اختار الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، افتتاح الدورة التشريعية الربيعية للبرلمان لنشر تقييمه لسنة كاملة من أداء حكومة عبد الإله بنكيران ،وهي مبادرة - كما عهدنا ذلك في تقارير الوسيط - ستسمح بإثراء النقاش العمومي حول حصيلة السياسات العمومية بقطاعات اجتماعية أساسية، أي التعليم والصحة والتشغيل والسكن ،وذلك على ضوء ما تعهد به فريق بنكيران في البرنامج الحكومي والذي من المفروض عمليا أن تترجمه مختلف الالتزامات والإجراءات الواردة في القانون المالي لسنة 2012 . الوسيط بهذه المبادرة التي تروم تقييم السياسات القطاعية ذات طابع اجتماعي ، يلفت انتباه الفاعلين السياسيين وفي مقدمتهم ممثلي الأمة بالبرلمان إلى القضايا التي تتطلب حرصا مضاعفا ويقظة مستمرة على مستوى السياسات العمومية والاجتماعية التي اختار الوسيط إعمالها من زاوية أكاديمية صرفة متقاطعة مع رؤى باقي الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين والخبراء . مؤشرات مقلقة .. تراجع معدل النمو وتفاقم عجز الميزان التجاري وتزايد العجز الإجمالي للخزينة الوسيط وهو يستحضر في تقييمه في السياسات القطاعية ذات الطابع الاجتماعي، ما يتوفر للحكومة الحالية من سند دستوري، أعطى للسلطة التنفيذية المزيد من الاختصاصات والإمكانيات غير المسبوقة في التاريخ السياسي للحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام المغربي، يجعل مسؤوليتها كاملة بشأن الوفاء بالالتزامات والتعهدات سواء المدرجة في البرامج الانتخابية من طرف المكونات الحزبية للتحالف الحكومي أو تلك المتضمنة في برنامج الحكومة التي تعهدت بهأمام البرلمان. ويؤكد الوسيط في تقريره على أن الخطاب المتفائل للحكومة في شأن الوضع الاقتصادي و المالي للبلاد بكونه معافى وبعيد عن أي تأثير سلبي للأزمة الاقتصادية العالمية ، تدحضه تقارير وآراء المختصين التي تؤكد أن العديد من المؤشرات المالية والاقتصادية ببلادنا لا تبعث على الارتياح خلال سنة 2012 ، ومنها أساسا تراجع معدل النمو من 4,8% سنة 2011 إلى 3,4% في سنة 2012 ، وتفاقم عجز الميزان التجاري الذي بلغ 197,2 مليار درهم في نهاية دجنبر حسب إحصائيات مكتب الصرف المتعلقة سنة 2012، وذلك بزيادة 7,9% مقارنة مع نفس الفترة في السنة الماضية، وبذلك يكون عجز الميزان التجاري قد تجاوز مجموع عائدات الصادرات لأزيد من 14,3مليار درهم، فيما تفاقم العجز الإجمالي للخزينة والذي بلغ 74 مليار درهم في نهاية نونبر 2012 مقابل 27 مليار درهم في سنة 2011 . الصورة السوداء للأزمة المالية لبلادنا يعززها «الوسيط» بتراجع تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج بنسبة 4% ، وكذا المداخيل المترتبة عن السياحة بنسبة 1,6% و تراجع الاستثمارات والسلفات الخارجية الخاصة بنسبة 2% ، وتراجع احتياطي العملة الصعبة الذي لا يغطي إلا قرابة أربعة شهور من الاستيراد رغم القرض المحصلة من السوق الدولية مؤخرا بقيمة 1,5 مليار دولار ، فيما يظل معدل التضخم في حدود 1,3%في نهاية 2011 . وبالمقابل ارتفع معدل البطالة إلى 9,4% في تسعة الأشهر الأولى لسنة 2012 ليتضاعف في صفوف الشباب الذي لا يتجاوز 24 سنة إلى 20,2% بزيادة نقطتين مع نفس الفترة في السنة السابقة. ويتعزز مسلسل التراجعات الذي طبع سنة 2012 بتراجع معدل الاستثمار العمومي والخاص على حد سواء، إذ لم ينفذ من ميزانية الاستثمار المبرمجة في القانون المالي إلا 37 مليار