قالت مصادر رفيعة المستوى إن الحكومة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على ترسانة من التدابير الاستعجالية التي ستعلن عنها قريبا لاحتواء تداعيات نزيف الميزانية العمومية، في محاولة منها لتدبر مبلغ يناهز 20 مليار درهم يمكنها من خفض العجز الموازناتي بنقطتين على أقل تقدير. وأكدت مصادرنا أن هذه التدابير الاستعجالية التي ستطبق قبل حلول شهر يونيو المقبل تنقسم إلى شقين، إذ تتضمن من جهة إجراءات تقشفية تتوخى خفض النفقات ورفع المداخيل، دون المس بصندوق المقاصة، وتحتوي من جهة أخرى على قرارات تطمينية تهم أرباب المقاولات وبعض الفئات الاجتماعية، بغرض تهدئة النفوس وتبديد المخاوف المقرونة بتداعيات الأزمة . ومن جملة التدابير التقشفية، ستقوم الحكومة بمراجعة نفقات الخزينة المرصودة لبعض المؤسسات العمومية، في إطار تفعيل حكامة الإنفاق العمومي وترشيده، حيث سيتم إدراج العديد من هذه المؤسسات في جدول تقليص نفقات التسيير، وهي العملية التي تتوقع الحكومة أن توفر لها حوالي 10 ملايير درهم. وللرفع من مداخيل الخزينة، ستعلن الحكومة عن حملة واسعة النطاق من أجل تحصيل الضرائب المتأخرة، والتي سنت من أجلها إعفاءات هامة من غرامات التأخير غير أن الإقبال من طرف الملزمين لم يكن بنفس الوتيرة التي كانت تتوخاها الحكومة. ومن شأن نجاح هذه الحملة التي ستستعمل فيها جميع أنواع الدعاية أن يدر على الخزينة 6 ملايير درهم قبل متم السنة المالية. من جهة أخرى ستحاول الحكومة تحصين الموجودات الخارجية وتخفيف الضغط عن ميزان الأداءات الذي يعاني من اختلال كبير، وذلك عبر تقنين استيراد العديد من المواد الاستهلاكية التي تبتلع العملة الصعبة، والتي ليست لها علاقة بالمواد الاولية التي يمكن أن تمس بتنافسية المقاولات. وللاستفادة من المنحنى التنازلي لسعر النفط في السوق الدولي، والذي يمكن أن يستمر تراجعه إلى ما دون 95 دولارا للبرميل، قد تلجأ الحكومة في هذه الحالة إلى تأمين سعر النفط دون عتبة ال 100 دولار ، وهو ما سيكلفها حوالي 5 دولارات عن كل برميل ولكن سيؤمنها في المقابل من المخاطر إذا ما ارتفع سعر البرميل فوق هذه العتبة. وتقول التقديرات الأولية إن من شأن استمرار تراجع أسعار النفط وبعض المواد الأساسية المدعمة كالسكر، خلال ما تبقى من السنة ، أن يوفر للدولة حوالي 4 ملايير درهم ، علما بأن تقديرات القانون المالي بنيت على سعر مرجعي للنفط في 105 دولارات للبرميل. أما الإجراءات التطمينية التي ستحاول الحكومة أن "تزين" بها صورتها لدى الأوساط الاجتماعية والمقاولاتية فتهم بالأساس ، الاعلان عن تفعيل مقتضيات التغطية الصحية لعموم الطلبة وهي المقتضيات التي سبق برمجتها في ميزانية 2013، كما ستعلن عن الاطار القانوني لتفعيل الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة في إطار صندوق التكافل الاجتماعي.. وفي الشق المتعلق بأرباب المقاولات ستعطي الحكومة أوامرها لمختلف إداراتها ومؤسساتها العمومية، بما فيها المكتب الوطني للكهرباء ، بأداء جميع المتأخرات المستحقة للمقاولات في إطار احترام مقتضيات القانون الذي يلزمها بالأداء قبل متم 90 يوما. كما ستستكمل الدولة تسديد مستحقات الشركات في إطار استرجاع الضريبة على القيمة المضافة.