قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال ندوة صحفية, تقريرا موضوعاتيا حول مراكز حماية الطفولة رصد فيه أوضاع نزلاء هذه المؤسسات التي يبلغ عددها 17 ، وحلل أوضاعهم وظروف حياتهم وأسباب إيداعهم . واقترح توصيات لمعالجة الاختلالات على المستوى السياسي والتشريعي والمؤسساتي وتكوين وتقوية قدرات المؤطرين . الإقامة باستثناء مركز عبد السلام بناني في الدارالبيضاء, المتوفر على مراقد لستة أوسبعة أطفال، فإن مراقد بقية المراكز الستة عشر تستقبل ما بين 20 إلى 40 طفلا، مما يترتب عنه استحالة الفصل بين الأطفال حسب السن ووضعية الهشاشة، يُضاف إلى ذلك عدم تطبيق التوجيهات المتعلقة بتوزيع المراقد حسب السن بسبب النقص في عدد العاملين (مؤطر واحد كل ليلة). كما لا تتم صيانة الأسرة والأغطية وتغييرها بالقدر الذي يحافظ على نظافتها. كما أن المراقد غير مجهزة بشكل منهجي بخزانات ذات رفوف وأدراج ومتوفرة على مفاتيح يستطيع الأطفال وضع ملابسهم الشخصية داخلها باطمئنان. النظافة تتوفر جميع المراكز على دوشات جماعية، لكن بعضها غير صالح للاستعمال (غياب الماء الساخن في الفقيه بن صالح، ضرورة القيام بإصلاحات في مركز الزيات ونادي العمل الاجتماعي بفاس، مشكلة انخفاض درجة الحرارة خلال فصل الشتاء). وتباين ظروف الولوج إلى المغاسل وباقي المرافق الصحية حسب المراكز. ففي مركز مراكش (ذكور) مثلا لا يُسمح للأطفال استعمال المغاسل إلا مرة واحدة كل خمسة عشر يوما، بل أحيانا مرة واحدة كل شهر. كما أن نظافة المرافق الصحية سيئة، والمرافق بعيدة نسبيا، في كثير من الحالات عن المراقد، مما يجعل الولوج إليها صعبا. كما أن مواد النظافة البدنية غير كافية هي الأخرى أو لا توزع على الأطفال بانتظام. وهذا ما يفسر معاناة العديد من الأطفال من القمل والجرب... التغذية تبلغ ميزانية التغذية المرصودة يوميا لكل طفل 20 درهما، مما يجعلها غير كافية، كميا ونوعيا، لتغطية احتياجات الأطفال. ورغم أنه تم وضع برنامج للتغذية، فإن المراكز لا تستطيع تطبيقه بسبب غياب الإمكانيات. لا يتم دائما احترام المعايير الغذائية والمعايير الصحية للتغذية، وذلك بسبب سوء حالة بعض قاعات الأكل والمطابخ، وكذا بسبب الخصاص في تجهيزات وأواني المطبخ. علاوة على أن بعض المراكز لا تتوفر دائما على طباخ يعمل فيها بشكل دائم (الطباخ متطوع في مركزي الفقيه بن صالح والزيات، ولا وجود لطباخ في نادي العمل الاجتماعي بفاس طيلة أربع سنوات)، إضافة إلى النقص في عدد عمال المطابخ وافتقارهم لأي تأهيل. وأحيانا يهيئ الأطفال وجباتهم بأنفسهم خلال نهاية الأسبوع والأعياد. وقد طالب الأطفال المستجوبون بتحسين التغذية التي اعتبروها رديئة وغير كافية. وإجمالا، لا توفر ظروف الحياة في المراكز الحقوق الأساسية للأطفال المودعين، مما يشكل مسا بكرامتهم، ويعوق نموهم البدني والنفساني. صحة الأطفال لوحظ خلال الزيارات الميدانية المنجزة، معاناة عدد من الأطفال من مشاكل صحية: 59 حالة إصابة بأمراض جلدية ورئوية، بعضها معدٍ كالجرب وداء السل؛ 7 حالات إصابة بأمراض مزمنة كداء السكري والتهاب الكبد؛ 16 حالة إصابة بأمراض عقلية ونفسية؛ 19 حالة إعاقة بدنية ونفسية. وقد لوحظ أيضا أن عددا من الأطفال (ذكورا وإناثا) يعانون من مشاكل الإدمان على المخدرات، وأن الكثير منهم يحملون، جراء ذلك، ندوبا أحدثوها لأنفسهم. توجد قاعة للعلاج في 15 مركزا، لكن 6 من بين هذه القاعات فقط تتوفر على تجهيزات وأدوات علاجية. ولا تتواجد ممرضة إلا في ستة مراكز، كما أن الأطباء المتعاقدين معهم لا يحضرون إلى المراكز لفحص الأطفال إلا في حالات الاستعجال. وإذا كان الأطفال المرضى ينقلون إلى أقرب مستوصف، فإن غياب وسيلة نقل في بعض المراكز يجعل الأطفال الذين قد يصابون ليلا بوعكة صحية لا ينقلون إلى المستوصف إلا في الغد. كما أنه لا يتم إعلام وتحسيس العاملين في المراكز بالأساليب الوقائية وبالعلاجات الأولية الضرورية في حالات الاستعجال الطبي. وحين حلولهم بالمراكز، لا يستفيد الأطفال بشكل منهجي من الفحص الطبي، ذلك أن هذا الإجراء رهين بالإرادة الحسنة للمديرين والأطباء المتعاقد معهم. وإذا كان بعض المديرين صارمين في هذا الأمر، فهناك مديرون لا يرون جدوى في استدعاء الطبيب ويعتقدون أن الطفل معافى بمجرد النظر إليه بالعين المجردة. وبما أن الأطفال لا يُعرضون على الفحص الطبي حين حلولهم بالمراكز (الطب العام، طب الأمراض العقلية والنفسية)، فإنه لا يتم الكشف، في الوقت المناسب، عن المشاكل المرتبطة بالصحة النفسية والإدمان على المخدرات، الأمر الذي يجعل المربين يواجهون بمفردهم مشاكل تتجاوز قدراتهم. لا يستفيد الأطفال المصابون بإعاقة والأطفال المضطربون نفسيا من العناية والتكفل الملائمين، كما أنهم لا ينقلون، عند الاقتضاء، إلى مراكز مختصة. وليس متاحا دائما عزل الأطفال المصابين بأمراض معدية وذلك بسبب انعدام غُرف للعزل. ... الحماية والأمن يتعرض الأطفال لأشكال مختلفة من العنف البدني و/أو النفسي، سواء من طرف بعض المربين أو من طرف أطفال آخرين. وقد أكد الأطفال الأقل سنا تعرضهم للعنف والتعسف المُمارس عليهم من قبل أطفال أكبر منهم سنا أو أقوى منهم بنية أو عنيفين، كما عبروا أيضا عن شعورهم بالخوف والقلق، خاصة أثناء الليل. ولوحظ كذلك، خلال الزيارات، أن غياب مربين لمراقبة مجموعة من الأطفال يؤدي إلى تكليف أحد هؤلاء، أحيانا، بمسؤولية المجموعة، وفي هذه الحالة، يمكن ل"المسؤول" المُدعم بهذا التكليف أن يمارس العنف ضد أولئك الذين يتولى "حراستهم". ويشكل اختلاط الأطفال، وانعدام الحميمية في المراقد والنقص في التأطير عوامل مولدة للعدوانية والعنف مما يخلق توترات بين الأطفال جراء ذلك. ولأسباب أخلاقية، كان من الصعب التطرق مع الأطفال إلى موضوع التعسفات الجنسية. لكن بعض المؤطرين أشاروا، خلال إجراء المقابلات معهم، إلى وجود تعسفات جنسية بين الأطفال، خاصة وأن بعض الأحداث المحكوم عليهم بتهم اغتصاب أطفال يتقاسمون نفس المراقد مع آخرين أقل منهم سنا. وبالإضافة إلى ذلك, فلا توجد برامج للتربية الجنسية الموجهة للأطفال بهدف التحسيس والوقاية من السلوكات الجنسية العدوانية. كما يطرح أمن الأطفال المودعين مشكلة في المراكز ذات البنيات التحتية المتقادمة (أخطار وقوع حوادث)، وكذا في المراكز التي لا يخضع الدخول إليها إلى مراقبة صارمة مثلما عليه الحال بالنسبة لمراكز فاسومراكش، حيث تعرضت