غادر رجب أردوغان المغرب زوال أول أمس، وحل بالجزائر دون أن يحظى باستقبال ملكي كان موعودا به من طرف وزير الخارجية والتعاون، كما لم يتمكن زعيما نسختي العدالة والتنمية التركي والمغربي من استقبال رجال الأعمال المغاربة، واكتفيا برجال أعمال حزبيين من الطرفين، حيث رفضت مريم بنصالح، عقد أي اجتماع، لأن نقابة الباطرونا المغربية لم تشرك في التحضير للزيارة، ولم تكن على علم بجدول الأعمال المسطر. وتحدثت مصادر مطلعة عن أن مسؤولين مغاربة أخبروا أردوغان بأن الاستقبال الملكي غير وارد، مما جعله يقلص مدة زيارته بساعات، ويطير إلى الجزائر، التي من سوء حظه، لن يستقبل من طرف رئيسها بوتفليقة الموجود في فرنسا للعلاج. وتطرقت وسائل الإعلام الجزائرية، بشكل باهت، للزيارة، وتحدثت عن الفارق بين الاستقبال الذي حظي به رؤساء دول زاروا الجزائر سابقا، ومنهم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، وبين الاستقبال الذي خصص لأردوغان. فقالت جريدة «الفجر» «وصل، أمس، الوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان، إلى الجزائر، في زيارة رسمية، قادما من المغرب، حيث التقى عددا من المسؤولين دون أن يحظى باستقبال من الملك محمد السادس،» وأضافت أن «مالفت الإنتباه تصريحات أردوغان فيما يتعلق بالقضية الصحراوية، حين قال أنه لايعترف بجبهة البوليزاريو، وكذا حديثه عن فتح الحدود بين الجزائر والمغرب، وهي التصريحات التي لاقت استياء كبيرا لدى أطراف جزائرية قد ترهن نتائج زيارته للجزائر». وذهبت وسائل إعلام إلى القول بالشك، من تسرّب إلى الأوساط السياسية والإعلامية، في إمكانية حدوث الزيارة أصلا لعدم حديث الإعلام الرسمي عن الزيارة، وخاصة الوكالة الرسمية التي ظلت تتحدث عن الأوضاع في تركيا والانتفاضة الشعبية في وجه العدالة والتنمية في تركيا. وأكدت جريدة ذلك المعاملة «أعطت الانطباع وكأن ضيف الجزائر مجرد رئيس دولة من دول الموز الإفريقية، جاء ليسترزق من خيرات البلاد». وحتى رسميا سجلت وسائل الإعلام بأن أول بيان صادر عن الوزارة الأولى لم يتم إصداره إلا ليلة الاثنين - الثلاثاء.. واقتصر ما حضّره المسؤولون في الجزائر لضيفهم الذي يزورهم للمرة الثانية في ظرف سبع سنوات، على جمع نواب الشعب، بمقر المجلس الشعبي الوطني، دون أعضاء مجلس الأمة، كما حصل مع الرئيس الفرنسي. وهو اللقاء الذي قاطعه حزب العمال الجزائري، الذي طلب من برلمانييه عدم الحضور، وأدان حتى مجيء أردوغان، واعتبرته طاغية يمارس العنف في حق شعبه. وأفادت الصحف الجزائرية بأن السفارة التركية أجرت شاحنة ضخمة من العتاد لتمكين أردوغان من نقل خطابه أمام مجلس الشعب على كافة القنوات التركية، حيث تحدث عن الانجازات الاقتصادية، ودعا الجزائريين إلى إلغاء التأشيرة بين البلدين. وكشفت الصحف الجزائرية عن طبيعة الوفد الذي يضم مسؤولين من حزب العدالة والتنمية، من الأمين العام وغيره من القيادات التي تواكب الزيارة، بالإضافة إلى أن وفد رجال الأعمال يتكون من موالين للحزب. وتساءل الإعلام الجزائري «في الوقت الذي يشهد فيه الشارع التركي هزات عنيفة شبيهة بما حدث في بلدان الربيع العربي، مطالبة بإسقاط حكومة أردوغان، فماذا سيقول للجزائريين؟» وأضافت وسيلة إعلامية أخرى .. . «لنتساءل أيهما زارنا أمس بالجزائر، أردوغان تركيا الحديثة والقوة الاقتصادية والعسكرية الإقليمية التي جاءت تبحث عن شراكة وفرص لتقاسم النجاح الاقتصادي الذي حققته بلاده ودعمته سنوات حكم الرجل؟ أم أردوغان الذي قال مرة معلقا عن الضجة التي أحدثها مسلسل «حريم السلطان»، نحن نرغب في الوصول حيثما وصلت خيول أجدادنا؟ فهل جاء الرجل لينفض الغبار عن المجد العثماني، هذا الحكم الذي بدأ يراود صاحب العدالة والتنمية التركي مع موجات الربيع العربي، حيث أعطت تركيا لنفسها دورا فيها، بحثا عن مكانة لها في الشرق الأوسط بعدما أغلقت في وجهها أبواب الاتحاد الأوروبي؟