الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أخبار الساحة    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق الطويل من زنزانات غوانتانامو إلى سويسرا

حصّل ثلاثة سجناء سابقين في غوانتانامو على حقّ اللجوء في سويسرا، بعد أن احتُجِزوا بصورة غير قانونية لمدّة ثمان سنوات، بينما رفضت الحكومة السويسرية آخرين غيرهم. فيا ترى، ما الذي حصل لهؤلاء الأشخاص؟ swissinfo.ch تعقّبت آثارهم بدءا من كانتون جورا وحتى أحد السجون في الجزائر.
مضت ثلاث سنوات على مغادرة ثلاثة مُحتجزين سابقين لمعتقل غوانتانامو، وهم شقيقان صينيان، من الأقلية الإيغورية المسلمة، وأوزبكي، قامت سويسرا باستقبالهم ومنحِهم حقّ اللجوء، بناءً على طلب تقدّمت به السلطات الأمريكية.
ومرّة أخرى، تعود اليوم مسألة نقْل سجناء غوانتانامو إلى واجهة الأحداث، بعد تجديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وُعُوده بإغلاق هذا المُعتَقَل الخارج عن القانون، والحديث يدور بصِفة خاصة حول 166 مُعتقَلا لا يزالون رهْن الاحتجاز في الجزيرة الكوبية.
فما مصير الآخرين؟ وماذا حصل للسجناء المُفرَج عنهم، الذين ارتبط مصيرهم بسويسرا؟
طلبات وقرارات وطعون
بدأت الحكاية في عام 2008، عندما تقدّم ثلاثة سجناء ينتظرون الإفراج عنهم، بطلب اللجوء إلى سويسرا، عن طريق مركز الحقوق الدستورية في نيويورك ومنظمة العفو الدولية، ولمّا رُفِضت طلباتهم، تقدّموا بالطّعن لدى المحكمة الإدارية الفدرالية.
وفي عام 2009، أيّد القضاء الإستِئناف الأول، الخاص بعبد العزيز ناجي، السجين رقم 744 من أصل جزائري، وطلب من المكتب الفدرالي للهجرة إعادة تقييم الحالة، ثم جاء بعد ذلك بعام، تأييد المحكمة للإستئناف الثاني الخاصّ بأبو القاسم عبد الرؤوف، السجين رقم 709 من أصل ليبي، وفي كلا الحالتيْن، اعتبرت المحكمة الفدرالية بالأساس، أن المكتب الفدرالي للهجرة لم يحترِم حقّ المتقدِّمين في السّماع إليهم. أما بالنسبة لطلب اللجوء الخاص بعادل نوري، السجين رقم 584 من أصل إيغوري، فقد تمّ رفضه بشكل نهائي.
الآن، وبعد مرور أربع سنوات، لا يزال ملف ناجي أبو القاسم مُعلّقا، «هذه القضايا جدّ معقّدة»، حسبما قال ميشيل كلوزر، المتحدث باسم المكتب الفدرالي للهجرة، ودفع بالقانون الخاص بحماية البيانات والسِّمات، لكي لا يُفصح عن الأسباب التي أدّت إلى اتخاذ قرار الرّفض الأول ولعدم البَوْح بالإجراءات التي سيتبعها المكتب من أجْل الامتثال لقرار المحكمة وإغلاق ملفّي كلتا الحالتين.
واللافت، الحالة الخاصة لهؤلاء الثلاثة من طالبي اللجوء، فهُم لم يعودوا قابِعين في سجن غوانتانامو، إذ بعد ثمان سنوات من الاعتقال، دون توجيه تُهمة ولا مُحاكمة، تمّ إطلاق سراحهم خلال الفترة ما بين نهاية عام 2009 ونهاية عام 2010.
فمن جهة، هناك السجين الإيغوري وعمره حاليا 44 سنة، الذي تمّ استقباله من قِبل جمهورية بالاو (مجموعة جُزر صغيرة في المحيط الهادي)، وقال عنه دنيس غراف، من منظمة العفو الدولية، بأنه تمكّن من إيجاد عمل وتكوين أسْرة، أما السّجين الليبي، الذي بلغ من العمر 48 سنة، فقد تمّ نقله إلى ألبانيا ولا زال يُعاني، وِفقا للمنظمة غير الحكومية، من صعوبة الإندماج، خاصة وأن البلاد تعيش وضعا اقتصاديا غيْر مريح، وبعد سقوط القذافي، قام باستخراج كافة الوثائق والأوراق اللاّزمة للعودة إلى ليبيا، ومن حينها، فُقِدَ أثره.
