حين خرجت برواس حسين من مسابقة «آراب آيدول»، انتهت المناوشات «القومية» بين العرب والأكراد، في مواقع التواصل الاجتماعي. حتى آخر حلقة ظهرت فيها برواس كان فريق متعصب من المدونين المراهقين ناقما على استعمال برواس ومحكمي المسابقة وعدد من الصحافيين، عبارة «إقليم كردستان» على أنه «البلد» الذي جاءت منه الفتاة الكردية. مع ذلك، حازت برواس على جمهور أحب فيها، كما يقول، «الحضور المحبب والصوت الجميل والجاذبية التي خلقها النطق بالعربية من دون أن تعرف معنى ما تقول». إقصاء الفتاة التي تبلغ من العمر 24 عاما، كان متزامنا مع ارتفاع شعبيتها في المناطق العربية من العراق. لكنّ هذا لم يكن كذلك حين ظهرت برواس للمرة الأولى على مسرح «آراب آيدول» إذ كان الجمهور العراقي، خارج كردستان، متشنجا من محاولة تعريف برواس على أنها من كردستان. كان مدونو «فايسبوك» ينهالون على برواس بسيل من الاتهامات العنصرية، ودعوها إلى أن تتراجع عن إهمال «الانتماء للعراق» على أنه بلدها. بعضهم طالبها بأن تصرح في المسابقة قبل أن تغني بأن «العراق الكبير موحد، وأن كردستان جزء لا يتجزأ منه». كانت أوقات عصيبة ومشحونة بين معارضي برواس ومحبيها. إذاعات محلية خصصت وقتا من بثها طيلة الأسابيع الماضية لتفتح الأثير للجمهور في تفاعل غير مسبوق في شأن «برواس»، وكان معدو البرامج يفتحون موادهم السمعية بالسؤال عن فرص برواس في حال «قدمت نفسها عراقية من دون أن تأتي على ذكر كردستان». بعض الذين يسجلون ملاحظاتهم عن حلقات برواس كتب في «تويتر» أو «فايسبوك» أنه يتوقع خروجا مبكرا لبرواس ما لم تعترف بالعراق «العربي». وفجأة تحولت المطربة الإماراتية أحلام إلى نجم قومي لدى فئة من متابعي «آراب آيدول» العراقيين، بخاصة حين قالت وهي تعاتب برواس في إحدى الحلقات، أنها جاءت من بغداد، من أرض بابل، وليس من كردستان. لكن استمرار برواس في حلقات البرنامج كان مناسبة لكسب مزيد من الوقت والانتباه لصوتها وطريقتها في الغناء، بخاصة حين لجأت إلى أداء أغنيات عربية لمطربين كبار. بدأت برواس تتفاعل مع جمهور عربي لم تكن تعرفه قبل أن تشارك في المسابقة، ولم تكن في صلح معه في الحلقات الأولى. وكما يبدو فإن الفتاة حصلت على خبرة جيدة في مجال الإعلام، وكان من الواضح أنها تلقت نصائح عن «أهمية كسب جمهور من المحافظات العربية في البلاد». صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي شهدت نشر مشاركات الفنانة برواس حسين في المسابقة وفاق عدد زوارها أكثر من مليون زائر. وبينما كانت برواس «ترقع» مع الجزء العربي الذي غنت له من دون أن تعرف ما غنت، كان الجزء الكردي من البلاد يحضر لها أخبارا غير سارة. حين حصلت برواس على مديح متوالٍ من حكام المسابقة بدأ الجمهور العربي يتحدث عنها في شكل لافت، وصار واضحاً أن لها محبين في بغداد ومدن أخرى. لكنّ الأكراد، أبناء جلدتها، شنّوا حملة كبيرة ضدها في بعض وسائل الإعلام المحلية، والسبب ما ترتديه من ملابس، وجدها بعضهم غير مناسبة. ونقلت صحف ومواقع كردية عن رجال دين أنهم «غاضبون من التنورة التي تلبسها في آراب آيدول». كان الجدل في كردستان في شأن الحلة التي ظهرت فيها برواس. وتبادل صحافيون ونقاد أكراد أراء متضاربة عن برواس، لكن القصة وصلت إلى عدد من مساجد الإقليم، حيث صرح أئمة هناك بفتوى تحرم التصويت لها. كان من الصعب على برواس أن تتجاوز العقدة القومية من »هويتها الكردية«، وطبيعة المجتمع في أربيل التي لا تزال، على رغم التطور التنموي الذي تشهده، تحافظ على بعض التقاليد والعادات، ومن بينها مظاهر النساء وزينتهن.