عالج المؤتمر الواحد والثلاثين لصحفيي ضفتي مضيق جبل طارق المنعقد بمدينة خيريس في محافظة قادس جنوبإسبانيا وضعية الصحافة والصحفيين اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم وظهور شكل إعلامي جديد. وقد تميزت فعاليات المؤتمر بتنظيم مائدة مستديرة حول موضوع «الإعلام الجديد وظاهرة القص والإلصاق» شارك فيها رئيس ماستر الصحافة بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة، الدكتور الطيب بوتبقالت ومدير يومية «جيبرالتار كرونيكول»، دومنيكي سيارلي ومديرة وكالة التواصل «سين ليميتيس كومونيكاسيون»، أمبارو بو. وتناول المشاركون في هذه المائدة المستديرة، آثار الأزمة الاقتصادية على الصحفيين والصحافة على حد سواء، مشيرين إلى أن تسعة آلاف صحفي إسباني فقدوا مناصبهم منذ اندلاع شرارة الأزمة في البلاد كما أغلقت بعض المنابر الإعلامية وتقلصت صفحات الجرائد للتخفيض من التكاليف وتراجعت الأجور وتدنت قيمة تعويض المقالات المنجزة من قبل الصحفيين العاملين لحسابهم الخاص (فريلانس)، حيث أصبح المقال «لا يساوي أكثر من ستين سنتيما» حسب مدير يومية جبرالتار كرونيكول. كما استعرضوا الإكراهات التي يعاني منها الصحفيون اليوم عبر العالم، من قبيل تكليفهم بالكثير من المهام مقابل أجور هزيلة وعدم التوفر على الوقت الكافي لإنجاز أعمال صحفية ذات القيمة ونشر بيانات أو مقالات جاهزة تحمل في طياتها دعاية ما وتغليب هاجس الربح على الهاجس المهني الصرف، مما ينعكس كثيرا في رأيهم على الجودة ويضر بسمعة الصحفيين ومنابرهم الإعلامية على السواء. وأوضحوا خلال مناقشتهم لموضوع الصحافة الرقمية والإشكالات المتصلة بها، أن هذا الإعلام الجديد فرض نفسه كثيرا في الساحة الإعلامية، حيث اعتبره الخبير المغربي في الاتصال، الدكتور الطيب بوتبقالت بمثابة بوابة جديدة مفتوحة على المجهول، وقال في هذا الصدد «يخطئ من يدعي أنه قادر على رصد تداعيات هذا الإعلام الجديد بدقة وشمولية»، داعيا إلى إعمال العقل لمضاعفة القدرة على التكيف مع المستجدات لتفادي ما وصفه ب«الانزلاقات الخطيرة المترتبة عن هذه الظاهرة الجديدة». واتفق المتدخلون على أن ظاهرة «القص والإلصاق» التي تنتشر اليوم بشكل مقلق في الإعلام الرقمي، تشكل منزلقا مهددا لمصداقية الصحافة ومسيئا لأخلاقيتها ومواثيقها الشرفية، واعتبروه شكلا من أشكال السرقة الأدبية والمس بالملكية الفكرية، وقد شبهته مديرة وكالة التواصل «سين ليميتيس كومونيكاسيون» بظاهرة الغش والتزوير في الأحذية والملابس وغيرها من المنتجات الأخرى. وأكدوا أن هذه الظاهرة تفقد الوسيلة الإعلامية كيفما كان صنفها وتخصصها، مصداقيتها في المجتمع، مشددين على ذكر المصادر التي يستند عليها الصحفي وعدم تمويه القارئ وتغليطه. وأوضحوا أن هذا السلوك ينمي الكسل وقد يعود في المقام الأول إلى تشغيل أشخاص يفتقدون للكفاءة المهنية لعدم القدرة على توفير أجور عالية لصحفيين محنكين ومتمرسين. وأشاروا إلى أن ظاهرة «القص والإلصاق» أو السرقة تشمل أيضا الصور المعدة من قبل مصورين صحفيين يعملون إما لحسابهم الخاص أو في مقاولات إعلامية? حيث أدانوا هذا الأسلوب في العمل واعتبروه مسا بالحقوق الفكرية والمادية لأصحاب الصور، مشددين على ضرورة إعمال القانون لتجاوز هذه الظاهرة واحترام مواثيق شرف المهنة المتعارف عليها دوليا. وتجدر الإشارة إلى أن فعاليات المؤتمر الواحد والثلاثين لصحفيي مضيق جبل طارق، تميزت بمنح أول جائزة تحمل اسم صحفي شهير بمنطقة جبل طارق، ألا وهو جون سيرل مورغان، المدير السابق ليومية جبرالتار كرونيكول، وقد منحت هذه السنة للصحفي أحمد بويزان من إذاعة «كاب راديو» بشمال المغرب.