(و.م.ع) وصف رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق إستانبيسلاو راميريز حصيلة المؤتمرات الثلاثين التي جمعت خلال السنوات العشرين الأخيرة بين صحفيي ضفتي مضيق جبل طارق، المغاربة والإسبان، ب«الإيجابية جدا والمثمرة على مختلف الأصعدة». وأوضح إستانبيسلاو، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء عشية تنظيم الجمعية للمؤتمر الواحد والثلاثين لصحفيي منطقة جبل طارق والشمال المغربي (من 30 ماي إلى 2 يونيو ببلدية خيريس جنوبإسبانيا)، أن هذا اللقاء الجديد ينعقد في ظروف أصبحت فيها العلاقات بين صحفيي الضفتين أكثر متانة، «فقد أصبحت لدينا معرفة جيدة لبعضنا البعض، وأصبحت تجمعنا صداقة وزمالة قويتان ولا حدود تذكر بيننا». وأشار إلى أن نجاح تنظيم هذه المؤتمرات، مرة بالمغرب وأخرى بإسبانيا، يجد تفسيره في احتضان مضيق جبل طارق لشريكين يتقاسمان، ليس الجغرافيا فحسب، وإنما أيضا أخبار المنطقة والعديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، إذ تمت معالجة مواضيع الهجرة غير الشرعية والتعاون الإنمائي والعلاقات التجارية بين إسبانيا والمغرب وحرية الصحافة ومواثيق أخلاقيات المهنة والتقاليد والإرث الثقافي والتراث التاريخي والآثار والحدود الخارجية الأوروبية وولوج مهنة الصحافة في البلدين الجارين وتدريب الصحفيين ومصادر المعلومات. كما انصب اهتمام إعلاميي الضفتين، يضيف رئيس الجمعية، على إشكاليات ذات صلة بالإعلام المؤسساتي والمراسلين والبث الإذاعي التلفزي الخارجي وتنافس الأديان في منطقة البحر الأبيض المتوسط والعدل ومشاركة المرأة في المجتمع والتعاون العابر للحدود والبيئة وتغير المناخ وموارد المياه والاتحاد من أجل المتوسط والوضع المتقدم للمغرب في الاتحاد الأوروبي ومصادر المعلومات وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. ومما يضفي على هذه اللقاءات الإعلامية صبغة الجودة والتميز، في رأي رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق، المشاركة المتنوعة للفاعلين في الضفتين من إعلاميين وسياسيين ومسؤولين وممثلي القطاعات الحرة وجامعيين وفنانين ورجال أعمال وممثلي منظمات غير حكومية ومقاولين إعلاميين ورجال دين، ناهيك عن الأنشطة الثقافية الموازية لها والمتمثلة في معارض للفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية وزيارات للمآثر التاريخية والمؤسسات الإعلامية وعقد اجتماعات مع ممثلي المنظمات الإنسانية والسلطات بمختلف المؤسسات إلى جانب الاطلاع على الأوراش الكبرى وتفقد المنشآت الصناعية بالبلدين. وقال إستانبيسلاو راميريز «لقد سمحت لنا مؤتمراتنا بمعرفة المزيد عن بلدينا والوقوف عما هو أكثر أهمية بالنسبة للناس الذين يعيشون في المنطقة»، مذركا بأن هذه المؤتمرات استضافتها مدن مغربية مثل طنجة وشفشاون وتطوان وفاس والدار البيضاء وإفران ومكناس والرباط والعرائش وأصيلة، كما احتضنتها مدن إسبانية كلوس باريوس والجزيرة الخضراء وطريفة ولا لينيا وسان روكي وكاستيلار وإشبيلية وغرناطة وقرطبة وروندا وغراساليما. وعن دواعي اختيار موضوع «الصحافة اليوم، الصحافيون اليوم»، شعارا للمؤتمر الواحد والثلاثين بخيريس، أكد إستانبيسلاو أن هناك رغبة ملحة في مناقشة آثار الأزمة الاقتصادية الإسبانية على وسائل الإعلام والصحافة، حيث سيعكف المشاركون على تحليل ظاهرة تقليص أعداد الصحفيين بأقسام التحرير وفقدان مصداقية وسائل الإعلام وعدم شفافية المعلومات الصادرة عن الأحزاب السياسية وظروف العمل السيئة عند الإعلاميين والتسريح اللاقانوني في صفوفهم والحاجة الماسة لعودة الصحافة الحقيقية، صحافة البحث والمقارنة وتطوير الأخبار، إضافة إلى موضوع التواجد الضروري للصحافة باعتبارها أداة أساسية في العملية الديمقراطية. وأضاف في سياق تبريره لاختيار شعار المؤتمر «نسعى من خلال مؤتمرنا الحالي إلى التنديد بظروف العمل السيئة للصحفيين. ففي منطقتنا لوحدها فقد 47 في المائة من الصحفيين وظائفهم منذ أواخر سنة 2008 إلى اليوم. كما نروم من خلاله مطالبة السياسيين بالمزيد من الشفافية في المعلومات». وذكر، في هذا الصدد، بإغلاق ثلاث قنوات تلفزيونية وثلاث إذاعات محلية بكل من بلديات كاستيلار ولا لينيا ولس باريوس «منطقة جبل طارق»، وتحول صحيفة ورقية إلى رقمية «زون جورنال» وتسريح 70 صحفيا وتقليص صفحات بعض الجرائد «إيل فارو، سود» وإلغاء بعض برامج القناة التلفزية المحلية «كنال سور تي في 2» والتخفيض من أجور العديد من المهنيين وإغلاق مكتبين إعلاميين. وعبر هذا الصحفي الأندلسي عن أمله الكبير في رؤية «الصحافة الحقيقية تعود يوما إلى ما كانت عليه في سابق عهدها، تبلغ الخبر بصدق وأمانة بعيدا عن المقص وعن ظاهرة القص والإلصاق»، داعيا في الوقت ذاته إلى «إنقاذ الصحفيين من الضياع» وتحسين ظروفهم المهنية، «فلهم دور لا مناص منه لمنح الديمقراطية وهجها وإشعاعها اللازم داخل وخارج البلاد». وعن الصورة الخاطئة والأخبار الزائفة التي ينشرها بعض الإعلاميين غير الملتزمين بمواثيق شرف المهنة والتي تعاقب عليها قوانين الصحافة، قال رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق، إن «هدفنا، كما في المؤتمرات السابقة، هو حث الصحفيين على الارتباط الدائم بالمجتمع والتأكد من صحة المعلومة ومقارنتها. علينا أن نحرص على ألا ينعكس علينا أمر انعدام المصداقية في المؤسسات الإعلامية»، مسترسلا «بدون صحافيين مهنيين شرفاء ليست هناك صحافة، وبدون صحافة ليست هناك ديمقراطية». وللإشارة فإن منطقة جبل طارق تضم 150 صحفيا، مقابل 3000 صحفي بالجهات الثمانية لإقليم الأندلس بالجنوب الإسباني. وكان أول مؤتمر جمع بين صحفيي ضفتي مضيق جبل طارق قد نظم في شهر نونبر 1993 بفندق الملكة كرستينا بالجزيرة الخضراء، فيما احتضنت مدينة تطوان المؤتمر الثلاثين.