عقد المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للأرصاد الجوية,العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل (ف د ش) اجتماعا له يوم الثلاثاء 19 مارس 2013 لتقييم الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها المكتب الوطني (ف د ش) بتاريخ 12 مارس 2013 كبداية لتنفيذ البرنامج النضالي التصاعدي الذي سطره تبعا لتوصيات المجلس الوطني الأخير. وبعد استحضاره للنجاح المتميز الذي عرفته الوقفة الاحتجاجية فقد خلص لمايلي: - التوجه بالتحية والتقدير والاعتزاز إلى كافة الفيدراليات والفيدراليين وعلى رأسهم المرأة الرصدية على النجاح الباهر لوقفتهم الاحتجاجية, حيث أكدوا فيها على تمسكهم وإصرارهم لانتزاع مطالبهم المشروعة والعادلة. - يدين بشدة كل سلوكيات التضييق اللامسؤولة تجاه مناضلينا قبل الوقفة بمنعهم من ممارسة حقهم في الاحتجاج وبعدها بمحاولة استفزازهم من خلال استفسارات انفرد بها المدير الجهوي للشمال الشرقي. - يدين كل تآمر على مصير الشغيلة الرصدية ونحذر المسؤولين من عواقب ذلك. بعدها تدارس المكتب الوطني الخطوات النضالية المستقبلية تسطير وقررتسطير سلسلة من الاحتجاجات على أنها ستحدد تواريخها في بلاغ لاحق خاص بها حسب التقنيات التالية: - إضراب وطني بالتوقف عن العمل لمدة ساعتين من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الثانية عشرة زوالا وذلك كل يوم أربعاء مع وقفة احتجاجية أمام مكتب السيد مدير الارصاد. - وقفات احتجاجية للمسؤولين النقابيين بالدار البيضاء النواصر الجديدةوالرباط. - وقفات احتجاجية بالتناوب مع المسؤولين الجهويين والمحليين وممثلي المحطات الرصدية. - وقفة احتجاجية موسعة أمام وزارة الطاقة والمعادن. - مسيرة من أمام وزارة الطاقة والمعادن إلى أمام مقر الادارة المركزية لقطاع الماء. وقد عاد المكتب الوطني للتداول حول نتائج اللقاء الذي دعا إليه السيد الكاتب العام لقطاع الماء يوم الأربعاء رحب 20 مارس 2013 وحضره السيد مدير الأرصاد الجوية. حيث رحب السيد الكاتب العام في بداية كلمته بممثلي النقابات بالقطاع وذكر بالدور الهام الذي يقوم به قطاع الأرصاد الجوية وما يواجهه من تحديات, وأشار للعناية التي يخص بها المسؤولون المركزيون قطاع الأرصاد الجوية, بل هناك خطوات جادة على أعلى مستوى لتحويل القطاع إلى مؤسسة عمومية وأضاف أنه ليس من المعقول أن تبقى مديرية الأرصاد الجوية المغربية الوحيدة في المنطقة دون تحقيق ذلك. بعدها ذكر بالأهداف من الدعوة لهذا اللقاء وركزعلى نقطتين أساسيتين الأولى توضيحية والثانية التزامية من المسؤولين المركزيين. 1 - التوضيح أوضح السيد الكاتب العام لقطاع الماء على أن لوائح الترقي هي من مهام المديرية وهي من تقترح من سيترقى من الموظفين العاملين بها والمتوفرين على شروط الترقي وأنه لا دخل للسيد الوزير أو الكاتب العام في الأسماء المقترحة للترقي وحمل السيد المدير مسؤولية ذلك ودعاه التعجيل بإعداد لوائح الترقي هذه لعرضها على اللجنة الادارية المتساوية الأعضاء. ومرة أخرى وحتى لا يتم تغليط الرأي العام والرصديين على الخصوص, فمسؤولية إعداد لوائح الترقي هي من مهام السيد المدير. 