وضعت وزارة الاقتصاد والمالية أول أمس السبت مشروع قانون المالية 2013 والوثائق المرافقة له? بمجلسي النواب والمستشارين . مشروع القانون المالي 2013، ضيع هذه السنة مرة أخرى فرصة تحضيره وفق قانون تنظيمي يحدد بوضوح معايير الحكامة والشفافية في تدبير المال العمومي، ويجعل من الرقابة البرلمانية ممارسة دستورية تؤطر جميع فصوله، ما يجعل المصادقة عليه من طرف نواب الأمة ومن خلال المشروع تعول حكومة عبد الإله بن كيران خلال العام القادم على تحقيق نسبة نمو في حدود 4.5 في المائة. .ورغم صعوبة الظرفية الاقتصادية الراهنة تدعي الحكومة أنها ستحاول في إطار جهودها لاستعادة التوازنات الماكرو اقتصادية، الحد من العجز المالي للموازنة والنزول به إلى نسبة 4.8 في المائة بدل 5.5 أو 6 في المائة التي ستسجل في ميزانية 2012 . غير أن هذه الأرقام تظل مغرقة في التفاؤل بشكل يجعلها بعيدة عن الواقع الاقتصادي المستعصي الذي بدأت ملامحه في التأزم في العديد من القطاعات حيث أن جميع توقعات المشروع مبنية على سيناريو متفائل للنمو الاقتصادي في 2013 على أساس سنة فلاحية متوسطة، وعلى أساس سعر مرجعي للبترول يبلغ 105 دولارات للبرميل، وبناء على سعر صرف للعملة الوطنية يوازي 8.5 دراهم مقابل الدولار. مع العلم أن التوقعات الدولية تشير إلى أن أسعار النفط مرشحة لمزيد الارتفاع في العام القادم. كما تعول الحكومة لتحقيق هذه المعدلات على عودة الانتعاش للطلب الخارجي على السلع المغربية، أي الرفع من دينامية الصادرات الوطنية، وعلى العودة التدريجية للاستثمارات الخارجية. وهذا كله يبقى رهينا بعوامل منها ما هو خارج عن إرادة الحكومة كاستمرار التأثر بالأزمة الاقتصادية المنتشرة في أوربا، ومنها ما هو مستعص على الأداء الحكومي إذا ما استمرت حكومة بنكيران في التعاطي ببطء مع العديد من الملفات الاستراتيجية، التي تنتظر الاصلاح الموعود كالمقاصة والتحكم في المديونية والعجز الموازناتي وعجز الميزان التجاري بالاضافة إلى التباطؤ الملحوظ في أداء المقاولات الصغرى والمتوسطة . ومن المقرر حسب مشروع القانون المالي 2013 أن ترتفع كتلة الأجور بمعدل 3.7 في المائة بسبب تنفيذ الحكومة لما تبقى من التزاماتها في الحوار الاجتماعي، وفي الشق الضريبي تقرر حذف جميع غرامات التأخير عن دافعي الضرائب، أفرادا وشركات قصد تشجيعهم على تصفية ديونهم الضريبية ، وذلك من الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى متم دجنبر 2013. من شأن هذا الإجراء أن يخفف عبء غرامات التأخير الضريبي التي تضاعف أحيانا قيمة الضرائب نفسها، وهو ما سيمكن الملزمين وخاصة الشركات من إعفاء بملايين الدراهم. أما مناصب الشغل التي سيحدثها القانون المالي في الوظيفة العمومية برسم 2013 ، فقد حددت في 23910 مناصب، وهو رقم أدنى بقليل من مناصب الشغل التي أحدثها القانون المالي 2012 والتي كانت في حدود 26204 منصب شغل. وبالنسبة للقطاعات التي حظيت بالأولوية في اعتمادات مشروع الموازنة العمومية للسنة القادمة، فيأتي قطاع التعليم في المقدمة إذ من المقرر أن يبتلع وحده ميزانية تفوق 52 مليار درهم لتأهيل المنظومة التعليمية، بينما تم تخصيص 12.4 مليار درهم