على إثر الزلزال القوي الذي ضرب إيران مؤخرا، ثار جدل شديد حول إمكانية تأثر المفاعل النووي الإيراني في بوشهر و إمكانية تصدعه و بالتالي خلق كارثة نووية تتجاوز الحدود الإيرانية. و في هذا الصدد عقدت دول الخليج العربي المجاورة لإيران اجتماعات طارئة حول هذا الموضوع الخطير، فهل خطر تأثر المفاعل خطر حال أم مُتوهم لا غير؟ تعرف الزلازل و الهزات الأرضية من الناحية العلمية بأنها تكسر أو تصدع مفاجئ للصخور يحدث نتيجة حركة الصفائح الموجودة في القشرة الأرضية المكونة من قطع تتحرك مبتعدة أو مقتربة بعضها من بعض مما يسبب إجهادات تتزايد من سنة لأخرى حتى تعجز طبقات الأرض عن تحملها فتتكسر منتجة طاقة هائلة تنتقل من باطن الأرض إلى سطحها على شكل موجات تحدث حركات اهتزازية في القشرة الأرضية وفي المباني والمنشآت. وأبرز المناطق المعرضة لخطر الزلازل تلك الواقعة على حدود الصفائح أو البلاطات الأرضية المتحركة سواء بالتباعد بعضها عن بعض كما يحدث في منطقة البحر الأحمر أو بالتقارب والاصطدام كما هو الحال في اليابانوإيران وتقريبا كل أطراف المحيط الهادي، وقد تنزلق الواحدة بالنسبة للأخرى كما هو الحال في كاليفورنيا أو منطقة البحر الميت. و تشهد المناطق التي بها حركة تصادم صفائح أخطارا زلزالية أكبر، كما أنه كلما كانت سرعة الصفائح في باطن الأرض أكبر كان هناك تراكم أسرع للطاقة وكذلك تفريغ أسرع مما يعني حصول زلازل على فترات زمنية متقاربة، مثلما يحدث في إيران. وتعد المنطقة العربية بوجه عام منطقة زلزالية معتدلة، بمعنى أن الفترات الزمنية بين كل زلزال وآخر طويلة نسبيا كما أن قوة الزلازل فيها متوسطة نسبيا، و لذلك فإن منطقة كالخليج العربي تتأثر فقط بالزلازل الكبرى التي تحدث في إيران، ونادرا ما يكون هذا التأثير تدميريا، في حين أن مناطق شمال أفريقيا الواقعة فوق الصفيحة الأفريقية تشهد حصول زلازل متكررة وربما أكثر قوة خاصة في الجزائر والمغرب. و من المعلوم أن منطقة الشرق العربي تقع على ما يسمى الصفيحة العربية وتضم العراق ومعظم سوريا ومعظم لبنان والأردن ودول الخليج كافة، وهذه الصفيحة تتحرك باتجاه شمال شرق مبتعدة عن الصفيحة الأفريقية، مما يشكل ضغطا على صفيحة أوراسيا أو الصفيحة الإيرانية. و الصفيحة العربية أقل سماكة من الصفيحة الإيرانية وبالتالي فإنها تغوص أو تنزل أسفلها، وهذه الحركة أو التضاغط بين الصفيحتين يؤدي إلى حصول إجهادات متراكمة تقود في النهاية إلى حصول تكسر وبالتالي وقوع زلزال. أما أسباب زلزال إيران الذي وقع الثلاثاء الماضي بقوة 7.8 درجات فقد تكون ?حسب خبراء الزلازل ? ناتجة عن حركة صفائح ثلاث، ففي الجزء الجنوبي الشرقي لإيران تلتقي الأطراف الشرقية للصفيحة العربية مع صفيحة أوراسيا، وفي الجانب الآخر تظهر الصفيحة الهندية، والتقاء تلك الصفائح في هذه المنطقة أو تقاربها بعضها من بعض يشكل إجهادات معقدة، تضاغطية بين الصفيحة العربية وصفيحة أوراسيا، وحركة انزلاقية تحويلية، بين صفيحة أوراسيا والصفيحة الهندية، مما ساهم في حدوث زلزال كبير. وتعليقا على المخاطر المحتملة التي يمكن أن تسببها الزلازل للمحطات النووية يؤكد الخبراء أنه لا يمكن بأي شكل ضمان أمن أي محطة نووية مهما بلغ التقدم التقني أو إجراءات الوقاية التي تتخذها الدول عند بنائها، لأن الخسائر أو الأخطار الزلزالية لا تعتمد فقط على قوة الزلزال وإنما على موقعه أيضا، فزلزال بقوة سبع درجات أو حتى 6.8 درجات يمكن أن يؤثر في محطة إذا كان موقعه غير مناسب. كما أنه لو كان مركز الزلزال قريبا من محطة بوشهر الإيرانية بنحو 200 أو 150 كيلومترا فإنه كان سيؤثر بها، لكن منطقة بوشهر معروفة من حيث التصنيف الزلزالي بأنها أقل زلزالية من المنطقة التي وقع بها زلزل الثلاثاء، والمفاعل يبعد بحدود 1000 كيلومتر عن مركز الزلزال. لكن خطر الزلازل على أي محطة نووية يظل قائما، على غرار ما حصل في زلزال اليابان عام 2011 الذي تسبب بكارثة نووية، فالمشكلة الرئيسية كانت الفشل في إعادة تشغيل محطة التبريد في المحطة، مما أدى إلى انصهار المواد داخل الفرن وحصول انفجار، وليس لأن المحطة تأثرت أم لم تتأثر بالزلزال مباشرة. ويؤكد الخبراء أن البناء والبنية التحتية وإجراءات الوقاية عوامل تساهم كثيرا في الحد من آثار الزلزال الذي لا تتحدد شدته فقط بمدى قوته وإنما أيضا بمدى عمقه عن سطح الأرض وبعد مركزه عن الأماكن المأهولة بالسكان، وهذان العاملان الأخيران ساهما في أن تكون خسائر زلزال إيران الأخير محدودة نسبيا كونه كان على عمق يتجاوز 80 كيلومترا وبعيدا عن المراكز المأهولة بالسكان. بتصرف عن «الجزيرة نت»