لهجومات بالسلاح الأبيض من لدن عصابات خارجية... الانضباط وآليات التظلم والانصاف أما بخصوص الانضباط، فإن عددا كبيرا من الأطفال المستجوبين يؤكدون أن العنف البدني يشكل الوسيلة "البيداغوجية" المعتمدة في تأديبهم. وتأخذ هذه العقوبات البدنية عدة أشكال: الجلد بواسطة أنابيب مطاطية، الضرب بالعصي، الصفع... كما صرح الأطفال أيضا بوجود وسائل أخرى للتأديب، من ضمنها الحرمان من بعض الأنشطة (الترفيه والخرجات والرياضة)، والشتم والتنكيل. ويتعرض الأطفال، أحيانا، لعقاب جماعي حيث تُعاقب المجموعة بأكملها بسبب ما ارتكبه أحد أفرادها. ولا يتم تقديم أي تبرير إثر هذه العقوبات للأطفال والذين يعتبرون الأمر بالتالي غير عادل. وينظر بعض العاملين المؤطرين، إلى الأطفال باعتبارهم مجرمين، عديمي التربية ومثيري فتن ولن ينجحوا أبدا في حياتهم. وقد صرح بعض المؤطرين، أثناء المقابلات معهم، أن العنف هو الوسيلة الوحيدة ل "تأديب" الأطفال، وأن العقوبات التي لا توظف العنف غير صالحة لهذا "الصنف". والواقع، أنه باستثناء بعض المؤطرين من ذوي الكفاءات البيداغوجية ( كفاءات تم الوقوف عليها خلال الزيارات) الذين يعتبرهم الأطفال المستجوبون قدوة، فإن العلاقات بين الأطفال والمربين موسومة بالعنف البدني والمعنوي، مما يعكس إرادة المربين في ضبط الأطفال و"تأديبهم" . إن العلاقة بين الأطفال والمؤطرين ليست منظمة ولا خاضعة لضوابط بواسطة مدونة للسلوك، وهي تختلف من شخص إلى آخر. إنها سلطوية تارة وأبوية تارة أخرى، وهي، في الحالتين معا، لا تسمح بإقامة علاقة تفاعلية بناءة. * فيما يخص ولوج الأطفال ضحايا العنف أو سوء المعاملة أو الانتهاكات أو الاستغلال، إلى آليات التظلم والانتصاف, فلا وجدود لأية إجراءات مسطرية يعرفها الأطفال جيدا وتضمن لهم حماية مؤكدة. فالشكايات القليلة التي يقوم أطفال بتقديمها يتم ذلك بطريقة غير رسمية ولا تتم معالجتها بشكل ملائم. حيث كشف بعض قدماء النزلاء الذين تم استجوابهم أن الطفل الذي يتقدم بشكاية إلى الإدارة يعتبر، كيفما كانت دواعي شكايته، عنصرا مشوشا، ويحرض الآخرين على التمرد وإثارة الفوضى. ونظرا لغياب آلية مؤسساتية للتظلم تضمن الاستماع للأطفال وحمايتهم، فإن الملجأ الوحيد أمامهم هو أصدقاؤهم (صديقاتهم) لمشاركتهم معاناتهم. مشاركة الأطفال في المسار القضائي تبين بوضوح خلال الزيارات الميدانية والمقابلات، أن حق الأطفال في الإخبار والاستماع لهم خلال المسار القضائي لا يتم احترامه إلا ناذرا وأن حماية الأطفال ومصلحتهم الفضلى ناذرا ما يؤخذان بعين الاعتبار، وذلك بالرغم من أن المقتضيات القانونية الوطنية تضمن هذه الحقوق بشكل كامل: - إن الأطفال يُحتجزون داخل مخافر الشرطة في ظل ظروف كثيرا ما تكون غير جيدة في انتظار إحالتهم على القضاء؛ - لا يتم إعلام الأطفال من طرف القاضي بمسطرة الإيداع ولا بحقوقهم؛ - لا يتم بشكل منهجي إشعار والدي الأطفال أو كافليهم؛ - لا تعطى الأولوية في التقديم أمام قاضي الأحداث للطفل الذي قضى ليلة كاملة في مقرات الشرطة ( حيث يضطر بعض الأطفال إلى الانتظار فترة طويلة من النهار في ردهات المحكمة قبل المثول أمام القاضي)؛ - لا يتم بشكل منهجي إجراء تقييم طبي ونفسي