أعلنت حركة «النهضة» الإسلامية، قبولها بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تستهدف تشكيل حكومة كفاءات وطنية عوضاً عن حكومة القيادي النهضوي علي العريض مع الإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي تطالب قوى المعارضة الرئيسية بحله. في وقت استبدل الرئيس المنصف المرزوقي القادة العسكريين المسؤولين على رأس الاستخبارات والطيران والمفتشية العامة للقوات المسلحة في إجراء هو الأول من نوعه منذ الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي و«تحسباً من انقلاب عسكري» حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية. وقالت رئاسة الجمهورية أول أمس في بيان أن المرزوقي، وهو بحسب الدستور «القائد الأعلى للقوات المسلحة»، عين الجنرال النوري بن طاوس مديراً عاماً لجهاز «الأمن العسكري»، والجنرال بشير البدوي رئيساً لأركان الطيران، والجنرال محمد النفطي «متفقداً عاماً للقوات المسلحة». ولفتت إلى ان المرزوقي عين المدير العام السابق للاستخبارات العسكرية الجنرال كمال العكروت «ملحقاً عسكرياً بالخارج» والرئيس السابق لأركان الطيران الجنرال محمد نجيب الجلاصي «مديراً للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي في وزارة الدفاع»، وهما منصبان شرفيان بحسب مصدر عسكري. ولم تعط الرئاسة تفاصيل عن السيرة الذاتية للقيادات العسكرية الجديدة. وأثارت التعيينات الجديدة مخاوف نشطاء على الانترنت حذروا من »اختراق« المؤسسة العسكرية التونسية المشهود لها بالحياد والابتعاد عن السياسة. ورأى آخرون ان الهدف من هذه التعيينات هو منع حصول »انقلاب عسكري« على الاسلاميين في تونس مثلما وقع في مصر. وفي يونيو الماضي أعلن الجنرال رشيد عمار رئيس اركان الجيوش الثلاثة استقالته من منصبه وبرر ذلك بتجاوزه سن التقاعد. وكان عمار رئيس اركان القوات البرية في عهد زين العابدين بن علي. وتمت ترقيته بعد الاطاحة ببن علي مطلع 2011 إلى قائد اركان الجيوش الثلاثة في إجراء نادر في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية. وفي يوليو الماضي, عين المنصف المرزوقي الجنرال محمد الصالح حامدي قائدا جديدا لأركان القوات البرية. على الصعيد السياسي قال زعيم حركة »النهضة« راشد الغنوشي، اثر لقائه الرابع أول أمس منذ بداية الأزمة السياسية، مع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن الحركة قبلت »أن تكون مبادرة اتحاد الشغل الأرضية التي ينطلق بموجبها الحوار الوطني بين كل مكونات الساحة السياسية«، داعياً كل الأطراف في الحكم والمعارضة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار لتجاوز الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ قرابة الشهر. وأكد العباسي «أن الغنوشي أبلغه قبول الحركة مبادرة اتحاد الشغل, متعهداً بأن ينقل مقترحات »النهضة« إلى الأحزاب المعارضة وإلى جبهة الإنقاذ الوطني. وعبر العباسي عن »تفاؤله بانطلاق الحوار الوطني في غضون أيام«. وأعرب حزب »التحالف الديموقراطي« المعارض عن ارتياحه لقبول »النهضة« بمبدأ حكومة كفاءات غير متحزبة، وقال الأمين العام للحزب محمد الحامدي "ليس هناك خيار أمام أطراف النزاع في البلاد إلا الحوار في إطار مبادرة الاتحاد التي يتبناها »التحالف الديموقراطي« كاملة وعلى الأحزاب الحاكمة والمعارضة تقديم التنازلات لإنجاح ما تبقى من المسار الانتقالي في البلاد«. وعلى رغم اعتباره أن موقف »النهضة« إيجابي إلا أن الحامدي حذر من أن النقاش في التفاصيل قد يضيع من الوقت ويفاقم من الخلاف بين الفرقاء السياسيين. وعلى رغم أن »جبهة الإنقاذ« التي تمثل قوى المعارضة الرئيسية لم تعلن بعد موقفها الرسمي من نتائج اتفاق الغنوشي والعباسي الأخير, إلا أن تصريحات قياديين في الجبهة تشير إلى تحفظات عما جاء على لسان الغنوشي معتبرين أن على »النهضة« القبول باستقالة الحكومة قبل الانطلاق في الحوار. وأوضح عضو المكتب السياسي لحركة »النهضة« سامي الطريقي أن «قبول حركته بمبادرة الاتحاد العام للشغل لا يعني أن الحكومة ستستقيل قبل انطلاق الحوار كما تطالب قوى المعارضة خصوصاً جبهة الإنقاذ»، وشدد على أن الحركة «قدمت تنازلات بقبولها المبدئي لحكومة كفاءات مستقلة وعلى المعارضة الدخول في الحوار من دون شروط حتى لا تطول الأزمة السياسية أكثر». وشدد سامي الطريقي على انه لا يمكن إقالة حكومة قبل الاتفاق على حكومة جديدة واسم رئيس الحكومة وبقية ترتيبات ما تبقى من المرحلة الانتقالية. وعلى رغم قبول الغنوشي »المتحفظ« لمبادرة الاتحاد, إلا أن المعارضة تسعى للضغط أكثر على »النهضة« من أجل دخول الحوار الوطني من موقع أقوى. وعلى رغم رفض »النهضة« المطلق لاستقالة الحكومة قبل التوافق على حكومة جديدة إلا أن المعارضة تؤجل الحسم النهائي إلى ما بعد تظاهرة »ارحل« التي ستقيمها اليوم السبت أمام المجلس الوطني التأسيسي والتي ستحدد المعارضة مواقفها النهائية على ضوء نتائجها.