أما السجين الثالث، وهو عبد العزيز ناجي، من مواليد عام 1975، فقد سارت أوضاعه من السيء إلى الأسوإ، إذ تمّ ترحيله، دون رغبة منه، إلى الجزائر، ولا يزال حتى الآن قابِعا خلْف القضبان، لصدور حُكم قضائي ضدّه بالسجن ثلاث سنوات بتُهمة الإرهاب، وِفقا لنفس الإتهامات الأمريكية التي لم يستطِع أحد إثباتها.
وتقول محاميته الجزائرية حسيبة بومرداسي بأن «حالته الصحية، العقلية والنفسية في تدهْور مُستمر»، وأضافت: «إنه شخص انطوائي جدّا وشكّاك، ويتجنّب الحديث حول مِحنة غوانتانامو، لأنها سبّبت له صدمة عنيفة، ولم يكن يتلقّى العلاج اللازم، ثم إنه كان معزولا عن السجناء الآخرين، وكان الحرّاس يُعاملونه بقسْوة، كما هو الحال مع غيره من المتّهمين بالإرهاب».
طلب لجوء يرقُد في أحد الأدراج؟
في عام 2009، تلقى الجزائري عبد العزيز ناجي ردا بالرفض من طرف المكتب الفدرالي للهجرة على طلب اللجوء الذي تقدم به، لكن محاميه استأنف القرار أمام المحكمة الإدارية الفدرالية التي قبلت اعتراضه.
ففي قرار أصدرته بتاريخ 10 ديسمبر 2009، توصلت المحكمة إلى استنتاج يفيد بأن المكتب الفدرالي للهجرة لم يضمن حق الشاكي في أن يُستمع إليه وهو ما يُشكل انتهاكا للقانون الفدرالي. كما اعتبرت المحكمة أن الأسباب التي تم إيرادها لرفض طلب اللجوء كانت عمومية بشكل كبير, بحيث أنه لم يكن من المتاح عمليا للشاكي اتخاذ موقف بشأنها.
إضافة إلى ذلك، جاء القرار الصادر عن المكتب الفدرالي للهجرة خاليا من حجج مُقنعة وذات مصداقية تُبيّن أنه لم يكن من مصلحة سويسرا منح اللجوء لعبد العزيز ناجي.
رغم هذا الحكم الواضح، لم يُقدم المكتب الفدرالي للهجرة بعدُ على إعادة تقييم الحالة. وفي رد كتابي على سؤال توجهت به swissinfo.ch حول هذه المسألة، أشار المكتب الفدرالي للهجرة إلى أن «المدة التي تستغرقها إجراءات اللجوء تتوقف على عوامل عديدة، من بينها على وجه الخصوص إمكانية إجراء تحقيقات تكميلية ترمي إلى توضيح الحالة، إضافة إلى أولوية الملفات التي يتعين معالجتها».
تهمة لا تُمحَى
أشارت عدّة منظمات أهلية، ومنها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش المعنِية بمراقبة حقوق الإنسان، إلى أن أولى فصول مِحنة عبد العزيز ناجي كانت في باكستان عام 2001، عندما بدأ العمل لحساب منظمة محلية، تقوم بأعمال إغاثية لمصلحة الفقراء من المسيحيين والمسلمين في كشمير، وفي إحدى اللّيالي، وبينما كان يقوم بتوصيل طعام وشراب إلى إحدى القُرى، وقع ضحية أحد الألغام الكامِنة، وما أكثرها في تلك المناطق، وأصيب في ساقه، ليُنقَل بعد ذلك إلى مستشفى لاهور، حيث تمّ تركيب عُضو اصطناعي له.
وفي مايو عام 2002، بعد عدّة أشهر من العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، ذهب إلى بيشاور (شمال باكستان) لزيارة أحد أبناء بلده، وهناك تمّ القبض عليه من قِبل الشرطة الباكستانية، التي قامت بتسليمه إلى القوات الأمريكية المُتمركِزة في المنطقة.
ُلصِقَت لعبد العزيز ناجي تُهمة إقامة علاقات مع حركة إسلامية مُتطرّفة، واعتَبر الأمريكيون أنشِطته التطوُّعِية مجرّد غطاء، فقاموا بإرساله إلى غوانتانامو ليذوق أصناف العذاب، بحسب ما قال محاموه في وقت لاحق.