للأطفال، خاصة الحاملين منهم لأعراض الاضطرابات السلوكية و/أو الإدمان؛ - يتم تقديم المساعدة القضائية في آخر لحظة، وأحيانا في ردهة الانتظار قبيل المثول أمام القاضي؛ - كثيرا ما لا يؤخذ رأي الطفل بعين الاعتبار؛ - يظل اللجوء إلى مسطرة الصلح ضعيفا؛ - لا تساعد المدد الطويلة التي يستغرقها إنجاز الأبحاث الأسرية على اتخاذ مقررات سريعة من طرف القاضي بخصوص طرق التكفل المتناسبة مع وضعية الطفل؛ - إن اللجوء إلى الإيداع في المراكز يحظى بالتفضيل إلى حد كبير عوض تسليم الطفل للأسرة أو إلى فضاء مفتوح تحت نظام الحرية المحروسة، وغالبا ما يتم ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفضلى للطفل؛ - إن تتبع الأطفال، الذي هو من اختصاص القاضي، كما يقضي بذلك القانون، يتميز بالعشوائية. وهذا ما يؤدي غالبا إلى إيداعات طويلة المدة بسبب عدم مراجعة التدابير القضائية الأولية. إن هذه الاختلالات ناجمة عن عدة عوامل مرتبطة ب: - عدم إلمام الفاعلين المتدخلين في مجال الطفولة بالقوانين، وكذا الأطفال وعائلاتهم؛ - نقص في الموارد البشرية المؤهلة، كقضاة الأحداث، والقائمين مقام ضباط الشرطة القضائية المكلفين بحماية الأحداث والعاملين الاجتماعيين؛ - نقص في التكوين في مجال القوانين والمساطر في أوساط ضباط الشرطة، والقضاة، ووكلاء الملك والعاملين الاجتماعيين، بل وحتى المحامين؛ - النقص في المراقبة الفعلية لمراكز الشرطة من طرف النيابة العامة، وفق الطرق المقررة من لدن المشرع؛ - نقص في الوسائل المادية واللوجيستيكية. حالات الفرار من المراكز أكد أغلبية الأطفال المستجوبين أنهم لا يطيقون الحياة في المركز وأنهم سيحاولون الفرار، أو سبق لهم القيام بذلك واعتقلوا من طرف الشرطة وقدموا إلى المحكمة وأعيد إيداعهم في المركز. وحسب تصريح مساعد تربوي تم إجراء استجواب معه، فإن عمليات الفرار تتزايد خلال العطل وفي فصل الصيف. وعادة ما يفر الأطفال مدمنو المخدرات أو الكحول قصد الحصول عليها أو التزود بها. وقد ارتفع عدد محاولات وعمليات الفرار خلال السنتين الأخيرتين: 187 محاولة فرار و266 عملية فرار سنة 2011؛ وفي سنة 2012 بلغت عدد محاولات الفرار 208 محاولة وعدد عمليات الفرار 342 عملية . مراكز حماية الطفولة مراكز حماية الطفولة مؤسسات سوسيو-تربوية تابعة لوزارة الشباب والرياضة، تستقبل، بمقتضى مقرر قضائي، الأحداث الذين ارتكبوا مخالفات جنائية تطبيقا لمقتضيات الفصلين 471 و481 من قانون المسطرة الجنائية، وكذلك الأطفال في وضعية صعبة طبقا للفصل 512 من نفس القانون . تضطلع هذه المراكز بدور إصلاح الأحداث المودعين لديها بمقرر قضائي وإعادة إدماجهم، وخاصة عن طريق: - صياغة توصيات ومشاريع تربوية من شأنها مساعدة السلطة القضائية على اتخاذ المقرر المناسب المتعلق بالطفل؛ - تقديم خدمات اجتماعية وتربوية وصحية؛ - ضمان التكوين دراسي والمهني للطفل؛ - العمل على ترسيخ الروابط بين الحدث ووسطه العائلي. تشتمل مراكز حماية الطفولة على ثلاثة فروع: أ . فروع الملاحظة التي يحال عليها الأحداث مؤقتا لمدة تتراوح بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر، وهدفها دراسة شخصية الطفل ومساره وجمع المعطيات