حصلت الكاتبة الفرنسية «ياسمينة رضا»، هذه السنة، على «جائزة لوموند الأولى للأدب، في تخصص الرواية، تقديرا للكفاءة التي أبانت عنها في روايتها «سُعداء هُمُ السعداء» بتحويل الضحك إلى أداة للحرية وترسيخ المواقف الهزلية والفكاهية في قلب الحياة البشرية كمواقف تحررٍ وانعتاق.. فمِنْ خلال سلسلة من المشاهد اليومية، تُظهر المؤلِّفة كائنات مثيرة ومؤثرة يحاول كل منها مواجهة هجمات الحياة واستنزاف الزمن مثل ما يواجهون جراحات العزلة.. ليس هذا فقط؛ فالجائزة مُنحت لها، أيضا، للتأكيد على أن أعمالها، وإن كانت مُسليّة ومُضحكة، فهي، مع ذلك، ليست تافهة.. وفي حوار أجرته معها جريدة «لوموند» (24 ماي 2013) بالمناسبة، تقول «ياسمينة رضا» في معرض جوابها عن سؤال حول نفس الموضوع: » غالبا ما وقع سوء فهم بهذا الصدد.. كما لو أن إمكانية الضحك تُفسد ما هو جدّي.. فالعمق لا يوجد بدون وقار ورصانة؛ لكنه - في نظري- مرتبط، كذلك، بالإحساس بما هو ساخر وبما هو مُضحك.. لقد مارست دوما مزج الأجناس وأنا متشبِّثة بذلك.. فالضحك يُنقِد.. قلت ذلك مرارا وقلته بشكل أفضل، على ما أعتقد، بين دفتي كتاب.. جُل شخوصي يعرفون كيف يضحكون ويضحكون حتى من أنفسهم.. إن الضحك يؤسس لأمور جد مهمة في العلاقات البشرية؛ مثل الحب والصداقة، ويعطي الشجاعة كما أنه يشكّل مصدراً للتحرر.. حينما ننظر بانتباه إلى عمق ومضمون كتاباتي وإلى نبرة «التّيمات»، لا نجد أي شيء مَرِح، فرِح أو سطحي، تافه، على الخصوص.. بل بالعكس.. فأنا لا أظن أنني أعالج رؤية متفائلة عن مصير الإنسانية؛ ولكنني أبحث عن منافذ للخروج، أينما يمكن أن توجد؛ أبحث عن فضاءات للتحرر.. إننا نضحك كما لو أننا نشرب نخب هزيمة الحياة.. « هكذا تُوَقِع «ياسمينة رضا»، في هذه الرواية الصادرة عن منشورات «فلاماريون»، بحساسية لامتناهية وسخرية تنشُد الإنقاذ والخلاص،على قصة الوضع البشري المُؤسِف..