بعد ست سنوات قضاها في جزيرة غوانتانامو الكوبية، توسّل ناجي بالتقاليد الإنسانية السويسرية، فما كان من سلطات الولايات المتحدة إلا أن أعلنت عن كونه على قائمة «من تم التثبت منهم قبل إطلاق سراحهم»، «وهي طريقة سياسية في الصميم، تقول من خلالها بأن بعض المُعتقلين لم يعودوا مُعتبَرين «أعداء»، للولايات المتحدة، لكن، دون أن تعترف رسميا ببراءتهم»، كما صرّح بذلك أندريا ج براسو، الخبير القانوني لشؤون مكافحة الإرهاب في منظمة هيومن رايتس ووتش، وأضاف أيضا بأن: «الولايات المتحدة تعتني كثيرا بالعِبارات التي تستخدمُها». وبناءً عليه، أصبح بإمكان ناجي مُغادرة غوانتانامو، ولكن عليه أن يتجشّم تبِعات هذا الملف، كوشْم لا يزول أو وصمة لا تنمحي.
وبالضبط، هذا الأمر هو الذي رفضت على أساسه السلطات السويسرية طلب اللجوء، معتبِرة إيّاه، وِفقا للمعلومات المُستقاة من الجانب الأمريكي، «محاربا خطيرا»، لكن القرار لم يُقنِع المنظمات المدافِعة عن حقوق الإنسان ولا حتى المحكمة الإدارية الفدرالية.
«الخوف من الحرية»
في 10 ديسمبر 2009، أيّد القضاء السويسري الإستِئناف المقدّم من قِبل ناجي، بينما هو لا يزال معتقَلا.
وفي يوليو 2010، تمّ ترحيله إلى الجزائر. ويقول رشيد مسلي، مدير مؤسسة الكرامة الأهلية التي مقرها جنيف وتعمل من أجل احترام حقوق الإنسان في البلدان العربية، إن: «ناجي، كان يُفضِّل البقاء في غوانتانامو، فضلا عن العودة إلى بلده، لخِشيته من التعرّض للاعتقال والتعذيب».
أثارت قضية عبد العزيز ناجي زوْبعة إعلامية في الولايات المتحدة، واستوحت منها صحيفة نيويورك تايمز مقالها الافتتاحي تحت عنوان «الخوف من الحرية»، وسرعان ما تأكّدت تلك المخاوف، إذ فور هبوط ناجي على أرض مطار العاصمة الجزائرية، جرى اعتقاله من قِبل المخابرات العسكرية وتمّ اقتياده إلى مكان سرّي ثَم التحقيق معه، على الرغم من الضّمانات التي زعمت واشنطن أنها قد تلقّتها من الحكومة الجزائرية.
وفقط بعد عشرين يوما من الاعتقال السرّي، وبفضل التدخّلات من طرف محاميه ومنظمات الدّفاع عن حقوق الإنسان، تَم إطلاق سراح ناجي ونقله إلى منزله في باتنة، «مع ذلك، بقي تحت المراقبة المُستمِرة من جانب المخابرات الجزائرية، وكان عليه أن يذهب بانتظام إلى ثكنة عسكرية للاستِجواب»، كما ذكر المحامي رشيد مسلي.
وفي يناير 2012، وجد ناجي نفسه مرّة أخرى خلف القضبان، من دون أن تُقَدّم النيابة أية أدِلة إضافية، على حدّ تأكيد المحامية الجزائرية حسيبة بومرداسي. والواضح، بأن شبح غوانتانامو سيظل يُطارده ويقُضّ مضجعه، «ونحن – كما تقول المحامية - في انتظار الحُكم بشأن الاستِئناف، وما إذا كانت ستتأكّد محكوميته بالسجن لثلاث سنوات، وسنتقدّم بطلبٍ للإفراج عنه بكفالة، لأسباب صحية، حيث أنه يحتاج إلى رِجْل اصطناعية جديدة، والقانون ينُصّ على هذه الإمكانية، في حال انقضاء نِصف فترة المحكومية».