درهم تقريبا، ذلك أن المؤسسات العمومية لم تنجز الاستثمارات المعلن عنها إلا في حدود تقل عن 60% و هو مستوى أقل من متوسط السنوات السابقة... قطاع التعليم .. تراجع الاعتمادات المرصودة يعوق تحقيق الأهداف المسطرة لتأهيل المنظومة التربوية سجل الوسيط على مستوى تعهد وزارة التربية الوطنية بخصوص إعادة الثقة في المدرسة العمومية، وبشأن حكامة القطاع، عددا من الملاحظات .. فعلى مستوى العرض التربوي سجل الوسيط غياب إحداث مؤسسات تعليمية جديدة ، حيث تم الاقتصار فقط على استكمال أوراش بناء 533 مؤسسة تعليمية ، علما بأن البرنامج الاستعجالي لم يحقق الأهداف التي سطرها في مجال التعليم ما قبل المدرسي وفي مجال البنايات المدرسية، وكذا على مستوى تحسين الجودة والمردودية الداخلية للتعليم المدرسي ، بالمقابل كرس استمرار ظاهرة التكرار و الهدر المدرسي، فحوالي 100 ألف تلميذ يغادرون المدرسة قبل إتمام التعليم الابتدائي .. أما علىالمستوى البيداغوجي، فقد سجل الوسيط غياب مرجعيات محددة للتأطير التربوي تؤسس لتعاقد مهني بين مختلف الأطراف العملية التربوية الإدارية داخل المنظومة التربوية بمقابل التأرجح والفراغ على مستوى التعاقد البيداغوجي بين المدرس والمتعلمين بحكم الإلغاء المفاجئ للمقاربات البيداغوجية التي تمت في سياق تفعيل البرنامج الاستعجالي . على مستوى آخر، سجل الوسيط جمود المجالس الإدارية للأكاديميات والتي من المفروض فيها تطوير اشتغالها من أجل التكريس العملي لمبدأ التعاقد ، وامتداد التأثير السلبي لغياب التعاقد في شأن تدبير القطاع على العلاقة بين الأكاديمية والنيابة ، مما يرهن هياكل تدبير النظام التربوي المغربي بتراتبية القرار المركزي . الوسيط وقف عند استمرار التردد الذي يطبع سياسة القطاع مركزيا في علاقته بالجهات من خلال تفويض جزئي للصلاحيات الممنوحة للأكاديميات وانعكاس ذلك على مستوى النيابات والمؤسسات التعليمية ..كما سجل الوسيط تأخر الحكومة في إعداد مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي أدرجه الدستور المغربي ضمن هيئات الحكامة ، والذي سيضطلع حسب الفصل 168 من الدستور، بإبداء الآراء حول كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي، ذلك أن برمجة إحداثه على مستوى المخطط التشريعي خلال سنة 2013 ، يعكس عدم الانسجام بين التنصيص على اعتبار التعليم أولوية وطنية ، وعلى التسريع بإخراج الآليات الداعمة لذلك، فإخراجه وإعماله افتراضا سنة 2014 سيتزامن مع بداية نهاية الولاية الحكومية .. الوسيط استعرض في تقييمه لسياسة القطاع، النقص والانخفاض المستمر بالنسبة للميزانية المخصصة للتربية الوطنية ، مما يحد من إمكانية تطوير المنظومة التربوية ولا يساعد على الوصول إلى الأهداف المسطرة ومنها رهانات التعليم والجودة . كما أن المناصب المحدثة لن تمكن الوزارة من استدراك الخصاص المسجل في مواردها البشرية الذي يصل - حسب تأكيد وزير التربية الوطنية - إلى ما يقارب 15 ألفا . إن التزام البرنامج الحكومي لتطوير موقع المؤسسة التعليمية عبر الاستقلالية في التدبير الانفتاح المؤسساتي يقتضي - حسب الوسيط - تقديم إجراءات ملموسة على المستوى التشريعي والتنظيمي والتربوي ، غير أن الحكومة في حصيلتها السنوية لم تقدم ما يدعم ذلك على مختلف هذه المستويات .. كما أن الحكومة لم تلتزم بإعادة النظر في المناهج التعليمية بسبب القرارات ذات الصبغة البيداغوجية التي تم اتخاذها في غياب حوار وطني حول موضوع الإصلاح الشامل للمناهج على غرار التجربة السابقة التي عرفها المغرب نهاية القرن الماضي، مما يترجم المقاربة التقنية التي نهجتها الحكومة في مجال يستدعي استحضار الاختيارات الكبرى لمجتمع الغد ، أي مشروع التربية والتعليم في علاقته بالمشروع المجتمعي . قطاع الصحة ..