سحب بنك المغرب الاعتماد من شركة دياك للسلف كشركة لتمويل قروض الاستهلاك بعد أن عجزت الشركة عن إيجاد حل لمشاكلها المالية المزمنة. وفيما وصف بعض المتتبعين هذه العملية بالانتحار البطيء، وصفها آخرون بعملية الاغتيال. غير أن المثير في هذه القضية هو المدة التي استغرقتها قبل أن تتخذ السلطات المالية قرار الحسم. فالمشاكل المالية للشركة بدأت في 2007 عندما ظهرت عليها بوادر العجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك، وتفاقمت بعد ذلك كثيرا لدرجة أن مراقبي الحسابات رفضوا في سنة 2009 التأشير على حسابات الشركة، الشيء الذي يعتبر في منتهى الخطورة، خاصة وأن الشركة مدرجة أسهمها في البورصة. بالنسبة لعبد الرحيم بوعزة، مدير الإشراف البنكي ببنك المغرب، فالسلطات المالية تصرفت في هذه القضية طبقا للقانون. وقال بوعزة خلال ندوة صحافية في مقر بنك المغرب بالدارالبيضاء «مثل هذه القرارات تتخذ بشكل تدريجي، وتأخذ بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية للمنشأة». وأضاف أن السلطات المالية تعاملت بشكل تدريجي مع حالة الشركة، انطلاقا من إصدار تنبيهات وتحذيرات وتحديد آجال للقائمين على الشركة، وصولا إلى قرار سحب الاعتماد. وأوضح بوعزة أن الشركة خلال هذه الفترة قدمت مخططات جادة وحقيقية لإنقاذ موازنتها المالية، عبر بيعها لمستثمرين من خارجها وإعادة تمويل رأسمالها، ومن بين هؤلاء المستثمرين صندوق الأجيال الكويتي، والقرض الفلاحي، وصندوق «ماكس فاوند» البريطاني، ومستثمرون سويسريون. وفي كل مرة كان البنك المركزي يمنح مهلة جديدة للشركة أملا في إنقاذها، غير أن كل تلك المخططات لم تفلح بسبب تأثير الأزمة المالية العالمية. حسن بولقنادل، رئيس مجلس القيم المنقولة، قال إن 600 شخص يملكون حصة رأسمال الشركة الرائجة في البورصة والتي تقدر بنحو 40 في المائة. وأضاف بولقنادل أن مجلس القيم المنقولة واكب حالة الشركة في كل مراحلها، وأعطى الفرصة لكل المبادرات الهادفة لإنقاذ الشركة. وقال إن عملية التشطيب على الشركة من بورصة الدارالبيضاء ستبدأ حالما يصدر قرار بنك المغرب في الجريدة الرسمية. وسيكون على مالكي الشركة تقديم عرض لشراء حصص صغار المساهمين وفق سعر يحدده مكتب تقييم مستقل. غير أن المراقبين يؤكدون أن السلطات المالية تأخرت كثيرا في إصدار قرارها، على الرغم من كل التبريرات المقدمة، معتبرين أن دركي البورصة ومعه البنك المركزي كان باستطاعتهما التدخل مبكرا ، على الأقل منذ 2009 عندما رفض مراقبو الحسابات التأشير على حسابات «دياك سلف» ، وهو ما كان سيجنب أصحاب الأسهم الصغار خسارات بملايين الدراهم، كما أوضحوا أن هذا القرار المتأخر من شأنه الاساءة إلى سمعة بورصة الدارالبيضاء ، التي تهاوت رسملتها بشكل خطير، في الآونة الأخيرة، حيث خسرت 100 مليار درهم في ظرف سنة واحدة، واندحرت من 520 مليار درهم قبل عام إلى 422 مليار درهم اليوم. وإن كان جزء من هذه الخسارة جاء بسبب تداعيات الأزمة، فإن جزءا آخر كان بسبب فقدان الثقة لدى المستثمرين الذي خلفه التساهل والتهاون تجاه مجموعة من العمليات والممارسات المشبوهة التي عرفتها البورصة في السنوات الأخيرة، والتي تشكل حالة التفرج على الاحتضار الطويل ل»دياك سلف» نموذجا صارخا لها..