أكد المشاركون والمشاركات في الندوة الدولية التي نظمتها فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة حول موضوع «الحقوق الإنسانية للنساء: أي آفاق سياسية في بلدان الربيع وعموم المنطقة؟?، يومي 26 و27 أبريل 2013، على أن الحقوق الإنسانية والكونية للنساء شرط أساسي للبناء الديمقراطي بدول الربيع وعموم المنطقة العربية والإسلامية، وحذروا من تصاعد وتيرة التراجع عن حقوق الإنسان عامة وحقوق النساء خاصة، بعد تصاعد حدة العنف الممنهج والمنظم ضد النساء وتعدد أشكاله وتنامي الحملات المسعورة ضد فعاليات المجتمع المدني، سواء منها الناشطات والفعاليات النسائية أو الشخصيات الحقوقية من الديمقراطيين والتقدميين والمتنورين والعلمانيين المدافعين عن حقوق المرأة بالمنطقة، وكذا حملات التكفير وفتاوى القتل ضد كل من يدافع عن حقوقها... أكد المشاركون والمشاركات في الندوة الدولية التي نظمتها فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة حول موضوع «الحقوق الإنسانية للنساء: أي آفاق سياسية في بلدان الربيع وعموم المنطقة؟?، يومي 26 و27 أبريل 2013، على أن الحقوق الإنسانية والكونية للنساء شرط أساسي للبناء الديمقراطي بدول الربيع وعموم المنطقة العربية والإسلامية، وحذروا من تصاعد وتيرة التراجع عن حقوق الإنسان عامة وحقوق النساء خاصة، بعد تصاعد حدة العنف الممنهج والمنظم ضد النساء وتعدد أشكاله وتنامي الحملات المسعورة ضد فعاليات المجتمع المدني، سواء منها الناشطات والفعاليات النسائية أو الشخصيات الحقوقية من الديمقراطيين والتقدميين والمتنورين والعلمانيين المدافعين عن حقوق المرأة بالمنطقة، وكذا حملات التكفير وفتاوى القتل ضد كل من يدافع عن حقوقها... وهي مؤشرات -يؤكد المتدخلون والمتدخلات- تستوجب الكثير من اليقظة والحذر، لأنها تنذر بتقهقر العالم العربي والإسلامي بالعودة إلى القرون الوسطى، وما يعنيه ذلك من إجهاز على حقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة، سواء منها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. كما حذروا من وقوع المنطقة تحت مطرقة المد الخليجي الوهابي الممول للتيارات الإرهابية وسندان التيار الشيعي الإيراني المتطرف. وكان للشهادات التي قدمها المتدخلون والمتدخلات من كل من تونس، ليبيا، مصر، تركيا والمغرب عن تدني حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة مباشرة بعد صعود التيارات الإسلامية المحافظة إلى السلطة بهذه الدول وقعا شديدا أثار الكثير من المخاوف والتوجسات على مستقبل المنطقة، خصوصا مع تكتل القوى المحافظة المتطرفة، مقابل تشتت القوى الديمقراطية والتقدمية والعلمانية... ففي تونس يسعى الإسلاميون إلى شرعنة زواج القاصرات وتعدد الزوجات والعودة إلى قانون الرق بالمطالبة بحق كل تونسي في اتخاذ جارية إلى جانب زوجته، والتمتع بما ملكت يمينه. ودستوريا يسعى الإسلاميون إلى حذف مبدأ المساواة بين المرأة والرجل لصالح مبدأ التكامل بين الجنسين، حيث -يقول الأستاذ سعيد الكحل- «لم تعد المرأة مساوية للرجل بل مكمّلة له، الأمر الذي يضعها موضع التبعية وينزلها درك الدونية، وهي التي مثلت النموذج الأرقى على مدى عقود خلت». وفي مصر تم الإعلان عن اعتماد الشريعة في الحكم وتم حلق رؤوس التلميذات غير المحجبات وضربهن ومنعهن من اجتياز المباريات والامتحانات. كما تم القبض على العشرات من المتظاهرات وتم إخضاعهن لكشف العذرية. ولعل جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب الممنهجة والمنظمة، التي طفحت