2 - الالتزام التزم السيد الكاتب العام لقطاع الماء أنه مباشرة بعد صدور مرسوم تعيين ممثلي الادارة باللجنة الادارية المتساوية الاعضاء سيتم استدعائها للبت في الترقيات كما ينص على ذلك القانون مع احترام صلاحيتها القانونية وحرمتها, وذكر أن السيد المدير ووعيا منه بمسؤوليته الكاملة في هذا الملف قام بعدة استشارات في هذا الاتجاه مع كل من وزارة تحديث القطاعات العامة وقبلها الامانة العامة للحكومة وأقر من جانبه على أن الترقيات عرفت تأخرا كبيرا. بعد ذلك تدخل الأخ الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للأرصاد الجوية (ف د ش) حيث وضح أنه لا يمكن اختزال المشاكل التي يتخبط فيها الرصديون في الترقية بالاختيار رغم أنها تبقى من المطالب المديرية مع هذا الملف بكل الأساسية والأولية التي يجب الاسراع للبت فيها وتأسف على أنه لو تعاملت بشفافية ووضوح لما ضاعت حقوق المعنيين بالأمر لعدة سنين, وعرج على أن هناك مطالب ملحة يناضل من أجلها الفيدراليون يجب الاستجابة لها ومنها: 1 - ضرورة الإسراع بإعلان نتائج الترقية بالاختيار برسم سنوات 2010 - 2011 و 2012 والتسقيف بالنسبة للتقنيين في إطار الاحترام الكامل والشامل لمقتضيات النصوص القانونية المنظمة للترقية وبرسم سنوات 2011 و2012 بالنسبة للمهندسين وبالنسبة للمساعدين التقنيين والاداريين منذ 2010. 2 - الإسراع بصرف التعويضات والالتزام بتعويض النقص الذي عرفته برسم سنة 2012 وصرف التعويض الخاص بالفئات الصغرى من ذوي الدخل المحدود. 3 - اتخاذ الاجراءات الكفيلة والجريئة لحل مشكل الخصاص الحاصل في الموارد البشرية خصوصا بالمحطات الرصدية مع استحضار الاحالة على التقاعد لفئة عريضة من التقنيين والإسراع بالاستجابة لطلبات الانتقال للعديد من التقنيين الذين يعانون منذ سنين. 4 - العمل على النهوض الحقيقي والجدي بالخدمات الاجتماعية. 5 - القيام بحركية للمسؤولين مع وضع هيكلة واضحة ورسمية للمديرية. وقد اندهش السيد الكاتب العام واستفسر على النقص الذي عرفته التعويضات وطالب السيد المدير بالتدخل لدى الجهات المعنية العمل سويا على تجاوز هذا المشكل أما بالنسبة للمطالب الأخرى وغيرها كسوء التدبير والتسيير الذي تعرفه المديرية فقد التزم ببرمجة لقاء مع السيد الوزير وحدد له شهر أبريل لتدارس كل هذه القضايا. بعد ذلك طالب الوفد الممثل ل (ف د ش) بتوضيح حقيقة ما جاء في بلاغ إحدى النقابات بأن هناك تعليمات من طرف السيد الوزير إلى السيد مدير الأرصاد الجوية للتحاور مع هذه النقابة دون غيرها, بل والتوقيع معها على محضر باسم السيد الوزير, هذا المحضر الذي تلاه المدير هاتفيا على السيد الكاتب العام لقطاع الماء الذي أمره بعدم التوقيع عليه كما جاء في البلاغ المذكور, الشيء الذي نفاه السيد