يتطلب العمل الكوميدي مهارة تشخيصية مضاعفة من الممثل الذي يكون على عاتقه نجاح ما يقدمه على الشاشة أو فشله. فهو في فن الكوميديا لا يريد فقط إيصال المعنى الذي يحمله العمل فحسب، وإنما أبعد من ذلك، يسعى الى إضحاك الجمهور. من هنا عرّف أرسطو الكوميديا بأنها تسعى الى معالجة العيوب وتقديمها في شكل فني لا يتسبب في أي نوع من الضرر. ولكي تكون الكوميديا مفيدة وحاملة لموضوع اجتماعي هادف يجب أن تتجاوز مجرد الإضحاك، من هنا تطل أعمال الفنان الكوميدي المغربي حسن الفد الذي يشتغل على أعماله بكثير من الجدية والحرفة. ولعل هذا ما لمسه المشاهد أخيرا في مسلسل «لكوبل» (الزوج والزوجة) الذي بثته القناة الثانية، والذي جمع بين حسن الفد والفنانة الكوميدية دنيا بوطازوت. يتطرق المسلسل إلى حياة زوجين استثنائيين في عقدهما السادس، يعيشان في البادية ويتجادلان طيلة الوقت حول أمور الحياة تارة، والعلاقة الزوجية التي ربطت بينهما تارة أخرى. وعلى هذا النحو، تتوالى الشجارات والمجادلات بينهما في شكل كوميدي، يعتمد على لعبة المفارقة بين طريقة رؤية كل واحد منهما للأمور المطروحة. ويتجلى ذلك، وهما يتجادلان في موضوع الاعتناء بالمظهر الخارجي للزوج الذي كان يبدو غير مهتم بالأمر سواء داخل البيت أم خارجه، أو في موضوع اقتسام أعمال المنزل بحيث لا يساهم الزوج بأي منها، أو في الاستفادة من الخدمات الاجتماعية، أو في استحضار الأيام التي قضياها معاً حينما كانا شابين في مقتبل حياتهما الزوجية، أو في لحظة تعرف كل واحد منهما إلى الآخر. واللافت أن هذه المجادلة تنبني على حس كوميدي كبير على مستوى المواضيع المطروحة التي تبدو بسيطة في الظاهر، لكنها في الجوهر تطرح مشكلات مهمة مثل هيمنة الرجل على المرأة والرغبة في استغلالها. كما تشير إلى ذكاء المرأة الفطري وحرصها على بناء أسرتها وصبرها في ذلك حتى على تصرفات زوجها. ولا يمكن إلا ان يلاحظ المشاهد عوامل نجاح هذا العمل التلفزيوني المبني بدقة وإحكام، إن على مستوى السيناريو الذي كتبه حسن الفد برفقة عبد العالي لمهر وهيثم مفتاح، أو على مستوى التشخيص أو على مستوى الإخراج الذي تولاه أمير الرواني، إضافة إلى الماكياج الذي جعل الممثلين في سن متقدمة من دون أي افتعال. وتبقى الإشارة الى التفاوت بين الحلقات التي لم تتجاوز مدة الواحدة منها ثلاث دقائق، بخاصة على مستوى المواضيع المطروحة، من دون ان يقلل ذلك من قيمة العمل، خصوصاً أنه استحق النجاح الجماهيري الكبير الذي حظي به.