لتيسير الولوج للخدمات الصحية، فيما لم يتعد المبلغ المرصود لتسهيل الحصول على السكن 4 ملايير درهم التي ستصاحب بإجراء مواز لتوسيع مجال تدخل »صندوق التضامن للسكنى والاندماج الحضري » لسد مشاكل البنايات المتداعية، كما تقرر في ذات الاطار تمديد الإعفاءات الضريبية الممنوحة لبرامج إنجاز المساكن ذات القيمة العقارية المنخفضة إلى غاية 31 دجنبر 2020 . وفي السياق ذاته رصد القانون المالي 2013 ،حوالي 5 ملايير درهم لبرنامج التأهيل الترابي ضمن الشوط الثاني من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، حيث سيتم بناء3008 مساكن وظيفية للمدرسين ب 450 مليون درهم. وفي العام المقبل ستستفيد 35800 أسرة من برنامج الكهربة القروية كما سيستفيد 554 ألف مواطن بالعالم القروي من الماء الشروب . وللتغلب على ضائقتها المالية ستجتهد الدولة في رفع مداخيلها الجبائية ب 8.7 ملايير درهم إضافية وتحسين مساهمة المؤسسات العمومية ب 1.18 مليار درهم . تفاقم أعباء الدين داخليا وخارجيا خلال سنة 2011 تم تمويل الخزينة في ظروف صعبة سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي، حيث كان لاستمرار الأزمة الاقتصادية تداعيات سلبية على وثيرة النمو الاقتصادي لدى شركاء المغرب الاقتصاديين بأوربا مع استفحال أزمة الديون السيادية بمنطقة الأورو إضافة الى الوضع الجيوسياسي الاقليمي المضطرب. وعلى الصعيد الداخلي، فإن السياسة الاقتصادية التي نهجتها الحكومة أدت الى ارتفاع عجز الميزانية بسبب ارتفاع تحملات المقاصة نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية. كما أن عجز السيولة البنكية استمر خلال سنة 2011 ارتباطا بتراجع الموجودات الخارجية إضافة الى ذلك عرفت إصدارات القطاع الخاص تطورا مهما حيث تضاعف حجمها وانتقل من 70 مليار درهم سنة 2008 الى 150 مليار درهم سنة 2011. ولمواجهة هذه الوضعية الصعبة قامت الحكومة بنهج سياسة تمويلية تراعي جل هذه التطورات الظرفية وتركز على الحذر والفعالية في التدبير من خلال تدعيم الشفافية والاصدار المنتظم لسندات الخزينة بالسوق الأوربية والعودة لإصدار سندات 30 سنة بعد غياب دام حوالي أربع سنوات. وإصدار سندات خزينة بأمد جد قصير (21 يوم 33 يوم) من أجل سد حاجيات ظرفية، والقيام بأولى عمليات التدبير النشيط للدين الداخلي من خلال إنجاز عمليات التبادل لسندات الخزينة بهدف تقليص خطر إعادة التمويل، واستمرار عمليات تدبير الدين الخارجي قصد تخفيض تكلفته وحجمه والتخفيف من حدة المخاطر المالية وتأثيرها على محفظة الذين الخارجي حيث تم إنجاز عمليات مقايضة أسعار الفائدة، حيث تم تثبيت أسعار فائدة بعض القروض المبرمة بأسعار فائدة متميزة بقيمة إجمالية تقدر ب 300 مليون أورو، وذلك من أجل تقريب بنية محفظة الدين الخارجي من المحفظة المعيارية والتي تحصر حجم الديون ذات أسعار فائدة متغيرة في نسب تتراوح بين %25 و%30. واستمرار تحويل الديون الى استثمارات عمومية مع كل من إيطاليا وإسبانيا. وبالرغم من الظرفية العالمية المتميزة بأزمة الديون السيادية في أوربا ومشاكل التضخم وتأثر الأسواق المالية بعوامل أخرى بما فيها تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة والظروف السياسية في العديد من الدول العربي وهي العوامل التي أدت الى حدوث خطر أزمة ائتمان وانكماش النمو الاقتصادي بشكل كبير خاصة في بلدان منطقة الأورو. كما أدى انتشار هذه الأزمة في إضعاف القطاع المصرفي بشكل كبير مما أدى الى نقص السيولة وتشديد شروط الإقراض. وقد ساهم كذلك مشكل التضخم بارتفاع أسعار المواد الأولية حيث عرفت أسعار النفط ارتفاعا ملموسا وصل الى %36 خلال خمسة أشهر الاولى من سنة 2011 حيث وصلت الى 126 دولار. كما شهدت أسعار المنتجات الزراعية خلال نفس الفترة منحى تصاعدي حيث ارتفعت أسعار القمح بنسبة %35. ونظرا لكل هذه الظروف والمعطيات شهدت مستويات أسعار مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) للمغرب على خمس سنوات وكذا هوامش المخاطر لسندات اليورو منحى تصاعدي نتيجة لتوتر الاوضاع السياسية في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ورغم كل هذه المؤشرات السلبية على الصعيد العالمي، فقد حافظ المغرب على تصنيفه الائتماني الممنوح من طرف وكالتي »ستاندار أندبورز« و»فيتش راتينغر«. وشهدت السوق النقدية خلال سنة 2011 استقرارا في أسعار الفائدة ما بين البنوك وظل مستواها قريبا من سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي المحدد في %3,25 وذلك بالرغم من استمرار العجز في السيولة حيث تفاقم هذا العجز ليصل 24 مليار درهم كمتوسط شهري مقابل 15 مليار درهم سنة 2010 و17 مليار درهم سنة 2009. وذلك بسبب انخفاض مستوى الموجودات الخارجية حيث انتقلت من 192,6 مليار درهم في آخر سنة 2010 الى 168,8 مليار درهم سنة 2011 (انخفاض %12) وذلك بسبب تفاقم الميزان التجاري (37,1 مليار درهم). واستمرار ارتفاع قروض البنوك الموجهة للاقتصاد والتي عرفت تزايدا قدره 65,1 مليار درهم سنة 2011 مقابل 44,3 مليار درهم في سنة 2010. وارتفاع حجم الاكتتابات الصافية للخزينة على مستوى السوق الداخلي لتصل الى 36 مليار درهم سنة 2011 مقابل 20 مليار درهم سنة 2010. قطاعات التعليم, الداخلية والدفاع الوطني تستحوذ على %79 من كتلة الأجور بالمغرب بلغ عدد الموظفين بالقطاع العام المغربي 883/916 سنة 2002 بزيادة تقارب 50 ألفا في ظرف أقل من عشر سنوات بمعدل زيادة وصلت 0,62 في السنة دون احتساب الموظفين العاملين بالإدارات الترابية ومستخدمي المؤسسات العامة. وسجل أنه منذ 2003 بدأت زيادة الموظفين تأخذ طابعا عقلانيا ومثلت سنة 2006 انخفاضا طفيفا بحكم مغادرة 40 ألف موظف لأسلاك الوظيفة في إطار برنامج المغادرة الطوعية ليعود الارتفاع ابتداء من سنة 2007. في الوقت الذي يستقر معدل الإحالة على التقاعد في حدود 5900 سنويا.وتأتي قطاعات التعليم والداخلية والصحة والدفاع الوطني في المراتب الأولى بالنسبة للمناصب المحدثة بنسبة %90 وفي سنة 2012 مثل قطاعا التعليم والدفاع الوطني %62 من مناصب الشغل و39 للدفاع, في حين تصل حصة قطاعات الصحة والتعليم العالي والعدل والاقتصاد 12 فقط أما باقي القطاعات فتصل بالكاد %8. ومازالت نسبة تقارب %40 من موظفي المغرب دون السلم 10 بحيث توجد شريحة كبيرة من الموظفين خاصة أعوان التنفيذ السلم الخامس والسادس قرابة %19 وما بين 