تضرب القناة الثانية «دوزيم» لجمهور المشاهدين موعدا مساء كل يوم جمعة لمتابعة «برايمات» مسابقة النسخة العاشرة من برامج «مواهب في التجويد»، التي تنظمها القناة بتعاون مع المجلس العلمي الأعلى. لقد تمكن هذا البرنامج، الذي يرمي إلى اكتشاف موهوبي الناشئة المغربية ومنحهم الفرصة لإبراز أصواتهم ومهاراتهم في التجويد، خلال عقد من الزمن أن يفرض نفسه على الشبكة البرامجية الرمضانية أساسا وأن يستقطب فئة بعينها من شريحة مشاهدي «دوزيم». فقد منحت القناة الثانية «دوزيم» لبرامج «مواهب في التجويد» مكانة جيدة على شبكتها البرامجية الرمضانية، فاختارت له توقيتا يتناسب وطبيعة هذا الشهر، فوضعته في الجزء الثاني من السهرة التلفزونية بعد صلاة العشاء حتى يحظى بمشاهدة الفئة المستهدفة للبرنامج. غير أن المثير في هذه البرمجة أن القناة الثانية «دوزيم»، التي تروم من خلال حلقات برامج «مواهب في التجويد» ضمان استفاذة المتنافسين فيه من تأطير وتوجيه نخبة من الأساتذة المعروفين في مجال التجويد للرقي بمستوى أدائهم ولإتقانهم لقواعد فن التجويد، تختار أن تضع حلقات من برنامج «أخطر المجرمين»، الذي يبدو أن طبيعته المبنية على المقاربة التخييلية لوقائع إجرامية حقيقية استأثرت باهتمام المغاربة خلال السنوات الأخيرة تستهدف شريحة مناقضة لشريحة برامج «مواهب في التجويد»، إما قبل أو بعد حلقات «مواهب في التجويد». والواضح، أن السؤال، الذي يفرض نفسه اليوم، هو كيف يمكن الجمع داخل الفضاء الزمني اليومي للبث التلفزي، أي الجزء الثاني للسهرة التلفزيونية، ما بين برنامجين يختلفان في نوعيتهما، وأيضا في فئتهما المستهدفة، اللهم إذا كان المبدأ في برمجة «أخطر المجرمين» و«مواهب في التجويد» مبني على قواعد غير القواعد العلمية للبرمجة التلفزيونية، وهي قواعد قد تتبى على مبدأ «النهي على المنكر»، أولا «ثم الأمر بالمعروف» أو العكس عملا بمبدأ «التوبة» بعد «ارتكاب الذنب». المنطق نفسه تكرسه الشبكة البرامجية الرمضانية على القناة الثانية «دوزيم»، خلال مساحة بث زمنية مغايرة، لذات اليوم، أي الجمعة، بعد الزوال، حيث اختار القيمون على وضع شبكة برامج على أن يتموقع البرنامج التوجيهي «الدين والناس»، ثاني البرامج الدينية على القناة، الذي يروم إبداء الرأي في مختلف مناحي حياة المسلم وفق منظور تربوي تفاعلي بالقرب جدا من البرنامج الترفيهي «تسطية ديال الويب»، اللذان لا يتوافقان لا من حيث النوع أو الفئة المستهدفة أيضا، حيث يبدو أن المبرمج اختار أن يتبنى بشكل بيّن مبدأ «دين» و«دنيا» في وضعه الشبكة البرامجية، وأيضا في تعامله مع الشأن الديني على القناة الثانية، والذي يظهر جليا أيضا من خلال نموذج ثالث يتعلق ببرنامج «مقامات صوفية» الذي يتخذ لنفسه مكانا، منتصف نهار الجمعة، إلى جانب الابداع السينمائي بشكل غير منطقي. الواضح أن هذه البرمجة، تفتقد إلى عنصر أساسي ألا وهو الحرص على توزيع المواد الإعلامية داخل مساحة زمنية للبث توزيعا مناسبا يتناسب مع إيقاع النشاط المجتمعي عموما ويتلاءم مع سلوك المشاهد أو المستمع وعاداته في العرض والتلقي. كما تعكس هذه البرمجة، إخفاق السياسة البرامجية في القناة الثانية «دوزيم» في التوزيع المنطقي والمعقلن للبرامج تعكس الوظائف الكلاسيكية الثلاث التي نجدها مجسدة على المستوى البرامجي. وهي الإخبار، التربية والترفيه كون إعداد الشبكة البرامجية يفترض توازع هذه الوظائف بشكل متوازن وتناوبي.. وهو الأمر الذي لا نلمسه في النماذج المقدمة. والخلاصة، يتضح أن القناة الثانية «دوزيم» اخفقت في مراعاة إيقاع الحياة اليومية للمتلقي واختيار التوقيت المناسب لكل برنامج.