الكاتب العام لقطاع الماء جملة وتفصيلا. وأكد عليه السيد المدير نفسه وهذا ما أثار حفيظة الأخ المرافق للكاتب العام للنقابة صاحبة البلاغ بكل عفوية ليسود جو من التوتر وتبادل التهم بالكذب بينه وبين السيد مدير الارصاد الجوية وقتها ظهرت الحقيقة وانكشف المخطط الذي كانت ستضيع معه حقوق الرصديين وهل بقي أكثر من هذا كدليل قاطع لإبطال الأكاذيب والاتهامات اللاأخلاقية التي كانت تشاع على أننا وراء تعطيل الترقية وبأننا موالين للإدارة. وتساءل ماذا يرهب السيد المدير حتى يضع نفسه في هذه المواقف المحرجة. ولو أن هذه الواقعة ذكرتنا بالمثل الشعبي «»الضرب على الرأس والبوسان على الطاقية««، حيث تلاه بيان وكأن ما جرى لا يفسد للود قضية, هذا وقد كانت هناك محاولات لفرض معايير للترقية بالاختيار وهذا ما حذا بنا للتشبث بالقانون من خلال المرسوم المنظم للترقيات بالاختيار وواجهنا كل من يستدل بمذكرة بخصوص الترقية في قطاع التعليم وبينا أن الادارة المركزية لا تدبر هذا الملف إلا مع الهيئات النقابية الممثلة داخل اللجان الادارية المتساوية كما تنص على ذلك هذه المذكرة نفسها, كما استدللنا في ذلك بالمراسلة التحكيمية الموجهة إلى السيد وزير العدل من طرف الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بتحديث القطاعات العامة والتي تنص على احترام المرسوم رقم 1367 - 05 - 2 بتاريخ 2 دجنبر 2005 المنظم للترقية بالاختيار، وتوضح أنه لا يمكن اعتماد معايير لرص الصفوف ورفع درجة التعبئة مع الاستعداد لكل الاحتمالات حتى تحقيق مطالبنا المشروعة. هل نبكيك؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا.. لا.. لن نبكي لأنك لم تنته بل ابتدأت.. كنت البداية دائما... ستستمر.. ستحيا.. في كل من يؤمن بالمغرب بلدا ناميا.. ديموقراطيا وحداثيا.. في كل من عرف أنك كنت تزرع الابتسامة.. اليوم يتعطل البكاء.. جئنا لا لنودعك ونبكيك بل لنعتبر ونقدر الخسارة الكبيرة التي لحقت حزبنا بالجهة الشرقية... أعرف أنك اختفيت ولكنك لم تمت نعم لم تمت ولن تموت ولكنك غرست الورد في أرضنا، نشرت الحب وعشق الجمال، زرعت القمح وعلمت الأطفال، تغنيت بالحرية وعلمتها أغنية حلوة لأبنائنا الآن وغدا.. سنحلم ونحلم.. وطني وطن الجميع، وطن الحرية والعدالة، وطن يباهي الأمم بتضحيات رجاله الذين ناضلوا من أجل محو المسافات بين مواطنيه.. جميعا مغاربة لا فرق بيننا، ما يجمعنا هو حب الوطن من النية إلى الفعل، وكذلك أنت، إنك اتحادي أصيل. أعرف أنك اختفيت ولكنك لم تمت. تاريخ غني وحي، مسار شاق وعسير، وطني مواطن، مناضل ديموقراطي، اتحادي اشتراكي.. كلمة واحدة في حقك يا عز الدين.. وأصير ملقحا ضد كل نزلات الخيانة والانحراف.. فالرجل أنت، والصدق فيك، والصمود متح دلالاته منك، والنبل ولد معك.. يكفي أن أعلن أنك الاتحاد ليسقط القناع عن المرتزقة الذين تاجروا بتاريخ الحزب فعاشوا خسة أنطولوجية.. إنك اتحادي أصيل. أعلم أن قد اختفيت ولكنك لم تمت إنك الرجل