مساحة للتثاقف قد تكون أكثر أهمية من مؤتمرات الحوار. ويكتمل المشهد بطلبة العلم من حولي، بعضهم يجلس على الأرض يتصفح، والبعض الآخر يجثو على ركبتيه ينتقي كتبا من الرفوف السفلى، وآخر يصطحب دليلا يدله على ضالته إن وجد صعوبة في الحصول عليها، والجميع تغشو وجوههم حالة من التعطش والقلق العلمي، تتوثبهم روح البحث والتساؤل، إنه مشهد مليء بالمعاني، وهو بالنسبة لي كلوحة الموناليزا، من حيثما وجهت نظرك إليه تستأنس به وتندمج فيه وتعيش معانيه. ولكن ذلك لا ينسيني الحال الذي باتت عليها مواسمنا الاستعراضية للكتاب، والفرق بينها وبين تلك المكتبات في الغرب، الأمر الذي يدفعني إلى التساؤل عن تلك المفارقة بين العدد اللامتناهي من الإشكاليات والأزمات والتحديات الفكرية التي نعيشها في العالم العربي، والعجز عن مواجهتها من خلال دراستها والتجديد في منهجية البحث فيها. ولماذا مع هذا العدد الهائل من حملة الشهادات العليا الذين يهم بعضهم الترقيات أكثر مما يشغلهم البحث العلمي، وهذا العدد الكبير من الكتاب الذين يحددون مسبقا حصيلة الكتب التي ينبغي أن تنشر لهم في السنة، لما نأتي لنبحث عن الجديد لا نكاد نحصل على شيء؟ لا بد من التفكير في أسباب نفور النخبة المفكرة من التأمل المجرد الذي يتطلب تراكما معرفيا كبيرا وعزلة وخيالا خصبا وتحررا من كل الوصايات، وإرهاصات علمية عسيرة يعيشها الباحث سعيا وراء القبض على لحظة الحقيقة العلمية، التي مازال غالبية علمائنا ومفكرينا غائبون عن شروط الفوز بها. فعلى الرغم من كل حركات الإحياء والإصلاح والبعث والنهضة وتعبيرات تتقاطع مع مفهوم التجديد اسما وتفارقه معنى، صحونا على حقيقة مفادها أن كل الذي كان، لم يتجاوز في نتائجه النهائية نوعا من محو الأمية الدينية والثقافية، إنه العجز عن الخروج عن المزاج الفكري العام وطرح أسئلة العتبات التي تفتح الباب نحو ممرات التجديد الفكري الذي يحتاج إلى القدرة على التجريد وإخصاب الخيال في آن، والخيال المقصود هنا ليس خيال المتاهات والأساطير، ولكنه الخيال العلمي الذي يعرفه الفلاسفة المختصون في مفهوم التجديد بمجموع مركب يصنعه مزيج المعارف المختلفة والكفاءة في البحث والملكة والفضول والإبداع والملاحظة العلمية.. الخ. إنه ذلك النوع من الخيال الذي يعتبره آينشتاين أهم من المعرفة والذي يعبر غاستون باشلار عن أهميته بقوله: «إن المعرفة محدودة أما الخيال فإنه يطوق العالم». إن مثل هذه الاشتراطات هي التي جعلت ابن خلدون يخرج عن الإطار السردي الذي كان سائدا ويفترض للتاريخ قوانين جعلت نظرياته تدرس في جامعة هارفارد، لقد خرج ابن خلدون من نسق الأخبار إلى طرح الفرضيات والبرهنة عليها واستخراج القوانين منها، وهي قوانين الأرض التي تفتح الباب لاستيعاب خطاب السماء. وغير بعيد عنه مواطنه فيلسوف قرطبة ابن رشد وقاضي قضاتها الذي ألهمت أسئلته القلقة فلاسفة التنوير في الغرب، عندما سعى إلى إرساء العقل النظري في قلب الشريعة فوضع بذلك حدا لبعض التهافت على العقل، حرصا منه على بناء ثقافة للتجديد بدل الترميم ليحافظ على صيرورة تطور الاجتهاد. أما إيمانويل كانط الذي اعتبر كاتبه ?