7 و %9 أزيد من %20. وتمثل النساء نسبة %31 من موظفي الدولة المدنيين أغلبهن في قطاع التعليم بنسبة %60 الصحة ب %14 وتبقى النسبة خفيفة في قطاع الداخلية والعدل والتعليم العالي ب %14 وبالنسبة للأعمار سجل التقرير وجود نسبة %2 تجاوز سنهم 60 سنة ويوجد أزيد من %60 ما بين 41 و60 سنة ,مما يؤكد ان نسبة كبيرة تقترب بشكل كبير من التقاعد في السنوات القادمة وهو ما يهدد صناديق التقاعد وشيخوخة الإدارة ,حيث يرتقب أن يحال %35 من الموظفين على التقاعد في العشر سنوات القادمة وأكثر من الضعف العشرين سنة القادمة. وبالنسبة للتوزيع الجغرافي, تستحوذ جهتا الرباط والبيضاء على ربع المقاعد وتأتي الأقاليم الصحراوية في المؤخرة بشكل كبير, إذ لا تمثل ثلاث جهات بالصحراء إلا أقل من %6 وأضعفها جهة وادي الذهب لكويرة التي لا تمثل سوى %0,72. وبلغت كتلة الأجور 93 مليون درهم سنة 2012 بزيادة %84 بمعدل سنوي %7 في الوقت الذي لا يتطور الاقتصاد الوطني إلا بنسبة %4,7 ومثلت كتلة الأجور في %32 من الميزانية العامة في حين لم تتعد ميزانية الاستثمار %20. وهذه النسبة تحد من الاستثمار وتجعل من الإدارة جد مكلفة في الوقت الذي يبلغ المعدل الدولي للموظفين %8. وتوقعت الدراسة ان تصل كتلة الأجور سنة 2013 حوالي 98 مليار درهم بزيادة 5 مليارات عن السنة التي قبلها بما فيها تسوية أوضاع الموظفين والترقيات وغيرها. كل المؤشرات تسير في اتجاه ان سنة 2013 ماليا ستكون صعبة جدا 10 لكل الفئات الاجتماعية, خاصة ان الاجراءات التي ستتخذ برسم صندوق المقاصة ستؤثر سلبا على القدرة الشرائية, مما يعني إفراغ الزيادات والترقيات من كل محتوى, إذ أن ضعف ما يقدم باليد اليمنى ستمتصه الضرائب والمقاصة. توقعات ارتفاع مخصصات صندوق الموازنة إلى أكثر من 40 مليار درهم بالنسبة لسنة 2013 ، تقدر نفقات الموازنة بالنسبة لسنة 2013 بين 45,9 و49,3 مليار درهم على أساس فرضية متوسط سعر النفط الخام خلال هذه السنة، تتراوح على التوالي ما بين 105 و110 دولارات للبرميل. ولم تستبعد الحكومة أن تتجاوز نفقات المقاصة خلال الفترة الممتدة من 2013 وحتى 2016 ما يناهز 200 مليار درهم مقابل حوالي 123 مليار درهم للفترة الممتدة ما بين 2009 و2011. هكذا وباعتماد سعر مرجعي للبترول في حدود 105 دولارات للبرميل، سيكون على الدولة أن تضخ 45.9 مليار درهم في صندوق المقاصة سنة 2013 لتنضاف إلى متأخرات 2012 التي قاربت ال20 مليار درهم. مشروع ميزانية 2013 سجل تضاعف الاستهلاك السنوي من المنتجات النفطية بين 2001 و2012، حيث انتقل من 6 ملايين طن إلى نحو 11 مليون طن، أي بزيادة تقدر ب 80% ، إذ سجل الاستهلاك السنوي للمواد النفطية زيادة متوسطة تقدر ب 5% بالنسبة للغازوال والبنزين وغاز البوطان خلال الفترة 2011-2012. في حين سجلت نسبة 7% بالنسبة للفيول خلال السنوات الأخيرة. مسودة مشروع قانون المالية سجلت أن مداخيل الضريبة الداخلية على الاستهلاك المطبقة على المواد النفطية انتقلت من 8,37 مليار درهم خلال سنة 2002 إلى ما يناهز 12,2 مليار درهم خلال سنة 2011 ، ما يمثل تطورا سنويا متوسطا يناهز 4,2%. حيث يتم استخلاص هذه الضريبة على أساس الكميات المسوقة ، ما يفسر