المقاول المتسول: «الحاج» يبلغ من العمر 97 سنة، هذا الرجل المسن المنحدر من المناطق الجنوبية كان مقاولا، يشتغل ك «طاشرون» في مجال البناء، وانطبق عليه المثل القائل «جزار ومعشي باللفت» لأنه لم يكن يمتلك سكنا خاصا بل كان يعيش في عقار مكترى رفقة عائلته. لم يكن الحاج يعتقد يوما أن حياته ستنقلب منقلبا آخرا، ويعيش وضعية لم تحضر في باله في أي لحظة من لحظاته، ولم تراوده حتى في خضم أبشع كوابيس النوم تفاصيلا. فبعد ان امتد إلى جسده الوهن ولم يعد يقوى على العمل بعدما انقلبت أحواله سوءا تم الدفع به للتسول والاستجداء، وكان أقربائه يستولون على مايجود به الناس عليه من دراهم، مما جعله يعيش حالة من الفزع التي جعلت من المساعدة الاجتماعية ومن معها حين انتقلوا على حيث يقطن يجدون صندوقا خلف باب الغرفة في محاولة منه تبين أنها لغلق الباب على كل زائر غير مرغوب فيه، بينما حبات برتقال فاسدة كانت على جواره كانت شاهدة على ماكان يقتات به عن هو اقتات فعلا؟ انتقل الحاج إلى دار المسنين، حيث تبين أنه يعاني من مرض الزهايمر، فقد كانت تنتاب هذا المسن حالات من الصراخ والهيجان، نتيجة لاستحضاره لبعض التفاصيل المخيفة في حياته، والتي بدأت تنخفض حدتها يوما بعد يوم بفعل العلاج والادوية، ونظرا لدور الجليس الذي يرافقه بمسكنه الجديد. الشرقاوية: هي سيدة مسنة، فعل فيها الزمن فعلته وانتشرت التجاعيد في جسدها المنهك النحيل، ترقد وهي تعيش سنتها المائة في سرير غير قادرة على الحراك، تعاني من إعاقة مطلقة تمنعها من الحركة، لاتربطها بالحياة سوى زفرات وكلمات بين الفينة والأخرى التي تدل على حضورها الدنيوي. عاشت «الشرقاوية» حياة الجد والمثابرة طيلة حياتها، معتمدة على ساعديها للعمل في البيوت إلى أن خارت قواها وخانها جسدها، ولم تجد من يرعاها أو يهتم بها، فهي لم تستطع أن تؤسس أسرة، بعدما تزوجت لمرتين متتاليتين لم تستطع أن تحس خلالها بنعمة الأمومة، فأفنت عمرها في خدمة أسرة ظلت تعيش مع أفرادها حتى مع تقدمها في السن، إلا أنهم لم يستطيعوا عليها صبرا، وبعد أن تحملوها لمدة معينة، قرروا أن يودعوها مؤسسة خيرية لكي تكون هي آخر بيت تأويها جدرانه. صديق الكلبة : «س» شخص في السبعينات من عمره، لم يتزوج قط، ينحدر من منطقة درب السلطان بالدارالبيضاء، ظل هذا المسن مثار ملاحظات عدة، فقد كان يعيش بمفرده بعيدا عن عائلته التي كانت تنعته بكونه عدوانيا ومنعزلا، ولم يكن له من رفيق في الحياة سوى كلبة كانت تعيش معه تفاصيل حياه اليومية، السرية منها والعلنية، إلى أن توفيت فنعت بكون عزلته قد زادت حدتها، بحيث لم يتكلم بعدها مع أحد، وظل منزويا في مسكن حين ولجته المساعدة الاجتماعية، لم تقو على دخوله بالنظر على وضعيته والروائح التي كانت تنبعث منه، وهو الذي لم يكن يعيش سوى بما يقدمه له سكان الحي من مأكل، وأحيانا أخرى يقتات من مواد غير صالحة للأكل! الحياة في دار للمسنين، تبين معها أن الشخص ليس بالعدواني عكس ما قيل عنه تماما، وقد تكون عزلته مردها عوامل وأسباب خاصة، كان لها ماكان من وقع عليه، إذ انه إلى جوار مسنين من طينته، كان مندمجا متواصلا، ويحيا حياة أخرى من جديد. إنسانية راهبة: من بين القصص التي تحبل بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمسنين وأشخاص اختلفت الدوافع التي اتت بهم إليها، قصة رجل عمره 58 سنة، قضى 7 سنوات بدار للمسنين، والذي كان يعيش تحت رعاية راهبة لسنوات على ان توفيت فجيء به إلى المركز الاجتماعي. الرجل الذي اعتدي عليه بضربة فأس على مستوى الرأس في جلسة بتفاصيل معينة خلال سنة 1976، تلاها حرق المنزل الذي كان متواجدا بداخله، فتم نقله على إلى المستشفى، حيث تعقبته الراهبة التي أشفقت لحاله سيما انه كان بدون عائلة ولايوجد من يتكفل به أو يهتم به، فتحملت هذه المسؤولية الإنسانية، وظلت تعامله معاملة القريب منها إلى أن انتقلت على جوار بارئها، ليجد نفسه وحيدا من دونها، واستطاع أن يستبدلها بعائلة أخرى ممن لاعائلة لهم على شاكلته بعدما تم نقله إلى بيته الحالي.