نقد العقل الخالص? أفضل كتاب في الفلسفة منذ أرسطو وأفلاطون، فإنه وبعد أن ألّف عشرين كتابا فكر في حذفها وإلغائها، ليغيب عن مجتمعه العلمي عشر سنوات، ولينتهي صمته الطويل بولادة كتابه المذكور. إن حال الثقافة يؤشر دوما إلى المستوى الذي بلغته عملية التمدن والعمران، وقد صدق مالك بن نبي عندما قال: الحضارة هي العلم عندما يصبح ثقافة. اوكتافيا نصر، بدورها تحدثت عن العسكر و الأصولية: اللبنانية اوكتافيا نصر، بدورها تحدثت عن العسكر ر الأصولية وعن مصر بينهما . وقد كتبت في النهار التي تصدر في بلادها أن « مصر الجديدة لم تقمع «الإخوان المسلمين»، بل على العكس تماماً، وانطلاقاً من روحية الحرية المكتسَبة حديثاً والسعي إلى إشراك الجميع في العملية السياسية، احتضنتهم ومنحتهم فرصة لإثبات مدى قدرتهم على إدارة شؤون البلاد وتمثيل المصريين الذين يتميّزون بعددهم الكبير وتنوّعهم والذين كانوا متحمّسين جداً للثورة بعد إطاحة حسني مبارك. لقد فشل «الإخوان المسلمون» في حكم مصر وجعلها بلداً حاضناً للجميع، لكن المشكلة الحقيقية تتمثّل في الأجندة الإسلامية. لقد أدرك المصريون أنه كلما أمضى مرسي فترة أطول في السلطة، ساءت الأمور أكثر بالنسبة إلى أولئك الذين لا يناصرون «الإخوان» وإلى البلادعموماً. وبدفع من هذا الهاجس، تحرّكوا لإطاحة مرسي، تماماً كما أسقطوا مبارك من قبله. وقد ساعدهم الجيش على تحقيق مطلبهم لكنه أحجم عن فرض السيطرة العسكرية المطلقة على البلاد، لأنه يعرف حق المعرفة أنه يستطيع القيام بذلك في أي وقت مستقبلاً. لقد اضطلع عدد كبير من وسائل الإعلام، العربية والغربية، بدور في نشر المعلومات المضلّلة، كأنه لم يقدّم مادّة مفيدة. فبعيد أحداث 30 حزيران، انحاز بعض وسائل الإعلام إلى طرف دون الآخر، وركّز على التفاصيل التي لا أهمّية لها، في حين أن حياة الأشخاص كانت مهدّدة، وكانت ثمة حاجة إلى اتّخاذ خطوات فعلية وجدّية. يراوح الغرب مكانه مكبَّلاً بالسجال حول ما إذا كان ما جرى في مصر انقلاباً أم لا، وهل يجب وقف المساعدة الأميركية للجيش المصري أم لا؟ تستمر النقاشات في الدوران حول هذين الموضوعَين مع تجاهل تام للدعوات التي يطلقها قادة «الإخوان المسلمين» والاستفزاز الذي يمارسونه بالدعوة إلى مواصلة الاعتصامات وتنظيم تظاهرات «غضب». يصمّ الجزء الأكبر من الإعلام الغربي آذانه عن الشعارات والهتافات التي يردّدونها: «سنكمل حتى الموت». عندما ينظّم الناس تظاهرات ضد الجيش، ماذا يمكننا أن نتوقّع غير حمامات دم؟ عندما يجلب أحدهم عائلته إلى الميدان «لإعادة مرسي إلى السلطة أو الموت»، ماذا يمكن أن تكون النتيجة غير المجازر في بلد تُعرَف مؤسسته العسكرية بقسوتها ودمويتها، وخصوصاً عندما تعمّ الفوضى حياة ملايين المصريين بمختلف جوانبها؟ كان الوقت متاحاً لإجراء مثل هذا النقاش، إلا أن كثراً أضاعوا الفرصة. وانتظروا عوض ذلك إراقة الدماء لإطلاق هذا النقاش. غير أن الأكثرية جعلته ينحرف عن مساره الصحيح، ويستمرّ السيرك الإعلامي. يجب التنديد بكل أعمال العنف والقتل سواء ارتكبها الجيش أم «الإخوان المسلمون». فلا الجيش ولا «الإخوان» يحملون الحل لمستقبل مصر. وفي الانتظار، لا بد من طرح بعض الأسئلة الصعبة. هل يحقّ لشخص يقدّم حياته ودماءه طوعاً على مذبح «الإخوان المسلمين» ويتعهّد القتال حتى الموت، أو بالأحرى حتى «الاستشهاد»، ويتسبّب بأعمال عنف، ويحرق كنائس من أجل تأجيج العنف أكثر - هل يحقّ له أن يدّعي أنه هو وأمثاله ضحايا؟ تصير محارباً عندما تحمل سلاحاً في نزاع... وتصير متواطئاً عندما تستمرّ في المشاركة في الاحتجاج وأنت تعلم أنه ليس سلمياً، لا بل انه عنيف جداً».