نقص مهول في الأطر الصحية وغياب استراتيجية موحدة وفعالة لتعميم التغطية الصحية يرى الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان أن قطاع الصحة يتوفر على خريطة صحية لكن تفعيلها وتحيينها يطرح تحديا فعليا على مستوى ملاءمتها مع الوسائل الموضوعة رهن إشارة الوزارة، خاصة على مستوى الميزانية ..في نفس السياق فإن تعهد الحكومة بتوسيع شبكة المراكز الاستشفائية الجامعية لا تعكسه الحصيلة التي لا تقدم أي مؤشر في اتجاه الالتزام بهذا التعهد . ويسجل الوسيط غياب استراتيجية موحدة وفعالة بالنسبة لتعميم التغطية الصحية لفائدة الفئة الهشة ، مع ما يستتبع ذلك من تفاوت ملحوظ في ضمان الولوج للخدمات الصحية ما بين القطاعين العمومي والخصوصي، كما يسجل غياب آليات واضحة بخصوص السياسات الدوائية ، ذلك أن قرار تخفيض الأدوية الذي أعلن عنه وزير الصحة لا يهم سوى جزء يسير من الأدوية التي يقتنيها المواطن من الصيدليات، بينما أغلب هذه الأدوية التي شملها التخفيض تهم الصيدليات العمومية بالمستشفيات التابعة للقطاع العام، مع تأكيد الوسيط على استمرار ظاهرة الاحتكار لبعض الأدوية واللقاح كما هو الشأن في تدبير سوق الأنسولين بالمغرب الذي ظل يخضع للاحتكار والمضاربات بين شركتين محتكرتين للسوق الوطنية، إلى جانب ارتفاع أثمنة الأدوية بشكل عام بسبب تقادم القوانين المنظمة للأدوية في المغرب وعدم ملاءمتها بما يحقق الشفافية وضبط هامش الربح أمام ضعف القدرة الشرائية للمواطنين والضريبة المرتفعة المفروضة على الأدوية التي يؤديها المواطن في آخر المطاف . ويسجل الوسيط على أنه بالرغم من أن منظمة الصحة العالمية قد اعتبرت أن النسبة الملائمة لميزانية قطاع الصحة في الإنفاق العمومي لا ينبغي أن تقل عن 8% ، فإن الملاحظ أن ميزانية 2012 لم تعرف ارتفاعا من شأنه أن يمكن الوزارة من تنفيذ مخططها، فيما ظل عدد المناصب المحدثة ثابتا في حدود 2000 منصب خلال ثلاث سنوات الأخيرة ، في مقابل ذلك يحال على التقاعد سنويا 5000 موظف دون احتساب الاستقالات والوفيات مما يؤدي إلى اختلال التوازن بشكل كبير بالقطاع أمام تفاقم الأزمة في الموارد البشرية ووجود نقص مهول في الأطر الصحية . ففي بلد يتجاوز عدد سكانه 30 مليون نسمة، لا يتجاوز عدد الساهرين على الصحة العمومية فيه 47 ألف موظف ، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء 46 طبيبا لكل 100 ألف نسمة مقابل 70 في تونس و 300 في فرنسا ، يكرس هذا الوضع بعدد الممرضين الذي لا يتجاوز عشرة ممرضين لكل 100 ألف نسمة ، وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية تصنف المغرب من بين 57 دولة التي تعاني نقصا حادا في الموارد البشرية، ذلك أن المغرب - حسب الوسيط - يعاني من خصاص في الميدان الصحي لا يقل عن 6000 طبيب و 9000 ممرض و ممرضة . قطاع التشغيل .. ارتفاع نسبة البطالة وغياب سياسة عمومية استباقية لتلبية الطلب على سوق الشغل بالنسبة للتشغيل لاحظ الوسيط من خلال مقارنته بين تعهدات الحكومة و ما تقدمت به كحصيلة لسنة 2012 ، ارتفاع معدل البطالة بنسبة 9,2% و تراجع معدل النمو إلى 3,4% ، مقابل مساهمة