أكدت مصادر إعلامية مصرية بأن الخطاب الإنذاري الذي تقدم به الجيش المصري، والذي أمهل الجميع يومين للاستجابة لمطالب الشعب، سبقته عدة احترازات للمؤسسة العسكرية حيث، وبحسب مصادر جريدة »الشروق« المتطابقة، فإن إذاعة البيان جاءت بعد أن تم "تأمين" وجود رئيس الجمهورية و»السيطرة على تحركات مجموعة من المساعدين من الإخوان العاملين فى رئاسة الجمهورية«، ووضع عدد من قيادات الإخوان تحت المراقبة الأمنية والبحث عن عدد آخر من القيادات »لضبط حركتها والتأكد من أنها لم تغادر البلاد ولن تغادرها«. وأبلغت الأجهزة الأمنية قيادات الجماعة بأن وجود عناصر الأمن بالقرب منهم يهدف إلى حمايتهم من أي اعتداءات من جانب متظاهرين غاضبين قد يفكرون فى الاعتداء عليهم. وبحسب مصادر "الشروق"، فإن هناك خياريْن اثنين أمام رئيس الجمهورية: أنْ يلقي بنفسه بيانا للأمة يعلن فيه النزول عند رغبة الشعب، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مع بداية العام المقبل، أو أنْ يرفض ويتمّ الإعلان عن الاتجاه نفسه من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة .وقالت مصادر "الشروق" إن وزير الداخلية يعمل الآن بالتنسيق الكامل مع وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسى، الذي يجري اتصالات ولقاءات مكثفة مع قيادات سياسية وقانونية للاتفاق حول الترتيب النهائي لمرحلة انتقالية جديدة تفاوتت تقديرات المصادر ما إذا كانت ستستغرق ستة شهور أمْ تمتد لعامين. وتضيف مصادر "الشروق" إن عمليات تأمين واسعة جرت لعدد من القيادات السياسية يُخشى استهدافها من قبل إسلاميين غاضبين، وعلى رأسها قيادات "جبهة الإنقاذ". وبحسب المصادر ذاتها فإن وجود الإخوان المسلمين في السلطة قد انتهى عمليا، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد اضطرابات محتملة، ولكن الحسم فى اتجاه انتخابات رئاسية مبكرة قد تمّ. ماء الوجه وعلى مستوى آخر، ذكرت وكالة "أنباء الأناضول"، المقربة من الجيش التركي، أنّ مصدرا سياسيا رفيع المستوى، مقرّبا من المؤسسة العسكرية المصرية، قد كشفَ بأن المؤسسة العسكرية قد رفضت طلبًا أمريكيًا بجعل الرئيس المصري رئيسًا رمزيًا ،على أن تحكم المؤسسة العسكرية البلاد لحين إجراء انتخابات برلمانيه والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وأشار المصدر لوكالة الأناضول للأنباء - نشر على صفحتها الرسمية على أن مؤسسة الرئاسة في مصر تبحث من جانبها عن مخرج للأزمة الراهن، يتمثل في إمكانية الدعوة إلى إجراء استفتاء حول إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إلا أن هذا الأمر قد لا يلقى قبولًا شعبيًا ولا يضع حدًا للمظاهرات المطالبة بإسقاط الرئيس محمد مرسى، مشددًا في الوقت ذاته على أن قياده الجيش ربما لا تنتظر مهلة ال48 ساعة التي منحتها للقوي السياسية بما فيها الرئاسة لإيجاد حل للأزمة، في حال وقوع المزيد من أعمال العنف، وستدعو فورًا الأحزاب والقوي الوطنية لطرح خارطة طريق عليهم، تقود لانتخابات رئاسية مبكرة. وفي ردّ فعل خطير، نقلت وسائل إعلام أن أحد الأشخاص معروف داخل جماعة الإخوان طالب من آلاف المتطرفين المسلّحين من الإخوان والسلفيين المحتشدين منذ عدة