الذي يستحق منا ألف تحية وألف احترام وألف تقدير.. إنك الرجل الذي انسل منسحبا من الرداءة إلى التمدد في محبتنا له.. كنت تقول: لا يهمني الموت ولا أعيره أي انتباه.. لهذا واجهت المرض بشجاعة نادرة.. انتصرت على داء هزم الجميع.. ويشهد الجميع أنك لم تضعف ولم ترضخ.. كنت دائما عظيما لهذا كانت جنازتك عظيمة.. اطمئن يا صديقي، فالجماهير تكن لك الحب الصافي الصريح.. حضر الجميع، جاؤوا من مختلف الأمكنة والأزمنة.. من وجدة، فجيج، جرادة، تاوريرت، بركان، أحفير، الناظور، الدريوش... أحزاب ونقابات.. جماعات وجمعيات.. الاتحاديون تصالحوا مع أنفسهم اعترافا بنبلك.. كنت تحب الجميع فأحبك الجميع.. هنا جنازة شافيقي فطوبى للمشيعين.. لم أشهد أبدا جنازة اقتربت من عظمة جنازتك.. ومن الرباط، وعلى عجل.. حضر الأستاذ ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حضر ليقدم التعازي لأمك وزوجتك وأبنائك.. حضر ليتقبل التعازي.. فالحزب فقد قائدا فريدا متفردا بالجهة الشرقية... ويعلم لشكر الخسارة الكبرى التي لحقت الحزب برحيلك.. حضر ادريس إلى منزلك ليواسي الأهل والأحباب، الأصدقاء والإخوان.. ولكن حضر لكي يبلغ الرسالة.. حضر ليعلم الجميع انك عز المناضلين والمناضلات الذي يستحق كل اعتبار وكل تقدير.. حضر ليشهد الجميع أنك عز الناس الذي يستحق الاحترام كله والحب كله.. إنك المثال والقدوة.. الرمز والنموذج، لهذا أوصى الكاتب الأول أن تزين صورتك مقر الحزب بوجدة.. أن توضع صورتك إلى جانب صور عظماء الحزب، المهدي وعمر وبوعبيد... فأنت لم تكن دونهم تضحية ونضالا، ولم تكن دونهم صدقا وأخلاقا.. إنهم أساتذتك الذين ناموا مطمئنين لأنهم يعرفون أن مثلك يواصل الكفاح.. إنك اتحادي.. «كنت دائما تكافح وتجاهد» كما شهدت لك أمك بذلك رغم البكاء على غياب ابن اجتمعت فيه كل مواصفات الإنسان... كنت الرجل، الذي ملأ حياته، بلا دوي، بالوقوف هادئا في مواجهة الصخب.. صخب البحر تعارك موجه ليلا ونهارا... آه كم كنت تعشق البحر وعشق القنص مع ابنك صالح... صخب الحزب تواجه التناقضات والصراعات بمنطق الحكيم... صخب النقابة تعالج مشاكل العمال والمأجورين.. صخب الأبوة يحولك لحنا يدمع الأحاسيس... كنت تعشق الليل لتعود إلى ذاتك... تحرر التقارير، تفكر، تقرأ، تكتب.. كنت تعشق الليل فالنهار تنتظرك فيه إزعاجات كثيرة... أشهد أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت كنت تكره اللغة السوداوية والأسلوب المتشائم ولغة اليأس والتيئيس، كنت تكره التطرف والعدمية، الثرثرة ولغو الكلام، الكذب والنفاق، المكر والخديعة... كنت تكره الكره... لا... كنت إنسانا جد متفائل، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل.. وهذا الصدق... وهذا الطموح.. وهذا الحب اللامشروط لهذا الحزب رغم التهافت لدى البعض والتدمير لدى الآخرين.. كنت تبني وغيرك يهدم.. ولكن كنت دائما تنتصر وغيرك ينهزم.. في جميع المحطات الحرجة كنت العريس.. تأتيك المسؤوليات وأنت فيها