اتسمت الحكومة الحالية بظاهرة سياسية غير مسبوقة لم تكن معروفة في الحكومات السابقة، تتمثل في كثرة التهديدات بالاستقالة من طرف عدد من الوزراء، من بينهم وزير الاتصال النّاطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، الذي كان سباقا إلى هذا التهديد إذا لم يتم تطبيق دفاتر التحملات الخاصة بالإعلام العمومي، وأيضا وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي هدد بالتنحي عن منصبه في غضون سنتين إذا فشل في رفع رواتب القضاة. ولم تتوقف التهديدات بالاستقالة عند وزراء حزب العدالة والتنمية الذي يقود أمينه العام دفة الحكومة، بل امتدت هذه الظاهرة لتشمل بعض وزراء من حزب التقدم والاشتراكية أيضا، إذ سبق لوزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، نبيل بنعبد الله، أن هدد بتقديم استقالته إذا وقع حادث ثان مماثل لانهيار إحدى المنازل بالدار البيضاء قبل أيام خلت، شرط أن يكون قد حصل على «وقت كاف لتحمل المسؤولية». واتّبع وزير الصحّة، الحسين الوردي، أثر زميله وزير السكنى ليهدد قبل أيام قليلة بتقديم استقالته في حالة ما إذا شعر أنه صار يخضع لبعض اللوبيات التي « تهدف إلى عرقلة سير عمله داخل الوزارة، وتتصيد أخطاءه»، خاصة بعد اتخاذه لقرارات «لم تحظ برضا بعض الجهات داخل الوزارة وخارجها». وكان مصطفى الرميد وزير العدل والحريات قد هدد بالإستقالة من منصبه في حالة تراجع الحكومة عن قرار الإقتطاع في حق كتاب الضبط المضربين عن العمل. لحسن الداودي، وزير التعليم العالي هدد بدوره بتقديم استقالته من االحكومة إذا لم تترجم قراره القاضي بإلغاء المجانية في قطاع التعليم العالي بالنسبة إلى أبناء الأثرياء. وجاء تلويح الداودي بترك المنصب الحكومي في اجتماع حزبي مصغر، ردا على «اللاءات» التي أشهرها رئيس الحكومة في وجه الإصلاح الذي قرر وزير التعليم العالي الانخراط فيه، خصوصا إلغاء المجانية. محمد الوفا وزير التربية الوطنية هدد هو أيضا بالاستقالة في حالة إجباره على التراجع عن قراره الذي يمنع هيأة التدريس العمومية من أداء ساعات إضافية في القطاع الخاص. وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي كان آخر من هدد بتقديم استقالته من حكومة عبدالإله بنكيران، في حال لم يتسن له تنفيذ التزاماته، كاشفًا عن عراقيل تحول من دون تنفيذ إستراتيجيته للمغرب الثقافي في أفق 2020. محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة لمح أيضا إلى إمكانية الاستقالة من الحكومة خلال انعقاد اجتماع المكتب السياسي للحركة الشعبية ، قياديي العدالة والتنمية والاستقلال على وجه الخصوص، بسبب تصريحاتهما بشأن اتهامات بتزوير الانتخابات في دائرة سيدي قاسم وسطات، ومساندة رئيس الحكومة لمرشح التقدم والاشتراكية بمنطقة سيدي قاسم. وقال محمد أوزين ، أنه لا يمكن أن نستمر هكذا .. ويمكن أن نضع السوارت في أي وقت، في اشارة لامكانية الانسحاب من حكومة بنكيران. هذه التهديدات لا تنم عن سلوكيات عابرة بل تنذر بأيام مقبلة ستعرف تطورات قد تقود إلى إحداث اهتزازات خطيرة على مستوى الأغلبية الحكومية، خصوصا إذا لم يتم التعامل مع هذه السلوكيات في إطارها المعقول والصحيح للتحكم في مخاطرها على التوازن المؤسساتي