فقيه الطرب الأندلسي مولاي أحمد الوكيلي الحسيني، من مواليد مدينة فاس سنة 1909، التحق بالكتاب، وحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة، و درس بجامعة القرويين، وبموازاة ذلك تعلم العزف على آلة العود وآلة البيانو. نشأ في بيئة موسيقية، داخل وسط عائلي مغرم بحب موسيقى الآلة، وأسرة تتوارث هواية الفن الموسيقى، وقد عشق الموسيقى منذ الصغر، وحفظ الأشعار التي أصبح يتغنى بها في صنائع النوبات الأندلسية. تلقى مبادئ الطرب في بيته في سن العاشرة، على يد والده الذي حفظ الكثير من النوبات الإحدى عشر، ويعزف آلة البيانو في فاس. كان الشاب الوكيلي يعاشر شيوخ الطرب الأندلسي وعلى رأسهم محمد بن عبد السلام البريهي، حتى أصبح الوكيلي فقيها في الموسيقى الأندلسية، وهو أول من أدخل تعديلات على كثير من موشحات هذا الفن، استعمل فيه آلات موسيقية لم تكن تستعمل من قبل، كان قليل الكلام متواضعا ومولعا بالتقاط الصور، وقد تزوج سنة 1935. أحمد الوكيلي هذا، كان بيته عبارة عن ورش من أوراش العمل حيث كان حرفيا، وكان يفهم في النجارة والصباغة والكهرباء. انخرط في النشاط الوطني، والتقى بالزعماء السياسيين أمثال علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني ومحمد ابراهيم الكتاني، تعرض للمضايقات بمدينة فاس سنة 1936 . في عهد الحماية، غادرهذه المدينة في اتجاه مدينة طنجة سنة 1937 لأسباب عائلية، وكان قد قرر اعتزال الموسيقى، وفتح دكانا وبدأ يمارس التجارة بعيدا عن أجواء الفن. وفيما بعد اقترح عليه بعض الهواة والفنانين بطنجة استئناف نشاطه الفني وتم تأسيس جمعية "إخوان الفن"، كما ترأس جوق سمي ب "إخوان الفن" سنة 1940 وأسندت رئاسة الجمعية إليه، وهذه الجمعية لعبت دورا أساسيا في ترسيخ موقع الموسيقى الأندلسية بطنجة. حينما دخل الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي مدينة طنجة دخولا رسميا، إبان فترة انضمام المدينة إلى المنطقة الخليفية، أقام السلطان مولاي عبد العزيز نزيل المدينة أنذاك، حفلا على شرف الخليفة واستدعي مولاي أحمد الوكيلي وجوق "إخوان الفن". يعتبر أحمد الوكيلي رائد ومجدد روح الموسيقى الأندلسية حيث استطاع إدخال آلات عصرية مثل البيانو وجعل الموسيقى للجميع، فهو هرم الموسيقى الأندلسية. بل أول من طور موسيقى الآلة وأدخل عليها آلات لم تكن تستعمل من قبل في هذا الفن، مثل "البيانو" و"الكورديون" و"الكلارينط"، وهو مازادها جمالا وقبولا لدى المستمعين. الوكيلي أول من أدخل تعديلات على كثير من موشحات هذا الفن. كان قد عينه الحسن بن المهدي الخليفة السلطاني بطنجة أستاذا بالمعهد الموسيقي بتطوان، وبقي مقيما بعروسة الشمال ويتردد عليها كل أسبوع لإعطاء الدروس في الموسيقى الأندلسية وكان أنذاك يشرف على قسم الموسيقى العربية الفنان العياشي الواركلي. أحمد الوكيلي يعتبر مدرسة أندلسية مغربية قائمة بذاتها، يعتبر من رواد طرب الآلة في بلاد المغرب العربي. كانت له مكتبة تضم حوالي 1000 كتاب. بعد وفاة أحمد البريهي سنة 1945، ووفاة المطيري سنة 1946، بدأ التفكير في من سيخلفهما، وكان أحمد الوكيلي أحسن خلف لهما. في 18 نونبر 1946 أحيى الفنان الوكيلي حفل عيد العرش بإذاعة طنجة رفقة جوقه، أشهر قليلة بعد إنشائها. وفي عهد الوكيلي عرفت إذاعة طنجة ميلاد العديد من النوابات والصنعات الأندلسية التي تم تسجيلها ثم رجع إلى مدينة فاس حيث اشتغل مع جوق محمد البريهي بفاس كعازف على العود. ثم أسس جوق فاس سنة 1947، إلا أن إقامته بفاس لم تستمر طويلا، حيث في سنة 1953 انتقل إلى مدينة الرباط ، وأسندت له مهمة جوق راديو المغرب الذي تحول في ما بعد إلى جوق الطرب الأندلسي للإذاعة الوطنية الذي ظل يترأسه لمدة تزيد عن 36 سنة، إلى حين وفاته في 25 نونبر 1988 بمدينة الرباط.