قرر كل من المجلس الوطني الاستثنائي للفيدرالية الديمقراطية للشغل والمجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، المنعقدان أول أمس السبت 16 مارس 2013 بالدار البيضاء، تنظيم مسيرة وطنية يوم الاحد 31 مارس 2013 بالرباط، وذلك للاحتجاج على التعامل اللامسؤول للحكومة مع التنظيمات النقابية والمطالب الاجتماعية للشغيلة المغربية، ومواجهة خرق الحقوق والحريات النقابية ومحاربة حق الإضراب بالاقتطاع من الأجور وامتهان كرامة العمال والمستخدمين والموظفين ، وقمع الحريات الاحتجاجية العمالية وإفراغ الحوار الاجتماعي من محتواه. هذان القراران اللذان اتخذا من طرف المركزيتين النقابيتين، فسر دواعي اتخاذهما كل من عبد الحميد فاتحي باسم الفيدرالية وعلال بلعربي باسم الكونفدرالية في التقريرين اللذين قدمهما بالتحليل والتفسير للقرارات الحكومية الانفرادية ، والتماطل في التعاطي مع ملف الحوار الاجتماعي ، مقدمين مجموعة من الأرقام والاحصائيات التي تؤكد على تدهور الجانب الاجتماعي الذي يؤشر وينبه للمخاطر الاجتماعية التي تهدد التماسك الاجتماعي، مشيرين إلى أن الوضعية الراهنة التي يعيش عليها المغرب اقتصاديا واجتماعيا، هي نتيجة السياسة التي تنهجها الحكومة الحالية في كل القطاعات ، التي كانت سببا في اختلالات الميزانية العامة للدولة وأدت إلى وصول العجز إلى نسبة 7,2% من الناتج الاجمالي الداخلي ، وأيضا إلى العودة إلى الاقتراض الخارجي وتجاوز نسبة المديونية العامة للخط الأحمر ب 62% ، بالاضافة إلى استمرار الهجوم على القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة ارتفاع الأسعار جراء الزيادة في ثمن الطاقة وانعكاساتها على الحياة الوطنية اليومية التي تتصاعد فيها المضاربة وغياب المراقبة الزجرية.. كما أشار التقريران إلى عدم احترام جدول أعمال الملف الاجتماعي من طرف الحكومة ، وما يفسره من تماطل و شروع الحكومة في طرح ملفات خطيرة التي سيكون لها آثار كبيرة على وضعية المغاربة والعمال منها: صندوق المقاصة ، التقاعد، قانون النقابات والاضراب.. في هذا السياق، نوه التقريران بأهمية النتائج الميدانية التي تحققها اللقاءات الدورية التي تدخل في اطار التنسيق النقابي بين المركزيتين الفيدرالية والكونفدرالية ، معتبرين أن الضرورة ومصلحة الطبقة العاملة الوطنية تفرض التنسيق بمنظور يطور مبدأ ومفهوم التنسيق وتحصين المكتسبات والعمل على تطوير آليات الحوار وتفعيلها في مبادرات تخدم الطبقة الشغيلة المغربية والدفاع عن مكتسباتها. وعن مسيرة 31 مارس 2013 ، التي ستنطلق من «باب الأحد» بالرباط، اعتبرتها كل من الفيدرالية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمثابة المؤشر على "قراراتنا في مواجهة تجاهل واستمرار الحكومة في ضرب المكتسبات النقابية وعرقلة العمل والحركة النقابية بالمغرب، التي قد تصل إلى الإعلان على إضراب وطني عام». كان المؤتمر الوطني العاشر الذي تواصلت أشغاله بمقر الرياضات بالمعمورة بضاحية سلا على مدى أيام 15، 16 و 17 مارس الجاري ، قد صادق بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي بعد مناقشتهما. وفي أول سابقة يقرأ التقرير المالي من قبل خبير محاسباتي ويتم افتحاصه من قبل لجنة من داخل المؤتمر لتتم المصادقة عليه في الأخير بالإجماع . كما انتخب المؤتمر بعد أن قدمت اللجنة الإدارية والمكتب الوطني استقالتهما، رئاسة للمؤتمر راعت فيها تمثيلية الحساسيات المشاركة في المؤتمر ويترأسها الموساوي العجلاوي، واشتغل المؤتمر على ثلاث لجن أساسية طيلة ليلة السبت الأحد ، وهي لجنة الملف المطلبي، ولجنة التعليم العالي والبحث العلمي ولجنة البيان العام . وتم عرض تقارير هذه اللجان في جلسة عامة صبيحة يوم الأحد لينتقل المؤتمر لانتخاب اللجنة الادارية. ويذكر أن المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي يضم عددا من المكونات، منها مؤتمرون ينتمون لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية، وجبهة القوى الديمقراطية، ومؤتمرون عن النهج الديمقراطي، والاشتراكي الموحد ، والأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية، والتجمع الوطني للاحرار، وحزب التنمية والبيئة وجماعة العدل والاحسان. وسبق