بها الميادين -يقول الأستاذ الكحل- «هي من فظاعات الثورة، لدرجة أن «فوكس نيوز» العالمية لم تتردد في اتهام جماعة الإخوان المسلمين بتأجير العصابات لتنفيذ جرائم الاغتصاب الجماعي كأسلوب لترهيب الفتيات ومنعهن من المشاركة في الاحتجاجات، وذلك بمباركة مجلس الشورى الذي حمل النساء وحدهن مسؤولية الاغتصاب الذي يتعرضن له بسبب خروجهن في المظاهرات». وأكدت المتدخلات على ضرورة تبادل الخبرات وتكاتف الجهود بين نساء دول المنطقة وعلى ضرورة خلق شبكة تواصل دولي وإيجاد إطار موحد ليس فقط على الصعيد الوطني أو الإقليمي، بل على المستوى الدولي والكوني للتصدي للتيارات الإسلامية المتطرفة المنتجة والمروجة والمصدرة للعنف والإرهاب ضد الإنسانية جمعاء والمهينة والمحقرة للمرأة والتي كشفت مجريات الأحداث بعد ثورات الربيع عن خطورتها وهمجيتها وعرت المستور فيها, كما تأكد للعالم زيف شعاراتها حول الديمقراطية والمشاركة والحرية والعدالة وضبابية الرؤيا لدى قاداتها بعد وصولهم للسلطة وأثبتت شدة استبدادهم وقوة بطشهم واستهتارهم واستخفافهم بالمواثيق والمعاهدات الدولية وحتى الدينية عندما تتعارض ومصالحهم أو تهدد كيانهم. ففي مصر باتت سيناء تحت سيطرة التنظيمات المتطرفة التي نفذت عمليات إرهابية ضد القوات العسكرية والأمنية. وأمام ضعف الدولة المصرية، يوضح الأستاذ الكحل، «لم يكتف المتطرفون بتوجيه تهديد للرئيس مرسي إن هو تجرأ على محاربتهم، بل نظموا استعراضا عسكريا بداية أبريل 2013 بمختلف الأسلحة الآلية المحمولة على السيارات نصف نقل ذات الدفع الرباعي. أما في ليبيا فيزداد خطر التطرف والإرهاب يوما بعد آخر وباتت أجزاء كبيرة من جنوب ليبيا تحت سيطرة التنظيمات المتطرفة التي تستهدف مؤسسات الدولة (البرلمان، وزارة العدل، الثكنات العسكرية) وقبلها الهجوم على القنصلية الأمريكية وقتل السفير وثلاثة من مساعديه». كما أكد الحضور على ضرورة العمل على مستوى القاعدة الشعبية من أجل تصحيح المفاهيم والتصورات والرؤى وتصحيح التصور المغلوط للدين والصورة المشوهة التي يروجها الإسلاميون الظلاميون ضد التيار العلماني المتنور بدول المنطقة، خصوصا أنه البديل المعول عليه لإخراج دول المنطقة من عنق الزجاجة ضد تيار متأسلم يسعى لتطبيق شريعة على مقاسه ووفق هواه ومصالحه بترويجه لتفاسير مشوهة للشريعة السلامية، ومزايدته سياسيا باسم الدين والشريعة وإباحته خرق المحرمات ورمي المحصنات وشرعنته للرذيلة بإصدار فتاوى غريبة وخطيرة تستبيح أجساد النساء -يوضح الأستاذ سعيد الكحل- كفتوى جهاد المناكحة «(فتوى المصاحبة) التي تقضي أن يصاحب الجهاديون نساءهم إلى سوريا ليضعوهن رهن إشارة الجهاديين للاستمتاع بهن نظرا لقلة أعداد مجاهدات المناكحة وكثرة الجهاديين، مما يؤدي إلى نشوب نزاع بين «المجاهدين» على النساء»... وفتاوى أخرى تكفر وتهدر أرواح العباد كما حدث مع الأستاذ محمد عصيد من المغرب، وكذا قتل شكري بلعيد من تونس... مما يجعل توجه هذه التيارات الإسلامية المتطرفة بعيدا كل البعد عن مبادئ الإسلام الإنسانية والكونية السمحة التي تدعو لتعايش كل الأديان والطوائف والأقليات، وتحث على اللين والرفق في التعامل مع الأفراد والجماعات حتى المخالفة والمعارضة. وأكد الأستاذ محمد عصيد، في مداخلته، أنه رغم الخطوات الإيجابية التي تحققت في المغرب، لم تتوفر كل الضمانات لتحقيق المجتمع الديمقراطي، نظرا لأزمة الثقة لدى المواطن في مؤسسات الدولة التي عمقتها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والبطالة والتنافسية