حول وسطه العائلي والاجتماعي. ب . فروع إعادة التربية التي تستقبل الأحداث المحتاجين إلى الرعاية وإعادة التربية بعد تقييم المرحلة التي قضوها في فرع الملاحظة، وهدفها جعل الجانحين يكتسبون القواعد الاجتماعية وتكوينا مدرسيا ومهنيا، وتقوية الروابط بين الحدث ومحيطه العائلي، وبينه وبين الوسط الخارجي. ج. أندية العمل الاجتماعي وهي مخصصة للأحداث الذين تابعوا دراستهم في مراكز إعادة التربية قصد تمكينهم من متابعة الدراسة في مؤسسات خارجية تابعة لوزارة التربية الوطنية... وبالإضافة إلى مراكز حماية الطفولة، توجد مؤسسات "الوسط الطبيعي" الهادفة إلى التكفل الاجتماعي والتربوي وإعادة الإدماج العائلي والاجتماعي للأحداث الخاضعين لنظام الحرية المحروسة، وللأطفال الذين سبق أن استفادوا من خدمات مراكز حماية الطفولة و لازالوا في حاجة إلى تكفل تربوي ومساعدة اجتماعية. وتشتمل مؤسسات الوسط الطبيعي على نظامين: - نظام الحرية المحروسة: - مصلحة التتبع المكلفة بتتبع الأطفال الذين غادروا مؤسسات حماية الطفولة . تتكون شبكة مراكز حماية الطفولة حاليا من 20 مركزا (مراكز وطنية وجهوية وأندية العمل الاجتماعي)، موزعة كما يلي: 15 مركزا للذكور (أگادير، مراكش، بن سليمان، الفقيه بن صالح، برشيد، الناظور، وجدة، طنجة، تمارة، مركزان في فاس، مكناس، تيط مليل، العرائشوالدارالبيضاء)، 5 مراكز للفتيات (مراكش، مركزان في الدارالبيضاء، أگادير وفاس). والجدير بالذكر أن مركزي تيط مليل والعرائش مغلقان حاليا من أجل إعادة التأهيل، ومعهما نادي العمل الاجتماعي بالدارالبيضاء. خلاصات وتوصيات مكنت الزيارات الميدانية، التي قام بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مراكز حماية الطفولة، من الوصول إلى ملاحظات مفادها أن إيداع الأطفال في هذه المراكز غير ملائم لقواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل، وقد برز هذا الأمر بشكل جلي في جميع مراحل عملية الإيداع: غالبا ما تشكل عملية الإيداع أول تدبير يتم اللجوء إليه، مما يجعل العديد من تدابير الإيداع غير مناسبة؛ لا تضمن طرق مشاركة الأطفال في المسار القضائي حق الطفل في الاستماع إليه وفي التوفر على مساعدة قانونية مناسبة؛ لا يوفر المحيط المؤسساتي الشروط اللازمة لأمن الأطفال وحمايتهم ونموهم البدني والنفسي؛ يشكل العنف وسيلة التأديب المفضلة في المؤسسات؛ تظل برامج التكفل بالأطفال وتتبعهم غير كافية بشكل كبير، وهي لا تضمن إعادة تربية ذات جودة ولا إدماجا اجتماعيا مستداما؛ تتميز المراجعة الدورية لأوضاع الأطفال المودعين من طرف القضاة بالعشوائية، مما يؤدي إلى إيداعات طويلة المدة حتى عندما تنتفي دواعيها؛ إن آليات الانتصاف والشكوى ليست متاحة للأطفال ضحايا العنف أو الانتهاكات أو الاستغلال. وبهدف ملاءمة إيداع الأطفال مع قواعد ومعايير اتفاقية حقوق الطفل، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوصي بما يلي: 1- على المستوى السياسي: تنفيذ إستراتيجية وطنية للحماية المندمجة للأطفال في تماس مع القانون، ومتلائمة مع المعايير الدولية: - يجب أن تكون هذه الإستراتيجية شاملة، وأن تتضمن: وضع بدائل للحرمان من الحرية؛ وبدائل للإيداع في المؤسسات؛ - يجب إيلاء أهمية قصوى للوقاية من جنوح الأطفال وإقصائهم وتعاطيهم للمخدرات، كما يجب تنفيذ سياسة اجتماعية لدعم العائلات في وضعية صعبة؛ - يجب توفير الموارد البشرية والمادية اللازمة لتنفيذ هذه الإستراتيجية؛ - يجب أن تخضع هذه الإستراتيجية لآليات التتبع والتقييم. 