ولا يقتصر الأمر على ناجي، بل على كل المعتقلين السابقين في غوانتانامو، الذين تمّ ترحيلهم إلى الجزائر، وجرى اعتقالهم من قِبل الأجهزة الأمنية السرية. فمنهم من أطْلِقَ سراحه بعد سلسلة من الإستجوابات، ومنهم مَن لا يزال في انتظار المحاكمة، وِفقا لكاتي تايلور، من منظمة «ريبريف» البريطانية، غير الحكومية، العاملة في مجال مناهضة التعذيب والمُعتقلات غير الشرعية ومنها غوانتانامو.
السفارة الجزائرية في سويسرا لم تُجب على أسئلة swissinfo.ch حول قضية ناجي، ولا على الأسئلة العامة المتعلقة بسياسة إعادة الإدماج للمعتقلين السابقين في غوانتانامو المتواجدين فوق الأراضي الجزائرية.
تحمّل المسؤولية
ووِفقا للتصريحات الأمريكية، تُمثِّل مسألة إغلاق سجن غوانتانامو أولوية بالنِّسبة لإدارة أوباما، لكن الإفراج عن السّجناء، لا يحميهم من التعرّض للعقوبة والانتقام من قِبَل الأجهزة الأمنية في البلاد التي يُرَحّلون إليها، وعندما سألنا السفارة الأمريكية في سويسرا حول المسؤولية التي تتحمّلها الولايات المتحدة، حيال هؤلاء السجناء الذين أخلي سبيلهم وحول الآلية المُتبعة للتأكد من أن عملية إعادة التوطين لن تتسبّب بانتهاكات جديدة لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، جاءت إجابة الدبلوماسية الأمريكية لتقول: «لا تعليق».
فيما أشار أندريا ج. براسو من منظمة هيومان رايتس ووتش إلى السريّة المضروبة على الاتفاقات السياسية بين الدول ذات العلاقة، بنقل معتقلي غوانتانامو السابقين، وأوضح بأن: «ما يهم الولايات المتحدة، هو الاجتهاد في رصْد الحالة ومعرِفة أين يتواجد المُعتقلون السابقون، وما إذا كانوا قد غادروا البلد الأول الذي تم نقلهم إليه، وماذا يفعلون، وخصوصا ما إذا كانوا يُمارسون أنشِطة خارجة عن القانون».
وبناءً على اتفاق مع واشنطن، استقبلت سويسرا في عام 2010، لدواعٍ إنسانية، ثلاثة معتقلين سابقين في غوانتانامو، وهم شقيقان إيغوريان وأوزبكي، وِفق معاملة مُتميّزة، ليست بالطول والتعرّج الذي سبق وأن تعرّضت له طلبات اللجوء، التي تقدّم بها ثلاثة من رفقائهم في ذات المِحنة.
جروح لا تندمل
فيما يخُص الأخوين الإيغوريين، أركان محمود وباثيار محمود، المعتقلان اللذان كانا يحمِلان الرقم 103 و277 على الترتيب، فقد نزلا في كانتون جورا، الناطق بالفرنسية والكائن في شمال غرب سويسرا، ومن شِبه المستحيل لِقائهما أو الاتصال بهما. وبعد أول ظهور لهما أمام وسائل الإعلام، باتا حاليا يرفُضان عشرات المقابلات التي تُعرَض عليهما شهريا.
وعلى ذات الصعيد، أفاد انديلي ميميتكريم ، رئيس جمعية تركستان الشرقية (شينجيانغ رسميا)، التي تضم نحو مائة شخص من أبناء الجالية الإيغورية في سويسرا، بأن حياة الشقيقين أركان وباثيار في تحسّن يوما بعد يوم، وبالنسبة لأصغرهما سِنا (عمره 37 عاما)، فقد عمل بُستانيا في بادِئ الأمر ثمّ وجد عملا في شركة لصناعة الساعات، بينما لا يزال الآخر يبحث عن وظيفة، وهما يُتابعان في نفس الوقت، دورات لتعلّم اللغة الفرنسية، لا تخلو من الصعوبة إلى حدٍّ ما.
لكن هَيْهات لجراح غوانتانامو أن تندمِل. فقد نوّه دنيس غراف من منظمة العفو الدولية إلى أن الشقيق الأكبر لا زال يُعاني من صدْمة نفسية وأنه: «عاش في غوانتانامو تجارب لا تُوصَف، حتى أنه كان يتجرّأ على إدانة ظروف وممارسات الاعتقال، وكعقوبة له، مكثَ فترة طويلة في الحبْس الانفرادي، كما أنه يعاني من مرارة البُعد عن زوجته وأطفاله، ورغم أن السلطات السويسرية وافقت على لمّ شمل الأسْرة، إلا أن السلطات الصِّينية منَعَتهم من مغادرة البلاد».
