خلق القائد العيادي في درس المقاومة المغربية المسلحة، في شعبة التاريخ بأولى باكلوريا، حالة استنفار وارتباك بثانوية حمان الفطواكي التأهيلية بالدشيرة الجهادية بعمالة إنزكَان أيت ملول، بعد قدوم لجنة من وزارة التعليم إلى الثانوية صباح يوم الاثنين 20ماي 2013،من أجل التقصي في مضمون الدرس ومدى تنصيصه على «خيانة القائد العيادي»، بعدما تقدم حفيده وهو ضابط سام في الجيش المغربي بشكاية في الموضوع. لكن اللجنة عوض أن تتأكد من ورود كلمة «خائن» في الدرس، راحت تستنطق أستاذ مادة الاجتماعيات واستمعت إلى أستاذين آخرين ومدير الثانوية، كما استمعت في لقاء مارتوني إلى تلاميذ القسم الذي يدرس به ابن الضابط والذي يحمل نفس اللقب، قبل أن تغادر المؤسسة وهي تحمل تقريرها إلى وزير التعليم. وقد أوفد وز يرالتربية الوطنية محمد الوفا هذه اللجنة على خلفية الزوبعة التي أثارها أحد برلمانيي حزب «البام» في لجنة التعليم بالبرلمان وبحضور الوزير، حول مسألة ما تضمنه درس الأستاذ من كون القائد العيادي كان خائنا حين تعاون مع الاستعمار الفرنسي إبان الحماية. وذكرت البرلمانية في مرافعتها أن هذه المسألة خلقت حالة اكتئاب نفسي لدى حفيده الذي يدرس بذات القسم، وخاصة بعدما صار زملاؤه التلاميذ ينادونه وينعتونه في الاستراحة من باب المزاح بالعيادي الخائن، وهذا ما لم يستسغه والده الضابط في الجيش فاشتكى من الأستاذ وما تناوله في درسه حول المقاومة المسلحة وما تضمنته أيضا نصوص العيطة الشعبية حول القائد العيادي. بيد أن أساتذة الثانوية ومعهم النقابات التعليمية استنكروا في عريضة قدوم هذه اللجنة واستفزازها للأطر التربوية والإدارية وتلاميذ المؤسسة من خلال الاستجواب والاستنطاق الذي باشرته معهم، في هذه الظرفية الدقيقة من نهاية السنة، حيث يكون الجميع أطرا وإدارة وتلاميذ منشغلين بفروض المراقبة المستمرة وبوضع النقط النهائية والإعداد المادي واللوجستيكي لإجراء اختبارات الباكلوريا. كما أعلنوا تضامنهم مع أستاذ مادة الاجتماعيات خوفا من أن يصبح كبش فداء في هذه المسألة لجبر خاطر حزب «البام» وجبر خاطر الضابط حفيد القائد المذكور، مع أن تاريخ هذا الأخير أشارت إليه كتب التاريخ والأغنية الشعبية التي صارت تغنى في كل المحافل والمناسبات. لكن السؤال الذي يطرح بحدة في هذه النازلة، هو ما ذنب الأستاذ إذا كان نص التاريخ المثبت في الكتاب المدرسي(المنار) للسنة أولى باكلوريا قد تضمن إما بصريح العبارة أو بالتلميح إلى ما يثبت تعاون القائد المذكور مع الإستعمار؟ وهل يقود هذا حفدة باقي القياد الذين عاشوا فترة الاستعمار، إلى نفس المنحى لتصحيح تاريخ أجدادهم وإبعاد تهمة الخيانة عنهم كما يحاول ذلك هذا الضابط؟. لقد أثرنا هذه الأسئلة لأنه كان حريا بوزير التربية والتكوين أن يسائل اللجنة التي أشرفت على وضع البرامج والمناهج والمقررات باعتبارها المسؤولة عن مقررات الوزارة وأن يقرأ النص الذي أثير حوله هذا الإشكال قبل أن يوفد لجنة وزارية إلى الثانوية المذكورة ومساءلة الأستاذ عن ذلك. وكان حريا بوزير التعليم أن يقوم بحذف هذا النص أو تعديله في الكتاب المدرسي عوض إرسال لجنة وزارية في هذا الشأن، لأن مسألة النبش في التاريخ لمحاولة تصحيح بعض الحقائق الثابتة ليست بمهمة الوزارة بل هي موكولة إلى المؤرخين المتخصصين في استنطاق الوثائق والنبش في الماضي.