الانتخابية، وأوضح أن الانتخابات السابقة لم تستطع إعطاء الشرعية لهذه المؤسسات، مما نتج عنه عزوف عن التصويت في الانتخابات التشريعية الأخيرة. وانتقد الأستاذ عصيد التيار الإسلامي المتحزب، الذي يفرغ المضمون السياسي من مدلوله، حين يعطي حقوق الإنسان تعريفًا مغايرا، حتى لا يثبت أنه ضد حقوق الإنسان. وقدم مموعة من المقترحات، منها عدم التخلي عن منظومة إصلاح التعليم، وجعلها تتماشى مع حقوق الإنسان، معتبرا أن المقررات الدراسية ما زالت تعرف تعثرا وتناقضا من شأنهما أن يخلقا اضطرابا نفسيا لدى المتعلم ويحولا دون تربية سليمة للأجيال. أما على مستوى الإعلام، فيرى عصيد أنه لا بد من معركة لاستقلال الإعلام عن السلطة، حتى يكون مرآة للمجتمع. من أهم المداخلات أيضا مداخلة الأستاذ محمد الصغير جنجار حول الثورات وتحدي بناء نموذج العيش المشترك، حيث أوضح أنه بعد لحظات الحماس والنشوة الأولى التي صاحبت الثورات والانتفاضات وإسقاط الآلة السلطوية، استفاق صناع العهد الجديد وانتبهوا إلى كونهم لا يملكون مفاهيم وتصورات موحدة عن الإنسان والزمن والتاريخ والدولة والهوية والفرد، ولا عن الحدود بين الخاص والعام. فما أن انطلقت أولى محاولات بناء المؤسسات الجديدة (الانتخابات، وضع الدساتير، القوانين، بناء أسس العدالة الانتقالية، إلخ) حتى اتضح للفاعلين أنهم لا يحملون تصورا مشتركا لنموذج العيش المشترك. ومن ثم فقد أصبحت أولوية زمن ما بعد الثورة هي العمل على التوسيع المتواصل لمساحات نموذج للعيش المشترك يتقاسمه أكثر ما يمكن من المواطنين، نموذج يضمن للجميع الحقوق والحريات الأساسية، نموذج يجعل الشعوب المعنية تدخل نادي الإنسانية وتشاركها قيمها ومعاييرها. وأشار الأستاذ جنجار إلى أن شعوب المنطقة ظلت لزمن طويل مترددة بين الأمن والحرية. ووجدت نفسها، الآن وقد اختارت الحرية، محرومة من لغتها وآليات تفكيرها لاستبطان قيمها. وبعد سقوط السلطوية طفت على سطح المعترك السياسي مشاريع مجتمعية متضاربة، وسرديات متناقضة. وأبرز الأستاذ جنجار أن بناء نموذج للعيش المشترك، يقتضي الاتفاق مبدئيا حول (أسس العيش المشترك)، أي المبادئ والقيم المؤسسة التي لا تقبل التفاوض (طابع القدسية آو التعالي)، وهي تلك التي تجسدها حقوق الإنسان في صيغتها الكونية الحديثة، لأن حقوق الإنسان كمعيار كوني حديث، تشكل الضمانة لتحقيق كرامة الإنسان باعتباره هدفا وغاية في حد ذاته وليس مجرد أداة أو وسيلة يمكن لهذه الإرادة أو تلك أن تستخدمها على هواها. ومن ثم فاعتبار الإنسان غاية في ذاته معناه أنه قيمة مطلقة غير قابلة للتفاوض مع أية سلطة كانت. ومعناه أيضا أنه مستقل بذاته لا يخضع إلا للتشريع النابع من ذاته (القوانين يضعها البشر)؛ وذلك -يقول الأستاذ جنجار- هو معنى الحرية أي الخضوع واحترام القوانين التي أنت واضعها. وأوضح أن للعيش المشترك آليات أو أدوات تساهم في تجسيد الأسس والمبادئ على الأرض في المجتمع والسياسة. وهي آليات تم اختصارها في أربعة مفاهيم: * الانتخابات التداول. * النقاش العمومي, الفضاء العام والمجتمع المدني, الحرية. * القرار, ممارسة الحكم والحكامة. * تقديم الحساب. وأوضح الأستاذ جنجار أن الديمقراطية باعتبارها نموذجا للعيش المشترك بين أفراد يختلفون في تصوراتهم للخير والشر، للحال والمآل، ليست آليات حسابية (أغلبية عددية) فقط، بل هي نظام مجتمعي. كما أوضح أن شعوب المنطقة لم تتفق بعد على قاموس مشترك للحرية. كما أكد أن نموذج العيش المشترك الديمقراطي يقتضي إعادة تشكيل للعلاقات والحدود بين الخاص والعام