معدل النمو خلال هذه الفترة رغم الارتفاع القياسي لأسعار هذه المواد في الأسواق العالمية. يلاحظ أن نفقات المقاصة أصبحت تفوق عائدات الضريبة الداخلية على الاستهلاك المطبقة على المواد النفطية. من جهة أخرى وأخذا بعين الاعتبار العائدات الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات النفطية، تقدر العائدات الضريبية المطبقة على هذه المواد برسم سنة 2011 بما يناهز 22 مليار درهم، منها ما يقارب 10 ملايير درهم برسم الضريبة على القيمة المضافة. وتبقى الإيرادات من الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات النفطية مرتبطة بتطور أسعار هذه المنتجات في السوق الدولية. فبالنسبة للفترة 2011-2002، انتقلت هذه العائدات من ملياري درهم إلى نحو 10 مليار درهم، في الوقت الذي انتقل المتوسط السنوي للنفط الخام خلال نفس الفترة من 24,9 إلى 111,4 دولار للبرميل. سجل متوسط سعر النفط الخام وغاز البوتان حتى نهاية ماي 2012 على التوالي حوالي 117,1 دولارا للبرميل و975 دولارا للبرميل. وهكذا، فقد بلغ متوسط الدعم السنوي الشهري بالنسبة لنفس الفترة، ما يقرب 4.500 مليون درهم. لمواجهة هذه المستويات العالية من الدعم والتي أدت إلى تفاقم نفقات المقاصة حيث بلغت 25 مليار درهم في ما يتعلق بهذه الفترة، فقد عمدت الحكومة في 2 يونيو 2012 إلى مراجعة أسعار الغازوال والبنزين والفيول الصناعي، خلال شهري يونيو ويوليوز 2012، تزامنت هذه المراجعة في أسعار الوقود مع انخفاض في أسعار النفط الخام وغاز البوتان الى ما يقرب من 95,9 دولارا للبرميل، و585 دولارا للطن. وهكذا، انتقل متوسط الدعم الشهري للمواد النفطية خلال هذه الفترة ما يقرب من 3 مليار درهم، أي بانخفاض بلغ 1,5 مليار درهم. لكن، ابتداء من شهر غشت 2012، اتخذت أسعار المنتجات البترولية من جديد منحى تصاعديا حيث سجل متوسط سعر النفط الخام وغاز البوتان برسم النصف الثاني من شهر غشت من هذه السنة على التوالي 115,1 دولارا للبرميل و870 دولارا للطن. وقد زاد في تفاقم هذا الوضع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدرهم والذي انتقل من 8,5 دراهم في شهر يناير 2012 إلى ما يقرب من 9 دراهم في شهر غشت من نفس السنة. خلال الفترة الممتدة من يناير إلى غشت 2012، وعلى أساس متوسط سعر للنفط الخام 111,8 ومعدل صرف الدولار 8,66 درهم، فإن نفقات المقاصة قد بلغت 36.900 مليون درهم من بينها 31.900 مليون درهم برسم المواد النفطية. بالنسبة للفترة الممتدة من فاتح أكتوبر حتى متم شهر دجنبر 2012، وعلى أساس فرضية متوسط النفط الخام خلال هذه الفترة 100 و110 دولار للبرميل وسعر صرف الدولار محدد في 8,5 دراهم، فمن المرتقب أن تتراوح نفقات المقاصة ما بين 13.000 مليون درهم و15.400 مليون درهم. وعلى هذا الأساس، فإن توقعات نفقات الموزانة بالنسبة لعام 2012 يمكن أن تتراوح ما بين 50 و52,3 مليار درهم على أساس فرضية سعر النفط الخام للفترة الممتدة من شتنبر إلى دجنبر من سنة 2012، على التوالي في 100 و110 دولارات للبرميل. من جهة أخرى، وأخذا بعين الاعتبار الدعم المخصص لاستيراد القمح بالنسبة للفترة الممتدة من أكتوبر إلى دجنبر من سنة 2012، والذي