أعلنت وزارة الداخلية المالية الجمعة الماضي ان ابراهيم ابو بكر كيتا (68 عاما) تصدر نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وحصل على 39,2 بالمئة من الأصوات مقابل 19,4 بالمئة لخصمه الرئيسي سومايلا سيسي (63 عاما)، موضحة أن الرجلين سيتنافسان مجددا في دورة ثانية. وبعد هذه النتائج الرسمية، تجري الدورة الثانية في 11 غشت، مما يتيح للرجلين بالكاد تسعة أيام للقيام بحملتيهما في بلد يشهد أزمة سياسية وعسكرية مستمرة منذ عام ونصف العام. وحل مرشح أكبر حزب مالي التحالف من أجل الديموقراطية في مالي دراماني ديمبيلي في المرتبة الثالثة بحصوله على 9,6 بالمئة من الأصوات في الاقتراع الذي جرى في 28 يوليوز ، كما قال وزير الإدارة الإقليمية (الداخلية) الكولونيل موسى سينكو كوليبالي. أما المرشح الرابع موديبو سيديبي، رئيس الوزراء الأسبق، مثل كيتا، فحصل على حوالى 4,9 بالمئة من الأصوات، وتقاسم المرشحون ال24 الآخرون في الدورة الأولى بقية الأصوات. وأدلى ثلاثة ملايين و520 ألفا و242 ناخبا من أصل ستة ملايين و829 ألفا و696 ناخبا مسجلا بأصواتهم، أي أن نسبة المشاركة بلغت 51,5 بالمئة، وهذا أمر استثنائي في مالي في مثل هذا النوع من الانتخابات التي لا تتجاوز نسبة المشاركة فيها عادة 38 بالمئة. واعتبرت 403 آلاف و532 بطاقة غير صالحة. وكان يفترض أن تعلن نتائج الانتخابات الخميس، لكنها أرجئت إلى الجمعة، كما أعلنت رئاسة مالي عبر حسابها على تويتر بدون أن تذكر أي تفسير لهذا التأخير. لكن مسؤولا في وزارة الداخلية، أكد لوكالة فرانس برس أن «الفرز» لم ينته «بالكامل». وقال سيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع ثلاثة مرشحين آخرين تنتمي أحزابهم إلى تحالف «جبهة الديموقراطية والجمهورية» الذي أنشىء لمعارضة الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012 «نعتقد أن تنظيم دورة ثانية أمر أكيد ولا مفر منه في مالي بالنظر إلى الأرقام التي لدينا». إبراهيم أبو بكر كيتا، الذي تصدر نتائج انتخابات الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مالي، زعيم قبلي مشهور في الساحة السياسية المالية، ومعروف بأنه «رجل حديدي». وحصل هذا المرشح، الذي هزم مرتين في الانتخابات الرئاسية في 2002 و2007 ويترشح للمرة الثالثة في سن الثامنة والستين على 39,2 بالمئة من الأصوات مقابل 19,4 بالمئة لخصمه الرئيسي سومايلا سيسي (63 عاما) . وخلافا لسومايلا سيسي أكبر منافسيه الذي انتقده بشدة، ظل إبراهيم أبو بكر كيتا الذي يرتدي الثياب الأوروبية والتقليدية على حد سواء، متكتما جدا كما فعل حين وقوع الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012 الذي أطاح بالرئيس حمادو توماني توري وأدى إلى سقوط شمال البلاد بين أيدي حركة تحرير الازواد الطرقية وحلفائها المقاتلين الاسلاميين. واليوم يعلن إبراهيم أبو بكر كيتا في مهرجاناته الانتخابية أن هدفه الأساسي هو «المصالحة» في بلد يعاني من انقسام شديد. وكان أول من زار كيدال بين المرشحين ال27، في شمال شرق البلاد، مهد الطوارق الذين تدهورت علاقاتهم كثيرا بالمجموعات الأخرى حتى أنها تحولت أحيانا إلى أعمال عنف.ويقول في خطبه التي يستهلها دائما بآيات قرآنية (90 % من سكان مالي مسلمون) «من أجل كرامة مالي سأستعيد السلام والأمن، وسأعيد الحوار بين كافة أبناء أمتنا، سألم شمل شعبنا من حول القيم التي صنعت تاريخنا وهي الكرامة والسيادة والشجاعة والعمل». وقد كان إبراهيم أبو بكر كيتا خلال الثمانينيات مستشارا في الصندوق الاوروبي للتنمية ثم رئيس مشروع تنمية في شمال مالي. ومازال أحد سائقيه يذكر «توبيخا شديدا» تعرض له إثر ارتكابه خطا تافها. وقال «إنه يعمل كثيرا وقد يصبح شرسا عندما يغضب». وأطاحت رياح الديموقراطية التي هبت على القارة الافريقية في 1991 بالجنرال موسى تراوري الذي قاد مالي بقبضة من حديد منذ 1968، وأطاح به انقلاب تلى انتفاضة شعبية، وشارك إبراهيم أبو بكر كيتا بعد سنة في فوز الفا عمر كوناري، مرشح التحالف من أجل الديمقراطية في مالي (أديما). وفي فبراير 1993 عين وزيرا للخارجية ثم رئيس الوزراء السنة التالية في ظرف شهدت فيه مالي أزمة مدرسية وإضرابات شلت البلاد، وأمر الرجل الذي كان يجهر بانتمائه إلى «اليسار» بقمع المضربين بشدة معتبرا أنهم يخضعون «للتلاعب» مستعملا عبارة «لا لشيانلي» (الحثالة) التي قالها الرئيس الفرنسي شارل ديغول خلال انتفاضة ماي 1968 . وقرر حينها إغلاق المدارس وتعطيل الدراسة خلال كامل السنة الدراسية 1993 - 1994 . وبعد صراعه مع التلاميذ والطلاب والنقابيين، واجه معارضي نظام ألفا عمر كوناري الذي انتخب مجددا في 1997 لولاية ثانية وأخيرة من خمس سنوات.