أيام في رابعة العدوية، شرق القاهرة بالاستعداد للقتال والشهادة، كما خاطبهم قائلًا "ودّع أمك وأبوك وزوجتك لأنك "حَتسْتَشْهدْ" في الميدان دفاعًا عن شرعية الرئيس محمد مرسي"، فيما بدا أن الجماعة التي تواجه فشلا ذريعا في حكم البلاد تستعد لارتكاب مذابح ضد الثوار المتظاهرين في ميدان التحرير وفي محيط قصر "الاتحادية" الرئاسي، وكافة ميادين. وذكرت نفس الوسيلة الإعلامية أن مرسي، والإخوان، يحاولان الإيحاء بأنّ لديهم تأييدا شعبيا، وحشدت الجماعة أعدادًا كبيرة من متطرفي الإخوان والسلفيين المسلحين، في ميدان رابعة العدوية، وخاطبت قيادات المتطرفين والإرهابيين، مثل عاصم عبد الماجد، وصفوت حجازي وغيرها، المحتشدين في رابعة العدوية، داعين إلى العنف وقتل المعارضين. وفي سياق تفتت جبهة محمد مرسي الدولية، أصدر البيت الأبيض بيانا، أمس الثلاثاء، لتكذيب ما جاء في البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية المصرية الصادر فجر اليوم نفسه، حيث أكدت الرئاسة الأمريكية، أن أوباما اتصل بمرسي، مساء أوّل أمس الاثنين، لينقل له قلقه إزاء الاحتجاجات الحاشدة ضد نظامه، وحثّه في الآن ذاته على الاستجابة للمطالب التي أثارها المتظاهرون، وليس كما جاء في بيان الرئاسة بأن أوباما أكد أن أمريكا تتعامل مع القيادة المصرية المنتخبة من الشعب المصري. وقالت الرئاسة الأمريكية، في بيانها: "إن أوباما قد أبلغ الرئيس المصري محمد مرسي أن الولاياتالمتحدة ملتزمة بالعملية الديمقراطية في مصر، ولا تدعم أي حزب أو جماعة واحدة." وأضاف البيان أن "الرئيس أوباما شجع الرئيس مرسي على اتخاذ خطوات لتوضيح أنه يستجيب لمطالب المتظاهرين، وأكد أن الأزمة الحالية يمكن فقط أن تحل عبر العملية السياسية." وكانت الرئاسة المصرية قد أصدرت بيانا، فجر أمس الثلاثاء، جاء فيه "استقبل السيد الرئيس محمد مرسي مساء اليوم مكالمة هاتفية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث أكد الرئيس الأمريكي أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع القيادة المصرية المنتخبة من الشعب المصري وتدعم التحول الديمقراطي السلمي في مصر". منعطف دخلت الأزمة المصرية منعطفا حاسما بعد المهلة التي منحها الجيش المصري لجميع الأطراف للاستجابة لمطالب الشعب وكذا تمديد حركة تمرد إنذارها مرسي بالرحيل مدة24 ساعة حتى يتزامن وإنذار القوات المسلحة المصرية بعد أن أقر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بأن القوات المسلحة المصرية ستضع خارطة طريق للمستقبل، تعمل على الإشراف عليها، ما يعني أن قرارات صارمة ونافذة سترى النوريومه وهي مفتوحة إلى أبعد الحدود خاصة وأن معسكري المعارضة والموالاة صعدا مواقفهما إلى الأقصى لاسيماالمعارضة المنتشية بكونها مدعومة من طرف أكبر سيل بشري تجمع في تاريخ الإنسانية وموالاة تبدو غير مصدقة لما يجري تحت أقدامها خاصة التطورات الميدانية وإحراق مقارها من طرف المعارضين واعتقال عدد من منتسبيها متلبسين بحمل السلاح في مختلف أنحاء البلاد وأنباء عن فرار عدد من قادتها في الوقت الذي انفرط عقد حكومة مرسي باستقالة 11 وزيرا حتى حدود صباح أمس ضمنهم وزير الخارجية وكذا استقالة المستشار العسكري للرئيس وعدد من أعضاء مجلس الشعب والتحاقهم بصوت الشعب المصري في المطالبة برحيل النظام.