لمحمد درويش الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي أن أكد أن الأساتذة الباحثين قد دخلوا الطريق السيار لجعل هذا الإطار النقابي المناضل إطاراً يستمر ويتسع للجميع على الاختلاف والاتفاق، إطار ديمقراطي مسؤول منخرط في الدينامية المجتمعية بكل مستوياتها، مساهم من خلال الأساتذة الباحثين في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية والتكنولوجية وحتى السياسية منها. واوضح درويش في كلمة له بمناسبة الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ، أنها شكلت في هذه المرحلة نقابة عالمة، دبلوماسية مناضلة، اجتماعية قادرة على التفكير وحين تفكر، تبرمج، وحين تبرمج تنفذ ، وحين تنفذ تقيم، منخرطة في كل المبادرات الوطنية والدولية من أجل المجتمع الديمقراطي الحداثي المتطور ومن أجل حياة إنسانية يسودها السلم والتعايش والحرية. وأشار إلى أنه «بتنظيم محطة المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي، نكون قد انخرطنا في لحظة تنظيمية بامتياز، قد تتغير فيها الأجهزة الوطنية كلياً أو جزئياً، لكننا مقتنعون كذلك بأن النقابة الوطنية للتعليم العالي مستمرة في الدفاع عن قضايا الأساتذة الباحثين وعن منظومة التعليم العالي، مستمرة في إشعاعها الوطني والدولي، مستمرة في النضال من أجل حل كل القضايا المطروحة اليوم وغداً، وهذه طبيعة الإطارات النقابية». وفي السياق ذاته سجل درويش أن الأجهزة الوطنية قد اشتغلت خلال مرحلة ناهزت الأربع سنوات من أبريل 2009 إلى مارس 2013 ،« وخلال هاته المرحلة التي لم تكن سهلة في كل المستويات، اعتمدنا مقاربات في عدة علاقاتنا بين الأساتذة الباحثين وبينهم وبين القطاع الوصي والجامعات ومؤسسات التعليم العالي، وبيننا جميعا وبين منظمات وطنية ودولية عبر المقاربة التنظيمية والتواصلية؛ المقاربة النضالية والمطلبية، المقاربة العالمة والإشعاعية والمقاربة الدبلوماسية وطنياً ودولياً». كما عرفت الجلسة الافتتاحية حضور عدد من الوجوه الفاعلة في النقابة الوطنية للتعليم العالي، والتي سبق أن تحملت مهمة الكتابة العامة من بينها عبد الواحد الراضي، عبد المالك الجداوي وعبد الحق منطرش وعبد الرزاق الدواي، ثم عبد القادر باينة وعبد الحفيظ الجوطي بوطالب... وشدد درويش أن النقابة الوطنية التعليم مع الجامعة الوطنية الديمقراطية الحداثية المنفتحة والقادرة على صناعة النخب وخلق مجالات للإبداع وتركيزها كقوة اقتراحية منخرطة في مجتمع المعرفة بكل شروطه، إن المغرب كباقي دول العالم يعيش أحداثاً متسارعة وتحولات مجتمعية عميقة تمس كل المجالات الفردية والجماعية والمؤسسات بفعل تأثيرات خارجية وتفاعلات مجتمعية داخلية أحيانا أخرى ، وهما معاً في غالبية الأحيان. لذا واستعداداً للمستقبل، وجب أن يكون للتعليم العالي والبحث العلمي الدور الأساس والرحى المحورية التي تحكم آليات التطور والنهوض المجتمعي في كل المجالات، وبذلك نساهم في بناء مجتمع ديمقراطي حداثي متطور بحكامة جيدة وفكر تقدمي متنور يضمن حرية التعبير الفردي والجماعي، يقبل الاختلاف ويجتمع حوله على اتفاق واختلاف، فكر منفتح غير متعصب لهذا الطرح أو ذاك، وهذا من الأدوار الأساس للجامعة المغربية ». كما عرفت الجلسة الافتتاحية ، أيضا ، مشاركة لحسن الداودي وزير التعليم العالي الذي أدلى بكلمة بالمناسبة شدد من خلالها على أن وزارة التعليم العالي عازمة على حل مشاكل الاكتظاظ في الجامعة، ثم حل مشكل التأطير و الخصاص الذي تعرفه الجامعة من ناحية عدد الأساتذة الباحثين. كما لجأ لحسن الداودي إلى خطاب مبهم أوضح من خلاله «أن وزير التعليم أستاذ باحث منكم وإليكم» قائلا في نفس الوقت «نحن وزارة ونقابة ، نحن في نفس الخندق»، دون أن يحدد مع من يخوض هذه الحرب إلى جانب الأساتذة الباحثين، مكتفيا بعرض المشاكل والإشكالات التي تعيشها الجامعة المغربية والبحث العلمي ببلادنا دون أن يقدم الحلول أو البرامج وإجراءات التدخل المستعجلة التي قامت أو ستقوم بها الوزارة التي يشرف عليها. كما عرفت الجلسة ذاتها حضور العديد من ممثلي النقابات الصديقة بكل من موريطانيا وتونس والجزائر وليبيا وفرنسا، كما تلقى المؤتمر عددا من البرقيات والرسائل من عدد من النقابات بالدول الأوربية والأمريكية.