ولا يمكن عودة الأخوين الإيغوريين إلى بلدهم في تركستان الشرقية، وليس ذلك بالوارِد على الإطلاق، وهو ما يؤكِّده كلام اينديلي ميميتكريم الذي قال: «تَعتَبِر السلطات الصينية كل إيغوري يعيش في المنفى، إرهابيا. وفي ظل نظام الحُكم الحالي، يمكن أن يتعرّض الشقيقان إلى عقوبة الإعدام أو السجن لمدّة طويلة».
أما فيما يتعلق بزميلهما الأوزبكي، فبالكاد أن يُعرف عنه شيء، وهو حاصل على تأهيل في صناعة المعجنات والحلويات، وأول الثلاثة وصولا إلى سويسرا، وقد استضافه كانتون جنيف، الذي فضلت السلطات فيه ضرْب طوق من السرية التامّة حول هويته ووضعه، وبرّرت ذلك بالقول على لسان كارولين فيدمر، المتحدثة باسم مكتب الشؤون العدلية في الكانتون، بأن: «ذلك من باب احترام الحقّ في النِّسيان»، ومن جانبها، وافقت هذا الرأي كاتي تايلور، من منظمة ريبريف الحقوقية الأهلية البريطانية، وأعربت قائلة: «يجب أن لا يمنع هذا من ذكر وإدانة حالات انتهاك حقوق الإنسان – كحالة ناجي».
سجن العار
افتُتِح معتقل غوانتانامو (في جزيرة كوبا) من قِبل إدارة بوش، وكان أول نُزلائه أشخاص اعتقلوا في أفغانستان في يناير 2002.
وفقا للسلطات الأمريكية، بلغ مجموع مَن تمّ إيداعهم السجن فوق أرض الجزيرة الكوبية، 779 شخصا، اعتُقِلوا كلّهم في أجواء ما يُعرف ب «الحرب على الإرهاب»، وصدرت أحكام بحق سبعة معتقلين منهم فقط، ومن قِبل لجنة عسكرية، بينما لم توجّه للغالبية العظمى من المعتقلين أية تُهمة رسمية، ولم يَمثُلوا أمام أية محكمة ولم تصدُر بحقهم أية أحكام.
في يناير 2009، وبعد يومين من تنصيبه، وقّع باراك أوباما مرسوما يقضي بإغلاق السجن بحلول نهاية العام، إلا أنه لم يفِ بوعده.
وبعد أحد عشر عاما، لا يزال يقبَع في سجن غوانتانامو 166 معتقلا، غالبيتهم من أصل يمني.
تقول إدارة أوباما بأن هناك 86 سجينا من بين مجموع 166 يُمكن اعتبارهم ممّن «يُقبَل إطلاق سراحهم»، لكن، مع هذا، لا يمكن اعتبارهم أحرارا، الأسباب منها: أن هناك دُولا ترفُض قبول كل مَن كان معتقلا في غوانتانامو أو لوجود خطر تعرّضهم للتعذيب عند عودتهم لأوطانهم أو لأن الأوضاع في بلادهم غيْر مستقِرة، كاليمن لغاية أسابيع مضت.
وقبل بضعة أشهر، دخل نحو مائة سجين في إضراب عن الطعام، احتجاجا على أوضاعهم، فصدر أمر عسكري بإطعام ثلاثين منهم قسْريا، وقد شجبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر القرار، كما أكّد ذلك ل swissinfo.ch المتحدث باسم اللجنة أليكسي هيب.
في عام 2010، وبعدما انتقدت لمرّات عديدة عدم توافق السجن مع القانون الدولي، استقبلت سويسرا ثلاثة من المعتقلين السابقين في غوانتانامو، حيث اختارتهم بالاستِناد إلى الملفّات المقدّمة من قبل الأمريكيين وبناءً على زيارة إلى السجن قام بها وفد يمثل الكنفدرالية والكانتونات، بحسب ما أفاد المتحدث باسم وزارة العدل والشرطة السويسرية غيدو بالمر.
لا تزال طلبات اللجوء المقدّمَة من اثنين من السّجناء السابقين، تنتظر البت من قِبل المكتب الفدرالي للهجرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.