لا تفصلنا عن الموعد السنوي للعمال في العالم سوى أيام معدودات. وسيكون التخليد هذه السنة ذا طابع خاص للغاية، نظرا للظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر منها البلاد. وقبل هذا وذاك، هناك، أولا وقبل كل شيء،الوضع الذي تمر منه قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية وتحصين استرجاع أقاليمنا الصحراوية. والعمال، طليعة السلم والدفاع عن الأرض، ومهد الحركة الوطنية وسورها الذي رفعها، وحراسها الدائمون، يدركون بفطرتهم النضالية وبوعيهم أن البلاد التي تتهددها المخططات، وهي هنا المخططات الأمريكية، لا يمكنها أن تضمن الحياة الكريمة ولا الوجود الحقيقي لعمالها وشغيلتها وموظفيها، من كل الفئات والأعمار والمستويات. ويدركون أنهم، أكثر من أي وقت مضى، عماد بلادهم، وعليهم أن يكونوا سواعده في الدفاع عن حدوده ووجوده. وفي ظل الارتباك الحكومي، وطنيا، تتضاعف الوضعية مع الراهنية الاقتصادية والاجتماعية. وبخصوص أوضاعهم، فهم يعونها أكثر من أي طرف آخر، والقادم من الأيام لا يبدو أنه سيغير كثيرا إن لم تزدد الأمور سوءا. واليوم لا تجد الحكومة من وسائل للإقناع سوى الهجوم على التظاهرات النقابية، والقمع والاقتطاعات بدون مبررات قانونية، والمتابعات التي تتم بموجب فصل يعود إلى الفترة الاستعمارية، حوكم به النقابيون الوطنيون المؤسسون لانحياز الشغيلة إلى وطنها. يضاف إلى كل ذلك، الوضع المرتبك في معالجة التقاعد وصندوق المقاصة، وغياب أي رأي لإصلاح ضريبي، يساهم فيه كل حسب ثروته. هناك إقرار من جزء في الحكومة بوجود أزمة خانقة. والبلاد تسير بسرعة غير مسبوقة نحو التخلي عن سيادتها المالية، لفائدة القوى الرأسمالية والبنكية الدولية، وكل المؤشرات تشير إلى وجود خيارات ليبرالية متوحشة، تشتغل تحت شعارات فضفاضة، لعل أهمها التمسح بالتماسيح والعفاريت، عوض الإنكباب الجدي على ما تعرفه البلاد وسياستها العمومية. والشغيلة المغربية لا يمكنها أن تسمع صوتها أو تفرض على الحكومة التعامل الجدي معها، إذا ما هي ظلت في منأى عن العمل المشترك، الجدي والمسؤول، والذي يستحضر الظروف التي نعيشها اليوم كوطن وكشعب. ينتظر الرأي العام وعموم الفاعلين بترقب كبير ماذا سيقدم مناضلو النقابات الفاعلة والمؤثرة، في فاتح ماي المقبل، ومدى الوعي العميق بإشكاليات الوطن والبلاد. فاتح ماي دائما استثنائي، لكنه في السنة الثانية بعد الربيع المغربي، يكتسي لونا مغايرا ودقة غير مسبوقة، للشغيلة دور كبير في توجيه دفة هذا الربيع حتى يكون في صالح صانعيه الحقيقيين.