في سابقة هي الأولى من نوعها قررت فرق معارضة البرلمانية، الغياب عن جلسة المساءلة الشهرية، التي ينص عليها الفصل 100 من الدستور الجديد، واتفقت الأغلبية على أن يتحدث باسمها رئيس الفريق الاشتراكي أحمد الزايدي لتوضيح موقفها الاضطراري للمقاطعة، والذي شرحت أسبابه في بيان ننشره في الصفحة الأخيرة من الجريدة، وتقرر الانسحاب بعده من القاعة وترك الأغلبية تحاور نفسها بنفسها في ضرب كبير للديمقراطية وروح الفصل الدستوري الذي صارت عليه الحكومة الجديدة. وكانت فرق المعارضة طالبت رئاسة مجلس النواب والحكومة بإصلاح نظام الجلسة الذي يمنح الحكومة وأغلبيتها أكثر من ثلثي الوقت المحدد للجلسة في حين تجد المعارضة نفسها محاصرة بالوقت الضيق، مما لا يترك لها مجالا لتوضيح مواقفها وهو الوضع الذي يجعل من الجلسة منبرا خطابيا للحكومة والاغلبية في استغلال غير دستوري لجلسة خصصت لمساءلة الحكومة. وشهدت الجلسة على مدار سنة ونصف استغلالا من طرف بنكيران للحديث عن مواضيع تهم حزبه ومواجهة خصومه السياسيين عبر الاعلام ، إذ يتمكن من كثير من الوقت للحديث بكل حرية في الوقت الذي تجبر المعارضة على الحديث في جدول الاعمال والذي يتحدد في سؤال محوري، مما يعني انعدام التكافؤ بين الفرقاء البرلمانيين، معارضة وأغلبية. واعتبرت المعارضة أن هذه الجلسة تحولت الى فرجة غير مسلية في الوقت الذي تواجه البلاد تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية، والحكومة تعيش أوضاعا داخل أغلبيتها وتحاول إلهاء الرأي العام الوطني عن القضايا الاساسية والمصيرية، وفرض اختيارات ترهن الاقتصاد الوطني. واتهمت المعارضة الأغلبية بغياب الحس السياسي السليم وتعطيل تفعيل مقتضيات الدستور وبنوده الاساسية التي يحتاجها المغاربة للنهوض بأوضاع الشعب المغربي وقواه الحية التي ناضلت من أجل الرقي والتقدم من داخل الحكومة والمعارضة على السواء. وفي سياق متصل واصل بنكيران سياسة الهروب الى الأمام، واعتبر المقاطعة مجرد غياب ليس إلا في إشارة الى عدم أخذ الأمور بالجدية المطلوبة، وهي نفس طريقة التعامل التي جعلت حليفه الاستقلال يتخذ قرارا بالخروج من الحكومة والالتحاق بالمعارضة في انتظار التحكيم الملكي، إذ كان الاستقلال بدوره اشتكى من التدبير الانفرادي لبنكيران وحزبه وتهميش حلفائه، وها هو الحيف يطال المعارضة بشكل علني.