زاهد.. وهذه إحدى أسرار قوتك.. يتكالب البعض، يناور البعض الآخر.. تعقد الجلسات المشروعة واللامشروعة.. تنظم اللقاءات والاجتماعات هنا وهناك.. في السر والعلن.. وفي الأخير أنت القائد.. لم تردها ولم تسع إليها وإنما أتتك متوسلة آملة.. المسؤولية امرأة، والمرأة لا تحب إلا الرجل الشجاع الصادق.. وكذلك كنت! أعلم أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت كنت دائما عز الدين.. عز الوطن.. عز الحزب.. عز المناضلين والمناضلات.. وكنت دائما شفيقا بالجميع.. بالأهل والأحباب.. بالأصدقاء والخصوم.. عز الدين شافيقي، اسم ومسمى، دال ومدلول، رمز ومعنى.. إنسان بشوش في طيبوبته، وطيب ببشاشته، قوي في هدوئه، وهادئ في قوته.. هكذا أنت كما عرفناك، اسمك العز، اسم أنجبته جبال الأطلس من عمق تاريخها ونضالية أهاليها ولطافة سكانها... اجتماعي بطبعك.. وما أسهل تأقلمك في المجال إذا أردت بمحض إرادتك، دون أن تخضع لأي أمر أو قرار.. تحب الحرية بمسؤوليتها ومروءتها.. وتقول «لا» للقمع والتسلط وإعطاء الدروس الأخلاقية بالمجان.. إنسان أنيق، صريح، صادق.. تقول ما في سريرتك صراحة وجهارا، ولا تخشى في ذلك لومة لائم.. ولا أحد كان يجرؤ على لومك.. الجميع كان يتقزم في حضرتك لأنك صادق وأصيل، إنك اتحادي.. كريم نبيل، صديق صدوق، أخ عزيز، محب عاشق... صفاتك أو بعض من صفاتك أنت الإنسان.. عرفناك المناضل القوي الذي تسكنه الرقة، والمناضل الحكيم الذي ترقد فيه الليونة.. كنت تمقت النميمة والإشاعة.. السب والإساءة.. الحجر والوصاية.. الغرور والزعامة.. الوهم والدناءة.. القبح والنذالة.. لقد كنت كبيرا.. كنت العز.. إنك اتحادي أصيل. أعلم أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت بين مؤتمر ومؤتمر وطول المحطات النقابية والحزبية... بين انتخابات تشريعية واستحقاقات محلية.. لم نسجل أبدا أنك تتهافت على موقع قيادي أو تتكالب على مقعد انتخابي.. العفة هي سيدة الميدان والترفع عنوان الرجل.. في كل مرة كنت ترفض الترشيح رغم إلحاح هؤلاء وهؤلاء.. كنت فقط تروم إنجاح المرحلة.. كنت تعرف جيدا طموحات البعض أنانيات البعض الآخر... لهذا كنت توجه الرسائل وتبلغ الدروس بتنازلاتك الدائمة، وكان الجميع يخجل منك، وكم من مناضل عبأ استمارة ترشحه فسحبها بتوجيه منك.. كنت تناضل بكبرياء.. لا تزاحم أحدا على «مساحة» أو «تفاحة» كان يكفيك ما تتواجد فيه لكي تنسج بألوان النضال.. نسيجك المميز.. عبد الرحيم بوعبيد كان يعرف أن في الاتحاد أمثالك عندما قال «السياسة أخلاق»، ويشهد الجميع أنك مارست السياسة بأخلاق راقية... آلمك كثيرا ما حدث في مؤتمر الكونفدرالية بالعيون، وآلمك أكثر ما حدث في المؤتمر الوطني السادس للاتحاد الاشتراكي... وما حدث من قبل ومن بعد، لهذا كنت حريصا على تجنب كل ما من شأنه أن يخلق صراعا ويولد عداوة.. وكنت واعيا كل الوعي أن أسباب الشتات والفتنة أسباب شخصية مؤسسة على ذاتيات عمياء وأنانيات مدمرة.. كنت تزرع وهم