ومع تسارع الأحداث، يواكب الإعلام المصري الحدث بشكل مكثف ويرسم صورا لما يمكن أن يقع حيث خصصت جريدة الأهرام تحقيقا حول سيناريوهات الأزمة أشارت فيه إلى انه ووسط تهديدات بالعصيان المدني والزحف على قصر القبة، وإعلان الموالاة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، واستمرار الاتصالات والوساطات والمبادرات خلف الكوإلىس.. يظل السؤال مطروحا: ما هو المخرج لأعنف أزمة سياسية ودستورية تشهدها مصر منذ25 يناير2011؟ الخبراء يؤكدون أن جميع السيناريوهات مفتوحة، صحيح أن كل الأطراف لم تتزحزح حتي الآن عن مواقفها،لكن الاتصالات الجارية في الكوإلىس التي يمكن وصفها بمبادرات الساعات الأخيرة تحاول أن تصل إلى التهدئة وتقديم تنازلات متبادلة، بينما يؤكد الواقع على الأرض أن الأحداث تجاوزت الجميع ولم يعد هناك مفر من اتخاذ قرارات مصيرية. تعتبر الأزمة الراهنة في رأي الدكتور سليمان عبد الفتاح، أستاذ القانون الدستوري، سياسية قبل أن تكون دستورية. فالملايين التي خرجت إلى الشوارع تطالب الرئيس بالتنحي،.لا يمكن تجاهل صوت زئيرها الهادر. صحيح أن الانقسام موجود بعمق في المجتمع المصري، وهناك ملايين المعارضين كما أن هناك ملايين المؤيدين، لكن لم يعد هناك مفر من اتخاذ القرارات الصعبة. في تقدير الدكتور سليمان فإن الوصول إلى المخرج يلزمه اعتماد سياسة الحوار سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فالقضية ليست فقط في تنحي الرئيس، وإنما في الخطوات التالية والتي يجب أن تحظى بتوافق عام من الجميع، والبلاد مقدمة على مرحلة صعبة، وهناك من يتطلع لنشر الفوضي لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأنصار الرئيس لن يدعوه يسقط دون عنف، والمعارضة سوف تلجأ إلى العنف إذا لم يتم الاستماع إلى مطالبها، ولا مفر من القبول بتنازلات متبادلة! على الجانب الآخر، يطالب الدكتور رمضان بطيخ أستاذ القانون الدستوري بضرورة الاحتكام إلى الدستور في معالجة الأزمة، فالدستور حدد الحالات التي بموجبها يتخلى رئيس الجمهورية عن منصبه: الأولى في حالة اتهامه بالخيانة العظمى أو جناية، وإدانته أمام محكمة خاصة نظمها الدستور وبناء على طلب ثلث أعضاء مجلس النواب، وهذه الحالة غير متوفرة، لأنه لا يوجد مجلس نواب، والحالة الثانية أن يتم استفتاء الشعب على حل مجلس النواب ويرفض الشعب، فيقدم الرئيس استقالته، وهذه الحالة غير متوفرة حاليا، والحالة الثالثة أن يترك رئيس الجمهورية منصبه بإرادته عن طريق الاستقالة أو بدون إرادته بالوفاة أو العجز. هذا الطرح يرفضه تماما الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون والاقتصادي الدولي والذي يعتبر الشعب هو صاحب السيادة والحكم الوحيد في الأزمة الراهنة، فكل من يتولى مسؤولية إدارة المجتمع، وليس حكم المجتمع، من المفروض أن تصله تعليمات من صاحب السيادة، هذه التعليمات يكون قد أفصح عنها هو، من خلال اتفاق ووعد بتنفيذه، سواء في صورة برنامج أو التزام، ورضي عن ذلك الشعب بوصفه صاحب السيادة، فإذا رأي صاحب السيادة( الشعب) أن المستخدم لم يعمل جيدا، بعد فترة اختباره، إذا لم يكن له خبرات سابقة فله أن يقوم بإنذاره أولا ثم إقصائه.