القطاع غير المنظم بنسبة مهمة في مجال التشغيل، مما يحد من تطبيق سياسة ناجعة في مجال التشغيل، وبالمقابل يسجل الوسيط غياب أية إشارة على مستوى حصيلة الوزارة بأي تدبير في اتجاه تفعيل سياسة الاحتضان لفائدة المقاولات الحديثة التأسيس ، مع استمرار غياب المعطيات حول عمليات التشغيل في المؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات الترابية، علما بأن المناصب المحدثة برسم القانون المالي لسنة 2012 قد بلغت 26404 موزعة على مختلف القطاعات الوزارية .. ويؤكد الوسيط في رصده عدم قدرة الاقتصاد الوطني على إحداث مناصب شغل تستوعب نسبيا الباحثين عن عمل ، يقع ذلك في غياب سياسة استباقية لمواجهة الضغط القوي على سوق الشغل في السنوات المقبلة مع استمرار تدفق حملة الشواهد الجامعية والتفاوت الحاد بين الجهات في إحداث فرص الشغل . كما يؤكد الوسيط على عدم اعتماد الحكومة لحد الآن على إجراءات جديدة لإنعاش التشغيل ، بل وقبل ذلك لم تستطع الحكومة معالجة الصعوبات التي تعترض تنفيذ برامج التشغيل «إدماج، تأهيل، مقاولتي» مع التأكيد على التراجع الكبير في مؤشرات التشغيل على هذا المستوى . وبالنسبة للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ، يؤكد الوسيط على ظاهرة إهدار المال العمومي في إحداث فروع للوكالة بالمناطق ذات النسيج الاقتصادي الهش عوض استعمال الوحدات المتنقلة لتقديم خدمات الوكالة. يضاف إلى هذا المؤشر السيء ما اعتبره الوسيط من استمرار عدم ثقة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في مصداقية مؤشرات وأرقام الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل و الكفاءات لعدم شفافيتها. واستحضارا لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، فإن الوسيط يسجل غياب إحصائيات تعكس تدفق الهجرة المغربية للخارج وكذا وضعية تشغيل الأجراء الأجانب بالمغرب ، وينضاف إلى ذلك ، غياب سياسة عمومية استشرافية لتلبية الطلب على سوق الشغل، غياب المعطيات بشأن التشاور مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين من أجل بلورة سياسة عمومية في مجال التشغيل وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. قطاع السكن .. ارتفاع دائرة الأحياء الهامشية بالمدن والحواضر سجل الوسيط مجموعة من الملاحظات بخصوص منجز الحكومة على مستوى القطاع السكنى خلال سنة 2012 ، والتي تحدد باستمرار التراجع في الاهتمام بمجال إعداد التراب الوطني ، وذلك بعدم تفعيل المخطط الوطني لإعداد التراب وعدم إيلاء العناية الكافية لهذا المجال الاستراتيجي . يقع هذا في ظل التراجع الواضح في عدد الوحدات السكنية المخصصة لإعادة الإيواء و التي لم تتعد 10.000وحدة سكنية في وقت كان المعدل السنوي في الفترة السابقة هو 30.000 وحدة. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن اللجنة الوزارية المختصة برئاسة رئيس الحكومة لم تعقد أي اجتماع لتفعيل ملف مدن بدون صفيح ، ينضاف إلى ذلك الفتور المسجل على مستوى نشاط اللجنة الوطنية الثلاثية واللجان الإقليمية للتنسيق والمتابعة لتنفيذ برنامج مدن بدون صفيح. ويسجل الوسيط في هذا الصدد انحصار الاستثمارات الخاصة بالسكن الاجتماعي لأسباب متعددة، من بينها تحقيق نوع من الإشباع للطلب على السكن الاجتماعي بعد استنفاد أهم الفرص التي كانت متاحة للمستثمرين في مناطق عدة بالمغرب باستثناء بعض المدن الكبرى « الرباط والبيضاء« التي لا تزال لا تتوفر