حذر الحليمي من خطورة المس بالاستثمارات العمومية على اعتبار «أن تقليص هذه الاستثمارات، يجب أن يتخذ بحذر شديد، حيث يعيق التنمية المستقبلية لبلادنا، في حين أن التخطيط الاستراتيجي الذي يعتمد على البرامج القطاعية بانسجام مع الإطار الماكرواقتصادي من جهة، وصرامة تدبيره من جهة أخرى دق أحمد الحليمي المندوب السامي في التخطيط ناقوس الخطر إزاء الأزمة الاقتصادية التي تمر منها البلاد في هذه الظرفية التي وصفها ب «الصعبة»، وقال الحليمي «إذا لم نبادر اليوم إلى تغيير هذه الوضعية، فسيأتي الله بمن يغيرها..» في إشارة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المانحة. ورغم أن الحليمي تحاشى خلال ندوة نظمتها مندوبيته أول أمس للمساهمة في النقاش حول سياسة اقتصادية جديدة في السياق الحالي للاختلالات الماكرواقتصادية بالمغرب، توجيه الانتقاد مباشرة للحكومة ، معتبرا أنه لا يريد أن يعطي الدروس لأحد، إلا أن خطابه كان مع ذلك مليئا بالرسائل البليغة التي تكشف عن التخبط الذي تعيشه هذه الحكومة في مواجهة الأزمة . ومن بين هذه الرسائل ضرورة إشراك الجميع وعدم الاستفراد بالقرارات الصعبة التي ترهن مستقبل البلاد، حيث دعا الحليمي، إلى «انخراط جميع الفاعلين النقابيين والسياسيين في التداول حول سبل مواجهة الأزمة»، وقال إنه « يظل مشروعا أن يتساءل الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون والسياسيون عن طبيعة السياسات العمومية التي ينبغي للمغرب أن ينهجها لتحقيق التوازنات الماكرواقتصادية المتدهورة في الوقت الحالي، والقيام بإصلاح بنيات الاقتصاد الوطني وتقييم أثرها على المدى القصير والمتوسط.» وأوضح الحليمي أن الإجراء الاستعجالي الأول الذي تثيره هذه التساؤلات يتجلى في تقليص عجز الميزانية والبدائل التي يقتضيها، معتبرا أن ارتفاع الموارد الجبائية أو تقليص النفقات قد تم تقييمهما على ضوء أثرهما المختلف على المدى القصير والمتوسط، على النمو الاقتصادي والتشغيل واستهلاك الأسر والمالية الخارجية. وبخلاف الوزير الأزمي الذي رفض الاعتراف بوجود الأزمة أصلا، أكد الحليمي أن البلاد تعيش اليوم في ظرفية تتحمل فيها تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث يواجه المغرب تدهورا في توازناته الماكرواقتصادية المتميزة، بالخصوص، بتدهور عجز الميزانية والحسابات الخارجية. واعتبر أن استمرار وجود خطر استنفاد الاحتياطات من العملة لا يمنع من إعادة النظر في السياسات العمومية وإعادة تقييم نموذج النمو من زاوية مزدوجة تأخذ بعين الاعتبار تحصين المكتسبات ومواجهة التحديات المستقبلية. وتساءل المندوب السامي للتخطيط عن مدى وجاهة الاستمرار في السياسة الاقتصادية المطبقة إلى حد الآن، ومدى نجاعتها في سياق المحيط الاقتصادي الحالي، وقدرتها على معالجة الصعوبات التي يواجهها بلدنا .. في إشارة الى ضرورة الانتقال نحو نموذج جديد للنمو. وحذر الحليمي من خطورة المس بالاستثمارات العمومية على اعتبار «أن تقليص هذه الاستثمارات، يجب أن يتخذ بحذر شديد، حيث يعيق التنمية المستقبلية لبلادنا، في حين أن التخطيط الاستراتيجي الذي يعتمد على البرامج القطاعية بانسجام مع الإطار الماكرواقتصادي من جهة، وصرامة تدبيره من جهة أخرى، سيؤدي إلى ارتفاع مردودية الاستثمارات وسيساهم في تحسين التنافسية للنسيج الإنتاجي وتقليص العجوزات الخارجية.» وقال الحليمي إنه يجب الاعتراف بأن المغرب يصنف ضمن الدول التي لها ضغط ضريبي جد مرتفع مقارنة مع البلدان التي لها نفس مستوى التنمية. ولأنه يقر بصعوبة الاصلاحات الضريبية التي تنوي الحكومة إدراجها قريبا ، فقد نبه الحليمي الى عدم الحلم بجني نتائج كبيرة من هذا الاصلاح سواء على مستوى مراجعة الضرائب من أجل الوصول إلى عبء مختلف حسب الأنشطة القطاعية وفئات الأسر بهدف مساهمة أفضل في إعادة توزيع الموارد، وفي إنصاف اجتماعي أكبر أو على مستوى توسيع الفرشاة الضريبية لتشمل بعض المجالات الفلاحية والقطاع غير المنظم في الوعاء الضريبي. وأكد الحليمي أنه « مهما كانت وجاهة هذه الإمكانيات، فإن النتائج المرتقبة لا يتوقع أن تكون مردوديتها في مستوى الأهداف المتوخاة.».