ا والحاكم من وجهة نظر الدكتور الغتيت مستخدم بأجر وبعقد، وإذا ما أخل بهذا العقد فإنه يحق لرب العمل، وهو الشعب صاحب السيادة، أن يمنحه فرصة لتعديل مساره، أو يختار بديلا له، وهذا أمر ليس بجديد في المجتمع الإنساني، ولا يمكن اعتباره عصيانا مدنيا أو جريمة تستوجب العقاب. ومع استمرار الخلاف حول كيفية الخروج من الأزمة يؤكد الدكتور سمير كامل عبد اللطيف الخبير غير المتفرغ بمعهد كارينجي للسلام: أن المصريين مازالوا في بداية عهدهم بالديمقراطية، والدليل أن المعارضة التي تطالب بالديمقراطية لا تريد احترام الشرعية والديمقراطية التي أتى بها الرئيس إلى الحكم عبر صناديق الانتخابات، وذلك بمطالبتها له بالتنحي بعد عام واحد من انتخابه. وهكذا فالمتوقع أن تدير الميادين والحشود والمليونيات مصر خلال المرحلة المقبلة، والرئيس الجديد ايا كانت هويته واتجاهاته معرض لحشود مليونية في الشوارع تجبره على التنحي والاستقالة، والخطر ألا يعيش لمصر رئيس خلال السنوات العشر المقبلة، والأخطر أن تتسع دائرة الفوضي وعدم الاستقرار والعنف، فمع أي شعور عام بخيبة الأمل تجاه أي رئيس سوف تخرج الجماهير بالملايين لمطالبته بالتنحي قبل إكمال فترته الدستورية. منصب والسؤال المطروح من يحكم مصر في حالة خلو منصب الرئيس؟ المعارضة تطرح فكرة تشكيل مجلس رئاسي أو تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا منصب الرئيس لحين إجراء انتخابات رئاسية، لكن الدستور الحالى -كما يقول الدكتور جمال جبريل أستاذ القانون الدستوري- ينظم حالة خلو منصب الرئيس في حالة وجود مانع مؤقت يحول دون قيامه بمنصبه، وإنه يحل محله رئيس مجلس الوزراء، فإذا خلا منصب الرئيس بالاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل، يباشر رئيس مجلس النواب ?مؤقتا- سلطات رئيس الجمهورية. وفي حالة حل مجلس النواب، وهي الحالة الموجودة حاليا يحل مجلس الشوري ويباشر رئيسه سلطات رئيس الجمهورية، على أن يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوما. وفي ظل هذه المتاهة الدستورية، تتواصل الاتصالات في الكواليىس لحل الأزمة. فهناك مبادرات عديدة تطرحها قوى سياسية وفعاليات وطنية، أهم المبادرات المطروحة يدعو إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مع احتفاظه بوزارة الدفاع على أن تتولى هذه الحكومة حفظ الأمن والنظام وإجراء انتخابات برلمانية قبل نهاية العام الحالى واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التدهور الاقتصادي، وعقب الانتخابات تشكل حكومة من الأغلبية البرلمانية، ويدعو الرئيس لانتخابات رئاسية مبكرة، مع البدء فورا في تشكيل لجنة لتعديل الدستور برئاسة شخصية قانونية مستقلة، لكن القوات المسلحة نفت في بيان لها أمس أي رغبة في دخول المعترك السياسي وأعطت كل الأطراف مهلة زمنية مدتها84 ساعة لاحتواء الأزمة وإلا ستتقدم بخارطة طريق لحلها. المبادرات كثيرة والاتصالات لا تتوقف والأزمة تتصاعد بشكل سريع، ويبقى السؤال مطروحا: هل يكمن الحل في الاحتكام إلى الشعب أم إلى الدستور أم بالاحتكام إلى العقل والحوار والحرص على مصلحة هذا البلد؟!