عبرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو« عن أسفها وألمها لاحتراق الجامع الأعظم في مدينة تارودانت صباح يوم الثلاثاء، بسبب تماس كهربائي أدى إلى اشتعال النار في هذا «الجامع التاريخي المهم». وذكرت المنظمة في بيان لها بأن هذا الجامع الكبير السعدي، يعد أحد أهم المعالم العلمية والتاريخية التي كان لها إشعاع كبير في مختلف عصور المغرب. واعتبرت أن فقدان هذا الجامع الكبير المتميز بعمارته الجميلة وصومعته النادرة، والذي كان منارة للعلم والتقوى، تخرج منه علماء وفقهاء كرام أغنوا مجالات المعرفة الإسلامية بعطائهم، هي «خسارة كبيرة لمعلم من أهم وأعرق المعالم الحضارية في المغرب وفي العالم الإسلامي». ودعت «الإيسيسكو» الجهات المختصة إلى «العمل سريعا على إعادة بنائه وفق الوضع الذي كان عليه»، مبدية استعدادها للإسهام في ذلك. من جانبه أكد نور الدين صادق، أستاذ باحث في التاريخ والتراث ورئيس الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بنبرة أسى أن «تارودانت اليوم وعموم المغرب، عرف فاجعة كبيرة تتمثل في ضياع إحدى المعالم الوطنية الكبرى، معلمة وطنية بامتياز على المستوى الديني والفكري والثقافي والعلمي والسياسي كذلك». وتغطي هذه المعلمة التاريخية، التي يرجح أنها قد شيدت في عهد المرابطين أو الموحدين، مساحة إجمالية تصل إلى 3214 مترا مربعا منها 2614 مترا مربعا مغطاة وتتسع لحوالي 4000 مصل. كما تتوفر على صومعة بعلو 27 مترا وعلى ستة أبواب، بالإضافة إلى مدخل للنساء ومدخل للإمام وكتاب قرآني وقاعة للصلاة وبهو ومقصورة ،وسرعان ما تحول إلى معلمة حضارية كبرى، بحيث يعتبره الباحثون « أكبر الجامعات المغربية إلى جانب جامعة القرويين بفاس. وتخرج منه كبار العلماء والفقهاء والمفتين والقضاة الذين حرسوا المذهب المالكي وطوروه على الطريقة المغربية ولم يقتصر الجامع الكبير على تدريس العلوم الدينية فقط، بل كانت فيه كراسي العلم في المنطق والرياضيات والطب والفلك وغيرها من التخصصات الأخرى وتعتبر «النقوش الخشبية والزخارف التي يتضمنها هذا المسجد، غاية في الروعة لا تضاهيها إلا زخارف سقوف جامع القرويين بفاس»، مشيرا إلى أنه بفقدان هذا المسجد «يفقد المغرب معلمة معمارية وحضارية كبرى» قبل أن يوجه نداء «إلى كل الضمائر الحية بهذا الوطن وكل المسؤولين على مختلف مراتبهم للتضامن من أجل إعادة هذه الجوهرة إلى عقدها داخل سوس وداخل حاضرته العلمية تارودانت». وهي الدعوة التي أكدها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، يوم الثلاثاء بتارودانت، بأن مجموعة من الخبراء الفنيين تضم مكتب دراسات ومهندسين من الوزارة، سيباشرون، ابتداء من يومه الخميس التقييم الفني للخسائر التي لحقت بالمسجد الكبير لتارودانت إثر الحريق الذي شب في هذه المعلمة التاريخية والدينية. وأوضح التوفيق في تصريح للصحافة أن نتائج الدراسة التقنية المرتقبة هي التي ستكشف «ما هو الجانب الذي يمكن ترميمه ترميما فنيا إذا أمكن، لأننا نحرص على كل شبر في هذا المسجد». وأبرز الوزير، الذي قام بزيارة إلى موقع الحريق رفقة عامل إقليمتارودانت وممثلي السلطات المحلية وأعضاء المجلس العلمي المحلي وخبراء من مديرية المساجد الوزارة أن «إعادة البناء التي ستقع ستضمن لهذا المسجد كامل الاحتياطات في السلامة، وسنعيد له في نفس الوقت رونقه الفني والمعماري النبيل الذي تفتخر به تارودانت و المغرب بأجمعه».