من المحتمل أن يصل إلى 800 مليون درهم استنادا إلى البيانات الحالية للسوق الدولية، فإن التكلفة الإجمالية لنفقات الموازنة لعام 2012 يمكن أن تصل إلى 53 مليار درهم. المؤسسات والمنشآت العامة ، مدعوة إلى انجاز الاصلاحات الهيكلية وتحسين الحكامة تطرق التقرير إلى ثلاثة أجزاء تخص تطور الأداء الاقتصادي والمالي للمحفظة العامة، دور المؤسسات والمنشآت العامة في تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية والاوراش المهيكلة، تقوية مراقبة وحكامة المؤسسات والمنشآت العامة. حيث تطرق التقرير الى 239 مؤسسة عمومية و42 منشأة عامة ذات مساهمة مباشرة للخزينة منها 33 منشأة تملك الدولة أغلبية رأسمالها. وتتوفر بعض هذه المنشآت على شركات تابعة ومساهمات يبلغ مجموعها 434 شركة ومساهمة منها 194 تشكل المساهمة العمومية أغلبية رأسمالها. وفي سياق الثقة التي يتمتع بها المغرب وسط المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمستثمرين المحليين والاجانب وذلك أساسا بفضل نجاح الاصلاح الدستوري وتوطيد الانتقال الديمقراطي واختيار نموذج اقتصادي واجتماعي مندمج.. اعتبر التقرير أن المؤسسات والمنشآت العامة تشكل فاعلا متميزا في تنفيذ السياسة الحكومية في مختلف القطاعات حيث تساهم بدينامنية في انجاز الاهداف الاستراتيجية القطاعية وتحقيق المشاريع المهيكلة بالمغرب، منها: الاستراتيجية الطاقية من خلال المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والوكالة المغربية للطاقة الشمسية ، والوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، وشركة الاستثمار الطاقية أو المخطط الازرق بمساهمة المكتب الوطني لامغربي للسياحة ، والشركة المغربية للهندسة السياحية، والصندوق المغربي للتنمية السياحية ، وصندوق الايداع والتدبير... في هذا الاطار دعا التقرير أن المؤسسات والمنشآت العامة ، مدعوة الى المساهمة في تحقيق مجموعة من الاهداف منها: انجاز الاصلاحات الهيكلية وتحسين الحكامة مع الحرص علي المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية، تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني ودعم الاستثمار المنتج وتطوير آليات التشغيل، حيث تعد مساهمة المؤسسات والمنشآت العامة بالغة الاهمية من خلال برامجها الرامية الى تكثيف البنيات التحتية المرتبطة بالنقل وانتاج الطاقة وتقديم الخدمات.. في حين تطرق الجزء الثالث من التقرير الى تعزيز المراقبة المالية للدولة على المؤسسات والمنشآت العامة لاسيما من خلال تحسين منظومة الحكامة والمراقبة. كما تناول هذه الجزء، بالتحليل حكامة المؤسسات والمنشآت العامة من خلال تسليط الضوء على العديد من الاجراءات التي يتم القيام بها وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق الممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات... التقرير المكون من 152 صفحة لم يخلو من أرقام تحدد تطور التكاليف المالية ، ونتائج الاستغلال، والنتائج الصافية وتقوية التمويل الذاتي لمجموعة من المؤسسات ، التحويلات المالية ، المبادلات المالية بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة.. . وخصت هذه الأرقام