للسنة الثانية على التوالي، تتسلل مؤسسة ثقافية لا تمتهن النشر بالمعنى الحِرفي إلى لائحة الناشرين المتوجين بجائزة المغرب للكتاب. إنها «مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب» التي تنظم سنويا «مهرجان فاس للكتاب المتوسطي»، والتي يديرها ذ. عبد الحق اصويطط. أجل، ففي السنة الماضية حاز الناقد والمترجم رشيد بنحدو جائزة المغرب للكتاب في صنف الدراسات النقدية عن مؤلفه «جمالية البين بين في الرواية العربية»، وهو المؤلف الذي نشرته المؤسسة. وفي السنة الجارية عادت جائزة الشعر لأحد منشوراتها أيضا، ديوان «تحت الأنقاض فوق الأنقاض» للشاعر الكبير محمد السرغيني. وإذا كانت المؤسسة قد عملت فقط، في السنة الماضية، على إخراج كتاب «البين بين» إلى الوجود الفعلي من خلال نشره، فإن لمديرها مع ديوان السي محمد السرغيني قصة تستحق أن تروى. يقول ذ. عبد الحق اصويطط في تصريح للجريدة بهذا الصدد: «بدأت الحكاية حين منحت المؤسسة جائزة فاس للإبداع في دورتها الثانية لشاعرنا العملاق وأعدت حوله شريطا وثائقيا تضمن شهادات مؤثرة لثلة من مجايليه وأصدقائه. بعدها أطلعني السي محمد على مخطوطاته الخاصة التي أغرتني نصوصها بعد أن استمتعت بقراءتها. بعد أقل من شهر من ذلك، اقترحت عليه طبعها و نشرها في ديوان وهو ما لم يتردد في تحبيذه. وبرغبة من أصدقاء الشاعر، تم وضع الديوان للجائزة باسم للمؤسسة بعد موافقته طبعا». لكن، لماذا اقتحمت مؤسسة ثقافية مجال النشر رغم أنها غير متخصصة فيه؟ جوابا على علامة الاستفهام هذه، يرد مدير «مهرجان فاس للكتاب المتوسطي» الذي ستنعقد دورته الخامسة بين 20 26 أبريل الجاري: «النشر مبادرة متواضعة أخذناها على عاتقنا من أجل تفعيل الميثاق الذي أسس عليه مشروعنا الثقافي ذلك أن المؤسسة أنشأت من أجل بلورة مشروع للقراءة العمومية متأصل في حضارتنا العربية ومنغرس في تربتنا المغربية، في أفق جعل الكتاب في صلب اهتمام المؤسسات العمومية والجامعية ، و تربية الناشئة على الاهتمام به وبالإبداع. وبالرغم من أن المؤسسة لا تمتلك الإمكانيات المادية الضرورية لتحمل هذه المسؤولية الشاقة، فقد اخترنا مغامرة النشر بدعم من شركائنا في المجالس المنتخبة وانفتاح وزارة الثقافة على مشروعنا الثقافي هذا. ولولا هذا الدعم لما قمنا بإصدار هذه الكتب التي وصلت إلى سبعة مؤلفات إلى حد الآن، ونطمح إلى تعزيز هذا الرصيد خلال السنة الجارية عبر نشر ثلاثة إصدارات جديدة». وإذا كانت «مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب»، الموجود مقرها الإداري بالمكتبة الوسائطية البلدية بفاس، فضاء للتداول حول القضايا الفكرية والإبداعية المغربية الراهنة في علاقتها بالآخر، من أجل خلق تراكم نقدي يستفيد منه المتتبعون والباحثون والجامعيون، فإن دورة «مهرجان فاس للكتاب المتوسطي» الخامسة ستضيء الحقل الثقافي بمحور أساسي هو «المغرب الثقافي: فضاء للتعدد والوحدة». ويختم ذ. عبد الحق اصويطط لقاءنا به مصرحا: «نطمح، في المؤسسة، إلى تحويل الكتاب إلى صديق أنيس للمواطن المغربي وهو ينتظر دوره لركوب الحافلة، و هو داخل الحافلة، وهو في القطار أو في الحديقة العمومية أو المقهى ... أن نكرس القراءة داخل المدارس العمومية، داخل المؤسسات الاجتماعية، داخل المؤسسات الإصلاحية، داخل المنزل. أن يقرأ المغاربة كل يوم قصيدة، قصة قصيرة، مقالا نقديا، كتابا للطبخ، كتابا لتربية الطفل. أن يقرأ الطفل قصص جحا ... أن نقرأ جميعا!»