في هذه الفسحة الصيفية، نستعرض بعض الأسماء لشهداء مغاربة فقدناهم سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ المغرب، الذي أطلق عليها سنوات الجمر، وسنوات الرصاص، والذي كان فيها المغرب يعيش انزلاقات خطيرة في كل المجالات منها مجال حقوق الانسان. من هؤلاء الشهداء من اختطف بمؤامرة دولية وتم قتله، ومن اختطفته المخابرات المغربية، خارج التراب المغربي وتم تخديره لينقل إلى المغرب في الصندوق الخلفي لسيارة ديبلوماسية مغربية وتم تصفيته. من هؤلاء الشهداء من جرفتهم الاعتقالات التعسفية، وتعاقبوا على الزنازن والأقبية المظلمة إلى أن زهقت أرواحهم، ومنهم من قدموا للمحاكم ظلما وتم إعدامهم ليلة عيد الأضحى، ومنهم من اختطفوا من منازلهم ببدلات نومهم، من طرف زوار الليل، وزج بهم في المعتقلات السرية إلى أن قتلوا، ورمي بهم في الأرصفة. من هؤلاء الشهداء مقاومون نفذوا أروع العمليات الفدائية ضد الإستعمار الغاشم، ومنهم مناضلون شرفاء مورست عليهم شتى أنواع التعذيب والقمع والارهاب والأحكام القاسية والاعدامات، لالشيء سوى أنهم خاضوا معارك نضالية من أجل مغرب يسوده العدل والحرية والمساواة والديموقراطية، ومن أجل دولة الحق والقانون. من هؤلاء الشهداء رموز مغاربة استشهدوا من أجل القضية الفلسطينية وانضافوا إلى رموز كثيرة صنعتها الثورة الفلسطينية. كما أن هناك شهداء آخرين أصحاب حوادث الصخيرات من العسكريين وأصحاب حادثة الطائرة الملكية وشهدائهم بمعتقل تازمامارت. الأسباب والدواعي التي أدت إلى الأحداث الشهيرة التي وقعت بمولاي بوعزة بخنيفرة، هي الفقر والإضطهاد والتهميش والظلم، الذي كان يمارس ضد سكان العديد من المدن والقرى في المغربية المستقل، وكذلك الممارسات لامسؤولة ولائنسانية، التي كان ينهجها جهاز القمع، وكرد فعل على ذلك، تم التخطيط لعملية مولاي بوعزة، من طرف مجموعة من المقاومين والمناضلين الاتحاديين. بدأت تلك الأحداث يوم 3 مارس 1973، وصادفت يوم عيد العرش، وكان الغرض منها الهجوم على قيادة مولاي بوعزة بهدف الاستيلاء على دخيرة رجال الدرك، ونفس الشئ كان مخطط له، وسيقع في كثير من المدن والقرى المغربية المهمشة. وبعد تنفيد الهجوم من طرف مجموعة من المقاومين المسلحين، وقع خطئ في قتل حارس التُكنة العسكرية، وبعد مقتل هذا الأخير، لم يتمكنوا المهاجمون من معرفة مخزن الذخيرة، وفشلت الخطة لكونهم لم يستطيعوا الحصول على السلاح ولا على مواصلة العمليات فقرروا العودة أدراجهم. لكن حضور قواة الجيش والأمن والدرك إلى عين المكان، أدى إلى مواجهة عنيفة بينهم وبين المقاومين المسلحين، انتهت بسقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين. وفيما بعد تم إجبار أبناء المنطقة من طرف السلطات ليقوموا بالبحث رفقة الجيش عن الفارين من المقاومين، كما تم الهجوم على السكان والإعتداء عليهم، واعتقال العديد من أبناء المنطقة بما فيهم الشيوخ والنساء، وكان من بين الذين عانوا في تلك الأحداث، سكان مناطق أيت حديدو وأيت عبدي وتغاط وبويحمان، وأبناء قبيلة أيت خويا بسبب انتمائهم لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي حاليا). ثم استمرت المطاردة وتعبأت مصالح الأمن في البحث عن المهاجمين الفارين. كانت موجة قمع واسعة وحملات تمشيط واختطافات واعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة وإعدامات خارج نطاق القضاء. بل وصل إلى العقاب الجماعي الذي مورس على كل تلك المناطق. وقدم للمحاكمة 149 متهما من سكان المنطقة وقادة الانتفاضة ومسؤولوا حزب القوات الشعبية أمام محكمة القنيطرة من بينهم عمر بنجلون محمد اليازغي محمد المهتدي... أما عبد الرحيم بوعبيد كان مطالبا أمام المحكمة بصفته شاهدا، حتى يحرم من الدفاع عن المتهمين. نطق الحكم يوم 30 غشت 1973، في حق 16 حضوريا بالإعدام. و15 أخرين بالمؤبد، أما الباقون فحكموا ما بين 30 سنة و20 سنة، وبسنوات مختلفة، وهناك من حكم بالبراءة. أما الشطر الثاني من المحاكمة كان يوم 18 يناير 1974، حيث حكم في حق 6 من المتهمين بالإعدام، و 84 حكما بالإعدام غيابيا. كما أن هناك العديد من الأبرياء من المناضلين استشهدوا أثناء المعركة، وآخرون استشهدوا في معتقلات سرية تحت التعذيب وصل عددهم أزيد من 30 شهيدا.