كمجالين متمايزين وفي صلب هذا التشكل الجديد، أساس حديث هو تصور للذات, ذات ليست لها فقط اختياراتها السياسية والدينية والأخلاقية والجمالية، بل لها حميميتها، حيث تبني قيمها في الحب والجمال والذوق الأكل، الشراب، اللباس... بكل حرية ومن دون أي ضغط أو إحساس بالذنب أو العار. ويؤكد: «نحن اليوم أمام اختيار الحرية الذي يقتضي الخروج من هذيان الهوية المتوحشة، الهويات القاتلة، لبناء هويات مرحة منفتحة على المشترك الإنساني. وركز على المواطنة بكونها صفة الفرد الحديث في الفضاء العام المنظم بتعاقد سياسي، كائن مجرد لا يتحدد لا بلونه أو دينه أو تقاليده وميوله واختياراته الجمالية... بل هو موضوع تعاقد يحدد حقوقه وواجباته، ويضعه مساويا للآخرين أمام القانون وينتمي المواطن للدولة-الأمة الحديثة التي لها ترابها وسيادتها ومؤسساتها. ويرتبط بالآخرين بموجب رابطة المواطنة. ويوكد الأستاذ جنجار، في الأخير، أن زمن السلطوية والزعامات المقدسة قد انتهى، وأن هناك نزوعا قويا في المجتمعات نحو مأسسة الحرية وتحقيق كرامة الإنسان. وهذا أمر يقتضي حدا أدنى من التوافق الوطني«، أي نموذج العيش المشترك. ومن ثم ، يقول الأستاذ جنجار، إن أولى الأولويات هي إحداث الميكانيزمات التي تدخل المرونة والحيوية في السياسات الانتقالية، أي التوافق حول أسس نموذج العيش المشترك، تشغيل طاقات الاختراع الديمقراطي، صياغة الدساتير، بناء المؤسسات، وضع القواعد الجديدة... مشيرا إلى أن اللحظة الحالية في مجتمعات ما بعد انتفاضات الربيع، خصوصا تونس ومصر، هي لحظة مفصلية، لأن نتائجها سيكون لها تأثير واسع على باقي مجتمعات المنطقة. وأكد أن الحركة النسائية تتوفر، في هذه اللحظة الصراعية والتفاوضية والتأسيسية، على مجموعة مكاسب، كما تملك أوراقا وأسسا غير قابلة لأي تفاوض، باعتبارها جزءا من أسس كل مجتمع ديمقراطي حر يضمن كرامة الإنسان. وحددها قائلا: - لا تفاوض حول منظومة حقوق الإنسان الحديثة بمكاسبها وآفاقها المستقبلية، لأنها الضامنة للحريات وللمساواة الكاملة بين الجنسين، والمؤسسة أيضا للمناصفة كأفق مجتمعي سياسي لا غنى عنه. - لا تنازل أيضا عن المدونات الأسرية المتقدمة (تونس، المغرب) مع ضرورة مواصلة ملاءمتها مع المعيار الكوني؛ وذلك باعتبارها تساير مبدأ المساواة والعدل والحرية، كما تساير حركة المجتمع وتطلعاته، وتساهم في صياغة نموذج العيش المشترك الذي يدمجنا في المشترك الإنساني الكوني. - لا مجال أمام قوى المجتمع المدني الحاملة لقيم الحداثة إلا أن تصارع بكل الوسائل المدنية والحضارية المتوفرة على جبهات العلمنة، والتربية والثقافة والفن والتعدد اللغوي لكسب أكثر ما يمكن من مساحات الحرية، لأن في هذه الجبهات تصاغ الرؤية الجديدة للإنسان والزمن والتاريخ والهوية والمستقبل. وقد شارك في هذه الندوة التي عقدت بالدار البيضاء, العديد من الأساتذة خبراء وباحثات وباحثين مهتمين بحقوق النساء، وناشطات وفاعلات جمعويات من كل من مصر، تونس، ليبيا، المغرب، تركيا، بلجيكا، فرنسا وإسبانيا. وتضمنت الندوة أربعة محاور: « الأوضاع السياسية، ماهو الوضع السياسي اليوم في بلدان ربيع 2011؟»، «النسوية المفاهيم، والاتجاهات، قضايا التواصل والضغط والآليات الدولية»، «قضايا النوع والديمقراطية وحركات الإسلام السياسي». وانتهى اللقاء، الذي استمر يومين وعرف نقاشا غنيا ومستفيضا في يومه الأول، بعقد جلسة مغلقة ضمت العديد من الجمعيات والمنظمات النسائية، تم خلالها تداول المحور الرابع «من أجل إستراتيجية إقليمية للدفاع عن حقوق النساء».