على عروض كافية وملائمة لهذا النوع من السكن . بالمقابل يسجل الوسيط استمرار السياسة الحكومية نحو توجيه الاستثمار الخاص في مجال السكن الاجتماعي «إلى الفرص العقارية المتاحة « (العقار العمومي والعقار الخاص المستفيد من الاستثناء في التعمير)، وذلك عوض التوجه نحو تلبية الحاجيات الحقيقية للفئات المستهدفة لهذا المنتوج المدعوم من طرف الدولة في المناطق التي تعرف ضغطا متزايدا. كما سجل الوسيط الفتور على مستوى تنفيذ برنامج سكن 140 ألف درهم الموجه نحو الأسر ذات الدخل الضعيف، سواء على مستوى التزامات مؤسسة العمران أو القطاع الخاص المتعاقد معه ، يعزز ذلك غياب معطيات رقمية لمعرفة مدى تنفيذ الحكومة لتعهداتها بخصوص تعبئة العقار اللازم لإنجاز هذا النوع من السكن والذي حدد في 20.000 هكتار في البرنامج الحكومي، ذلك أن الوزارة المعنية ومن خلال الوثائق المقدمة للبرلمان برسم مناقشة الميزانية الفرعية للقطاع لم تقدم أي رقم على ما تم إنجازه خلال سنة 2011 بخصوص هذا الموضوع. وأمام ارتفاع دائرة الأحياء الهامشية بالمدن والحواضر، فإن الوسيط يؤكد انخفاض عدد الأوراش المفتوحة في مجال إعادة هيكلة الأحياء الهامشية خلال سنة 2012 ، والتي لم تتجاوز خمسة أوراش في مقابل الوتيرة التي تحددت في السابق والتي بلغت خمسين ورشا سنويا. واعتبر الوسيط أن سنة 2012 تعتبر سنة بيضاء بدون منجز بخصوص السكن الموجه للطبقات الوسطى اعتبارا للتحفيزات الجبائية المدرجة في قانون المالية لسنة 2013، والتي ستكون بدون أثر على هذا النوع من الاستثمار. ينضاف إلى ذلك التراجع في حجم استثمار القطب العمومي في الإسكان «مجموعة عمران» للسنة الثانية على التوالي ، حيث استقر في 6,5 مليار درهم مقابل 8,5 مليار درهم سنة 2009 ، بينما كان المخطط التنموي لمؤسسة العمران قد توقع أن يصل هذا الاستثمار إلى 11 مليار درهم سنة 2012 . ويؤكد الوسيط أمام تراجع العرض السكني والاستثمار فيه ، استمرار منطق المضاربة وتغليب الهواجس التجارية الصرفة في تسويق المنتوجات السكنية للعمران، وذلك على حساب الوظيفة الأساسية لهذه المؤسسة التي من المفترض أن تكون رافعة لإنتاج السكن بجودة وبأسعار تنافسية بحكم الامتيازات الممنوحة لها على مستوى العقار والتعمير والتمويل العمومي وكل التسهيلات التي تضعها الدولة رهن إشارتها . أما في ما يخص المدن الجديدة، فإن الوسيط يسجل أن سنة 2012 لم تعرف أي بوادر للانتعاش بشأن المشاريع القائمة ، بل تم تسجيل العجز في تنفيذ بعض الاستثمارات المبرمجة على بعض الوعاءات العقارية التي منحت بشروط تفضيلية لبعض المنعشين الذين ، ورغم إخلالهم بتعهداتهم ، لم يسجل أن السلطات المعنية قد قامت بتدابير لاسترجاع تلك الوعاءات العقارية وإعادة توجيهها لخدمة وأهداف متوخاة ، كما لم يتم تسجيل انعقاد أي اجتماع للجنة التقنية الخاصة بالمدن الجديدة برئاسة رئيس الحكومة خلال سنة 2012 . وبشأن محاربة البناء العشوائي، يرى الوسيط أن هذا الوضع يستلزم توفر بدائل متاحة من شأنها أن تمتع المواطنات والمواطنين بحقهم الدستوري في السكن اللائق، ذلك أن استمرار اعتماد المقاربة الأمنية من خلال الترحيل القسري والهدم الممنهج للمساكن يؤدي إلى المزيد من الاحتقان والتوتر في علاقة السلطات مع المواطنين ، والذين اضطروا إلى هذا السكن في ظروف صعبة فرضت عليهم بسبب غياب بدائل أخرى ونتيجة لمحدودية الإمكانيات المادية لاقتناء السكن الاجتماعي أو السكن ذي التكلفة المنخفضة.