يحصدون.. تركت لهم المواقع والمناصب وعانقت النضال والتنظيم.. فليخجل من أنفسهم أولئك الذين لم يفهموك... شافاهم الله؟! أعلم أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت تتميز بأنك متعدد المميزات، ولا فرق بين مميزاتك.. كنت تختلف ولا تخالف، تفكر ولا تثرثر، تنصت ولا تسمع، تفعل لا تقول، تواكب ولا تساير، تنضبط ولا تخضع، رافض لا يدعي الثورة، وطني خام ومواطن أصيل، إنك اتحادي... فالانتماء للحزب ليس موضوعا للمزايدة والارتزاق.. من هنا رفضت التزين بمساحيق الإساءة إلى المناضلين والمناضلات.. خطيب ذا قدرة فائقة على الإقناع، يعشق التجمعات، حيث اللقاءات الضاحكة والنقاشات تمنح معنى للحياة.. منذ البدايات كشفت عن موهبة تمتلك قدرة العطاء.. كنت تخاطب في الناس عقولهم، تخاطبهم بلغة عربية أنيقة.. كنت فصيحا إلى درجة أن أحدا ما صدق يوما أنك أستاذا للغة الإنجليزية.. نعم! كنت متفوقا على أهل الاختصاص في العربية والبيان كما كنت متفوقا أخلاقا ونضالا.. لقد كنت الحكيم، إنك اتحادي.. حين تنضج عناقيد الغضب في حقل الحزب والنقابة، كنت تبحث عن عزلة مع جريدة أو كتاب أو أغنية من الزمن الجميل هروبا من مقرات تعج بالبؤس ورجال أشداد غلاظ... تهرب من أولئك الذين يغتصبون النضال ويعذبون الاتحاد.. تهرب من أولئك الذين يسرقون التاريخ من تضحيات الشهداء وتتجنب صراعات الشيوخ لتتفادى يأس الشباب.. لكن الواقع هنا والآن.. مضطر للهروب مؤقتا... وغالبا ما كنت تهرب إلى السعيدية لتقضي يوما أو يومين، السبت والأحد، إن شاءت النقابة وشاء الحزب فحرراك من اجتماعات ولقاءات لا تنتهي... كنت تهرب لتسقي بعطف الأبوة ولدين صالحين وبنتا يانعة.. لتسقي بحب الزوج امرأة مثالية.. كنت تعمل جاهدا على تجنيبهم لسعات الغياب الاضطراري وتمنحهم الأمل في المستقبل.. كنت تحاول أن تملأ نهاية الأسبوع عطرا بعد أن ملأت أيامه معاناة.. فالرجل له قلب.. والأب له إحساس، وكان عليك أن تواجه الأمواج والإعصار.. وكنت تعتبر هذا واجبك.. وهذه مهمتك.. وإلا فليرحل عن هذا العالم الذي هو في حاجة إلى العواطف النبيلة وشيء من التضحية. لقد كنت المفرد في صيغة الجمع، كنت الأب دائما.. رحل والدك فأصبحت أبا لأخيك وأخواتك... وضحيت وناضلت من أجلهم.. وارتحت يوم رأيت أن المهمة نجحت، فنلت رضا الأم وتقدير الأخ والأخوات.. في جلسات حميمية كنت تحدثني عن حبك لأخواتك وحبهن لك.. حب استثنائي لأمك وامتنان لأبيك.. كنت الابن البار.. كنت الزوج المخلص لزوجته.. وكم من مرة عبرت لي عن معاناتك لأنك مقصر في حق امرأة تبذل الكثير من أجل إسعادك.. كنت العاشق لولديه وبنته.. كنت دائما أصيل.. إنك اتحادي. أعلم أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت لما اخترت التعليم مهنة كنت واعيا بأن هذه المهنة تختلف عن كل المهن، فهي قناعة واختيار ليست حرفة وارتزاقا.. اخترت التعليم لتناضل ضد الأمية والجهل، ضد الجمود والكسل.. اخترت التعليم مهنة إيمانا بإنسانية الإنسان.. هذه