اعتبر رئيس المركز المغربي للظرفية الاقتصادية الحبيب المالكي يوم الأربعاء بالدارالبيضاء أنه بات من الضروري «التأسيس لنموذج تنموي جديد يعطي الأسبقية للتصنيع ويجعل الاقتصاد الوطني أكثر تنافسية وانفتاحا». وقال المالكي، في كلمة له خلال ندوة صحفية نظمها المركز مساء نفس اليوم لتقديم تقرير أعده حول آفاق تنمية الاقتصاد المغربي، إن «التجارب في كل البلدان أكدت أنه لا تنمية بدون تصنيع، وأن التصنيع هو الذي يقوي قدرة الاقتصاد الوطني على خلق مناصب شغل مهمة»، مشيرا في هذا السياق إلى أن المركز يرى أن «بناء نموذج تنموي جديد ينبغي أن يتم على أساس اختيار استراتيجي يعتمد التصنيع السبيل الوحيد الذي سيجعل من اقتصادنا الوطني أكثر تنافسية وأكثر انفتاحا». وأبرز رئيس المركز المغربي للظرفية الاقتصادية أن بناء نموذج اقتصادي جديد، من خلال خلق تحولات عميقة داخل منظومة الإنتاج وإيجاد نموذج نمو تنافسي ومؤثر، سيمكن من تقوية أداء الاقتصاد الوطني وبالتالي التوصل إلى معالجة المشاكل الاجتماعية المعقدة خاصة منها مشكلة البطالة. وأبرز المالكي أن المركز لاحظ أنه بالرغم من تسجيل المملكة، لنسبة نمو «متقدمة وإيجابية» بلغت 9ر4 في المائة في ظل ظرفية اقتصادية عالمية لا زالت متأزمة، إلا أنه أكد أن تأثيرها بقي محدودا وضعيفا في ما يخص خلق مناصب جديدة للشغل، معزيا ذلك إلى أن «القاعدة التنموية ببلادنا لازالت هشة، وكل شيء مرتبط بالأمطار ، حيث إن أداء الاقتصاد الوطني رهين إلى حد كبير بمردودية الموسم الفلاحي. وبرأي المالكي، فإن الخروج من هذا التناقض الحاصل بين معدلات النمو ومحدودية تأثيرها على التنمية الاجتماعية، يمر عبر بناء قاعدة اقتصادية قوية وتنافسية، واعتبار التصدير أولوية كبرى وربطها بتنويع المنتجات المعدة للتصدير، وجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية من خلال تحسين مناخ الأعمال والعمل على حسن استثمار الأوضاع غير المستقرة بجل بلدان المنطقة، والاستثمار الفاعل والسريع في الرأسمال البشري، إلى جانب الاستفادة في بلورة السياسات الاقتصادية العمومية من بروز نخبة جديدة من الفاعلين الاقتصاديين أكثر وعيا بإكراهات الظرفية الاقتصادية الراهنة . وخلص إلى أن بناء نموذج جديد للتنمية هو السبيل الوحيد لتجاوز الإكراهات التي يواجهها الاقتصاد الوطني من هيمنة القطاع الفلاحي على منظومة الإنتاج، وتراجع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، وعجز النموذج التنموي القائم عن خلق الثروة ومناصب الشغل، والاقتناع بأن الزمن الاقتصادي سابق عن الزمن السياسي وينبغي احترام هذه القاعدة في تحديد السياسات الاقتصادية العمومية. وتجدر الإشارة إلى أن التقرير الذي أعده المركز بخصوص آفاق التنمية داخل الاقتصاد الوطني تضمن تحليلا للظرفية الاقتصادية خلال العام الجاري وأداء مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، مع عرض أبرز ملامح الأزمة الاقتصادية العالمية، وخصوصا ببلدان منطقة الأورو وتأثير ذلك على الوضع الداخلي. كما عرض لأهم التحديات التي تواجه النسيج الاقتصادي الوطني وعوائق التنمية المتمثلة أساسا في وجود مشاكل اجتماعية مركبة لها تأثيرها على الأداء الاقتصادي وفي مقدمتها معضلة البطالة، مع تسجيل وجود نوع من التناقضات في الإحصائيات المقدمة في هذا الإطار. وقدم المركز في تقريره مجموعة من التوقعات لآفاق النمو الاقتصادي خلال العام 2014 حيث توقع أن يستقر معدل النمو في حدود 7ر3 في المائة، وأن تحقق القيمة المضافة لمجموع الأنشطة الاقتصادية نموا بنسبة 1ر3 في المائة بفضل توقعات بتحصيل موسم فلاحي جيد في 2013 .