قلت لجليسي من الحزب الكردستاني، هل تعلم أن عبد العزيز المراكشي هو ابن العسكري الخليلي بن محمد البشير الركيبي محارب سابق في جيش التحرير المغربي الذي بايع الملك الراحل محمد الخامس بعد عودته من المنفى، وأن والد عبد العزيز فضل التشبث بوحدة التراب المغربي ضد كل أحلام ابنه المنحازة الى الانفصال، وأن عبد العزيز تابع دراسته الثانوية بمدينة سمارة في الجنوب المغربي مكان ولادته، ودراسته الجامعية في مدينة الرباط إلى تاريخ شتنبر 1975 ، وأن الرجل قاد حلمه الانفصالي برعاية دول في المنطقة المغاربية، مع الأسف تسوق لازدواجية في الخطاب بين الدعوة للانفصال ورفع شعارات الوحدة. وأن مفهوم تقرير المصير الذي هو في صلب توجهاتنا الاشتراكية قد استعمل بكثير من التضليل والتحايل ضد سيادتنا الوطنية لأهداف استراتيجية في المنطقة بدأتها ليبيا بتهور يؤسس له الاستعمال السيئ لثروات البترول، والانتصار للفكر الواحد في الإيديولوجيا في غياب السياسة. وقادتها الجزائر بمخطط أنساها مشاكلها الداخلية لتجعل من الرغبة في ضرب الوحدة الترابية للمغرب في أقاليمه الجنوبية قضيتها الأولى، مخصصة عائدات فائض بترولها لدعم البوليساريو في كل الاتحادات الدولية والإقليمية والجهوية. بل إن الجزائر في هذا الصدد خلقت لوجستيكا إعلاميا يوهم بوجود شعب في المنطقة يريد دولة لتقرير مصيره، مكرسة شرخا حقيقيا بين من تحتجزهم الآن في تندوف وبين المغاربة الصحراويين الموجودين في أقاليمنا الجنوبية، وأن جنرالات الجزائر يتحكمون في رقاب أبنائنا وبناتنا هناك، وأن الحالمين بالعودة الى وطنهم يداسون تحت الأقدام وتمارس عليهم كافة أشكال التعذيب و والتحقير، ويتهمون بالخيانة لأطروحة الانفصال ولمفهوم تقرير المصير الذي أصبح يلوك بأقلية تملك المال والسلاح وتتاجر بهذا المبدأ في المعترك الدولي. ويساعد هؤلاء، الآلية التنظيمية النابعة من سفارات الجارة الجزائر في مختلف الدول . كان جليسي في الحزب الكردستاني يستمع لي بإمعان بدت عليه الدهشة وهو العضو في الحزب المعترف بجبهة البوليساريو، قال إنه ينبغي أن يفتح الحوار في هذا الاتجاه لأن هناك شعبا ينبغي أن يقرر مصيره ، سألت جليسي هل اطلع على مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، قال جليسي لقد سمعت من عضو بالجبهة نبذة عنه. كان جوابه فرصة لكي أعرض عليه فحوى المشروع وأهميته من أجل الخروج بحل يرضي جميع الأطراف. استدرك الرجل قائلا : « تعنين الطرفين الجبهة والمغرب» قلت له بل الطرف الأهم هو الجزائر، أما جبهة البوليساريو فهي سيناريو لتغطية صراع تاريخي بين البلدين الجارين. أجاب جليسي أن الجزائر تنفي ذلك. قلت له أنا لا أشك في ذكائك ولعل بروز جناح «الصقور» المقرب من الجزائر وجناح آخر معتدل مقرب من الطرح المغربي، لخير دليل على أن البلدين معنيان بالجلوس على طاولة الحوار للخروج بحل في قضية عمرت ثلاثة عقود، وضيعت على الشعوب المغاربية معركة التنمية جنوب جنوب وشمال جنوب، وجعلت جدار برلين يهدم في ألمانيا ويبنى في الحدود الشرقية للمغرب. وجعلت عبد العزيز المراكشي يلوح بالحرب على المغرب بعد فشله في الترويج السلبي للغة تقرير المصير، وفضح الدعاية الإعلامية للبوليساريو التي تروج للصور المزيفة حول الوضع الحقوقي في الجنوب المغربي من أجل إقناع مجلس الأمن بجدوى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي بالصحراء المغربية. لكن عبد العزيز يدري ما يقوله في العودة الى السلاح ، وهو يبني قراره على ما آلت إليه المنطقة بعد سقوط نظام القذافي والأسلحة المتطورة التي هربت الى صفوف الجبهة، والتي جعلت من بؤر التوتر في المنطقة فتيلا لمشهد دموي إرهابي تقوده الجماعات المسلحة الإرهابية التي تمارس الإرهاب المنظم في منطقة الساحل والصحراء، وتندوف إحدى هذه البؤر. وإن قال عبد العزيز المراكشي في تصريحه الاعلامي « إننا نقترب شيئا فشيئا من نفاد صبر الصحراويين، ومن الخيارات الأخرى تلك المتمثلة في المواجهات العسكرية»، فإن هذه المواجهة لن تكون إلا من داخل الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء ، ومع الأسف لايزال هناك من يربط بين هذا التوجه الإرهابي في حل القضايا المصيرية، وبين اللغة الحقوقية في تقرير المصير.