2- على المستوى التشريعي: ضمان التنفيذ الفعلي للقوانين: - رصد الوسائل المادية والموارد البشرية المؤهلة اللازمة (ضباط الشرطة القضائية المكلفون بحماية الأحداث، قضاة الأحداث، قضاة التحقيق مع الأحداث، وكلاء الملك، المحامون)؛ - وضع بدائل للحرمان من الحرية؛ - ضمان حق الأطفال في الإخبار والاستماع إليهم خلال المسطرة القضائية؛ - ضمان المساعدة القانونية المناسبة للأطفال؛ - إعطاء الأولوية للصلح في حالات الجرائم البسيطة؛ - الإسراع بإشعار الوالدين؛ - السهر على إجراء الفحص الأولي الطبي والنفسي للأطفال قبل إيداعهم؛ - تتبع الأطفال المودعين، بشكل منهجي، من لدن القاضي؛ - مراقبة مقرات الاحتجاز الإداري للأطفال (مقرات مخافر الشرطة والدرك). 3- على المستوى المؤسساتي: التحديد الواضح للوزارة المكلفة بتنسيق تنفيذ وتتبع إستراتيجية حماية الأطفال في تماس مع القانون: - توضيح أدوار ومسؤوليات أهم الوزارات المعنية، أي وزارة العدل والحريات ووزارة الشباب والرياضة ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية؛ - وضع آليات للتنسيق وآليات لتقديم الحسابات بين مختلف الهيئات المتدخلة؛ - تحديد معايير لتنظيم المراكز؛ - وضع آليات للإشراف على المراكز ومراقبتها؛ - وضع برامج بيداغوجية-تربوية ونفسية-اجتماعية مناسبة تهدف إلى التكفل المتعدد التخصصات بالأطفال المودعين وتتبعهم؛ - وضع بدائل للإيداع في المؤسسات مطابقة لمبادئ الأممالمتحدة التوجيهية للرعاية البديلة للأطفال؛ - وضع "عقود-برامج" تنظم الشراكات مع القطاعات الوزارية الأخرى (الصحة، التربية، التكوين المهني) والجمعيات. ومن اللازم أن تتضمن هذه العقود بنودا تحدد بدقة أدوار كل طرف، والوسائل المرصودة والجدولة الزمنية، بالإضافة إلى ترتيبات التتبع والتقييم؛ - وضع نظام ممركز وموثوق للمعلومات يسمح بتتبع تطور عدد الأطفال المودعين ووضعياتهم. 4- على مستوى التكوين وتقوية القدرات: وضع إستراتيجية تكوينية للعاملين المتدخلين لدى الأطفال المودعين: - يجب أن تتضمن هذه الإستراتيجية مراجعة التكوين الأولي الملقن في المعهد الملكي لتكوين الأطر، لكي تدرج ضمنه وحدات دراسية متعلقة بحماية الطفولة؛ - يجب أن تبرمج هذه الإستراتيجية أنشطة للتكوين المستمر موجهة لتقوية قدرات الفرق التربوية؛ - يجب أيضا أن تجعل هذه الإستراتيجية تكوين الباحثات الإجتماعيات مماثلا، من حيث المستوى، لتكوين المساعدات الاجتماعيات؛ - يجب أن يتم التقييم المستمر للأداء المهني للعاملين المكوَنين بشكل منهجي. 5- وفي الختام، وبهدف حماية الأطفال ضد جميع أشكال العنف وسوء المعاملة والتعسف والاستغلال، فمن اللازم وضع وإعمال آليات للتظلم والانتصاف لفائدة الأطفال، يجب أن تكون: - مستقلة ؛ - مناسبة للأطفال؛ - سبل الولوج إليها ميسرة لجميع الأطفال بدون أي تمييز؛ - تضمن حماية المصلحة الفضلى للأطفال.