وجه جلالة الملك تعليمات صارمة للحكومة والجهات المختصة من أجل التعاطي الايجابي مع المهاجرين المتواجدين في المغرب، وبمختلف جنسياتهم، سواء كانوا مقيمين بطريقة شرعية أو لا، وأوصى بمعاملتهم في إطار احترام حقوق الإنسان بل ومعاملتهم كالمغاربة، كما جاء في بلاغ صادر عن الديوان الملكي أول أمس عقب ترؤس الملك اجتماعا رسميا بالقصر الملكي ، بحضور فؤاد عالي الهمة وفاضل بنيعيش وبحضور رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران وعدد من أعضاء الحكومة. وأكد جلالة الملك على أن المغرب أصبح أرضا لاستقبال المهاجرين، حيث تضاعف على سبيل المثال، عدد المهاجرين من دول جنوب الصحراء أربع مرات. كما أن المغرب بدأ يعرف أخيرا نوعا جديدا من المهاجرين، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، معظمهم من إسبانيا، ثم من فرنسا وبلدان أوروبية أخرى. وفي هذا الصدد، ذكر جلالة الملك بضرورة تسوية وضعيتهم، من خلال القيام لدى السلطات المعنية، بالإجراءات المتعلقة بإقامتهم والمهن التي يزاولونها، شأنهم في ذلك شأن المهاجرين الشرعيين من جنسيات أخرى، بمن فيهم مهاجري جنوب الصحراء. وأوضح البلاغ أنه اعتبارا لما يتطلبه استقبال المهاجرين من إمكانات لتوفير الظروف الملائمة لإقامتهم، وتمكين المقيمين منهم بطريقة شرعية من فرص الشغل، وأسباب الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، وشروط العيش الكريم، فإن المغرب لا يمكنه استقبال جميع المهاجرين الوافدين عليه. غير أن عدد المهاجرين غير الشرعيين، يقول البلاغ، يعرف تزايدا ملحوظا، أغلبهم يدخلون المغرب من شرق وجنوب البلاد. كما أن بعض المجموعات منهم تقوم بمحاولات اقتحام عنيفة، مما يتسبب في العديد من الإصابات بين عناصر القوات العمومية والمهاجرين. وأشار البلاغ إلى أنه إذا كان تدبير قضايا المهاجرين غير الشرعيين، يعرف أحيانا بعض التجاوزات التي تبقى معزولة، فإنه ليس هناك أي استعمال ممنهج للعنف من قبل القوات العمومية. لذا، فإن المغرب يرفض رفضا قاطعا الادعاءات التي تحاول ربط تدبير مشاكل المهاجرين غير الشرعيين بالعنف وخرق حقوق الإنسان المهاجر، في محاولة يائسة للمس بسمعة المغرب. في هذا الصدد، فقد سبق أن أصدر جلالة الملك، غير ما مرة، تعليماته السامية للسلطات المختصة بضرورة احترام حقوق المهاجرين والالتزام الصارم بتطبيق القانون في التعامل معهم، وتقديم المساعدة للذين يريدون العودة إلى بلدانهم ومعاملتهم كجميع المغاربة، دون تمييز. كما شدد جلالته على ضرورة مواصلة التصدي الحازم لشبكات التهريب والاتجار في البشر. كما أصدر جلالة الملك، توجيهاته للحكومة للإسراع بوضع وتفعيل استراتيجية ومخطط عمل ملائمين، والتنسيق في هذا الشأن مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومختلف الفاعلين المعنيين، بهدف بلورة سياسة شاملة ومتعددة الأبعاد لقضايا الهجرة ببلادنا، بما من شأنه أن يوفر للمغرب قوة اقتراحيه حقيقية في هذا المجال، ويمكنه من القيام بدور ريادي وفعال على الصعيدين الجهوي والدولي. وجاءت المبادرة الملكية بعد صدور تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب، والذي لقي ترحيبا وطنيا ودوليا. وشددت العديد من المنظمات والهيئات على أن المغرب شق طريقه بشكل لا رجعة فيه في ما يخص إرساء دولة الحق والقانون، مؤكدة على أن التقرير يعكس «النضج السياسي» للمملكة، إذ نوه به مكتب الاممالمتحدة في المغرب وكذا مجموعة الصداقة المغربية الاوربية بالمغرب والتي اعربت عن الأمل في أن يواكب الاتحاد الأوروبي المغرب في جهوده وسعيه إلى إرساء سياسة عمومية حقيقية حامية للحقوق وقائمة على التعاون الدولي. من جهته أكد عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن التقرير يدل على أن المغرب شق طريقه بشكل لا رجعة فيه في ما يخص إرساء دولة الحق والقانون، ويضعه من منطلق اهتمامه بالأجانب والأفارقة الذين يعيشون فوق ترابه في مصاف الدول الديمقراطية المتطورة. أما عميد السفراء الأفارقة بالمغرب وسفير جمهورية إفريقيا الوسطى، فقد صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه يعكس «النضج السياسي» للمملكة، وعراقة العلاقات التي تربطها بدول إفريقيا جنوب الصحراء.