مجموعة من المؤسسات منها: المجمع الشريف للفوسفاط، الصندوق الوطني للصمان الاجتماعي، الوكالة الخاصة طنجة البحر الابيض المتوسط، وكالة السكن والتجهيزات العسكرية، مجموعة صندوق الايداع والتدبير، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، شركة استغلال الموانئ وصندوق التجهيز الجماعي.. التقرير قدم مجموعة من الجداول و التصاميم والبيانات تحدد حجم المعاملات المالية لمجموعة من المؤسسات والمنشآت العامة. تطور بحاجة لاستمرارية ركز التقريرعلى التحليل البين قطاعي على ضوء مفهوم حقوق الإنسان الذي ركز على الولوج المنصف للحقوق المدنية والسياسية ,الولوج العادل للحقوق الاجتماعية و الاستفادة المتساوية من الحقوق الاقتصادية .وتناول في هذا الإطار عددا من القطاعات الحكومية من بينها و وزارة العدل و الإدارة العامة للجماعات المحلية و وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية و وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ووزارة الاقتصاد والمالية وغيرها . وركز كذلك على الولوج العادل للحقوق الاجتماعية مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وقطاعات الماء والطاقة والبيئة والسكنى والتعمير والتجهيز والنقل والصحة والتعليم ومحاربة الامية وقطاع الشباب . ويندرج إدماج بعد النوع الاجتماعي في الميزانية حسب الوثيقة ، في سياق الدينامية الاجتماعية والسياسية للمملكة المغربية التي تستكمل مسيرتها على طريق الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد مكن التطور التدريجي لتجربة وزارة الاقتصاد والمالية في مجال برمجة الميزانية الموجهة صوب النتائج والمراعية للنوع الاجتماعي، على مدى عشر سنوات، من إنتاج سيل من المعارف والآليات اللازمة لتقييم السياسات العمومية من منظورالنوع الاجتماعي. وهكذا، أصبحت التجربة العشرية للمغرب في مجال ميزانية النوع الاجتماعي رائدة في هذا المجال وحظيت باعتراف دولي متنامي سيتعزز مجددا بمناسبة عقد مؤتمر عالمي رفيع المستوى قبل نهاية السنة الجارية لإلقاء الأضواء على الإفرازات الإيجابية للتجربة وإمكانيات الإستفادة منها على المستويين الإقليمي والدولي. ويشكل تقرير ميزانية النوع الاجتماعي في طبعته الثامنة هذه السنة، والتي همت 27 قطاعا حكوميا،إنجازا متميزا ينم عن نضج التجربة المغربية في هذا المجال، والتي استفادت لا محالة من المسيرة المتواصلة للبلاد نحو تكريس مبادئ المساواة و الإنصاف. لقد أفضى التحليل الذي اعتمده تقرير النوع الاجتماعي إلى استخلاصات مكنت من استجلاء مدى التقدم الحاصل في مختلف مجالات السياسة العمومية، موازاة مع قياس حجم التحديات المطروحة وطبيعة الإشكالات التي تحول دون الإستفادة المتساوية من حقوق الإنسان بأجيالها الثلاث. وفي ذلك إشارة إلى أهمية اعتماد مفاهيم حقوق الإنسان في وحدتها وتنوعها كأساس لتقييم السياسات العمومية من منظور النوع الإجتماعي. وهكذا، خلص التقرير في معالجته للحقوق المدنية والسياسية إلى أهمية المكانة التي بوأها الدستورالجديد لهذه الحقوق والإلتزامات التي تترتب عنها بالنسبة للسلطات العمومية وبالتالي التحديات التي تطرحها والتدابير التي يجب اتخاذها