الإنسانية التي توجد عندما تحضر لأنه في البدء كانت الكلمة، كلمة اقرأ! اخترت التعليم لتغرس الورد وتشيع النور، لتفجر طاقات وقدرات أبناء هذا الوطن.. لتفجر مواهب وإبداعات أطفال هذا الوطن.. اخترت التعليم وفضلته على سائر المهن التي وفرت لمن مارسها امتيازات ومواقع... اخترت التعليم مهنة في وقت كان بإمكانك أن تختار أي مهنة أخرى لو انجذبت إلى الإغراءات المادية.. عشقت التعليم لأنك تعشق الإنسان، أساس وهدف كل مشروع تنموي... إنك اتحادي أصيل. أعلم أنك قد اختفيت ولكنك لم تمت لقد وفضت أن تكون كائنا بيولوجيا فقط واخترت أن تكون كائنا سياسيا ونقابيا... اخترت أن تكون إنسانا.. اخترت الحضور وألغيت الغياب.. اخترت أن تكون نقابيا دفاعا عن العمال والمقهورين، انخرطت في العمل النقابي للمساهمة في توعية العمال وتحريرهم من أبشع صور الاستغلال وأشكال الاستلاب... كنت مؤمنا بأن النقابة هي التي تنقل مطالب العمال وكل الفئات الشعبية من القوة إلى الفعل... كنت مؤمنا بأن النقابة هي التي تعبر بصدق عن معاناة العمال والمضطهدين.. تعبر عن آلامهم وآمالهم.. كنت مؤمنا بأن النقابة هي التي تناضل من أجل كرامة الإنسان... إنك كونفدرالي.. فيدرالي.. إنك إنسان... في السبعينات كان لك موعد مع التاريخ، فكان للتاريخ موعد مع واحد من أولئك الذين يساهمون في صنعه.. انخرطت في حزب القوات الشعبية وأنت تلميذ لتدخل التاريخ من باب النضال مع المواطنين الشرفاء، مع الاشتراكيين الديموقرطيين..انخرطت في الاتحاد لتقطع مع خسة المرعي وتسمو إلى رفعة المواطن.. انخرطت في الاتحاد زمن الجمر والرصاص.. اخترت وكان الاختيار صعبا، صعبا بل مستحيلا على الجبناء والمرتزقة، على الدمى والأصنام... انخرطت في الاتحاد فاخترت النضال والتضحية وطلقت الخوف والدونية.. اخترت فحملت نعشك على كتفك لأنك قررت أن توجد يوم كان غيرك في الجهة الأخرى عدما.. اخترت الاتحاد فاخترت مواجهة الظلم والاستبداد، القمع والإبادة.. اخترت الاتحاد فرفضت الإهانة... إنك اتحادي أصيل. العز يوم ولدت ويوم تولد، العز يوم ولدت إنسانا، والعز يوم ولدت مناضلا.. ولدت كذلك وعملت من أجل ميلاد مغرب الإنسان المناضل.. ضد الفقر والأمية.. ضد البؤس والدونية.. ضد القبح والسادية.. الإنسان المناضل.. العاشق الحالم.. الحي الواعي.. الحر الكريم.. اتحادي أنت بل أنت الاتحاد.. يتعب كل من حاول الفصل بينكما أو على الأقل محاولة فك/تفكيك هذه الوحدة الأنطولوجية، وحدة بمعنى الاتحاد أحيانا وبمعنى الحلول دائما.. يتعب كل من حاول ذلك أو فكر فقط في المحاولة لأن وحدة عز الدين والاتحاد لا تقبل الثنائية باعتبار أنها وحدة وجود، ففي البدء كان الاتحاد.. وفي البدء كان الاتحاديون.. كان شافيقي... إنك اتحادي أصيل.. كنت تعلم أن المعنى والوجود، الماضي والآتي، التاريخ والمستقبل، الحاضر المتجدد، المتغير المتطور.. كنت تعلم أن المشروع هو الاتحاد، مشروع لا يوجد في مغرب الأحزاب مشروع مثله.. إنك اتحادي أصيل.