ولج رواد الفضاء الصينيون الثلاثة مختبر «تيانغونغ-1» المداري يوم الخميس المنصرم، وذلك بعد أن التحمت به المركبة التي أتت بهم من الارض بعد يومين من إقلاعها في بدء أطول رحلة فضائية تُقدم عليها الصين. ومن المقرر أن يقضي الرواد الثلاثة، ومنهم أول رائدة صينية، 15 يوما في الفضاء. وقالت وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء إن عملية الإلتحام التي أجريت بنجاح هي الخامسة من نوعها بين مركبة من طراز» شينزو» والمختبر المداري تفوقت الصين وباتت ثالث دولة قادرة على نقل البشر إلى الفضاء. وها هم ثلاثة من الصينيين، من بينهم امرأة، عازمون على البقاء خارج الأرض لمدة أسبوعين لإجراء تجارب علمية ولإبراز الطموحات السياسية الصينية في عالم الفضاء. انطلقت المركبة الفضائية « شينزو ? 10»، واسمها يعني «السفينة الإلهية»، محمولة على رأس صاروخ في يوم الثلاثاء 11 يونيو الجاري من مطار جيوتشيوان في صحراء غوبي الصينية، وعلى متنها ثلاثة رواد فضاء: امرأة ورجلين. للمرة الثانية ترسل وكالة الفضاء الصينية امرأة إلى الفضاء. وهدف هذه الرحلة الفضائية، التي مدتها أسبوعان، هي الوصول إلى محطة الفضاء «تيانغونغ-1»، واسمها يعني «قصر السماء»، على ارتفاع 350 كيلومتراً فوق سطح الأرض. «السفينة الإلهية» و «قصر السماء» يُبرزان الطموحات السياسية التي تصبو إليها الصين في عالم الفضاء، إذ تعتبر الصين من أقوى الدول في هذا المجال. و يبلغ طول محطة الفضاء تيانغونغ عشرة أمتار وقطرها ثلاثة أمتار وهي صغيرة بالمقارنة مع محطة الفضاء الدولية. ولكنّ للصين أهدافاً طموحة للغاية في مجال غزو الفضاء. فبحلول عام 2020 يسعى فرع الجيش الصيني، المسؤول عن العمليات الفضائية، إلى إقامة محطة فضائية بحجم محطة مير الفضائية السوفيتية السابقة، بحيث تكون مأهولة بالبشر بشكل دائم. وكلما قام الصينيون برحلة جديدة تقدموا خطوة إلى الأمام في هذا الاتجاه. «المركبة الفضائية شنتشو- 10 ستلتحم مرتين بمحطة الفضاء»، كما تقول وُو بينغ، المتحدثة باسم برنامج الفضاء الصيني. وتضيف: «الالتحام الأول سيكون آلياً أما الثاني فسيكون يدوياً من قِبَل رواد الفضاء». وتشير إلى قائمة التجارب في مجالات الطب وتكنولوجيا الفضاء التي سيقوم بها الطاقم خلال فترة وجود المركبة على متن محطة تيانغونغ-1. وتضيف: «كما أن هناك أيضا دروساً من الفضاء للطلاب والتلاميذ الموجودين على الأرض». وأمسى عالم الفضاء في الصين مسألة افتخار وطنية ومدعاة للكثير من الحماس بين السكان. من جانب آخر استفادت الصين عام 2011 من الخبرة الألمانية في مجال تجارب الفضاء في حالة انعدام الوزن. فقد ساهم مركز الفضاء الألماني DLRفي تزويدها بصندوق تجارب مخصص لإجراء 17 تجربة في مجال علوم الأحياء والطب. وحينها قال غيرد غروبه مدير المجلس التنفيذي لمركز الفضاء الألماني حول التعاون بين ألمانيا والصين: «لقد تشجعنا على أخذ زمام المبادرة وفتح مجال شراكة جديدة في رحلات الفضاء البشرية بين سور الصين العظيم وألمانيا». لقد تفوقت الصين بالفعل في تكنولوجيا الفضاء على أوروبا وباتت ثالث دولة قادرة على نقل البشر إلى الفضاء في العالم بعد روسياوالولاياتالمتحدة. ولكن بعد إنهاء وكالة الفضاء الأمريكية ناسا لبرنامج رحلاتها المكوكية لن يكون للولايات المتحدة إمكانية إرسال روادها إلى الفضاء إلا بعد ثلاث سنوات على أقل تقدير. وحتى ذلك الحين، فهي تعتمد على رحلات جوية على متن مركبة سويوز الروسية. ورغم أن أوروبا لديها المهارات الفنية لبناء المركبات الفضائية المأهولة بالبشر، إلا أن الإرادة السياسية الأوروبية ليست مع إنجاز مثل هذه المشاريع. ولذلك، فإن الصين أضحَت تقدِّم آفاقاً جديدة في علوم الفضاء. «إننا نبحث عن سُبُل الاستفادة من محطة الفضاء الصينية»، يقول توماس رايتر مدير وكالة الفضاء الأوروبية ESA، ويضيف: «بعض رواد الفضاء بدؤوا بالفعل بتعلُّم اللغة الصينية». فحتى الآن كانت رحلات رواد الفضاء الأوروبيين تنحصر على المحطة الفضائية الدولية ISSالتي يوجد على متنها حالياً رائد الفضاء الإيطالي لوكا بارميتانو. الصين ليست إحدى الشركاء في محطة الفضاء الدولية، التي يشترك فيها كل من الولاياتالمتحدةوروسيا واليابان وكندا وأوروبا. ورغم أن الصين أشارت عدة مرات إلى أنها تريد المشاركة في محطة الفضاء الدولية لكن الولاياتالمتحدة ترفض هذا الأمر بشدة. فهذه هي الإرادة السياسية للحكومة الأمريكية «التي لا تريد التعاون في هذا المجال مع الصين» كما قال تشارلز بولدن، مدير محطة الفضاء الأمريكية ناسا في مؤتمر محطة الفضاء الدولية، الذي عُقِد العام الماضي في برلين. وهذا ما يأسف له رائد الفضاء السابق تشارلز بولدن. عن المواقع الإلكترونية