على المستويات المؤسساتية والسياسية والتدبيرية بما فيها تلك التي تقتضي اعتماد منهجية التمييز الإيجابي لبلورة المكتسبات الدستورية على أرض الواقع. وفيما يخص الولوج العادل للنساء والرجال للحقوق الإجتماعية، جرد التقرير مجالات التقدم وخانات الخصاص المتعددة التي تحول دون الاستفادة الكاملة من هذه الحقوق الأساسية، ومن ضمنها ضعف المردودية الداخلية للنظام التعليمي الوطني وكذا استمرارالفوارق بين المجالين الحضري والقروي. وبالنسبة لقطاع الصحة، شدد التقرير على قلة الأطر الصحية المؤهلة وبعد المراكز الصحية بالمجال القروي وعدم كفاية مؤسسات العلاج الأساسي والاكراهات المرتبطة بحكامة القطاع الصحي وأهم المعيقات للولوج العادل للصحة. وعلى مستوى الحقوق الاقتصادية أكد التقرير، فيما أكد عليه، على قضية محورية لها أبعاد إستراتيجية بالنسبة للنمو والمساواة، ألا وهي إشكالية ولوج النساء إلى سوق الشغل و موقعهن داخله. إذ لا زالت تمثيلية النساء تتأرجح في مستويات متدنية, حيث تشتغل النساء في مجالات ضعيفة المردودية، ومنها بشكل خاص الأنشطة المرتبطة بالقطاع الفلاحي. وفضلا عن ذلك، فإن ضعف تمثيلية النساء في دائرة إنتاج المعلومات وفي الهيئات الخاصة بتدبير الملفات الاقتصادية قد تؤدي إلى عرقلة المشاركة الكاملة للمرأة في التنمية الاقتصادية للبلاد. إن التملك التدريجي للمقاربة التحليلية المرتكزة على حقوق الإنسان التي تم تكريسها من خلال إعداد تقرير ميزانية النوع الاجتماعي لهذه السنة، يتوافق والانتظارات والآمال التي فتح لها الدستور آفاقا واسعة. وهو ما يحث على مضاعفة الجهود بهدف إغنائها لكي تصبح آلية مهمة في خدمة مبادئ المساواة بين الجنسين. وتندرج هذه المقاربة في إطار المسيرة الطويلة الهادفة الى إرساء أسس متقدمة لتقييم السياسات العمومية انطلاقا من مرجعية تأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية البشرية العادلة والمتوازنة والمندمجة التي يسعى الجميع للوصول إليها. وهو ما يجعل من هذه القضية مسألة مشاركة ديمقراطية تستلزم تظافر جهود مختلف الفاعلين العموميين والخواص والجمعويين الملتزمين بتحديات التنمية والدمقرطة. لذلك فإن تملك مفاهيم وآليات مقاربة النوع الإجتماعي على نطاق أوسع يشكل مدخلا حاسما لتأصيل تقييم متقدم للسياسات العمومية. وانطلاقا من هذا الإعتبار الأساسي، تمت بلورة مشروع أرضية لتدبير المعارف المتعلقة بميزانية النوع الاجتماعي بهدف إشراك جميع المتدخلين في هذا المجال. حيث توفر هذه الأرضية المعطيات والمؤشرات التي أفرزها نضج التجربة المغربية وتركماتها في مجال ميزانية النوع الاجتماعي. مما يفرض اليوم تدبيرا جديدا للمعارف يفتح الباب أمام تبادل التجارب والخبرات جهويا ودوليا، خصوصا أن هناك طلبات متنامية لدول شقيقة وصديقة من مختلف القارات لتطويرالتعاون اعتبارا للريادة المغربية في هذا المجال. وهو ما يضع المغرب في خانة البلدان المبدعة في مقاربة ميزانية النوع الاجتماعي من منظور حقوق الإنسان باعتماده تجربة مفتوحة على التقدم ستدعم دوما التزامه بالتفعيل الأمثل لهذه الحقوق وبالعمل على مراعاتها بشكل كامل في جميع السياسات العمومية التي ينهجها._